صورة الشرق في عيون سينما هوليوود... كاتب سعودي يكشف المستور

عبد المحسن المطيري لـ«الشرق الأوسط»: دافعي لتأليف الكتاب هو الرغبة في تصحيح الرواية البصرية

وصف المطيري فيلم «Killers of the Flower Moon 2023» بالاعتذار الأبيض المتأخر
وصف المطيري فيلم «Killers of the Flower Moon 2023» بالاعتذار الأبيض المتأخر
TT

صورة الشرق في عيون سينما هوليوود... كاتب سعودي يكشف المستور

وصف المطيري فيلم «Killers of the Flower Moon 2023» بالاعتذار الأبيض المتأخر
وصف المطيري فيلم «Killers of the Flower Moon 2023» بالاعتذار الأبيض المتأخر

لطالما ظهرت صورة «الشرق» في سينما هوليوود بشكل يبتعد عن الحياد، لكن كيف تشكَّلت هذه الصورة؟ وما علاقة السياسة والاستشراق والبروباغندا الإعلامية بهذا التمثيل السينمائي؟ أسئلة يجيب عنها الكاتب والمخرج السعودي عبد المحسن المطيري في كتابه الصادر حديثاً «نظرة أمريكا للشرق، سينمائياً» الذي يُحلل فيه الطريقة التي شكَّلت بها السينما الأميركية صورة نمطية للشرق، بكل ما فيه من تنوّع ديني وعرقي وثقافي، ولا يكتفي الكاتب في مؤلفه برصد المشهد السينمائي، بل يغوص في خلفياته السياسية والإعلامية، رابطاً بين عدسة الكاميرا ومنطق الهيمنة العالمي.

الكاتب والمخرج عبد المحسن المطيري (الشرق الأوسط)

بذرة الاهتمام

المطيري في حديثه له مع الـ«الشرق الأوسط» تناول الدوافع وراء تأليف الكاتب، مبيناً أن مشاهدته لفيلم «Real bad Arabs» أثناء دراسته في الولايات الأميركية المتحدة ولدت لديه بذرة الاهتمام بالنظرة العامة والنمطية لعالم الشرق الأوسط من خلال السينما العالمية والأميركية، وأضاف: «بعد فترة تكرَّست عندي قناعة للقيام بعمل تصحيحي ومنهجي لتلك الرواية البصرية المستمرة تجاه كل ما هو شرقي أو عربي أو إسلامي أو حتى آسيوي».

ويرى المطيري أنه في العقود الأخيرة، خصوصاً في فترة الثمانينات والتسعينات، كانت هناك صورة نمطية موحدة للرجل الخليجي -على سبيل المثال- في السينما العربية، وكذلك في الإعلانات التجارية التي كانت تشرف عليها شركات عربية، ثم لاحظ أن الصورة تغيَّرت نسبياً مع زيادة الوعي وتكيف المجتمع مع أهمية الصورة والمحتوى البصري في تقديم صورة إيجابية للفرد الخليجي، وأردف: «هذا خلق لديَّ اهتماماً أكبر لمعرفة درجة تغير شكل الشخصية العربية في السينما العالمية خلال العقود الماضية».

تطرق الكاتب إلى حلقة «Family Guy» التي كانت بعنوان «Peter Becomes a Muslim» وهي من أهم حلقات المسلسل لتناولها موضوعاً شرقياً

الصورة النمطية

وبسؤال المطيري إن كان يرى أن الصورة النمطية في السينما اليوم تتغير أم تعيد إنتاج نفسها؟ أجاب «أعتقد أنه على مستوى السينما العالمية هناك تغيير كبير ومهام للصورة النمطية تجاه الآخرين، خصوصاً من الأقليات والشعوب الأخرى والثقافات المختلفة، وهذا التغيير في شكله وقالبه الحالي تم بشكل طبيعي للثقافات الأخرى، ولكن تم بشكل مبرمج للثقافة العربية، وهذا ما جعلني أهتم كثيراً بهذا النوع من النمط المرسوم والمستمر للشخصية العربية في السينما حتى في شكلها الحالي؛ حيث لاحظت نمطاً جديداً صحيحاً ولكنه غير واقعي للشخصيات العربية في السينما، فهي إما غربية مندمجة وإما متطرفة ومنغلقة، فلا يوجد تعقيد في الشخصيات ولا يوجد سياق لمسار كل جانب نفسي في خطها الدرامي».

ويمضي إلى أنه «في الأفلام، وما يتعلَّق بالقصص بشكل عام، نجد أن هناك نمطاً وصورة موحدة للحياة في الشرق الأوسط؛ حيث اللون الشكلي واحد، والمكان واحد؛ وهو مرتبط غالباً بالصحراء والغبار أو البؤس المكاني، وهو الشكل نفسه الخارجي والداخلي للقصة الدرامية، سواء كانت في القاهرة أو الكويت أو دبي».

غلاف الكتاب (الشرق الأوسط)

قراءة للكتاب

في كتابه، ينطلق المطيري من فرضية أن الصورة ليست مجرد تمثيل بصري، بل خطاب سياسي وثقافي يُنتج الآخر وفق سردية مَن يمتلك أدوات القوة، وهو هنا يُحيل القارئ إلى الإرث الاستشراقي الذي أسَّس له الغرب عبر الأدب والفن والتوثيق، قبل أن يتحول إلى صورة متحركة في السينما. كما يبرز أثر الاستعمار وتاريخ الحروب في رسم معالم «الرجل الشرقي» بوصفه رجلاً بدائياً، متطرفاً، مغيباً، أو شهوانياً، في مقابل الرجل الغربي المتحضر، المثقف، صاحب الرسالة.

وينقسم الكتاب إلى فصول منظمة، تبدأ بتاريخ الصورة النمطية، ثم تصنّف أنواعها، وتربطها بالبروباغندا السياسية. كما يخصص فصولاً مهمة لتحليل كيف تعاملت هوليوود مع العالمين العربي والإسلامي، وكيف تحوَّلت صورة «الرجل الروسي العدو» في الحرب الباردة إلى «الرجل العربي الإرهابي» بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول).

وما يُميّز هذا الكتاب هو حسّه التحليلي المتزن، فهو لا يتبنَّى خطاباً احتجاجياً غاضباً، بل قراءة هادئة تُبرز التحيزات، وتتوقف عند الاستثناءات، وتحللها.

ويقدّم المطيري أمثلة سينمائية متعددة -مثل Syriana، The Kingdom، American Sniper- ويشرح كيف يتم «تأطير» الشرق بوصفها أرض فوضى، لا يأتي الخلاص لها إلا من الخارج. كذلك يناقش «أمركة البصر»، من خلال دمج الثقافة الغربية في أفلام موجهة للأطفال تدور في سياقات شرقية.

الوعي البصري

ويولي الكتاب أهمية خاصة لتصوير المرأة الشرقية، بوصفها ضحية دائماً، إمّا مُغَيبة أو مستلبة، وتُستخدم غالباً أداة لتعميق شيطنة الرجل الشرقي. كما يتطرق إلى النمطية المكررة في تصوير شعوب مثل اليابانيين، والمكسيكيين، والسود، في سياقات تتأرجح بين السذاجة والتجريد والشيطنة. وبشكل عام، يعد الكتاب مساهمة محلية في نقد البصريات الغربية من زاوية عربية واعية، ويفتح الباب لمزيد من النقاش حول أهمية «الوعي البصري» لدى المشاهد وصانع الأفلام العربي.

الجدير بالذكر، أن هذا الكتاب يأتي ضمن 40 إصداراً جديداً تطلقها «الموسوعة السعودية للسينما» خلال هذا العام، بعد إطلاق 22 كتاباً العام الماضي، ومن المتوقع أن يُوقع المطيري كتابه على هامش مهرجان أفلام السعودية في دورته الـ11 المُقامة في الظهران خلال شهر أبريل (نيسان) الحالي، خلال الفترة من 17 – 23، بتنظيم «جمعية السينما»، بالشراكة مع مركز «إثراء»، وبدعم «هيئة الأفلام» التابعة لوزارة الثقافة.


مقالات ذات صلة

زيارة ترمب للسعودية تؤسس لعلاقات استراتيجية أعمق

تحليل إخباري الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى زيارته العاصمة السعودية الرياض في مايو 2017 (واس) play-circle

زيارة ترمب للسعودية تؤسس لعلاقات استراتيجية أعمق

من المنتظر أن تؤسس زيارة ترمب للسعودية لعلاقات استراتيجية اقتصادية وأمنية أعمق، إلى جانب بحث ملفات المنطقة المعقدة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يوميات الشرق وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان مستقبلاً نظيرته اليونانية لينا مندوني في جدة (واس)

السعودية واليونان ترسخان تبادلهما الثقافي

ترأس وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، ونظيرته اليونانية لينا مندوني، الاجتماع الأول للجنة الثقافة المنبثقة من «مجلس الشراكة الاستراتيجية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج نائب وزير الخارجية السعودي خلال مشاركته في اجتماع جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري (واس)

السعودية: أمن المنطقة يتطلب إقامة دولة فلسطينية مستقلة

جدَّدت السعودية رفضها التام لدعوات تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، ولأي محاولات لفرض حلول لا تحقق تطلعاته المشروعة في تقرير مصيره.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لدى استقباله العاهل الأردني الملك عبد الله بن الحسين في جدة (واس) play-circle 00:13

ولي العهد السعودي والعاهل الأردني يبحثان تطورات المنطقة

بحث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين، الموضوعات على الساحتين العربية والإسلامية.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج إعادة المخالفين والمركبات عند مراكز الضبط الأمني المؤدية إلى العاصمة المقدسة (واس)

منع دخول المقيمين إلى مكة المكرمة من دون تصريح

بدأ الأمن العام السعودي منع دخول المقيمين إلى العاصمة المقدسة باستثناء حاملي هوية مقيم صادرة منها، وتصريح «حج» أو عمل خلال الموسم من الجهات المعنية.

«الشرق الأوسط» (مكة المكرمة)

من شباك التذاكر إلى «مهرجان أفلام السعودية»... الكوميديا الشبابية تكسب الرهان

الطلاب في فيلم «فخر السويدي» الذين تجمعهم مغامرات مضحكة (الشركة المنتجة)
الطلاب في فيلم «فخر السويدي» الذين تجمعهم مغامرات مضحكة (الشركة المنتجة)
TT

من شباك التذاكر إلى «مهرجان أفلام السعودية»... الكوميديا الشبابية تكسب الرهان

الطلاب في فيلم «فخر السويدي» الذين تجمعهم مغامرات مضحكة (الشركة المنتجة)
الطلاب في فيلم «فخر السويدي» الذين تجمعهم مغامرات مضحكة (الشركة المنتجة)

في الوقت الذي يحافظ فيه الفيلم الكوميدي السعودي «شباب البومب 2» على تصدّر شباك التذاكر السعودي، محققاً إيرادات تجاوزت 2.77 مليون ريال، وذلك بعد شهر من بدء عرضه، تشهد الدورة الحادية عشرة من «مهرجان أفلام السعودية» إقبالاً لافتاً على عروض أفلام كوميدية سعودية، في مؤشر يلفت إلى الحضور المتنامي لهذا النوع من الأعمال بين صنّاع الأفلام والجمهور على حد سواء.

ورصدت «الشرق الأوسط» حضوراً جماهيرياً مكثفاً في عروض فيلمين كوميديين هما «إسعاف» و«فخر السويدي»؛ إذ امتلأت صالات العرض، واصطفت الجماهير في طوابير طويلة، معظمهم من فئة الشباب وصغار السن، وهي الفئة التي يستهدفها فيلم «شباب البومب 2»؛ ما يعكس توجه الجمهور المحلي بشكل واضح نحو الكوميديا.

والمشترك بين هذه الأفلام الثلاثة، على تفاوت مستوياتها الفنية، أنها لا تتعامل مع الكوميديا بوصفها هامشاً، بل تقدمها كلغة للتواصل مع الجمهور ومعايشة واقعه ومفارقاته اليومية.

فريق فيلم «إسعاف» مع المخرج كولين توج (الشركة المنتجة)

«إسعاف»... مغامرة خطرة

فيلم «إسعاف»، إخراج كولين توج، وبطولة: إبراهيم الحجاج، ومحمد القحطاني، وفيصل الدوخي، وفهد البتيري، ونرمين محسن، ومطلق مطر، ومهند الصالح، وسعيد صالح، وحسن عسيري، ولطيفة المجرن، ونجوم آخرين، تتناول قصته شابين يعملان مسعفَين؛ الأول مستهتر والثاني جاد، وكلاهما يتورطان مع مجرم يلاحقهما بشكل مريب (فيصل الدوخي)، ويحاولان الهرب منه، ولكن يقعان في ورطة كوميدية، تفاعل معها الحضور في قاعة المهرجان بالضحك والتصفيق طيلة مدة الفيلم الذي تمكن من تحقيق المركز الرابع في قائمة شباك التذاكر السعودي، في أسبوعه الأول، بإيرادات تجاوزت 1.8 مليون ريال.

حضور كثيف شهده فيلم «فخر السويدي» أثناء عرضه في المهرجان (تصوير: إيمان الخطاف)

«فخر السويدي»... كوميديا مدرسية

أما فيلم «فخر السويدي» الذي تدور أحداثه داخل مدرسة ثانوية للبنين في حي السويدي بمدينة الرياض، فيتناول قصة مدير المدرسة «شاهين» (فهد المطيري) الذي يخترع فصلاً دراسياً جديداً للطلاب باسم «الفصل الشرعي»؛ ما يعرضه للكثير من المتاعب مع أخيه مالك المدرسة، وكذلك مع الطلاب والمعلمين الذين يحاولون الخروج عن المألوف لتحقيق مطالب المدير «شاهين».

وقد حظي الفيلم كذلك بحضور جماهيري كبير، وتفاعل الجمهور بالضحكات على المواقف الكوميدية التي يمتلئ بها الفيلم، علماً بأنه من المنتظر عرضه في صالات السينما السعودية يوم 8 مايو (أيار) المقبل.

ويضم «فخر السويدي» مجموعة من الممثلين، على رأسهم: فهد المطيري، وفيصل الأحمدي، وسعيد القحطاني، ويزيد الموسى، وياسين غزاوي، وصلاح الدالي، إضافة إلى محمد علي، ومهند الصالح، وعبد الله أحمد، وأسامة صالح، ونايف الفواز، وعبد العزيز المبدل، وأسامة القس. وهو فيلم من تأليف يزيد الموسى، ومن إخراج هشام فتحي وعبد الله بامجبور وأسامة صالح.

وبشكل عام، استطاع مهرجان أفلام السعودية الذي تُنظمه «جمعية السينما»، بالشراكة مع مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)، ودعم هيئة الأفلام، أن يجذب شريحة جديدة من فئة الشباب الذين تستهويهم الأفلام الكوميدية، خاصة مع كثافتها في الدورة الحادية عشرة التي يُسدل الستار على فعالياتها مساء الأربعاء المقبل، في حفل كبير يُقام في مسرح «إثراء»، ويتخلله تتويج عدد من الأفلام الفائزة ضمن عدة مسارات.