في «منظمة العقرب»، أحدهم يكسب رزقه بالقتل والآخر يقتل من أجل البقاء وسرعان ما ستتقاطع طرقهما في محاولة للنجاة. تشكل تلك المفارقة مفتاح الحبكة العامة في رواية «رأس العقرب» للكاتبة البلجيكية «هيلدا فاندرمين» التي صدرت النسخة العربية منها عن دار «العربي» بالقاهرة، ترجمة علا سمير الشربيني.
منذ الصفحات الأولى، يجد القارئ نفسه على موعد مع التشويق والإثارة النفسية حيث تستيقظ «جايل» وتفاجأ بأنها مصابة ومحتجزة في مستشفى للأمراض النفسية في برلين، أما ابنها البالغ من العمر سبع سنوات فهو في غيبوبة في مستشفى آخر. تشتبه الشرطة في محاولتها قتل ابنها. ورغم أنها لا تتذكر ما حدث لكنها مقتنعة ببراءتها، وهكذا تقرر الهرب لتبحث عن الحقيقة وتبرئ نفسها.
على الجانب الآخر، هناك «مايكل» الذي يعمل كقاتل محترف لصالح «منظمة العقرب»، تلك المنظمة التي ليس لها وجود إلا على «الديب ويب» أو» الانترنت المظلم». يقرر»مايكل» أن يرفض تنفيذ مهمته الجديدة لكن ذلك يعني أنه أمام مخاطرة كبيرة وعليه أن يركض للنجاة بحياته.
ويتسع القوس الجغرافي للأحداث من بلجيكا حتى سراديب الموتى في باريس بولندا من أجل كشف السر الكبير الذي لا يدركه «مايكل» و»جايل» رغم أنه يربطهما معا.
واللافت في مسيرة الكاتبة «هيلدا فاندرمين» أن بدايتها كانت تدور في عالم الكتابة للأطفال والشباب قبل أن تتخصص في كتابة روايات من نوعية التشويق والإثارة حيث أصبحت في وقت قصير من أبرز المؤلفين في مجال الجريمة المكتوبة باللغة الفلنمكية. وصلت أعمالها للقائمة القصيرة في مسابقات أدبية مرموقة مثل جائزة «جودين سترو» كما فازت بجائزة «هيركيول بوارو». وتعد الكاتبة أخصائية نفسية محنكة وصاحبة الأسلوب المتقن الشبيه للغاية بالكتابة السينمائية.
وصفت صحيفة «الديلي ميل» الرواية بأنها»رائعة مليئة بالتوتر والتهديد وتشعرك بأن الشخصيات حقيقية».
من أجواء الرواية نقرأ:
«نظرت دولوريس باتورز من نافذة مكتبها. كان مكان عملها يشغل الطابق الأول من منزلها الآمن المقام على شكل مكعب يشبه القبو. كان مقرها مخبأ بين الأشجار الكثيفة في غابة كنيسزين الشاسعة في شمال شرقي بولندا وقد احتلت نافذة مكتبها المصنوعة من الزجاج المضاد للرصاص واجهة المبنى بالكامل فإذا حاول شخص ما إطلاق النار عليها الآن فلن يرمش لها جفن حت، بل ستراقبه بابتسامة باردة بينما ترتد الرصاصة من الخارج كما لو كانت طائرا ارتطم بالزجاج.
وفوق الغابة كانت الغيوم تجتمع، لكنها كانت تكره اصطدام قطرات المطر بالنوافذ فإذا بدأت الأمطار تهطل بغزارة ستقوم بتسجيل الدخول إلى نظام التشغيل الآلي لمنزلها وتضغط على زر الإغلاق الكامل وهذا يعني أن الألواح الخرسانة على جانبي النوافذ وباب الجراج والباب الأمامي ستغلق آليا. كان سمك الألواح مترا وكذلك جدران منزلها. لقد زارت ساحة الاختبار التابعة للمهندس المعماري الدنمكاري الذي صمم منزلها ورأت بنفسها أن هذه الجدران يمكن أن تصمد أمام القنابل اليدوية وبنادق الكلاشينكوف. وقد قام المهندس المعماري نفسه ببناء منازل آمنة لنجوم السينما وأباطرة المخدرات وأباطرة النفط الروس . لقد دفعت له ما يكفي من المال ليلتزم الصمت بشأن منزلها وحتى الآن كان الرجل حكيما بما يكفي ليلتزم بالاتفاق. كانت تعلم ذلك لأنها استعانت بمن يخترق «اللاب توب» الخاص به وراقبت اتصالاته عبر الانترنت سرا ».