من داخل أسوار مدرسة في أحد أشهر أحياء مدينة الرياض، تنطلق مغامرة كوميدية جديدة في فيلم «فخر السويدي»، الذي يضع البيئة المدرسية تحت المجهر السينمائي في قالب فكاهي، ويبدأ عرضه في صالات السينما السعودية غداً (الخميس)، ويستهدف جيل المراهقين من فئة طلاب المرحلة الثانوية.
وتدور أحداث الفيلم، الذي أخرجه الثلاثي: هشام فتحي وعبد الله بامجبور وأسامة صالح، داخل أسوار مدرسة ثانوية للبنين في حي السويدي، في العاصمة الرياض. حيث يحاول بطل الفيلم فهد المطيري، الذي يؤدي دور مدير المدرسة الطموح والساذج «شاهين»، البحث عن طريقة يُثبت من خلالها تميّز مدرسته، فيتوصل إلى فكرة مبتكرة بإنشاء «الفصل الشرعي»، كقسم دراسي يحمل طابعاً مختلفاً عن بقية الفصول، ظناً منه أن هذه الخطوة سترفع من شأن المدرسة وتجعلها محط الأنظار.
صراعات كوميدية
الفصل الجديد يضم مجموعة غير اعتيادية من الطلاب، مثل زياد (فيصل الأحمري) العائد من أمريكا بعقلية مختلفة، ومازن (سعيد القحطاني) سريع الانفعال كثير المضاربات، وسعيد (يزيد الموسى) الطالب الملتزم الذي يسعى لتحسين صورته. وتدريجياً، تتعقد الأمور في الفصل، وتقود محاولات شاهين إلى سلسلة من المواقف الطريفة والمتاعب غير المتوقعة، خصوصاً مع الطلاب الذين تتناقض شخصياتهم لتصنع مادة خصبة للكوميديا، يتابع خلالها المشاهد صدامات متكررة تعكس التحديات التي تواجه الأجيال الشابة في بيئة مدرسية تشهد تحولات اجتماعية صامتة.
ولا يقتصر الصراع على الطلاب فحسب، بل يمتد إلى إدارة المدرسة، إذ يبرز في الفيلم صراع جانبي مهم بين شاهين، مدير المدرسة البسيط الذي يطمح لإثبات نفسه، وشقيقه مالك المدرسة، الشخصية الجادة والرسمية التي تنظر بعين الريبة إلى محاولات أخيه. ويحاول كلاهما إثبات صحة وجهة نظره: شاهين يسعى جاهداً ليؤكد قدرته على إنجاح المدرسة والارتقاء بها رغم عفويته، بينما يضغط شقيقه على التشديد والانضباط؛ حفاظاً على سمعة المدرسة واستقرارها.
عرض جماهيري ناجح
حضرت «الشرق الأوسط» العرض الأول للفيلم في مهرجان أفلام السعودية، الذي أقيم الشهر الماضي بمدينة الظهران، وكانت صالة العرض ممتلئة بالكامل بالجمهور المتعطش لمشاهدة الفيلم، ومعظمهم من فئة الشباب وصغار السن الذين لامسهم العمل لكون المدرسة هي الموقع والقصة في الفيلم، كما حاز «فخر السويدي» إشادة نقدية واسعة بعد عرضه، بوصفه فيلماً كوميدياً سعودياً مختلفاً. وما يميز العمل هو تقديمه عدداً من الوجوه السعودية الشابة والجديدة؛ التي تخوض أولى تجاربها السينمائية في هذا الفيلم.
نكهة سينمائية جديدة
ينتمي الفيلم بوضوح إلى الكوميديا الشبابية، وهي الفئة التي ازدهرت في السينما السعودية خلال السنوات الماضية مع تجارب سينمائية نجحت في شباك التذاكر مثل «سطار» و«شباب البومب» و«شمس المعارف»، إلا أن «فخر السويدي» يقدّم نكهته الخاصة من خلال تركيزه على بيئة مدارس الرياض تحديداً، مقابل بيئة مدارس جدة التي تناولها «شمس المعارف»، مما يعكس التنوّع الاجتماعي والثقافي بين مدن المملكة.
وعلى مستوى الأداء، يظهر الممثل فهد المطيري (الشهير بـ«أبو سلّو») بحضور قوي يوازن خلاله بين الطرافة والعفوية من خلال شخصية مدير المدرسة «شاهين»، ومما يُحسب للعمل اعتماده على كوميديا الموقف بدلاً من النكتة المباشرة، مما يجعله أكثر واقعية وأقرب إلى تجارب الجمهور. وفنياً، حافظ الفيلم على صورة بصرية بسيطة وأسلوب إخراجي قريب من الحياة اليومية، بإيقاع سريع يضمن بقاء المشاهد في قلب الأحداث حتى النهاية.
خلاصة القول: لا يسعى «فخر السويدي» لتقديم رسائل كبرى أو دروس تربوية، بل يهدف إلى رسم ابتسامة عريضة على وجوه الجمهور من خلال مواقف تقارب واقع مدارس الأولاد، ويبقى شباك التذاكر هو الاختبار الحقيقي لجماهيرية الفيلم الذي يفتح باباً جديداً لكوميديا شبابية سعودية تحاول كسر التكرار والاقتراب أكثر من الجمهور.