من جدة إلى العالم... «شوريل 12» يُوسّع حدود السينما الطلابية

مدير المهرجان لـ«الشرق الأوسط»: 2200 فيلم... 89 تجربة منها تصل إلى الجمهور

 تشهد الدورة الثانية عشرة من المهرجان حضوراً دولياً كثيفاً (الشرق الأوسط)
تشهد الدورة الثانية عشرة من المهرجان حضوراً دولياً كثيفاً (الشرق الأوسط)
TT
20

من جدة إلى العالم... «شوريل 12» يُوسّع حدود السينما الطلابية

 تشهد الدورة الثانية عشرة من المهرجان حضوراً دولياً كثيفاً (الشرق الأوسط)
تشهد الدورة الثانية عشرة من المهرجان حضوراً دولياً كثيفاً (الشرق الأوسط)

​ في مهرجان «شوريل» السينمائي، لا أحد ينتظر سجادة حمراء، أو صورة مع نجم، لأن الكاميرا نفسها بيد الطلاب في هذا المهرجان الذي بدأ فكرة طلابية بسيطة في جامعة عفت بجدة، عام 2014، باسم «مهرجان عفت السينمائي الدولي لأفلام الطلاب»، ثم أصبح اليوم منصة سينمائية مميزة لإنتاج الأفلام القصيرة، وفي الدورة الثانية عشرة التي تنعقد في الفترة من 13 إلى 15 أبريل (نيسان)، تحت عنوان «من الحلم إلى الفيلم»، يعزز المهرجان مكانته باعتباره الأول من نوعه لأفلام الطلاب على مستوى الدول العربية.

وفي دورة هذا العام، يضم «شوريل» وجوهاً من بريطانيا وأميركا واليابان، ومشاركين من أكثر من 90 دولة حول العالم، في المهرجان الذي يحتفي بصنّاع أفلام ما زالوا على مقاعد الدراسة، بالإضافة إلى تكريمه عدداً من الشخصيات البارزة في صناعة السينما المحلية والعالمية، مثل المستشار عبد الله المحيسن، والفنان حسن عسيري، والمخرج خالد الحربي، وفنانة التحريك البريطانية جوانا كوين، ورئيس أكاديمية الفنون المصرية غادة جبارة.

المهرجان هو الأول من نوعه لأفلام الطلبة على مستوى الدول العربية (الشرق الأوسط)
المهرجان هو الأول من نوعه لأفلام الطلبة على مستوى الدول العربية (الشرق الأوسط)

توسّع دولي

وخلال حديث له مع «الشرق الأوسط»، كشف الدكتور محمد غزالة، رئيس مدرسة الفنون السينمائية ومدير المهرجان، أن عام 2014 شهد انطلاق الدورة الأولى للمهرجان، التي كانت تقتصر حينها على أفلام طلبة جامعة عفت في قسم الإنتاج المرئي والرقمي، قبل أن يتحوّل اسمه لاحقاً إلى «مدرسة الفنون السينمائية»، وبعدها بدأ المهرجان يتوسع تدريجياً ليأخذ طابعاً دولياً.

ويوضح غزالة أن دورة هذا العام جذبت أكثر من 2200 فيلم، بالإضافة إلى مشاركات طلابية متنوعة من 10 جامعات سعودية. وتابع: «هذا رقم كبير جداً، لدرجة أننا استغرقنا في القسم نحو 4 أشهر، لمشاهدة جميع هذه الأفلام، ثم انتقينا أفضل 89 فيلماً، من 28 دولة، تتنافس جميعها على جوائز مالية تتجاوز 50 ألف ريال»، مضيفاً أن «هذه الدورة تمتاز بأنها ذات قيمة فنية عالية».

مشاركات سينمائية متنوعة وجلسات حوارية مكثفة ممتدة على أيام المهرجان الثلاثة (الشرق الأوسط)
مشاركات سينمائية متنوعة وجلسات حوارية مكثفة ممتدة على أيام المهرجان الثلاثة (الشرق الأوسط)

ومضى غزالة إلى القول: «إننا نحرص على تأهيل الجيل القادم لإنتاج أعمال سينمائية تُمثل السعودية بأفضل صورة، وتُظهر الوجه الحقيقي للبلاد، في الداخل والخارج، خصوصاً أننا عانينا على مدى سنين طويلة من التنميط، ولذا أرى في هذا المهرجان فرصة لفسح المجال السينمائي لصناع الأفلام من الطلاب، كي يُظهروا أعمالهم للجمهور العالمي، من خلال مهرجان يضم لجان تحكيم مختلفة من دول عدة من حول العالم».

وبسؤاله إن كان يعتقد أن حماس الطلبة لخوض غمار صناعة الأفلام دائم أو مؤقت، أجاب بأن «نحو 80 في المائة من الطلاب المشاركين حوّلوا من أقسام دراسية أخرى، وهذا يؤكد شغفهم وإيمانهم الكبير بدراسة شيء يعبرون من خلاله عن أنفسهم، وهو بالضبط ما تقدمه لهم السينما... فالسينما تتطلب جهداً جماعياً، وتُكسب الفرد سمات مثل التواضع والتركيز، كما أن القدرة على صناعة أعمال تنال استحسان الجمهور، ليست سهلاً».

يرى مدير المهرجان أن صنّاع الأفلام من الطلاب يميلون للتجريب والجرأة في أفلامهم (الشرق الأوسط)
يرى مدير المهرجان أن صنّاع الأفلام من الطلاب يميلون للتجريب والجرأة في أفلامهم (الشرق الأوسط)

متعة التجريب

ويرى غزالة أن «السينما وسيلة لتشكيل الأفكار وبلورتها بصرياً»، مؤكداً أن الطالب يخضع لمجموعة اختبارات قبل قبوله في القسم، بعدها يستمر من يستطيع تحمّل متطلبات الدراسة. وفيما يتعلق بالسمة السائدة للأفلام التي يرغب الطلاب في صناعتها، مقارنة بصناع الأفلام المتمرسين، يقول: «التجريب وطزاجة الأفكار، إلى جانب التنوع في الطرح، هي السائدة، ولأن الطالب ليس لديه ما يخسره، فإن هذا يجعله أكثر جرأة من المحترفين».

يركز المهرجان على الأفلام القصيرة بالدرجة الأولى التي تجذب الطلاب للمشاركة (الشرق الأوسط)
يركز المهرجان على الأفلام القصيرة بالدرجة الأولى التي تجذب الطلاب للمشاركة (الشرق الأوسط)

جدير بالذكر أن فعاليات المهرجان تتضمن مجموعة من الندوات وورش العمل التي يقدمها خبراء صناعة السينما، من مؤسسات رائدة مثل «نتفليكس» و«سوني» و«أكاديمية MBC» و«توون بوم» للرسوم المتحركة.

كما تقام فيه محاضرات لأكاديميين من مدرسة السينما في جامعة جنوب كاليفورنيا، وجامعة الاتصالات في الصين. إلى جانب عروض وورش أخرى متخصصة في التصوير السينمائي والإخراج وإنتاج الصوت والتوزيع السينمائي. وكجزء من الفعاليات المصاحبة، تستضيف الإعلامية سهى الوعل، ندوة حوارية مفتوحة مع الفنان والمنتج حسن عسيري، في سينما حي جميل الثقافي بجدة، حيث سيتم تكريمه عن مسيرته الفنية في مجال الدراما والإنتاج. كما يتضمن المهرجان جلسة نقاشية بعنوان «ماذا يحب أن يشاهد السعوديون؟»، بحضور عدد من صناع الأفلام والمنتجين ومديري دور العرض السينمائي.


مقالات ذات صلة

السعودية تعزي إيران جراء انفجار في ميناء «بندر عباس»

الخليج دخان يتصاعد بعد الانفجار في ميناء رجائي (تسنيم)

السعودية تعزي إيران جراء انفجار في ميناء «بندر عباس»

أعربت السعودية، السبت، عن صادق تعازيها ومواساتها للجمهورية الإسلامية الإيرانية، جراء الانفجار الذي وقع في ميناء بمدينة بندر عباس بجنوب إيران.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي محمود عباس خلال الدورة الـ32 للمجلس المركزي لمنظمة «التحرير» الفلسطينية في رام الله يوم 23 أبريل 2025 (إ.ب.أ)

السعودية ترحب بإجراءات القيادة الفلسطينية الإصلاحية

أكدت السعودية أن هذه الخطوات الإصلاحية من شأنها تعزيز العمل السياسي الفلسطيني بما يسهم في جهود استعادة الحقوق الأصيلة للشعب الفلسطيني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان (الشرق الأوسط)

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيريه الهندي والباكستاني مستجدات المنطقة

بحث وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، مع نظيريه الهندي سوبراهمانيام جايشانكار، والباكستاني إسحاق دار، جهود تهدئة التوترات في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان لدى لقائه الوزير جان نويل بارو في الرياض الجمعة («الخارجية» السعودية)

السعودية وفرنسا تناقشان تحضيرات «مؤتمر حل الدولتين»

ناقش الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو، الجهود المبذولة لـ«مؤتمر تسوية القضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج أحد المتورطين بالإعلان عن حملات الحج الوهمية بعد ضبطه في مكة المكرمة (الأمن العام)

السعودية: ضبط أشخاص نشروا إعلانات لحملات حج وهمية

ضبط الأمن العام السعودي عدداً من مرتكبي عمليات نصب واحتيال لنشرهم إعلانات حملات حج وهمية ومضللة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

«الشرق الأوسط» (مكة المكرمة)

«مولد أمة» يصوَّر التاريخ منحازاً ويدين «الأفارقة»

ليليان غيش في لقطة من «مولد أمّة»  (غريفيث بروكشنز).
ليليان غيش في لقطة من «مولد أمّة» (غريفيث بروكشنز).
TT
20

«مولد أمة» يصوَّر التاريخ منحازاً ويدين «الأفارقة»

ليليان غيش في لقطة من «مولد أمّة»  (غريفيث بروكشنز).
ليليان غيش في لقطة من «مولد أمّة» (غريفيث بروكشنز).

في عام 1916، أقدم رجل أبيض يُدعى هنري بروك على إطلاق النار على فتى أسود يبلغ من العمر 15 عاماً يُدعى إدوارد ماسون، وذلك بعد مشاهدته لفيلم «مولد أُمّة»، مشبعاً برسالة الفيلم العنصرية ضد السود. تُعدُّ هذه الحادثة من الأمثلة على تأثير الفيلم في تأجيج العنف العنصري في الولايات المتحدة.​

الفيلم، الذي أخرجه ديڤيد وورك غريفيث وعُرض لأول مرة في عام 1915، أثار جدلاً واسعاً بسبب محتواه العنصري. واجه الفيلم احتجاجات من منظمات مثل الجمعية الوطنية لتقدم الملونين (NAACP)، وحُظر في ولايات مثل (ألاسكا وكاليفورنيا وكنتاكي ونيويورك). دافع غريفيث عن عمله بقوله إنه لم يقصد الإساءة لأحد لكن من حقّه التعبير عن رأيه، بيد أنه في العام التالي أخرج فيلم «تعصّب» (Intolerance)، الذي تناول موضوعات التسامح من خلال 4 قصص تاريخية متوازية، في محاولة للرد على الانتقادات التي وُجهت لفيلمه السابق.

غريفيث في التصوير (غريفيث بروكشنز)
غريفيث في التصوير (غريفيث بروكشنز)

بذرة الشقاق

استند المخرج ديڤيد وورك غريفيث في فيلمه «مولد أُمّة»، إلى رواية «مولد أمّة: رومانسية تاريخية عن الكو كلوس كلان» (The Clansman: A Historical Romance of the Ku Klux Klan) للكاتب توماس ديكسون جونيور، التي نُشرت عام 1905، ومن ثَمَّ حوّلها إلى مسرحية ناجحة بالاسم نفسه. العنوان الأصلي للفيلم كان «The Clansman»، إلا أن غريفيث غيّره لاحقاً إلى (The Birth of a Nation) ليعكس رؤيته الأوسع حول «مولد أُمّة» بعد الحرب الأهلية الأميركية.​

شارك في بطولة الفيلم عدد من نجوم السينما الصامتة، من بينهم ماي مارش، وميريام كوبر، وماري ألدن.

يُعد «مولد أُمّة»، علامة فارقة في تاريخ السينما الأميركية من الناحية التقنية والسردية. وفي مضمونه هو فيلم متعصِّب، هو أكثر من فيلم يؤيد أهل الجنوب الأميركي كونه يُشيد بمنظمة «كوكلس كلان» التي عُرفت بحرقها السود أحياء، ويقدِّم السود في صور بشعة وعنصرية واضحة.

‫يفتح «مولد أمة» بتمهيد يُصوّر وصول السود «عبيداً» إلى الولايات المتحدة في القرن الـ17، وكيف أن إحضارهم إلى الولايات المتحدة «زرع البذرة الأولى للانشقاق» ومن ثم‬َّ هناك مشاهد لبيع الرقيق في الجنوب. بعد ذلك يدلف بنا إلى عائلتي ستونمان المنفتحة على مبدأ «تحرير العبيد» وعائلة كاميرون المناوئة. مع بداية الحرب تصطفُّ كل عائلة ضد الأخرى حسب ميولها السياسية.‫ بطاقة مصوّرة (كون الفيلم أُنتج صامتاً) تقول: «ضعف القائد العظيم سوف يُبلي الأمة»، وذلك في إشارة إلى الرئيس إبراهام لينكولن الذي صدَّق على قانون «تجريم العبودية».

بعد ذلك، يبدأ فصلٌ جديد مع نشوب الحرب الأهلية، حيث تُعرض مشاهد توجُّه أبناء كاميرون الثلاثة إلى القتال، بوصفهم «هدية الأم إلى قضية الولايات الانفصالية». يلي ذلك مشاهد للجنود والمتطوِّعين الجنوبيين المتحمّسين للدفاع عن «القضية الحقة: النصر أو الموت»، كما يوضح الفيلم.

في حماية ««كوكلس كلان» (غريفيث بروكشنز)
في حماية ««كوكلس كلان» (غريفيث بروكشنز)

إنقاذ الشرف الأبيض

بعد عامين ونصف، يبدأ الجيش الشمالي بتحقيق انتصاراته ويغزو المدن والبلدات الجنوبية. يأمر جنرال شمالي أبيض قواته من المجنّدين السود باقتحام منازل البلدة، ومن بينها منزل عائلة كاميرون. يُقدَّم الجنود السود (أدّى أدوارهم ممثلون بيض ملطّخون بالمساحيق) كمصدر تهديد لبنات كاميرون، اللواتي يظهرن في حالة من الخوف من الاغتصاب. تُركِّز الكاميرا على وجوه الجنود السود «المتعطّشة»، في تصوير عنصري فج.

في هذه اللحظة، ينطلق رجال منظمة «كو كلوكس كلان» لإنقاذ نساء البلدة، ويصلون في الوقت المناسب لدحر المجنَّدين السود. في مشهد لاحق، يُعرض موت المجند الشمالي تود ستودمان إلى جانب صديقه الجنوبي ديوك كاميرون، في محاولة لإبراز فكرة المصالحة بين الشمال والجنوب، في سردية تستثني الأميركيين من أصل أفريقي بشكل تام.

هناك سود «أوفياء» (حسب تعريف الفيلم) من بينهم خدم ينقذون حياة «مالكيهم» وآخرون متعاونون مع المنظمة. في المقابل، يُقدَّم المجنَّدون السود كرمز للوحشية، في صورة تهدف إلى إثارة الرعب لدى المشاهدين البيض من «فحولة» السود و«همجيتهم» المحتملة في حال مُنحوا قدراً من الحرية. هذه الصورة النمطية تُسوِّق لفكرة الحاجة إلى منظمة يمينية تفرض «النظام الأبيض» وتمنع ما يُعدُّ، من منظور الفيلم، فوضى تهدّد المجتمع.

من المشاهد اللافتة في هذا السياق، انتحار فلورا (التي تؤدي دورها ماي مارش) بإلقاء نفسها من أعلى هضبة، هرباً من مطاردتها على يد رجل أسود. يظهَر لاحقاً هذا الرجل وهو يتعرّض للجلد على يد عناصر المنظمة، في مشهد يجسِّد بوضوح رسالة الفيلم المنحازة، التي تبرِّر العنف تحت ذريعة «حماية الشرف» وتكرِّس الخطاب «العنصري» الموجّه ضد «السود».

أعمال سابقة

‫استخدم غريفيث المونتاج بأسلوب بارع، مضيفاً إلى فيلمه بعداً تشويقياً لافتاً. بيد أن التوليف لم يكن سوى أحد جوانب إنجازاته التقنية والفنية. فقد اعتمد، على سبيل المثال، على التصوير الليلي في وقت لم يكن شائعاً بعد. كما واظب على التصوير في المناطق الطبيعية خارج الاستوديوهات، وهو أمر نادر آنذاك في إنتاج الأفلام الطويلة. تميّز غريفيث أيضاً باستخدامه اللقطات القريبة لإبراز الانفعالات على وجوه الممثلين، وحرَّك الكاميرا أفقياً (Pan Shots)، ليصبح من أوائل من أدخلوا هذا الأسلوب إلى السينما الأميركية منذ بداياته مخرجاً عام 1905. كما لجأ إلى اللقطات المتحركة بالتوازي مع حركة الموضوع داخل الإطار (Tracking Shots)، كما استخدم تقنيات الانتقال بين المشاهد مثل الإذابة (Dissolve) والتلاشي والظهور التدريجي (Fade In/Fade Out).

صحيح أن هذه الأساليب لم تكن جديدة تماماً على السينما العالمية، بيد أنها كانت في معظمها محاولات محدودة، فيما تمكَّن غريفيث من توظيفها ضمن منهج سردي أكثر دلالة وتأثيراً.