أفلام القضايا الساخنة التقطت الأوسكار

جوائزه وترشيحاته مالت صوبها

«قتلة ذَ فلاور مون» (باراماونت)
«قتلة ذَ فلاور مون» (باراماونت)
TT

أفلام القضايا الساخنة التقطت الأوسكار

«قتلة ذَ فلاور مون» (باراماونت)
«قتلة ذَ فلاور مون» (باراماونت)

كان لمشهد الصفعة التي تلقّاها رجل جنوبيّ أبيض، من تحرّي أسود في فيلم «في سخونة الليل» (In the Heat of the Night) في 1967 أثر كبير في الولايات المتحدة في فترة كانت قد شهدت اغتيال جون ف. كندي سنة 1963 ومالكولم إكس سنة 1965 ومن ثَمّ مارتن لوثر كينغ سنة 1968 ومظاهرات ضد الحرب الفيتنامية وأخرى ضد العنصرية.

نصح بعض أركان شركة «يونايتد أرتيست» المخرج نورمان جويسون حذف المشهد لأنه قد يُثير حساسية عنصرية لدى البيض، لكنه أصر عليه وحسناً فعل.

واحدة من نتائج هذه الصفعة كانت فوز الفيلم بعدد من الأوسكارات في 1968 من بينها أوسكار أفضل فيلم، وأوسكار أفضل سيناريو. لكن هناك خللاً ملحوظاً في الترشيحات التي لم يفز بها. مثلاً لا يوجد سبب مقنع وراء فوز رود ستايغر بأوسكار أفضل ممثل عنوة عن سيدني بواتييه (الذي لم يُرشّح أصلاً!)، ولا تمثيل ستايغر كان أفضل من تمثيل وارن بيتي في «بوني وكلايد». ولم يكن إخراج مايك نيكولز لفيلمه «المتخرّج» أفضل من إخراج نورمن جويسون أو إخراج آرثر بن لفيلم «بوني وكلايد».

لكن الثابث لليوم، أن «في سخونة الليل» أثبت أن الأفلام ذات القضايا الاجتماعية لها نصيب كبير في سباق الأوسكار قبل وبعد هذا الفيلم.

«لقتل طائر هازئ» (يونيفرسال)

أبيض- أسود

إذ تتوالى الأيام صوب 10 مارس (آذار)، حين ستُقام حفلة توزيع الأوسكار في مناسبته الـ94، فإن هناك احتمالاً لا يُستهان به من فوز فيلم «كيلرز ذَي فلاور مون» بأوسكار أفضل فيلم أو أفضل إخراج أو- ربما- بالأوسكارين معاً.

هذا من منطلق أنه أحد الأفلام المتنافسة على الأوسكار (في شتّى ميادينه) التي تحمل في طياتها قضايا اجتماعية. هذا لجانب فيلم «أميركان فيكشن» و«أوبنهايمر».

باقي الأفلام قضاياها إما ليست اجتماعية، كحال «منطقة الاهتمام»، أو شخصية المنوال، كما «مايسترو» و«حيوات ماضية»، و«أشياء مسكينة»، أو «المستمرون». أو بلا قضايا فعلية وفعّالة، مثل «باربي» و«تشريح سقوط».

لكن «أميركان فيكشن» لا أمل كبيراً له. رغم أنه يدور كذلك حول العنصرية في شخص كاتب أفرو-أميركي عليه، لكي ينجح، أن ينمّط شخصياته السوداء. أما «أوبنهايمر» فقضيّته سياسية وتاريخية وليست اجتماعية تماماً.

يفتح «كيلرز ذَي فلاور مون» تاريخاً مشيناً لقضية حدثت في الواقع عندما أخذ صاحب مصرف أبيض بالتخلص من أثرياء قبيلة السيوكس الذين اكتُشف النفط في أراضيهم، ومن ثَمّ ابتياع تلك الأراضي ليزيد من ثروته. الأحداث واقعية (تناولها فيلم واحد من قبل عنوانه The FBI Story)، حدثت في العشرينات وهي جزء محدود من سوء المعاملة التي تلقاها المواطنون الأصليون في القارة الأميركية منذ أن وصل كريستوفر كولومبوس إلى إحدى جزر الباهاما سنة 1492.

مثل «في سخونة الليل»، لم يكن للمخرج مارتن سكورسيزي (الذي مُنح جائزة تقدير خاصة في مهرجان برلين قبل أيام)، أن يوظف الفيلم للحديث عن التاريخ السابق لهذه الأحداث، لكن ما طرحه شكّل وعياً (لمن لم يدرك) الحادثة نفسها، مُفرّغة مما كان من الممكن له الاهتمام جدياً بالوقائع، عوض توظيفها لسرد الفيلم من وجهة نظر الشريرين في الفيلم وهم، روبرت دي نيرو وليوناردو ديكابريو، ثم إلحاق النهاية بمشهد ختامي للمخرج وآخرين يتولّون الكشف عن حلقة ذاتية كوميدية حول الموضوع.

جون فويت وداستین هافمن في «ميدنايت كاوبوي» (يونايتد آرتيست)

أوسكار لقضايا

لكن من ناحية أساسية، تعزز أفلام «كيلرز ذَي فلاور مون» و«أوبنهايمر» و«أميركان فيكشن»، حقيقة أن الأوسكار ذهب في سنوات عديدة سابقة لأفلام ذات قضايا مجتمعية حارة أو على الأقل ساخنة.

فإن اعتبرنا أن فوز «كل شيء هادئ على الجبهة الغربية» للويس مايلستون سنة 1930 سببه معاداته للحرب وليس لقضية اجتماعية أميركية، وهذا صحيح، سيبقى في البال أنه كان فيلماً جادّاً ومعادياً للحرب كيفما نظرنا إليه.

في سنوات لاحقة، بدأ الناخبون بتوجيه جوائزهم لأفلام القضايا الأميركية (وليس لمجرد أفلام أميركية مختلفة الاهتمامات والأنواع).

يندرج في ذلك «كل رجال الملك» لروبرت روزين الذي عاين قضايا الانتخابات والمصالح الفردية في أميركا، والذي نال أوسكار أفضل فيلم سنة 1950، نظرة للأفلام المنافسة له في ذلك العام تكشف أن الأفضلية ذهبت إلى فيلم لديه ما يحكيه عن الحياة السياسية في أميركا.

مثله في تطرّقه إلى النشاط السياسي في الولايات المتحدة، فيلم إيليّا كازان «على جبهة الميناء» (On the Waterfront) الذي خرج بجائزتي أفضل فيلم وأفضل إخراج من بين جوائز أخرى. كان فيلماً عن كيف تفرض اتحادات العمّال شروطها على العاملين في أسلوب أقرب إلى «البلطجة» منه إلى الرغبة في حمايتهم.

مرّة أخرى، الأفلام الأربعة المنافسة له («سبع عروسات لسبع أشقاء»، و«تمرد كاين»، و«فتاة الريف» و«ثلاثة نقود في النافورة»)، كانت أفلام تسلية وتاريخ بصرف النظر عن جودتها.

لكن الستينات وما بعد، هي الفترة الأكثر شفافية بالنسبة للطروحات الاجتماعية التي رُشّحت أو التي فازت فعلياً بأوسكار أفضل فيلم.

ففي عام 1963 كان من بين الأفلام المتنافسة «لقتل طائر هازئ» (To Kill a Mockingbird) لروبرت موليغان، فيلم يتناول التعصب المعادي للسود في إحدى الولايات الأميركية الجنوبية عن محام أبيض (غريغوري بك) ينبري للدفاع عن متهم أسود بريء مما نُسب إليه وينقذه من حبل المشنقة. صحيح أن «لورنس العرب» لديفيد لين، هو الجوكر الذي «قشّ» 7 أوسكارات في 1963، بينها أوسكار أفضل فيلم، إلا أن ذلك كان أمراً مفروغاً منه نظراً لفيلم عملاق كشأنه. لم ينجح الفيلم في دخول سباق الأوسكار فقط، بل احتلّ المركز الخامس في الـ«توب تين» لذلك العام.

بعد فوز «في سخونة الليل» سنة 1968 بعامين، أنجز «كاوبوي منتصف الليل» (Midnight Cowboy) الفوز الكبير. فيلم للبريطاني (الراحل) جون شليسنجر عن الحلم الأميركي المهدور من خلال رجلين يعملان في شوارع نيويورك. أحدهما وصل من بلدة «تكساسية» على أساس توظيف جاذبيته لمعاشرة النساء الثريات، والثاني يطلّ من جُحر الفقر الذي يعيش فيه. كلاهما يعمل على أمل بعض الثراء وبعض الكرامة الشخصية. لا يتحقق شيء من هذين الهدفين.

«زد» الفيلم السياسي الذي حمل اسم الجزائري أحمد راشدي، منتجاً، وكوستا-غافراس مخرجاً، فاز بأوسكار أفضل فيلم أجنبي.

في 1971 شاهدنا اقتراب فيلم «خمس قطع سهلة» لبوب رافيلسون عن إخفاق الفرد الأميركي في الانتماء وفقدانه هوية ذاتية ترضيه، من الفوز بين ترشيحات أفضل فيلم.

القنبلة الكبيرة

السبعينات والثمانينات بدوريهما كانتا محط سلسلة من الأفلام ذات القضايا مثل «نورما راي» لمارتن رَت، و«بلاتون» لأوليفر ستون، و«العودة للوطن» لهال أشبي، و«الوباء الصيني» لجيمس بريدجز. هذا الأخير كان موضع نقاش خرج عن نطاق الفيلم نفسه ليطرح إعلامياً وسياسياً ما طرحه الفيلم سينمائياً وهو، هل المفاعلات النووية في الولايات المتحدة معرّضة لتسرّب النووي بالفعل؟

صحيح أن الأيام وحدها لاحقاً أثبتت العكس، إلا أن النقاش الذي دار سنة 1979 كان كفيلاً بإظهار كم هو تأثير الفيلم على الحياة المجتمعية والسياسية إذا ما وفّر للمشاهدين مواضيع جادة ومهمّة.

هذا ما يعود بنا إلى «أوبنهايمر» لكريستوفر نولان، الذي يناوئ «كيلرز ذَي فلاور مون» من حيث إنه يتحدّث عن شخصية مخترع القنبلة وما يطرحه هو إذا ما كان أوبنهايمر قدّم للولايات المتحدة خدمة أو حمّلها وزر انفرادها باستخدام القنبلة إلى اليوم.

كل من فيلم سكورسيزي ونولان يستندان إلى وقائع، ولو أن هذا لا يعنى أن الفيلمين واقعيان، وما ستثبته الأيام القليلة المقبلة، هو أيّ منهما سيحوز الاهتمام الأكبر حيال موضوعيهما.‬

كل ذلك لا يعني مطلقاً أن الأفلام التي لا تكترث لحمل قضايا اجتماعية أو سياسية لم يكن لها وجود فعليّ في السابق أثمر عن نجاحاتها في خطف الأوسكارات المختلفة أو لن يكون لها الوجود نفسه في المستقبل. هذه لا يمكن أن تغيب لأن ما هو أعلى رواجاً يبقى حاضراً في كل دورة. ما هو مؤكد إلى حد بعيد، تكرار ظاهرة فوز أفلام القضايا عندما تكون هذه - بدورها - كبيرة ومهمّة وتستقطب من السوق اهتمام الجمهور العريض.

من هم المخرجون الأقرب للفوز عن أفلامهم المتسابقة للعام الحالي؟

1- كريستوفر نولان عن «أوبنهايمر».

2- مارتن سكورسيزي عن «كيلرز ذي فلاور مون».

3- ألكسندر باين عن «المستمرون».

4- غريتا غرويغ عن «باربي».

5- كورد جيفرسون عن «أميركان فيكشن».

6- يورغوس لانتيموس عن «أشياء مسكينة».

7- برادلي كوبر عن «مايسترو».

8- سيلين سونغ عن «حيوات ماضية».

9- جوستين ترييه عن «تشريح سقطة».

10- جوناثن غلازر عن «منطقة الاهتمام».


مقالات ذات صلة

أربعينات القرن الماضي تجذب صناع السينما في مصر

يوميات الشرق أحمد عز في لقطة من فيلم «فرقة الموت» (الشرق الأوسط)

أربعينات القرن الماضي تجذب صناع السينما في مصر

يبدو أن سحر الماضي دفع عدداً من صناع السينما المصرية إلى اللجوء لفترة الأربعينات من القرن الماضي بوصفها مسرحاً لأحداث أفلام جديدة.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق مهرجان القاهرة السينمائي لتنظيم ورش على هامش دورته الـ45 (القاهرة السينمائي)

«القاهرة السينمائي» يدعم صناع الأفلام بالتدريبات

أعلن «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» عن تنظيم مجموعة متخصصة من الورش لصنّاع الأفلام.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج معتز التوني يتوسط وأمينة خليل فريق العمل خلال العرض الخاص بالقاهرة (الشركة المنتجة)

«X مراتي» فيلم مصري جديد يراهن على «الضحك» فقط

يرفع الفيلم المصري «X مراتي» شعار «الضحك للضحك» عبر كوميديا المواقف الدرامية التي تفجرها قصة الفيلم وأداء أبطاله.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق  الحدث يهتم بالتنوّع البيولوجي والسينما (مهرجانات ريف)

انطلاق «مهرجانات ريف»... ومشكلات بيئة جنوب لبنان في الصدارة

تُعدّ «مهرجانات ريف» المُقامة في بلدة القبيات، الوحيدة لبنانياً التي تتناول موضوعات البيئة، فتضيء على مشكلاتها وتزوّد روّادها بحلول لمعالجتها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق حورية فرغلي (إنستغرام)

حديث حورية فرغلي عن حياتها الشخصية يلفت الانتباه في مصر

لفتت الفنانة المصرية، حورية فرغلي، الانتباه في مصر بعد حديثها عن تفاصيل في حياتها الشخصية، والسبب الذي لأجله قالت إنها «تمنت الموت».

محمد الكفراوي (القاهرة )

«تويسترز» جديد على قائمة أفلام الأعاصير

قلق في الفيلم الجديد «تويسترز» (يونيڤرسال)
قلق في الفيلم الجديد «تويسترز» (يونيڤرسال)
TT

«تويسترز» جديد على قائمة أفلام الأعاصير

قلق في الفيلم الجديد «تويسترز» (يونيڤرسال)
قلق في الفيلم الجديد «تويسترز» (يونيڤرسال)

يؤكد العلماء أن الأعاصير هي لقاءات عنيفة بين السماء والأرض. الغيوم الكثيفة والرعد وتصادم الهواء الساخن بالهواء البارد تؤدي إلى تشكيل إعصار قوي يتحرك لولبياً ويكبر حجماً مع انتقاله عبر السّهوب والأراضي المفتوحة بسرعة تتراوح ما بين 105 كيلومترات و322 كيلومتراً في الساعة، يتوقف ذلك على حجم الإعصار وقوّته.

في السينما تشكّل الأعاصير مادة فيلمية مثيرة. عادة ما تتحدّث عن أناسٍ سعداء. علماء يحذّرون. لا أحد يستمع إليهم. فجأة هناك إعصار يعصف بكل شيء. يحاول كلٌ النجاة بنفسه. البعض يقضي والبعض ينجو والإعصار يمضي.

بعد أيام قليلة سنشاهد نموذجاً من هذه الأفلام بعنوان «Twisters» لمخرجٍ غير معروف اسمه لي إيزاك تشونغ وضعت شركة يونيفرسال 200 مليون دولار تحت تصرّفه على أساس تحقيقه فيلماً كبيراً ونجاحاً يعيد للجمهور حب وفضول مشاهدة بشر وهم عالقون بين الحياة والموت.

من «تويسترز» مع هيلين هَنت في عين الإعصار (وورنر)

هناك باحثة أعاصير اسمها كايت (دايزي إدغار- جونز) تعمل على مشروع اختراع مادة كيماوية (تتحدث عنها باختصار حتى لا يسألها أحد عن التفاصيل) من شأنه الحؤول دون انتقال الإعصار بشكله اللولبي السريع من مكان ولادته إلى حيث تقبع بلدات ريف ولاية أوكلاهوما الصغيرة تحت رحمته. إلى المكان يأتي شابٌ مولع بالأعاصير اسمه تايلر (غلن باول)، والنزاع بينهما هو إعصار آخر ولو أن ذلك، وحسب أفضل الكليشيهات المعروفة، لن يمنع من تآلف وحب لاحقين.

أزمات اجتماعية

إنه فيلم مثير لكثيرين ليس بسبب قصّته بالضرورة، بل بسبب ضخامة الإعصار الذي يتولّى توفيره عبر الغرافيكس. وهو ليس أفضل فيلم عن الأعاصير في تاريخ هذا النوع الكوارثي من الأفلام إذ سبقته أفلام عديدة حتى من قبل أن يصبح لزاماً على الأفلام الاستعانة بالغرافيكس عوض ما كان يُعرف بالمؤثرات الخاصّة التي كانت تتم في المعامل وليس على أنظمة الكومبيوتر والشاشات الخضراء في الاستوديوهات.

بطبيعة الحال، دارت كل الأفلام التي تداولت هذا الموضوع في أرياف الولايات الوسطى والغربية. هناك مشاهد في أفلام درامية منذ الثلاثينات عندما قام ويليام كايلي بتحقيق فيلم «بلد الله والمرأة»، لكن سريعاً فيما بعد، صار بالإمكان مشاهدة أفلام تتمحور حول تلك الأعاصير.

سالي فيلد وعاصفة تقترب في «أماكن في القلب» (تراي ستار بيكتشرز)

تلك التي تمحورت حول الأعاصير لم تكن دوماً أفضل من الأفلام التي دارت حول مواضيع مختلفة ومن بينها إعصار كبيرٌ يزيد من وطأة الحياة في الربوع الريفية الأميركية.

نجد مثالاً بديعاً على ذلك في فيلم «كانتري» (Country) للمخرج ريتشارد بيرس، مع جيسيكا لانغ، وسام شيبارد. لم يتطرّق هذا الفيلم الجيّد إلى البيئة لأنها حينذاك لم تكن مطروحة كما حالها اليوم، بل دار حول إعصار من نوع آخر: بيروقراطية المؤسسات الحكومية التي عوض تقديم المساعدة للمزارعين المحليين تضع شروطاً تعجيزية حيالهم ما يجعلهم يعيشون وضعاً اقتصادياً صعباً.

في العام نفسه 1984، أنجز روبرت بنتون فيلماً اجتماعياً آخر حول الحياة الصعبة في الريف الأميركي في ثلاثينات القرن الماضي. سالي فيلد مالكة أرض صغيرة تحاول الاحتفاظ بها وسط ظروف الوضع الاقتصادي الصعب في تلك الفترة. هي في واحد من أفضل أدوارها على الشاشة يصاحبها في البطولة جون مالكوفيتس وإد هاريس وداني غلوڤر. هذا الأخير عرضة لحملة الكوكلس كلان ضد السود ثم الجميع عرضة لإعصار كبير يُراد له أن يتوّج كل تلك الأعاصير التي تتعرّض لها بطلة الفيلم.

طغيان الطبيعة

هذان الفيلمان كانا من بين مجموعة تضع الحكاية الفعلية في مقدّمة الكارثة الطبيعية التي على وشك الحدوث. نجاحها في ذلك كان عرضة لمسألتين: قوّة الحكاية البديلة ومدى أهمية الدور الذي يلعبه الإعصار المقبل كعنصر رمزي أو مؤثر.

وعلى نحو واضح، تؤم النسبة الأكبر من المشاهدين الأفلام التي تتحدّث عن المخاطر التي تحتل الأولوية عوض أن تبقى عنصراً مضافاً. وهناك كثير من هذه الأفلام كون العلاقة بين هوليوود والجمهور السائد اقتصادية في الدرجة الأولى.

هذا لا يعني أن أفلام «الأعاصير» رديئة. ككل نوع آخر، من الاقتباسات الأدبية إلى الملاحم التاريخية، هناك الجيد منها والرديء.

من بين ما عبّر جيداً عن الكارثة عندما تثور فجأة وتقتلع ما تستطيع اقتلاعه عن الأرض «تويستر»، الذي أخرجه جان دو بونت من بطولة هيلين هنت وبيل باكستونْ عالمان على طرفي نزاع يحاولان رصد الإعصار قبل أن يبدأ، لكنه أقوى مما يستطيعان مواجهته. في الفيلم مشاهد ما زالت قادرة على تحريك الانفعالات بين المشاهدين كما لو أنه من إنتاج اليوم.

من بين تلك الأفلام كذلك «في داخل العاصفة» (Into the Storm) الذي حققه ستيفن كوايل سنة 2014 حول باحثَين، كما حال الفيلم الجديد، يجدان نفسيهما وسط الإعصار... أو لنقل وسط الأعاصير التي تقع في وقت واحد وتقتلع أسقف المنازل والسيارات وما تستطيع حمله وإلقاءه بعيداً. الإعصار هنا وحش كامل المواصفات والمشاهد التي يمارس فيها أفعاله من أفضل ما عُرض على الشاشات.

بعض مشاهد هذا الفيلم لا تقبل التجاهل حين المقارنة مع عددٍ آخر من الأفلام الكوارثية ومن بينها الفيلم الجديد «تويسترز». إذا ما كانت النية تقديم الإعصار كغضب إلهي جامح وخطر يتجاوز كل المخاطر الطبيعية الأخرى في قوّته فإن فيلم كوايل أنجزه جيداً.

«تويسترز» الذي ينطلق لعروضه العالمية في 19 من الشهر الحالي، يكرّر توليفة ناجحة ولا يحاول تغييرها على أساس أن كل الأعاصير في نهاية الأمر واحدة. هذا غير صحيح والغالب أنه عذر مريح.