أفلام سِيَر شخصيات مع «توابل» لزوم الترويج

بعضها قريب من صحف الفضائح الصفراء

برادلي كوبر عازفاً في «مايسترو» (سيكيليا بردودكنز)
برادلي كوبر عازفاً في «مايسترو» (سيكيليا بردودكنز)
TT

أفلام سِيَر شخصيات مع «توابل» لزوم الترويج

برادلي كوبر عازفاً في «مايسترو» (سيكيليا بردودكنز)
برادلي كوبر عازفاً في «مايسترو» (سيكيليا بردودكنز)

شهدت صالات السينما خلال العام المنصرم ما لا يقل عن 20 فيلماً من نوع «السِّيَر الشخصية» أو «البيوغرافي»، وهو رقم قريب من عدد الأفلام التي عُرضت من هذا الفصيل في العام الأسبق، 2022 (نحو 18 فيلماً). أما عدد الأفلام السيوغرافية المتوقعة خلال العام الحالي، فمن الأرجح ألا تتجاوز الـ10 أفلام؛ لكن سواء تجاوزت ذلك الرقم أو لم تتجاوزه، فإن هذا النوع هو أحد الأنواع السائدة بين الإنتاجات الحالية، وهي مختلفة، من قصّة حياة إلى قصص من الحياة أو لفترة منها. هناك أفلام عن شخصيات مشهورة، وأخرى عن شخصيات لم نكن لنعرف عنها شيئاً لولا الأفلام التي صنعت عنها؛ وتتنوّع كذلك الفترات التاريخية من تلك الآتية من زمن بعيد، إلى تلك التي تنتمي إلى سنوات معاصرة.

عن الحب والحرب

في عداد الأفلام المتبارية للأوسكار هناك فيلمان روائيان من هذه الفئة هما الأميركيان «أوبنهايمر» و«مايسترو». في عداد الأفلام غير الروائية هناك 3 من ألأفلام الـ5 المرشّحة وهي، الفيلم الأميركي «بوبي واين: رئيس الشعب» (Bobi Wine‪:‬ The Peop‪le’s‬ President)، والتونسي «بنات ألفة» (مقدّم باسم Four Daughters)، والتشيلي «الذاكرة الأبدية» (La Memoria Infinita).

هناك فيلمان قريبان من السير الشخصية هما «نابليون» لريدلي سكوت، عن الحب والحرب في حياة نابليون بونابرت و«قتلة ذا مون فلاور» لمارتن سكورسيزي، الذي يعرض لشخصيات حقيقية بدورها.

ما تجتمع عليه هذه الأفلام وسواها هو، البحث في تاريخ بعض الشخصيات وحاضرها، التي تسجلها على أشرطتها. وبطبيعة الحال فإن الفيلم الروائي لديه هامش كبير من الخروج عن سيرة الحياة التي يختارها.

هذا اعتراف غير مباشر بأن قصّة حياة شخص مشهور، لنقل جون ف. كندي، أو سيغموند فرويد، قد تكون مملّة على الشاشة بحيث لا بد من رشّ بعض البهارات عليها لتصبح مقبولة. هذا يتضح جلياً مع فيلم برادلي كوبر عن حياة الموسيقار ليونارد بيرنستين في فيلم «مايسترو».

يلعب كوبر شخصية الموسيقار (1919- 1999)، الذي وضع موسيقى لمئات الأفلام والمسرحيات والأعمال التلفزيونية من بينها موسيقى «عصر البراءة» لسكورسيزي (1992)، و«زيت لورنزو» لجورج ميلر (1992)، ومن قبلهما «بوابة الجنة» لمايكل شيمينو (1980)، و«ويست سايد ستوري» لروبرت وايز (1961)، و«نافذة خلفية» لألفرد هيتشكوك (1954)، على سبيل المثال.

المشكلة هنا هي أن «مايسترو» حاول بيع حياة برينستين للجمهور، وهذا يعني أنه تغاضى عما يمكن اعتباره دراسة حياة أو جاذباً أكثر للجمهور: بعض ملامح الشخصية الاجتماعية، وحديثه عن الموسيقى، ومشهد له وهو منكبّ على تأليفها، ومن ثمّ قصّة الحب التي جمعته مع زوجته (كاري موليغان).

الأمر نفسه مع تناول كريستوفر نولان شخصية «أوبنهايمر» من حيث إنه جلب بعض المشاهد التي لم تقع فعلياً ولو لأمر لا علاقة له بالزينة مثل ذلك المشهد، الذي جمع بين أوبنايهمر وألبرت آينشتاين؛ إذا ما كان هناك سبب وجيه فهو بقي في نوايا المخرج ولم يظهر على السطح جيداً.

«جاسوس رحيم» (كارتمبكوين)

امرأة حديدية

لا يكترث فيلم نولان كثيراً للحديث عن أوبنهايمر يهودياً، ولو أن ذلك مذكور بطبيعة الحال، لكن «غولدا» حافل بهذا الجانب؛ هو فيلم بريطاني/ أميركي مشترك أخرجه غاي ناتيف عن حياة غولدا مايير خلال حرب 1973. المشهد هنا هو عن كيف تصرّفت رئيسة الوزراء الإسرائيلية خلال تلك الفترة العصيبة من زاوية تخليد ذكراها بصفتها امرأة إسرائيل الحديدية التي أنقذت دولتها من الدمار.

الصدى التجاري للفيلم كان هامداً. جلب 6 ملايين دولار من الدول التي عرضته تجارياً، لكن الصدى النقدي كان أسوأ منه. قال فيه الناقد البريطاني بيتر برادشو في «الغارديان»: «كفيلم حربي ممل على نحو مربك، كدراما سياسية هو بلا روح. أما كصورة شخصية لمايير فهو خامل ومصطنع».

الأميركي جوني ألكسينسكي في «نيويورك بوست» منح الفيلم نجمة واحدة وكتب: «منح المخرج فيلماً رخواً يوفر أسوأ أنواع السّيَر المنسية. هيلين ميرين تؤدي دورها بباروكة شعر على أمل أن يخفي الفيلم أسوأ تمثيل».

الفيلم ليس تماماً بهذا السوء، لكنه يعكس بعض المطبّات الصعبة للأفلام التي تسرد حياة شخصيات معروفة، وهو وضعٌ كاد أن ينجو منه فيلم مايكل مان «فيراري» (عن صانع سيارات فيراري الشهيرة)، لكنه لم يفعل تماماً مثله، في هذا الوضع قصّة حياة برسيليا بريسلي (زوجة المغني الذائع الصيت إلفيس بريسلي) الذي كان الأسترالي باز لورمان قدّم سيرة حياته في فيلم «إلفيس» في العام السابق.

حكاية برسيليا بريسلي في «بريسليا» (أميركان زوتروب)

خلطة

تلك اللمعة التي شوهدت في «مايسترو» و«برسيليا» و«غولدا» ومن قبلها في الأعوام القليلة السابقة «إلفيس»، و«تار»، و«أن نكون ريكاردوس»، و«سيرجيو»، و«حبيبتي فيفيان» جعلت من تلك السّيَر ما يشبه «السوب أوبرا» التلفزيونية (مسلسل تلفزيوني طويل)، وأحياناً، كما الحال في «هيتشكوك»، الذي ادّعى أن المخرج العظيم لم يصوّر «سايكو» بكامله، وكما حال «مانك»، الذي اقترح أن أورسون ويلز لم يكن له أيّ فضل يُذكر حين صنع «المواطن كاين».

الفيلم الذي تحاشى الانحدار بين ما عُرض مؤخراً لهذا المستوى هو فيلم مايكل مان «فيراري»، الذي كانت لديه مشاكل في خانات أخرى منه، لكن ليس من بينها الكثير مما يخرج كثيراً عن التقليد السليم لسرد قصّة حياة في فيلم روائي.

هذا على الصعيد الروائي، لكن عندما يأتي الأمر إلى تقديم شخصيات حقيقية في السينما التسجيلية أو الوثائقية، فإن المشاكل تختلف.

كبداية تختلط المسائل قليلاً بين أفلام تدور عن شخصيات حقيقية، وأخرى في رحى أماكن لا بدّ لها أن تسرد ما له علاقة بشخصيات معيّنة.

هناك فيلم رائع لمخرج اسمه حسن فرحاني بعنوان «143 شارع الصحراء»، ينتمي إلى تلك الأفلام التي تتحدث عن شخصيات حقيقية، لكنه ليس بيوغرافياً، بل تسجيلاً حاضراً لحياته. إنه عن امرأة غير متزوّجة (ولا تأبه لذلك)، تعيش وحيدة في دكانٍ يقع في شارع صحراويّ، تبيع فيه الطعام لمن يريد التوقف بشاحنته أو سيارته لتناول الطعام. ما يوفره الفيلم في نحو ساعة ونصف الساعة هو، متابعة الحياة اليومية لهذه المرأة والاستماع إلى الحوارات التي تدور بينها وبين سائقي الشاحنات غالباً، (هناك مسافرة وحيدة من فرنسا تتوقف لبضع دقائق ثمينة)، وتكوين صنفٍ من الحياة في جوٍ خاصٍ ومثيرٍ للاهتمام. لكن الحدود مغلقة أمام هذا الاختيار. لا يستطيع الفيلم الخروج من موقع المرأة مشهدياً كونه مرتبطاً بها وحدها. وهي لا تسافر ولا تنتقل إلا قليلاً. نلحظ اتكالها على الغيب وعدم انشغالها، (ظاهرياً على الأقل)، بما قد يؤول إليه مستقبلها.

هذا الفيلم من نوع أمد أشهر الأفلام التسجيلية في التاريخ وهو «نانوك الشمال»، حققه روبرت ج. فلاهرتي سنة 1922 عن رجل وزوجته يعيشان فوق ثلوج القطب الشمالي متابعاً حياتهما الصعبة.

الجزء المتعلق بحياة أناسٍ على نحو الإبحار في سير حياتهم ولو لفترة معيّنة يتقدّمها في الأشهر الأخيرة «جاسوس رحيم» (A Compationate Spy)، الذي يكشف عن جاسوس أميركي سرّب للاتحاد السوفياتي خلال الخمسينات، أسراراً مكّنت الروس من بناء سلاحهم النووي. عندما سُئل عن السبب قال، إنه أدرك أن السلاح بيد دولة واحدة خطير، أمّا بيد دولتين فهو خطوة للسلام.

للطّرافة ربما، أن الجاسوس ثيودور هول كان يعمل في «مانهاتن بروجيكت»، الذي كان أوبنهايمر أسّسه وأشرف عليه (ويرد ذكره في فيلم «أوبنهايمر»).

المخرج ستيف جيمس لديه فيلم بديع آخر يدور حول شخصية حقيقية التقطها في الوقت المناسب. الفيلم هو «الحياة نفسها» (Life Itself)، وهي عن حياة الناقد السينمائي روجر إيبرت وعن مهنته التي امتدت لأكثر من 30 سنة وجعلته واحداً من أشهر الأسماء النقدية حول العالم.

عشرة أفلام رائعة تداولت شخصيات حقيقية

1- Andre Roublev ★★★★★ رائعة أندريه تاركوفسكي عن حياة فنان الأيقونات في القرن الـ15 (1966)

2- Bound for Glory ★★★★ عن حياة المغني الأميركي وودي غوثري في فترة البؤس الاقتصادي في الثلاثينات (1976)

3- Capote ★★★★ المؤلف ترومان كابوت مستجوباً قاتلين فعليين لوضع كتابه «في دم بارد» (2005)

4- Coal Miner’s Daughter ★★★★ قصة حياة ابنة عامل منجم لوريتا لين، التي تحوّلت إلى مغنية ناجحة. إخراج مايكل أبتد (1980).

5- Danton ★★★★★ معالجة المخرج أندري فايدا لأحداث ما بعد الثورة الفرنسية وإعدام دانتون لوقوفه ضد ما يدور (1983) 6

- Elephant Man, The ★★★★ فيلم ديفيد لينش الداكن حول رجل ولد بخرطوم وعانى مِن معاملته غير الإنسانية (1983) 7

- The Fog of War ★★★★★ فيلم تسجيليّ عن حياة وزير الدفاع الأميركي روبرت ماكنامارا. إخراج إيرول موريس.

8- Malcolm X ★★★★ معالجة سبايك لي للمعارض مالكولم إكس الذي اعتنق الإسلام ودعا إلى دحر العنصرية (2003) 9

- Pat Garrett and Billy the Kid ★★★★★ الأفضل بين عشرات الأفلام عن الشريف غاريت والمجرم كيد. حققه سام بيكنباه بدفق شعري (1973).

10- Raging Bull ★★★★ دراسة درامية - نفسية من إخراج مارتن سكورسيزي عن الملاكم جيك لاموتا في الحلبة وحياته الخاصة (1980)


مقالات ذات صلة

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

يوميات الشرق انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

تقع أهمية النسخة الـ10 من المهرجان بتعزيزها لدور الصورة الفوتوغرافية ويحمل افتتاحه إشارة واضحة لها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)

البازعي: «جائزة القلم الذهبي» متفردة... وتربط بين الرواية والسينما

بدأت المرحلة الثانية لـ «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» لتحديد القائمة القصيرة بحلول 30 ديسمبر قبل إعلان الفائزين في فبراير.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يوميات الشرق فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

أكد الفنان السعودي فهد المطيري أن فيلمه الجديد «فخر السويدي» لا يشبه المسرحية المصرية الشهيرة «مدرسة المشاغبين» التي قدمت في سبعينات القرن الماضي.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تجسّد لبنى في «خريف القلب» شخصية السيدة الثرية فرح التي تقع في ورطة تغيّر حياتها

لبنى عبد العزيز: شخصية «فرح» تنحاز لسيدات كُثر في مجتمعنا السعودي

من النادر أن يتعاطف الجمهور مع أدوار المرأة الشريرة والمتسلطة، بيد أن الممثلة السعودية لبنى عبد العزيز استطاعت كسب هذه الجولة

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ45 «تشريفاً تعتز به».

انتصار دردير (القاهرة )

شاشة الناقد: أزمات لا تنتهي

«الفتاة ذات الإبرة» (نوردسك فيلم برودكشنز)
«الفتاة ذات الإبرة» (نوردسك فيلم برودكشنز)
TT

شاشة الناقد: أزمات لا تنتهي

«الفتاة ذات الإبرة» (نوردسك فيلم برودكشنز)
«الفتاة ذات الإبرة» (نوردسك فيلم برودكشنز)

★★★ THE GIRL WITH THE NEEDLE‪,‬

أزمات لا تنتهي لامرأة في قاع الحياة

اهتمامات المخرج مانغوس ڤون هورن بالقضايا الاجتماعية قادته إلى كتابة هذا السيناريو المُعتم عن حالات يائسة تمرّ بها بطلة الفيلم تباعاً منذ بداية الفيلم وحتى دقائق قليلة قبل نهايته. سابقاً ما اهتم بمسائل مجتمعية في «أبدية» (Here After)، و«عَرق» (Sweat)، و«من دون ثلج» (Without Snow)، لكنه لم يسبق لأي من أفلامه أن تميّزت بهذا القدر من السوداوية التي يأتي بها في فيلمه الجديد.

كارولين (ڤِك كارمن سون) امرأة فقيرة تعمل في مصنع نسيج تعيش في شقة وزوجها غائب ولا خبر عنه. تقع الأحداث مباشرة بعد الحرب العالمية الأولى. هي لا تعرف أن زوجها ما زال فعلاً على قيد الحياة وترتبط بعلاقة مع ثري يملك مصنعاً والآن هي حامل منه. فجأة يظهر زوجها بقناع من الجلد يغطي وجهه المشوّه. تطرده من البيت وتخفي عن عشيقها عودة زوجها وتطلب منه الزواج بها. يوافق لكن والدته تطردها. هذا النصف الأول من الفيلم بالغ القتامة لكن النصف الثاني أكثر منه بؤساً. بعد مشّقات عدّة تضع طفلها ثم تمنحه لامرأة تُتاجر بالأطفال. هذه تضمّ إليها أطفالاً لا تود الأمهات الاحتفاظ بهم وتقتلهم لاحقاً. بينهم طفل كارولين من حيث لا تعلم في بداية الأمر.

تُتابع المآسي والأزمات، مادية وعاطفية وجسدية، لا يحوّل الفيلم إلى واحد من تلك الميلودراميات ولو أنه، في أحيان، يصبح أصعب من أن يتحمّله المشاهد لكثرة فواجعه. ما يمنعه من السقوط أداء الممثلة كارمن سون الجيد وحقيقة أن المخرج يربط حكايتها بإطار وثيق مع المجتمع الذي تقع الأحداث فيه. يوفر نظرة قاسية على كيف كان الوضع في كوبنهاغن وكيف كانت حياة فقرائها ولو أنه يختصّ، تبعاً لموضوعه، بالمرأة في هذا الإطار.

الصورة التي يرسمها للشوارع والمنازل والأزقة، وتلك التي تُوصم الشخصيات المحيطة ببطلته تزيد من قسوة الوضع الماثل. إلى ذلك، هذا فيلم بالأبيض والأسود عمداً وقصداً، مما يجعل الفيلم منفياً من دلالات يمكن للفيلم الملوّن الإيحاء بها. أبيض أسود (والأسود هنا أكثر بروزاً في التصوير) يلائم سوداوية الحكاية وحياة بطلتها.

هناك إصرار من قِبل المخرج على سرد حكاية لا أمل فيها (إلا في الدقائق الأخيرة) في فترة لم يكن للمرأة أي حقوق. لكن الجيد أيضاً هنا أن المخرج لا يقصد تقديم مقارنات أو الاحتفاء بقضية نسوية. يكفي الفيلم ما يسرده بعيداً عن السياسات الدارجة ليوصل رسالة تدمغ الحياة في تلك الفترة ضمن البيئة المجتمعية التي يتناولها.

• عروض مسابقة النقاد العرب للأفلام الأوروبية

★★ THELMA

ملحمة تاريخية بأسلوب ساخر

‫في فيلمه الثاني، من بعد «The Harder They Fall»، قبل ثلاث سنوات. يواصل المخرج جيمس صموئيل طريقته في اختيار نوع (Genre) لتقديم مضمون جديد فيه. استخدم في الفيلم السابق نوع الوسترن لتقديم حكاية تؤمها شخصيات أفرو-أميركية وخلفية من البيض الأشرار. كان فيلم وسترن سباغتّي لافتاً ينتمي إلى أفلام الغرب الأميركي التي تخلو من الواقع في أي معيار أو اتجاه. الفيلم الجديد هو فيلم ديني حول الفترة التي عاش فيها السيد المسيح في القدس (ولو أن التصوير تم في بلدة إيطالية تُشرف على جبال ووديان خضراء لا مثيل لها في فلسطين). في كلا الفيلمين يُزين المخرج الحكاية المعروضة بموسيقى راب وهيب هوب وبعض السول.‬

جون سكويب وريتشارد راوندتري في «ثلما» (باندواغون)

كلارنس (لاكيث ستانفيلد) يخسر، في مطلع الفيلم، سباق عربات أمام ماري المجدلية (تيانا تايلور). كان يأمل ربح السباق لكي يدفع دَينه لمرابي الذي منحه 29 يوماً للدفع. ينطلق، مع صديقه إليجا (آر جي سايلر)، بحثاً عن حل يحدّ من اعتناق المسيحية والانضمام إلى الحواريين الـ12 (على أساس أن يكون الـ13) هو الحل، لكن هؤلاء يشكّكون في إيمانه فينطلق لاستخدام حيلة على أساس أنه يستطيع إنجاز الأعجوبات كما المسيح نفسه، ولا بأس إذا ما أنجز بعض الربح خلال ذلك.

الفيلم يحوي كثيراً من الإشارات التي تستخدم التاريخ وولادة المسيحية كطرح أسئلة وتساؤلات حول المسلّمات من خلال حكاية بديلة لما توارثته المسيحية من قناعات وفي أسلوب ساخر. يذهب المخرج بحكايته في اتجاهات عدّة ليس من بينها ما يرتفع مستواه عن اتجاه آخر. هذه وحدة عمل بلا ريب لكنها تخفي رغبة في توفير «خلطة فوزية» لإيصال الرسالة البديلة التي في فحوى الفيلم.

أبطال هذا الفيلم، وباقي الشخصيات المساندة وكما في الفيلم السابق أيضاً، من السود (باستثناء القادة والحرس الرومانيين). لافت أن بعضهم يُدمن استخدام الحشيش والأفيون في ذلك الحين ولو أن هذا يأتي في عداد السخرية من التاريخ.

• عروض مهرجان صندانس