مهرجان «كان» يميط اللثام عن بداية موفقة وتساؤلات

يرغب في التركيز على الأفلام وتجنّب الجدل السياسي

من اليسار كوينتن دبيّو ورافاييل كوينارد وڤينسنت ليندون وليا سيدو ولويس غاريل (أ.ب)
من اليسار كوينتن دبيّو ورافاييل كوينارد وڤينسنت ليندون وليا سيدو ولويس غاريل (أ.ب)
TT

مهرجان «كان» يميط اللثام عن بداية موفقة وتساؤلات

من اليسار كوينتن دبيّو ورافاييل كوينارد وڤينسنت ليندون وليا سيدو ولويس غاريل (أ.ب)
من اليسار كوينتن دبيّو ورافاييل كوينارد وڤينسنت ليندون وليا سيدو ولويس غاريل (أ.ب)

«الشرق الأوسط» في مهرجان «كان»-2

 

رغم إعلان سابق من أن المهرجان لا يستطيع تجنّب السياسة في عالم مشحون بها، فإن الأجواء داخله وخارجه تشي بأن ذلك سيكون صعباً.

كان محافظ المدينة قد أصدر أمره بمنع المظاهرات على طول الساحل الشهير؛ فالنظام الأمني صارم والمهرجان يريد اجتياز 11 يوماً بسلام، لكن الشؤون العالمية تشغل باله وبال من فيه على جانبي الحدث: الإدارة والضيوف.

هناك الحرب الأوكرانية في الغرب، والحرب الغزاوية في الشرق. الأولى مستعرة لكن، حسب حديث سائق التاكسي الذي أقل هذا الناقد من المطار إلى المدينة «لا أحد سعيد جداً بما يقرّره رئيس يرى نفسه نابليون». هي مستعرة على خطوط التماس في أوكرانيا، لكنها لا تضغط هنا على النحو نفسه الذي تنجلي عنه الحرب الطاحنة في غزة.

تييري فريمو يريد مهرجاناً بلا مشاكل (أرشيف كان)

المواقف متباينة بين تلك المؤيدة لأحد طرفي النزاع في الحرب الفلسطينية، كذلك بين اليسار الفرنسي ويمينه. يريد المهرجان المضي كقطارٍ سريعٍ يقتحم حواجز مبعثرة، لكن لا يمكن منع أحد الفائزين من إلقاء خطبة تأييد للفلسطينيين على غرار ما حدث في مهرجان برلين في مطلع السنة الحالية. ليس معلوماً، من ناحية أخرى، إذا ما كان مدير عام المهرجان تييري فريمو قد طلب من أعضاء لجنة التحكيم عندما التقى بهم قبل يومين، عدم زجّ المهرجان بالسياسة، والاكتفاء في خطبهم عند نهاية المهرجان بذكر الأعمال والأسماء الفائزة، لكن هذا بدوره غير مؤكد.

رئيسة لجنة التحكيم غريتا غيرويغ تخاطب الجمهور في حفل افتتاح «كان» (أ.ب)

رئيس لجنة التحكيم، الممثلة والمخرجة غريتا غيرويغ، لا تبدو معنية بالمشهد العالمي الكبير لكن هذا لم يمنعها، خلال لقائها بالصحافة، من الثناء على حركة (Me Too#)، عادّة أنها امتداد لما شهدته هوليوود في العامين السابقين عندما احتلت قضايا المرأة مكانة خاصة في هوليوود «أدّت إلى تغيير ملحوظ»، مضيفة إلى أنه يتوجّب إبقاء التواصل قائماً.

من ناحيتها، كانت مجموعة «مي تو» قد صرّحت أنها ستعلن احتجاجها على جملة قضايا تريد من المشتغلين في السينما الفرنسية أخذها بعين الاعتبار من بينها قضايا وتحرّشات جنسية وعدم وجود حضور فعلي للمرأة في إدارة المهرجان.

مدير عام المهرجان تييري فريمو وميريل ستريب ورئيسة المهرجان إيريس نوبلوك (إ.ب.أ)

هذا يبدو غريباً إذا ما لاحظنا أن رئيس المهرجان ليس سوى امرأة (إيريس نوبلوك) وأن العديد من الأقسام تديرها نساء، ومن ثَمّ حقيقة أن المهرجان مليء بالأفلام التي حققتها مخرجات فرنسيات وغير فرنسيات.

وكانت المجموعة نفسها احتجّت في العام الماضي على اختيار فيلم «جين دو باري» ليكون فيلم الافتتاح على أساس أن جوني دِب (الذي حوكم وبرّئ من قضية سوء معاملة زوجته) هو أحد ممثلي الفيلم، لكن هذا الاحتجاج لم يمنع المهرجان من عرض الفيلم كما تمّت جدولته.

أكثر من ذلك، هناك تلويح بالإضراب من قِبل العاملين غير الموظّفين في المهرجان الذين يطالبون بتعويضات مالية ويهدّدون بأنه إذا لم تُحسم المسألة في اجتماع سيُعقد قريباً بين مسؤوليهم ووزير الثقافة فسيتوقفون عن العمل.

ردُّ فريمو يوم افتتاح المهرجان على كل هذه المشاكل، التي يواجهها مهرجانه العتيد هو أنه يريد من الجميع التركيز على الأفلام وليس على «الأمور الجدلية».

المخرج الإيراني محمد رسولوف (أ.ف.ب)

لكن الجميع يعلم أن هذا شبه مستحيلٍ في عالم اليوم، وأن السياسة ستحتلّ الحيّز الكبير لها تبعاً للمستجدات. وأحد هذه المستجدّات تقارير تؤكد أن المخرج الإيراني محمد رسولوف قد نجح في الهرب متسللاً من إيران إلى بلدٍ غير مفصوح عنه على إثر صدور حكم بسجنه مدة 8 سنوات بتهمة نقدِ سياسة الدّولة حيال المظاهرات وحرية التعبير.

إذا ما كانت هذه التقارير صحيحة فإن المخرج الإيراني سيحضر، على الأغلب عرض فيلمه الجديد «بذرة التين المقدّسة» المشتَرِك في المسابقة الرسمية.

المخرج كوينتن دبيّو (يمين) والممثل ڤينسنت ليندون خلال المؤتمر الصحافي (أ.ف.ب)

نقد فيلم الافتتاح

وكان المهرجان قد افتتح دورته الـ77 يوم أول (الثلاثاء)، بالفيلم الفرنسي «الفصل الثاني» لمخرجه كوينتن دبيّو. ما توقعناه هنا، قبل يومين، لجهة الأسباب التي دعت لاختياره تبدّت واضحة خلال مشاهدته.

إنه كوميديا هادفة تدور حول أكثر من شأن من خلال جلسة حوار طويلة حول مائدة في مطعم ريفي (يسبقها مشهد حوار طويل آخر لاثنين من ممثليه يسيران فوق طريق ريفية). اسم المطعم «الفصل الثاني» (والعنوان بحد ذاته يحمل معاني أخرى قد تخرج عن كونه اسم مطعم لتدخل في اللعبة المسرحية أو بوصفها بداية جديدة لشخصياته). لكنه أيضاً واحداً من تلك الأفلام التي على المرء أن يتشرّب الثقافة الفرنسية كاملة ليرتفع تقديره به.

مخرج فيلم «الفصل الثاني» ومنتجه والممثلون فيه بمؤتمر صحافي (أ.ف.ب)

جلسة الحوار تطرح مسائل مثل، ما الموقع الذي يحتله الفنان حيال مشاهديه؟ ما التزاماته؟ ومن ثَمّ ما الذي يحدث على صعيد علاقة صادمة بين المثقفين والذّكاء الاصطناعي؟ متى وأين سيجد المثقف، والسينمائي تحديداً، نفسه يواجه كياناً لا يسمح له باستخدام ملكيته الفنية؟

عند نقطة معيّنة يوجه الممثلون كلامهم للمشاهدين عبر النظر مباشرة إلى الكاميرا مخترقين ما يُعرف بالجدار الرابع (على أساس أن الجدران الثلاثة الأخرى هي التي تحيط بموقع التصوير من اليمين ومن اليسار وإلى العمق الخلفي).

الممثل الفرنسي ڤينسنت ليندون في «مهرجان كان» (أ.ف..ب)

علاوة على ذلك، وبغياب حكاية فعلية، تمثل شخصيات الفيلم (ڤينسنت ليندون، وليا سيدو، ورفاييل كوينار، ولويس غاريل) نفسها في أكثر من مشهدٍ، يدخلون ويخرجون من شخصياتهم الخيالية إلى شخصياتهم الفعلية حسبما يرتأي السيناريو، لتأكيد أنّ ما يتولون تقديمه هو جزء من حياة داخل حياة أخرى.

يلعب المكان بحد نفسه هذا الدور فالمطعم يؤدي بدوره دور المسرح الذي يلتقي فيه الجميع لمناقشة موضوع يتمدّد طولاً وعرضاً ولو ليس بالعمق الكافي لتحويل هذا العمل إلى فعل كلاسيكي من نوعه كما كان حال فيلم فرنسوا تروفو الشهير «ليلة أميركية» (1973).

الممثلان الفرنسيان لويس غاريل وليا سيدو (أ.ف.ب)

هناك تطوّر في بعض الشخصيات، أو بالأحرى، تبلور يندرج تحت عنصر الاكتشاف. غويلوم (ليندون) يكشف عن طينته الليبرالية المشحونة بالانفعال بينما نجد فلورنس (سيدو) تنتهي وقد قاربت على الانهيار من ضغوط عاطفية تقاومها حباً في تحقيق رغبة لم تعد تستطيع احتواءها. هذا كله قبل أن يكشف الفيلم عن لعبته كاملة، إذ هو نوع من تلك الأعمال التي تراها كما هي ومن ثَمّ تكتشف أن كل شيء مقصود كونها فيلماً داخل فيلم.

أحد معاني العنوان يقترح أن المخرج دبيّو ينتقل من خلفية سابقة (لم تخلُ من أعمال مثيرة للاهتمام بدورها) صوب مرحلة جديدة بمعنى أن هذا الفيلم قد يكون بداية جديدة أو مفترق طريق لاختيارات أخرى.

 


مقالات ذات صلة

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

قال الفنان المصري عمرو سعد إن غيابه عن السينما في السنوات الأخيرة جاء لحرصه على تقديم أعمال قوية بإمكانات مادية وفنية مناسبة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)

«سلمى» يرصد معاناة السوريين... ويطالب بـ«الكرامة»

تدور أحداث الفيلم السوري «سلمى» الذي جاء عرضه العالمي الأول ضمن مسابقة «آفاق عربية» بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ45، وتلعب بطولته الفنانة سلاف فواخرجي.

انتصار دردير (القاهرة)

روبن أوستلند يسخر من ركاب طائرة بلا ترفيه

روبن أوستلند خلال التصوير (إمبرتڤ إنترتاينمنت)
روبن أوستلند خلال التصوير (إمبرتڤ إنترتاينمنت)
TT

روبن أوستلند يسخر من ركاب طائرة بلا ترفيه

روبن أوستلند خلال التصوير (إمبرتڤ إنترتاينمنت)
روبن أوستلند خلال التصوير (إمبرتڤ إنترتاينمنت)

يعود المخرج السويدي روبن أوستلند إلى الشاشات في العام المقبل بفيلم جديد عن الترفيه... أو - بالأحرى - عن عدمه.

الفيلم يحمل عنواناً دالاً «نظام الترفيه معطل» (The Entertainment System is Down)، وهو من بطولة مجموعة كبيرة من نجوم أميركا وأوروبا من بينهم وودي هارلسون وكيانو ريڤز وكريستين دانست وسامنتا مورتون ودانيال برول وجول إدجرتن.

بوصلة الفعل

العنوان هو إشارة لعبارة مطبوعة تظهر على شاشات الطائرات المتلفزة خلال الرحلات إذا ما أصاب عطل تقني البث في كل أقسام الطائرة.

الرحلة طويلة من غرب الولايات المتحدة إلى أوروبا، والركاب جميعاً تعوّدوا على مشاهدة ما تعرضه محطات الطائرة من أفلام وبرامج ترفيهية أو رياضية أو أخبار أو أغانٍ وموسيقى. هكذا اعتادوا وهكذا يتأمّلون في زمن قلّ فيه عدد من يعمد على الكتب ليقرأها. إنه الزمن نفسه الذي لم يعد بالإمكان مطالعة الصحف والمجلات فيه، لأنها محدودة أو ممنوعة في الرحلات الجويّة.

«الميدان» (بلاتفورم برودكشن)

السؤال الظاهر الذي يطرحه الفيلم الجديد: ماذا سيفعل الركّاب في رحلة ستستغرق 10 ساعات أو أكثر ما بين عاصمتين متباعدتين.

السؤال الضمني هو ماذا فعل حب الترفيه بنا بحيث لم نعد قادرين على الحياة من دونه؟

هذا السؤال من مخرج تخصّص في الأسئلة الصعبة، كما حاله في «الميدان» (The Square) سنة 2017. و«مثلّث الحزن» (Triangle of Sadness) في 2022. كلاهما نال السّعفة الذهبية من مهرجان «كان» العريق. كل منهما ألقى نظرة ساخرة على أنماط الحياة التي نعيشها اليوم.

في «الميدان» شاهدنا أوستلند ينبري في معالجة غير متوقعة لتقديم حكاية مشرف على متحف في ستوكهولم يتعرّض لسرقة محفظته وهاتفه المحمول وهو في طريقه لعمله. فهو في سبيل حضور احتفاء فني يدعو فيه الناس لتحمّل مسؤولياتهم حيال الفن والمجتمع. الفيلم، في جزءٍ منه، يدور حول كيف أننا قد نفقد بوصلة الفعل الصحيح حال وقوع حادث مفاجئ. بطل الفيلم (كليز بانغ) يتصرّف من دون وعي ويجد نفسه سريعاً مع مديري المتحف الذين صرفوا ميزانية كبيرة على هذا المشروع.

لم يسرد الفيلم حكايته بتسلسل متواصلٍ أو بمشاهد هي بالضرورة متتالية على منهج منظّم، بذلك هو، في غالبيّته، عبارة عن مشاهد غير مترابطة تشبه فن النقش أو مثل مرايا تحيط بالمكان الواحد ومن فيه، بحيث تعكس ما ترويه من زوايا متعددة وليس على نحو متتابع بخط جلي واحد.

طرفا نزاع

لفيلمه التالي، «مثلث الحزن» انتقل إلى سؤال آخر يوجهه إلى مشاهديه.

يدور الفيلم أساساً حول الشاب كارل الذي جرى قبوله للعمل عارض أزياء (هاريس ديكنسن) وصديقته يايا (شاريبي دين). يبدأ الفيلم بمشاهد ساخرة لعملية انتقاء المرشّحين للعمل عارض أزياء ثم ينتقل بكارل وصديقته إلى عشاء في مطعم. الطاولة ليست الوحيدة التي تفصل بينهما، بل أيضاً منهج تفكير يرمي لطرح موضوع التوازن الذي يبدو مفتعلاً في علاقات اليوم. فهو يصرّ على أن تدفع هي ثمن العشاء. عندما توافق بعد تردّد يصر على أن يدفع. بين الموقفين وتبعاتهما هناك ما يبدو نزعة غير ناضجة لتأكيد الذات الذكورية أو، بنظرة أكثر شمولاً، نزعة صوب فرض معاملة بالمثل يلجأ إليها الطرفان في عالم اليوم.

هاريس ديكنسن في «مثلث الحزن» (إمبرتڤ إنترتاينمنت)

بعد ذلك هما على ظهر يخت في عرض البحر حيث سيستعرض المخرج شخصيات متعددة من ذوي الثراء. كارل ويايا لا ينتميان إلى تلك الزمرة، لكنهما لا يمانعان ممارسة حلم التقرّب والتماثل بما إنهما مدعوان (مجّاناً) لذلك. عبر هذا كله يرسم الفيلم صورة عن الطبقات وسوء التصرّفات حين الأزمات وكيف يعيش البعض منا في أوهام ترضيه.

الملل... الملل

الفيلم الجديد سيُعالج مسألة الملل إذا ما وقع ما هو غير متوقع في حياتنا اليومية. في فيلمه الأسبق، يتعرّض بطل الفيلم للسرقة فتنقلب حياته رأساً على عقب. في الثاني يجد بطلا الفيلم نفسيهما مثل حمامتين وسط الصقور. هنا السؤال حول كيف سنتصرّف إذا ما وجدنا أنفسنا بلا قدرة على ملء فراغ حياتنا بالترفيه.

بعض ركّاب تلك الطائرة معرّضون لحالة إفشاء الأسرار على العلن. من بينهم الزوجان كريستين دَانست ودانيال برول اللذان كانا يعيشان في شرنقة من الخداع العاطفي، فكل منهما خان الآخر في علاقات عاطفية جانبية.

من دون أن يكشف المخرج عن تفاصيل الحكاية ودور باقي الشخصيات فيها، فإن الفيلم (الذي يُصوّر حالياً في طائرة فعلية من دون مشاهد خارجية) هو عن عاصفة أخرى تضرب الطائرة ومن فيها.

على أن سرد الحكاية وحدها ليس من عادة المخرج أوستلند كما برهن سابقاً.

موضوع الترفيه (ذَ إنترتاينمنت) بوصفه وسيطاً بين الإنسان وعالم آخر يجذبه ولا يستطيع دخوله فعلياً هو أكثر من رمزٍ قائم لحالة أي منا قد يجد نفسه محروماً، لسبب أو أكثر، من متابعة الترفيه ليكون خطاً يسير متوازياً مع حياته الواقعية. بالتالي، قد نتعرّض، حين مشاهدة الفيلم، إلى السؤال الأصعب: ماذا لو أن السينما وأفلامها اختفت من الظهور؟ ماذا لو أدّى التقدّم التقني لتعطيل الإنترنت الذي بتنا نصرف عليه ساعات حياتنا الثمينة؟ إنهما سؤالان جديران بالطرح، وأوستلند يتولّى ذلك في «نظام الترفيه معطّل».