«البحيرة السوداء» تنصف سكان إندونيسيا الأصليين

الرواية الأشهر في الأدب الهولندي

«البحيرة السوداء» تنصف سكان إندونيسيا الأصليين
TT

«البحيرة السوداء» تنصف سكان إندونيسيا الأصليين

«البحيرة السوداء» تنصف سكان إندونيسيا الأصليين

«عمل قصير الحجم، لكنه مدهش ويمكنه أن يكسرك ويطاردك ويهزك وحتماً سيفعل. إنه نص رائع إلى حد تخديرك ثم فجأة يصبح صادماً وعليك أن تتخذ موقفاً». هكذا وصف ناقد هولندي رواية «البحيرة السوداء» الصادرة أخيراً عن دار «الكرمة» بالقاهرة للكاتبة الهولندية هيلا هاسه، بترجمة عن الهولندية مباشرة للكاتبة والمترجمة أمينة عابد.

وتصف صحيفة «الإندبندنت» البريطانية الرواية بأنها «تنطوي على سحر خاص جعلها كلاسيكية فور صدورها لكاتبة مهتمة بدرجات الرمادي أكثر من الأسود».

ويعود ناقد هولندي آخر ليصف العمل بأنه رواية قصيرة حاذقة تتطور القصة بسرعة، لكن قوتها تتعاظم ببطء في البداية. لافتاً إلى أن «أسلوب هاسه غير المزخرف قد يوهم القارئ بأنه يقرأ قصة بسيطة؛ وهذا ما سيزيد من افتنانه بالتعقيد الفعلي الذي يحققه النص في النهاية ليصبح عن جدارة المدخل الأمثل لأعمال سيدة الأدب الهولندي العظيمة».

تدور أحداث الرواية في الطبيعة الخلابة لجزيرة جاوة الإندونيسية، حيث يمضي صبيان طفولتيهما في استكشاف البحيرات والغابات الكثيفة. أحدهما هولندي وابن صاحب مزرعة، والآخر ابن خادم من سكان الجزيرة الأصليين. وإن كانت الصداقة الوثيقة التي تربط بين الصبيين اليافعين تجهل، بخاصة في بداياتها طبيعة بلد وشعب مستعمر، فهي لن تكفي وهما يكبران لرأب الصدع بين عالميهما المختلفين والمتعارضين. وعند لقائمها بعد فراق طويل تتحول مساحة الصداقة ساحة صدام يكون تأثيره فيهما أعمق مما كان في ذكريات الصبا والطفولة.

وتعد «البحيرة السوداء» واحدة من أشهر الروايات الهولندية على الإطلاق، وهذه هي المرة الأولى التي تُترجم فيها إلى العربية. وتعد هيلا هاسه (1918 - 2011) من الكاتبات المؤسسات للأدب الهولندي الحديث. وُلدت في العاصمة الإندونيسية باتافيا (جاكرتا حالياً) وانتقلت إلى هولندا بعد دراستها الثانوية. نشرت ديوان شعر عام 1945 بعنوان «زخم» ثم نشرت أولى رواياتها «البحيرة السوداء» عام 1948 التي أصبحت من الكتب الأساسية لأجيال من القراء وتبعتها روايات «تجول في الغاب المعتمة» و«عتبة النار» و«السيد بينثينك أو عنيد الطبع». نالت الكثير من الجوائز والتكريمات من دول أوربية وأفريقية وآسيوية عدة، ومن ضمنها جائزة الأدب الهولندية عام 2004، كما أطلق اسمها على كويكب يدور بين المريخ والمشتري.

أما المترجمة أمينة عابد، فهي من مواليد عفرين بسوريا 1970، درست في حلب ومدينة ليدن الهولندية، حيث بدأ اهتمامها بالأدب الهولندي. تعمل في الترجمة وتدريس اللغة العربية في أكاديمية اللغات في جامعة لايدن.

من ترجماتها عن الهولندية «الاعتداء» للكاتب هاري موليش 2017 و«إوز يأكل خبز البط» للكاتبة أنّا روت فيرتهايم، وكتاب «من أجلك» مجموعة قصصية للأطفال.

ومن أجواء الرواية نقرأ:

«فقط في المساء كنت أتناول العشاء مع أبي وأمي في بعض الأحيان، لكنني لم أشعر بالارتياح في أثناء هذه الأوقات قط. كانت المائدة التي يتدلى فوقها المصباح تشبه جزيرة من الوحدة في الشرفة الخلفية الواسعة. بين الحين والآخر يتبادل والداي بعض الكلمات بصوت خافت عادة عن الأمور المنزلية أو عن المصنع أو قضايا العمال. يتنقل الخادم بصمت بين المائدة وغرفة المؤن كي يقوم على خدمتنا وقد لفّ وشاحه حول رأسه للتو مثل تاج. كان إذا ما انحنى بالقرب مني شممت رائحة التبغ الممتزجة برائحة النشاء التي يعبق بها. في بعض الأحيان، كان أبي يطرح عليّ بعض الأسئلة عما إذا كنت مطيعاً وعما فعلته أثناء النهار. لم أكن أستطيع الإجابة بشكل عفوي قط؛ لمعرفتي أن نتيجة ذلك سوف تكون على الأغلب مشاجرة كلامية بينه وبين والدتي. كان يقطب ما بين حاجبيه علامة عدم الرضا وهو يستمع لي وأنا أتلعثم في الإجابة، ثم يقول لأمي:

لا ينبغي للولد أن يذهب إلى (الكامبونج)، حيث الأطفال الأصليون، هذا شيء يفسده. إنه لا يستطيع أن ينطق كلمة صحيحة بالهولندية، ألا تسمعين ذلك؟ لقد أصبح إندونيسياً خالصاً! لماذا لا تبقيه في البيت؟».



دراسات اجتماعية - اقتصادية مع التركيز على العراق

دراسات اجتماعية - اقتصادية مع التركيز على العراق
TT

دراسات اجتماعية - اقتصادية مع التركيز على العراق

دراسات اجتماعية - اقتصادية مع التركيز على العراق

صدر حديثاَ للباحث د. هاشم نعمة فياض، كتاب بعنوان «موضوعات اجتماعية - اقتصادية معاصرة مع التركيز على حالة العراق»، عن دار أهوار للنشر والتوزيع في بغداد، وهو يقع في 224 صفحة.

ويضم الكتاب مجموعة من البحوث والدراسات الأكاديمية وموضوعات وقراءات تتعلق بالجانب الاجتماعي - الاقتصادي مع التركيز على حالة العراق. ويعالج الكتاب قضايا مثل نمو سكان المناطق الحضرية في العراق وآثاره الاجتماعية والاقتصادية، وكذلك يتناول الكتابات الماركسية الجديدة والنمو الحضري في البلدان النامية، اللاجئون العراقيون في أوروبا: تحليل مقارن، اتجاهات الهجرة الطلابية من البلدان العربية وتحولاتها، تزايد حاجة أوروبا للعمالة المهاجرة، العلاقة بين الخصوبة السكانية ومكانة المرأة في المجتمع، العراق مثالاً، وجفاف الدلتا في العراق وآثاره.

ومن المواضيع الأخرى صعود الليبرالية الجديدة وسقوطها، والعلاقة بين الديمقراطية والتنمية، والتعافي الاقتصادي بعد الجائحة، وعصر التنوير والجغرافيا، والجغرافيا والثقافة، وغيرها.

ويقول المؤلف إن هذه الموضوعات كُتبت أو تُرجمت في أوقات مختلفة، وارتأى جمعها في كتاب واحد لتكون في متناول الباحثين والقراء عموماً.

يركز الباحث على تحليل تطور نمو سكان الحضر في العراق زمانياً ومكانياً، ويمهد لذلك بخلفية نظرية تخص التحضر الهامشي وعلاقته بتوسع النظام الرأسمالي، ويتناول توزيع سكان الحضر على مستوى المحافظات، ويحلل مكونات النمو الحضري خصوصاً الهجرة الريفية - الحضرية إلى المدن الكبيرة مثل بغداد، ومدى مساهمتها في تضخم عدد سكانها، ويدرس الهجرة القسرية، ويتوقف عند التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية التي نتجت عن نمو سكان الحضر وما أفرزته من مشكلات كبيرة على مستوى أزمة السكن، خصوصاً السكن العشوائي والفقر والبطالة، ومساهمة ذلك بعد عام 2003 في تغذية الموقف السلبي من قبل الشباب تجاه الأحزاب الدينية والسياسية الحاكمة، وعلاقة ذلك باندلاع «انتفاضة تشرين 2019»، كما يعالج إشكالية هيمنة المدن الكبيرة على الشبكة الحضرية ونتائجها.

وبالنسبة إلى هجرة العراقيين يذكر الباحث أن هناك كثيراً من الأسباب المتشابكة التي تقف وراء موجات هجرة العراقيين القسرية في مراحل مختلفة من تاريخ العراق. ولعل أبرز الأسباب يكمن في فشل الدولة العراقية الحديثة والخلل في بناء الدولة - الأمة، وعدم الاستقرار السياسي نتيجة تعاقب الأنظمة المستبدة الفاقدة للشرعية التي وصلت إلى السلطة عن طريق الانقلابات العسكرية، وإقامة نظام الحزب الواحد المتمثل في حزب البعث وانتهاجه سياسات القمع السياسي والفكري والتبعيث القسري والتمييز القومي والديني والمذهبي والمناطقي، والحروب الداخلية والخارجية التي ساهم هذا النظام في اندلاعها، وكذلك احتلال العراق في عام 2003 وما تبعه من تفكك مؤسسات الدولة وإقامة نظام يتبنى المحاصصة الطائفية والإثنية، وشيوع ظاهرة الإرهاب والفساد وارتفاع معدلات البطالة وتدني الخدمات الأساسية، مما دفع آلاف العراقيين وخصوصاً الشباب، إلى طلب اللجوء لأوروبا خاصة.