شاشة الناقد: Thelma and Louise****

ساراندون وديفيز: ثلما ولويز (مترو غولدوين ماير)
ساراندون وديفيز: ثلما ولويز (مترو غولدوين ماير)
TT

شاشة الناقد: Thelma and Louise****

ساراندون وديفيز: ثلما ولويز (مترو غولدوين ماير)
ساراندون وديفيز: ثلما ولويز (مترو غولدوين ماير)

ثلاثة أفلام من العهد الذهبي يُعاد إطلاقها على «البلو راي» معزّزة بإضافات تشرح تاريخها وأهميتها.

أفلام حصدت القبول النقدي آنذاك ولا تزال.

Thelma and Louise****

إخراج: ‪ريدلي سكوت‬ | دراما | الولايات المتحدة | 1991

إذ تتكاثر الأفلام الحديثة التي تتناول قضايا المرأة ورغبتها في الانعتاق من حكم الرجل وسُلطته، ما زال «ثلما ولويز» من بين الأفضل من تلك التي طرحت مثل هذا الموضوع، وبالنسبة لعدد من المؤرخين هو أفضلها بالفعل. دراما عن امرأتين (جينا ديفيز (ثلما) وسوزان ساراندون (لويز) لم تعدا قادرتين على تحمّل عالم يحتل فيه الرجل كل أركان الحياة. الأولى زوجة حقوقها مهضومة، يُشعرها زوجها بأنها أقل قيمة منه، والثانية تعمل نادلة في مطعم حيث تتحمل الإهانات والتحرشات وزلّات اللسان. الأولى هي البيت، والثانية هي العمل، وفي كلٍّ من المكانين معاناة من حياة مرتبطة بإخفاقات التواصل مع المجتمع على نحو متساوٍ. تقرران الهرب من كل شيء كوسيلة وحيدة لتحقيق الشعور بالحرية. بعد حين تدخلان حانة ويتبعهما رجل يتظاهر باللطف ويسأل ثلما أن ترقص معه. ويحاول بعد ذلك اغتصابها في موقف السيارات؛ تقاوم ولا يوقفه سوى طلقة نارية ترديه قتيلاً. المسدس هو القوّة التي حسمت الموقف، ومع أن القتل جريمة، إلا أن الجريمة كانت قد تأسست في محاولة ذلك الرجل اغتصاب المرأة التي راقصها.

هناك تداول حول هذه النقطة في الفيلم. لويز التي أطلقت النار سبق لها أن تعرّضت لتحرشات عديدة. تؤكد ثلما للويز أن عليهما الهرب لأن البوليس لن يتفهم الدوافع ولن ينظر إلى المسألة على أساس أن جريمة الاغتصاب تتساوى مع جريمة القتل.

هذا هو جانب واقعي آخر في قصّة لا تترك الأمور في سياق خطابي، بل تحدد عالماً غير عادل كما وصفته الكاتبة كالي خوري، وكما أخرجه ريدلي سكوت، الذي يتابع رحلة المرأتين صوب الحدود المكسيكية، مصوّراً المزيد من اختفاء المدن (وما تحتويه) صوب المزيد من الحياة الريفية. التوجه غرباً في الأفلام التي تصوّر الهرب من القانون، مشهود في أفلام عديدة على أساس الترميز بين مساحته المفتوحة ومفهوم الحرية. في «ثلما ولويز» هو سبيل وحيد للحرية التي بدأتا تشعران بها. لن يتجه الفيلم صوب وضع مثلي بينهما (كما تفعل أفلام اليوم مدمّرة بذلك صرح ما تتكلم عنه) بل لتوطيد صداقة تُساعد فيها كل امرأة الأخرى وتؤازرها.

لكن البوليس (يمثّله هارفي كايتل) يصل إليهما. ستفقدان الحرية حين تودعان السجن، والحل هو طلب الحرية الأقصى عبر الانتحار بسيارتهما من فوق حافة الجبل تجسيداً لبُعد عميق آخر في هذه التجربة.

عروض كريتريون

‪12 Angry Men‬ ***

إخراج: ‪سيدني لومِت‬ | دراما محاكمات | الولايات المتحدة | 1957

في مكان ما بين الجيد والممتاز، يحتل «12 رجلاً غاضباً» لسيدني لومِت درجته من التقييم، ليس هنا فقط، بل منذ أن حُقّق الفيلم وعرض قبل 66 عاماً. النسبة الغالبة هي، من عدّ مداولات 12 رجلاً يبحثون فيما إذا كان الشاب المتهم بقتل والده عمداً قد ارتكب الجريمة أم لا. الغضب هو الذي يشتعل بين معظم هؤلاء الرجال، لكن الجميع كانوا قد قرروا سلفاً بأن الجلسة لن تستغرق أكثر من دقائق يصدرون فيها قرار الإدانة. الجميع... باستثناء رجل واحد يؤديه هنري فوندا. بما أن الفيلم يخلو من أسماء شخصياته، فإن لكل واحد رقمه والشخصية الرصينة والحاسمة التي يؤديها هنري فوندا تحمل الرقم 8. الباقون (من 1 إلى 12) شخصيات مختلفة بخلفيات متباينة، جميعهم (باستثناء رقم 8) دخلوا غرفة الاجتماع واثقين من صدور الحكم بالذنب. بما أن القرار لا بدّ أن يحظى بموافقة الجميع وليس بالغالبية، يفاجأ جميعهم بأن رقم 8 لا يشاركهم الرأي، إذ يرى أن الشاب قد يكون بريئاً من التهمة. يُثير ذلك غضبهم (بعضهم يريد العودة إلى عمله وحياته بأسرع وقت ممكن) لكن 8 يبدأ بتفكيك الاحتمالات وفي كل مداولة يكسب شخصاً لصفّه.

من «12 رجلاً غاضباً» (أورايون بيكتشرز)

يقف الفيلم في صدارة أعمال مخرجه بلا ريب. إدارة دراما محكومة بغرفة اجتماعات وتوزيع الأدوار بين ممثلين عمالقة ليس من بينهم نجم سوى فوندا (الذي أنتج الفيلم)، أمر شاق يتطلب مهارة وحكمة. كلاهما، المهارة والحكمة، مارسهما سيدني لومِت بدراية، مستنداً إلى سيناريو جيّد وإلى صنف ممثليه مثل إد بغلي (Begley)، وجوزيف سويني، ولي ج. كوب، وجاك ووردن.

هو فيلم آسر يستدعي الانتباه إلى كل دقيقة منه. على ذلك، فإن بعض المفارقات لا يمكن لها أن تحدث. يخترق رقم 8 القواعد عندما يُخرج من جيبه سكيناً تشبه السكين التي استخدمت في الجريمة، ويقول إنه اشتراها من مكان قريب من موقع الجريمة، هذا من دون أن يلفت الفيلم الانتباه إلى حقيقة أن زيارة مواقع الجرائم بالنسبة للجان التحكيم الأميركية ممنوع. كذلك، وعلى الرغم من أن بعض النقد أشار إلى أن هناك صلة اتهام يوجهها الفيلم لمحاكمات مكارثي، إلا أن هذا ليس صحيحاً. في الواقع غضب الفيلم يبقى في محيط عنوانه من دون دلالات لخارج قاعة الاجتماع.

عروض كينو لوربر

Targets****

إخراج: ‪بيتر بوغدانوفيتش‬ | تشويق | الولايات المتحدة | 1968

في السنوات الأولى من حياة بيتر بوغدانوفيتش المهنية، جلس مع قمم من صانعي السينما الأميركية من خلال مقابلات طويلة ومركّزة يخرج منها القارئ، وقد فهم دوافع ومنحنيات وأساليب وطبيعة كل مخرج على حدة. مقابلاته شرحت من هو أورسن وَلز، وألفرد هيتشكوك، وأوتو برمنجر، وجون فورد، وهوارد هوكس وآخرين، كما ألقت الضوء على حقبة ما زال النقد ينهل من أفلامها وشخصياتها إلى اليوم.

أول فيلمين حققهما هما «أهداف» (1968)، و«آخر عرض سينمائي» (The Last Picture Show) (1971)، وكلاهما كان عن السينما والأفلام، خصوصاً «أهداف» الذي يُعاد إطلاقه مزوّداً بمقابلة يتحدّث فيها بوغدانوفيتش عن نفسه وفيلمه هذا.

«أهداف» (باراماونت بيكتشرز)

قبل عامين من بدء تصويره اشتغل بوغدانوفيتش مع المنتج روجر كورمان الذي منحه بعض المال ليحقق فيلمه الأول، وسمح له باستخدام الممثل بوريس كارلوف، الذي كان مديناً لروجر كورمان ببعض المال. هذا يفسر قصر الدور المسنود لممثل أفلام الرعب الشهير. هنا يؤدي دور ممثل ملَّ من أداء مثل هذه الأدوار، لكنه سيؤم ما يبدو تكريماً متواضعاً له في إحدى صالات الهواء الطلق. هناك على منصّة عالية يوجه شاب غامض بندقية القنص ويبدأ بإطلاق النار على مشاهدي الفيلم.

الحبكة أو العقدة (The Plot) بسيطة، لكن مدلولاتها كانت أبعد من مجرد فكرة لفيلم بوليسي شيّق. فالفترة نفسها هي التي شهدت سلسلة الاغتيالات السياسية (روبرت كندي، مارتن لوثر كينغ)، والفيلم هو رأي بوغدانوفيتش المناهض لشيوع بيع السلاح، الذي لا يزال موضع نقاش إلى اليوم. في لقطة من الفيلم نرى عنواناً لصحيفة يسلط ضوءاً إضافياً على هذا الوضع. يقول «المانشيت»: «شُبّان يقتلون ستة أشخاص في سوبر ماركت».

على تواضع إنتاجه وبساطة معالجته، «أهداف» (الذي قام على أحداث حقيقية) يبقى لليوم فيلماً خاصاً من بين أفلام المخرج الذي رحل قبل أكثر من عام بقليل.

عروض كريتريون

ضعيف* | وسط**| جيد ***| ممتاز**** | تحفة*****


مقالات ذات صلة

فنانون مصريون يتجهون للإنتاج السينمائي والدرامي

يوميات الشرق ياسمين رئيس مع أسماء جلال في مشهد من الفيلم (حسابها على «فيسبوك»)

فنانون مصريون يتجهون للإنتاج السينمائي والدرامي

انضمت الفنانة المصرية ياسمين رئيس لقائمة الممثلين الذين قرروا خوض تجربة الإنتاج السينمائي من خلال فيلمها الجديد «الفستان الأبيض».

أحمد عدلي (القاهرة )
سينما يبدأ الجزء الثاني من سجن آرثر فليك.. الصورة من صالة سينما سعودية حيث يُعرض الفيلم حالياً (الشرق الأوسط)

فيلم «الجوكر2»... مزيد من الجنون يحبس أنفاس الجمهور

يخرج آرثر فليك (واكين فينيكس) من زنزانته، عاري الظهر، بعظام مقوّسه، يسحبه السجانون بشراسة وتهكّم...

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق يشجّع المهرجان الأطفال والشباب في مجال صناعة السينما (الشرق الأوسط)

الشيخة جواهر القاسمي لـ«الشرق الأوسط»: الأفلام الخليجية تنمو والطموح يكبُر

الأثر الأهم هو تشجيع الأطفال والشباب في مجال صناعة السينما، ليس فقط عن طريق الإخراج، وإنما أيضاً التصوير والسيناريو والتمثيل. 

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق صورة تذكارية لفريق عمل مهرجان «الجونة» (إدارة المهرجان)

فنانون ونقاد لا يرون تعارضاً بين الأنشطة الفنية ومتابعة الاضطرابات الإقليمية

في حين طالب بعضهم بإلغاء المهرجانات الفنية لإظهار الشعور القومي والإنساني، فإن فنانين ونقاد رأوا أهمية استمرار هذه الأنشطة وعدم توقفها كدليل على استمرار الحياة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق البرنامج يقدم هذا العام 20 فيلماً تمثل نخبة من إبداعات المواهب السعودية الواعدة (مهرجان البحر الأحمر)

«سينما السعودية الجديدة» يعكس ثقافة المجتمع

أطلق مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي برنامج «سينما السعودية الجديدة»؛ لتجسيد التنوع والابتكار في المشهد السينمائي، وتسليط الضوء على قصص محلية أصيلة.

«الشرق الأوسط» (جدة)

فيلم «الجوكر2»... مزيد من الجنون يحبس أنفاس الجمهور

يبدأ الجزء الثاني من سجن آرثر فليك.. الصورة من صالة سينما سعودية حيث يُعرض الفيلم حالياً (الشرق الأوسط)
يبدأ الجزء الثاني من سجن آرثر فليك.. الصورة من صالة سينما سعودية حيث يُعرض الفيلم حالياً (الشرق الأوسط)
TT

فيلم «الجوكر2»... مزيد من الجنون يحبس أنفاس الجمهور

يبدأ الجزء الثاني من سجن آرثر فليك.. الصورة من صالة سينما سعودية حيث يُعرض الفيلم حالياً (الشرق الأوسط)
يبدأ الجزء الثاني من سجن آرثر فليك.. الصورة من صالة سينما سعودية حيث يُعرض الفيلم حالياً (الشرق الأوسط)

في أول 10 دقائق من الجزء الثاني من فيلم «الجوكر» (Joker: Folie à Deux)، يخرج آرثر فليك (واكين فينيكس) من زنزانته، عاري الظهر، بعظام مقوّسه، يسحبه السجانون بشراسة وتهكّم، والموسيقى التصويرية المعهودة للفيلم ترافق المشهد، ليرى الجمهور ما حدث له بعد القبض عليه في نهاية الجزء الأول من الفيلم الذي صدر عام 2019.. وتدريجياً، تتكشّف شخصية «الجوكر» الذي يتلبّس المُحطّم آرثر فليك.. فهل اختار هذا القناع العبثي بإرادته أم كان ذلك رغماً عنه نتيجة إصابته بالذهان النفسي؟

هذا السؤال هو ما يقوم عليه الفيلم الذي صدر في صالات السينما مساء الأربعاء، وأشعل حالة من الجدل المبكّر وسط الجمهور الذي انتظر نحو 5 سنوات صدور الجزء الثاني، وحملت الانطباعات الأوّلية مزيجاً من الامتعاض وخيبة الأمل بدت واضحة في الكم الكبير من التقييمات السلبية، مقارنة بما حصده الجزء الأول من استحسان جماهيري بالغ، لم يكن يتوقعه حينها المخرج تود فيليبس، خصوصاً أن الفيلم الجديد تضمن نحو 14 أغنية، ليكون فيلماً موسيقياً اقتسمت الغناء فيه ليدي غاغا مع واكين فينيكس، في مغامرة اختارها صُناع الفيلم لتجعله مختلفاً عن الجزء الأول بشكل كبير.

يُعيد الجزء الثاني إلى ذاكرة المشاهد الجرائم التي اقترفها آرثر فليك في قتله خمسة أشخاص، كان من أهمهم المذيع الشهير موراي فرانكلين (روبرت دي نيرو)، الذي ظهر معه في لقاء تلفزيوني مباشر، ما جعلها جريمة حيّة شاهدها الجمهور من سكان غوثام (مدينة خيالية أميركية) على البث التلفزيوني، ومن هنا تزداد قيمة المحاكمة التي تسيطر على أجواء الجزء الثاني، ويُسميها الفيلم «محاكمة القرن».

ولأنه في الجزء الأول من «الجوكر» تحولت شخصية آرثر فليك من رجل بائس ومكتئب إلى رمز للفوضى والشغب، جاء الجزء الثاني مختلفاً، إذ لا توجد تحولات جديدة في الشخصية، وكأن المخرج تود فليبيس أراد إدخال الجمهور وسط جمجمة هذا المضطرب، ما بين الألم والرقص والغناء والنظرات الصامتة والخيال الجامح، ليعود لفتح الملفات القديمة داخل المحكمة، مع استرجاع ما حدث واستجواب الشهود، للبت في الحكم، فإما أن يُعدم آرثر فليك وإما أن تتأكد إصابته بالمرض النفسي بما يخفف من الحكم عليه.

مشاهد المحاكمة تسيطر على معظم أجواء الجزء الثاني (إنستغرام الفيلم)

حب مشوّش

جاء الفيلم الجديد مليئاً بالأفكار غير المكتملة، من ذلك قصة حب آرثر فليك والشقراء لِي (ليدي غاغا)، فمنذ التقيا في حصة العلاج بالموسيقى لم يكن مفهوماً سر هذا الانجذاب السريع بينهما، وحين تتبيّن حقيقة «لي» يتجه الفيلم إلى مزيد من الألغاز، حيث لم تتضح دوافعها الحقيقية من ملاحقة آرثر، ولم يتأكد المشاهد هل كانت هي الأخرى مجنونة مثله أم كانت تستغله لأمر ما، أو ربما كان معظم المشاهد التي جمعتهما مجرد خيالات في رأس آرثر فليك.

وعلى الرغم من قلة مشاهد ليدي غاغا أو «لي» في الفيلم فإن دورها غيّر نسبياً من شخصية آرثر، حيث كانت تظهر بشكل عابر ومفاجئ في اللحظات الصعبة التي يعيشها، تحاكي جنونه وتمتدح اختلافه وتُظهر إعجابها به، لتصبح منطقة راحته الجديدة، التي يشعر معها بالأمان والثقة، مما سهّل عليه التخلي عن شخصية «الجوكر»، وهي الصدمة التي جعلت معجبيه يتحولون إلى أعداء، ليتجه الفيلم نحو نهاية معبرة جداً عن هذه المشاعر الثائرة ضده.

علاقة مضطربة تجمع في الفيلم بين واكين فينيكس وليدي غاغا (إنستغرام الفيلم)

السجّان والمحامية

شخصية السجّان السادي (بريندان جليسون)، والمشاهد التي جمعته مع آرثر فليك كانت هي الأقوى في الفيلم، ساعة يتهكم عليه، ثم يقدم له بعض اللطف العرضي، وبعدها يُهينه مباشرة، وكأنه يذكره بأن صلاحيات عمله -سجّاناً- تسمح له بأن يعطي ويأخذ دون اكتراث لما يشعر به الطرف الآخر، وهذا النمط من الشخصيات هي التي كان يخضع لها آرثر فليك دون أي مقاومة، لأنه قادر على التلاعب به بشكل مستمر.

على نقيض ذلك، قدمت كاثرين كينر دور المحامية بإتقان وتعاطف شديد، خصوصاً حين قبّلها آرثر بشكل سريع نتيجة نشوة لحظية شعر بها.. كانت الثواني الفاصلة بين ردة فعل المحامية وتصرفها محيّرة، وكأن ما حدث صدمها فعلاً.. هذا الذهول فسّر إيمانها التام بالازدواجية التي كانت تجمع بين الشخصيتين: المحطّم «أرثر فليك» والعبثي «الجوكر». وكأنها تذكرت أن الذي أمامها هو شخص مضطرب، فلا داعي لأخذ تصرفاته بجديّة.

الكثير من الأغنيات قدمها الجزء الثاني مع الأداء الراقص لبعضها (إنستغرام الفيلم)

ويبدو أن المخرج تود فليبيس تنبأ باكراً بأن شريحة كبيرة من الجمهور ستشعر بخيبة الأمل من شخصية آرثر فليك الانهزامية، حيث جسّد ذلك في مشهد نهاية المحاكمة، مع اعتراف الجوكر بفداحة ما فعل حين قتل خمسة أشخاص في الجزء الأول (سادسهم والدته التي كتمها بمخدة المشفى)، كان يعترف بانكسار وألم، مما جعل محبيه المكتظين داخل المحكمة ينسحبون بغضب، فلم يكن هذا الجوكر الذي أعجبوا به وبتمرده، بل شخص آخر خذلهم وخيّب أملهم، وبالتالي فقدوا تأييدهم له، وحتى «لي» التي كانت تدافع عنه، تخلّت عنه محتجة على تصرفه الانهزامي.

ورغم الجهد الكبير الذي بذله واكين فينكس في إنقاص وزنه والعودة إلى تقمّص شخصية المضطرب آرثر فليك، فإن غياب الكثير من عناصر شخصيته في الفيلم الجديد، منها اختفاء الضحك القهري الذي كان يعاني منه آرثر فليك، فبالكاد ضحك مرتين أو ثلاثاً في الجزء الثاني، بطريقة تبدو مؤلمة لكنها ليست متكررة كما هي شخصيته المعهودة. إلى جانب ميله للغناء في عدة مشاهد، فلم يترك المخرج هذه المهمة لليدي غاغا وحدها، بل شاركها فينيكس في الغناء، وهو الذي لم يغن نهائياً في الجزء الأول، مما جعل الأمر يبدو مربكاً لشخصية الجوكر التي عرفها الجمهور.

إلا أن هناك توقعات سينمائية مسبقة بأن يحقق الفيلم إيرادات جيدة في شباك التذاكر، خصوصاً بعد أن حقّق الجزء الأول منه أكثر من مليار دولار، ليصبح أول فيلم مصنف من فئة «أر» (R) -أي لا يصلح سوى للبالغين- الذي استطاع تحقيق هذا المبلغ الكبير.