شاشة الناقد: من دراما المحاكم إلى رامبو

 جايمي فوكس في «الدفن» (أمازون ستديوز).
جايمي فوكس في «الدفن» (أمازون ستديوز).
TT

شاشة الناقد: من دراما المحاكم إلى رامبو

 جايمي فوكس في «الدفن» (أمازون ستديوز).
جايمي فوكس في «الدفن» (أمازون ستديوز).

THE BURIAL ★★★☆

* «الدفن»: دراما محاكم من إخراج ماغي بتس (الولايات المتحدة- 2024)

هناك ذلك المشهد الذي يقوم فيه رجل عجوز بالوقوف مع المحامي غاري (جايمي فوكس) وزوجته (أماندا وورن) أمام أرض خضراء بلا معالم ويخبرهما أن تحت تلك الأرض توجد رفات ما لا يُحصى من الأفرو-أميركيين المدفونين تحتها: «لا تجد مقابر عليها»، يقول لهما: «هذا لأنه في ذلك الحين كان ممنوعاً على العبيد أن يُدفنوا في قبور عليها أسماؤهم». لجانب أن المشهد يمنح عنوان الفيلم سبب اختياره، هناك تلك القشعريرة التي قد تعتري بعضنا إذ تبدو المساحة الخضراء بريئة وصامتة وطبيعية، بينما تكمن تحتها رفات ضحايا تجارة الرقيق قبل أكثر من 400 سنة.

لكن الفيلم ليس عن الرقيق ولا هو بالفيلم التاريخي. ما يطرحه المشهد له علاقة بشوائب عنصرية حديثة. غاري هو محامي أسود نتعرّف عليه خطيباً في كنيسة للسود ثم - مباشرة - كأكثر محامي ولاية المسيسيبي نجاحاً وثراءً. لم يخسر قضية منذ 12 سنة وتخصص في الدعاوى التي لها علاقة بالإصابات الجسدية الناتجة عن حوادث مختلفة. ذات يوم يستقبل في مكتبه صاحب شركة دفن ميسور لكنه يمر بأزمة مالية. صاحب الشركة، أوكيف (تومي لي جونز في إطلالة نادرة هذه الأيام) رغب في بيع بعض مواقع مدافنه لملياردير لديه مؤسسة قامت على تجارة الممتلكات. الشاري المتوقع لووِن (رايموند كامب) يوافق على شروط أوكيف، لكنه يتلكأ في تنفيذ العقد طمعاً في زيادة حاجة أوكيف المادية ليشتريها بسعر رخيص. تصل القضية إلى غاري، الذي لم يدافع عن رجل أبيض من قبل لكنه وجد في أوكيف مواطناً يحاول الوقوف على قدميه والحفاظ على مؤسسة ورثها أباً عن جد.

الفيلم، من مطلعه حتى نهايته، سلسلة مشوّقة من دراما محاكم تتبع تقليداً راسخاً في هذا النوع شهدته السينما الأميركية بنجاح من الأربعينات وما بعد. تعرف المخرجة كيف تُعيد الحياة إلى قاعة المحكمة، حيث يتبادل محامي أوكليف ومحامية لووِن (جورني سمولت) الاقتراب ثم الابتعاد عن النجاح والفشل. كتابتها للسيناريو تشمل حوارات كاشفة ولقطاتها تترك المُشاهد في حالة تقدير لكل منهما. لكن قلب الفيلم هو مع أوكيف وغاري اللذين يخشيان فشل الفرد البسيط أمام العملاق المادي المتمثل في لووِن. الأحداث وقعت بالفعل لكن حتى ولو لم تكن وقعت فإن الفيلم يمنحها مصداقية لجانب تمثيل رائع من فوكس ومعظم المشتركين.

* عروض: موقع أمازون.

البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو ★★

* قصّة مختلفة عن رامبو آخر | إخراج: خالد منصور. مصر (2024)

الفيلم الأول لمخرج جديد وقد يكون الأخير إلا إذا اختار، للمرّة الثانية، حكاية أفضل وطوّر أدواته الفنية، بحيث تثير الأمل في إضافة نوعية على ما يُعرف بالسينما المصرية المستقلة.

حسن (عصام عمر) شاب يعيش مع والدته في منزل متواضع في حي متواضع. صاحب المنزل كارم رجل جشع يريد طرد هذه العائلة الصغيرة. تقول له أم حسن إنها التقت بمحامي وقال لها إنه طالما لديها عقد فإنه لا يستطيع طردهما. تسأل نفسك، وقد ازداد المالك بطشاً وقسوة لماذا لا تذهب للمحامي لكي يتخذ بحق المالك الإجراء المناسب. ثم يمكن لنا تجاوز هذا السؤال لأن المحنة الأكبر هي علاقة حسن بكلبه رامبو الذي يهاجم المالك ويعضه في منطقة حسّاسة، ما يجعل المالك الشرير أكثر شراً. حسن الآن يحاول إنقاذ الكلب من غضب كارم الذي يبحث عن الكلب لقتله. في سبيل ذلك يبوح لصديقه الحارس الأمني ولصديقته (ركين سعد) وللمشاهدين بحبه للكلب ورغبته في إيداعه مكاناً لا يصل كارم إليه. لكن كارم يصل إليه (لا نعرف كيف) ويطلق عليه النار ويقتله.... لا لم يقتله كما نكتشف بعد نحو ربع ساعة ولو أن الرصاصة أصابت إحدى عيني الكلب. لماذا لم تقتله وقد دخلت رأسه، هذا سؤال آخر يمر كأسئلة كثيرة بلا جواب.

من «البحث عن منفذ لخروج للسيد رامبو» (مهرجان ڤنيسيا).

الحياة بائسة ونشهد ذلك منذ بداية الفيلم، لكن المشكلة هي المخرج لا يتعامل مع بؤسها بل مع بؤس فرد واحد فيها. السيناريو لا يحدد وجهته إلا من خلال محاولة حسن البحث عن منفذ للسيد رامبو، كما يقول العنوان. ليس هناك معضلة فعلية. أي حسن آخر كان يستطيع أن يتخلى عن الكلب لأننا علاقته به كما نراها على الشاشة ليست واضحة. إذا ما كان حبّاً شديداً فإن الفيلم عليه أن يقدّم نوعاً من التفاعل بين حسن ورامبو، وإن لم يكن فلا شيء يمنع من البحث عن المصلحة الشخصية التي قد تكون الكلب مقابل البيت أو الكلب مقابل كف شر كارم أو مقابل أي شيء آخر.

يفتقد السيناريو لوحدة مصير. لشيء يبرز أهمية العلاقة بين حسن وكلبه. في الوقت ذاته لا ينفع لفيلم، مستقل أو غير مستقل، الاعتماد على سرد خال من التشويق أو المفارقة التي تحدث فتجعل المُشاهد أكثر فهماً وقبولاً وتعاطفاً مع ما يدور.

إنها فرصة رائعة تضيع من بدايتها لتقديم فيلم بحبكة جديدة وبشخصية شاب يستطيع التعبير عن مشاعره خارج إطار الحوار وممثل يوفر بعض الحياة لتلك الشخصية.

* عروض مهرجان ڤينيسيا.

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز


مقالات ذات صلة

داليا البحيري لـ«الشرق الأوسط»: لن أطرق باب أحد من أجل العمل

يوميات الشرق داليا تشدّد على أنها لن تطلب العمل من أحد (الشرق الأوسط)

داليا البحيري لـ«الشرق الأوسط»: لن أطرق باب أحد من أجل العمل

قالت الفنانة المصرية داليا البحيري إن التكريم الذي يحظى به الفنان يكون له وقع رائع على معنوياته إذ يُشعره بأنه يسير في الطريق الصحيح.

انتصار دردير (سلا (المغرب))
يوميات الشرق الفنان المصري محمود حميدة (صفحته على «فيسبوك»)

«الجونة السينمائي» يكرّم محمود حميدة بجائزة الإنجاز الإبداعي

أعلن مهرجان «الجونة السينمائي» في مصر عن تكريم الفنان محمود حميدة بمنحه جائزة الإنجاز الإبداعي في الدورة السابعة من المهرجان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
سينما «الرحلة 404» اشتراك مصري لهاني خليفة (فيلم كلينيك)

سباق أوسكار أفضل فيلم أجنبي بدأ عربياً وأجنبياً

لم تتقدّم بعد أي دولة عربية بفيلم لها في غمار سباق أوسكار «أفضل فيلم عالمي» (أفضل فيلم أجنبي)، وسيكون من الملاحظ أن الزحام الذي حدث في العام الماضي

سينما «خط أخضر» (ماد سوليوشن)

شاشة الناقد: حروب أهلية

خط أخضر - عودة إلى الحرب اللبنانية في فيلم تسجيلي بتوقيع سيلڤي باليو (لبنان، قطر، فرنسا - 2024).

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق أوطاننا تربّي القلق في أبنائها وتواجههم بأشكال النهايات (صور ماري لويز إيليا)

«الموت ومخاوف أخرى»... تمادي العبث اللبناني

الفيلم يتحوّل جماعياً بتبنّي حالة اللبناني المُدرِك أنّ خلف الفرح غصّة. وحين تقول صاحبته: «بِعتَل هَم انبسط»، فذلك لحتمية تسلُّل الأحزان من حيث لا ندري.

فاطمة عبد الله (بيروت)

ليدي غاغا حاولت «نسيان» ما تعلمته في مجال الغناء استعداداً لدورها في «جوكر»

ليدي غاغا لدى وصولها إلى الليدو (إ.ب.أ)
ليدي غاغا لدى وصولها إلى الليدو (إ.ب.أ)
TT

ليدي غاغا حاولت «نسيان» ما تعلمته في مجال الغناء استعداداً لدورها في «جوكر»

ليدي غاغا لدى وصولها إلى الليدو (إ.ب.أ)
ليدي غاغا لدى وصولها إلى الليدو (إ.ب.أ)

كشفت نجمة البوب ليدي غاغا في مهرجان البندقية السينمائي، اليوم الأربعاء، أنها حاولت خلال استعدادها لدورها إلى جانب يواكين فينيكس في فيلم «جوكر: فولي آ دو»، المنافس على الأسد الذهبي في مهرجان البندقية السينمائي، «نسيان» ما تعلمته في مجال الغناء.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، لفتت المغنية الأنظار وعدسات المصوّرين لدى وصولها إلى الليدو مرتدية فستاناً أسود ومعتمرة قبعة «بيبي» Bibi من اللون نفسه غطت الجزء الأعلى من شعرها الأشقر البلاتيني، قبل أن تعقد مؤتمراً صحافياً عن الفيلم المدرج ضمن المسابقة الرسمية.

ويثير الفيلم توقعات عالية؛ إذ إن الجزء الأول «جوكر»، المستوحى من شخصية من عالم الشرائط المصوّرة «دي سي كوميكس»، أحدث مفاجأة بنيله جائزة الأسد الذهبي قبل خمس سنوات، قبل أن يحقق إيرادات فاقت مليار دولار في عروضه التجارية ويفوز بطله يواكين فينيكس بجائزة الأوسكار لأفضل ممثل.

ويخوض الفيلم تالياً تحدي إقناع لجنة التحكيم برئاسة إيزابيل أوبير بتتويج هذا الجزء الثاني الذي صوّر بأسلوب مسرحية غنائية.

وقالت ليدي غاغا في المؤتمر الصحافي الذي شارك فيه فينيكس: «لا أستطيع أن أقول إنها مسرحية غنائية بالمعنى الدقيق للكلمة، إذ إنها مختلفة تماماً في كثير من النواحي. نحن نستخدم الموسيقى لإعطاء الشخصيات حقاً طريقة للتعبير عما يجب أن يقولوه، لأن الحوار ليس كافياً».

وأضافت: «لقد سجلنا كل شيء على الهواء مباشرة، بعدما عملنا كثيراً على طريقتنا في الغناء».

وأضافت نجمة البوب التي دخلت عالم السينما مع فيلم «إيه ستار إز بورن» إلى جانب برادلي كوبر: «بشكل عام، أعتقد أن السينما والموسيقى لهما قوة مذهلة لتغيير الطريقة التي يشعر بها الناس بأنفسهم». واستلزم الفيلم إجراء عدد كبير من البروفات التدريبية.

وقال يواكين فينيكس الذي تولى بطولة هذا الجزء الثاني بعد فوزه بجائزة الأوسكار عن دور «جوكر» في الجزء الأول: «كل لقطة قدمت نسخة مختلفة تماماً (...) ومكّننا ذلك من إعطاء الطاقة اللازمة».

وأضاف: «جزء من المتعة بالنسبة لي كان أخذ هذه المعايير الغنائية، والسعي إلى إيجاد طريقة لتتبناها الشخصيات وتتمكن من التعبير عن أنفسها من خلال غنائها».