هل حقق مشروع «سينما الشعب» أهدافه بمصر؟

بعد مرور عام على تدشينه

لقطة من فيلم تاج (الشركة المنتجة)
لقطة من فيلم تاج (الشركة المنتجة)
TT

هل حقق مشروع «سينما الشعب» أهدافه بمصر؟

لقطة من فيلم تاج (الشركة المنتجة)
لقطة من فيلم تاج (الشركة المنتجة)

قبل نحو عام انطلق مشروع «سينما الشعب» في مصر، الذي يهدف إلى تحقيق العدالة الثقافية لمحافظات الوجه البحري والصعيد التي يعاني بعضها من عدم وجود دور عرض سينمائي بها، وإتاحة الأفلام الحديثة بسعر تذكرة «رخيص نسبياً» بالمقارنة بأسعار تذاكر «المولات» والمجمعات التجارية بالقاهرة.

 

وقد بدأ المشروع بـ5 قاعات تابعة لقصور الثقافة، ثم زاد إلى 9 حتى أصبح الآن يمتلك 20 قاعة عرض، ويعد صاحب أرخص تذكرة سينما بمصر، إذ يبلغ سعر التذكرة 40 جنيهاً تنخفض إلى النصف في الحفلات الصباحية (الدولار الأميركي يعادل 30.90 جنيه مصري)، فهل حقق المشروع أهدافه؟

حضور جماهيري لافت لعروض سينما الشعب بمحافظات مصر (وزارة الثقافة المصرية)

 

المشروع الذي أطلقته وزارة الثقافة المصرية، يشهد تدفقاً كبيراً من الجمهور على قصور الثقافة والقاعات التي تعرض أفلام موسم عيد الأضحى الحديثة وهي «بيت الروبي» و«البعبع» و«تاج»، محققاً نحو نصف مليون جنيه إيرادات من شباك التذاكر خلال يومين من بدء موسم العيد.

 

ووفقاً لتامر عبد المنعم، مدير عام الثقافة السينمائية، بهيئة قصور الثقافة، والمشرف على «سينما الشعب» فإن المشروع يعتمد على عرض الأفلام الحديثة بسعر تذكرة في متناول يد المواطن العادي، مستهدفاً محافظات لم تصلها السينما بعد، ويعمل على زيادة قاعات العرض السينمائي في مصر، وتعظيم دخل الهيئة العامة لقصور الثقافة من هذا المشروع.

 

ويرصد عبد المنعم ما تحقق منذ انطلاق المشروع بالأرقام قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «المشروع حقق المعادلة الصعبة باستثمار قاعات قصور الثقافة، وبات لدينا 20 من دور العرض، 4 منها بالقاهرة والجيزة والإسكندرية، والباقي في محافظات بحري والصعيد وسيناء والوادي الجديد، وقد حققنا إيرادات بلغت 3 ملايين جنيه خلال العام الأول، وخلال يومين من عيد الأضحى وصلت الإيرادات إلى نحو نصف مليون جنيه، ومتوقع أن تصل مع نهاية أيام العيد إلى مليون جنيه».

 

لقطة من فيلم «بيت الروبي» المشارك ضمن مشروع «سينما الشعب» الشركة المنتجة

وبحسب عبد المنعم فقد حقق المشروع انتشاراً، واستقطب جمهوراً كان متعطشاً لمشاهدة الأفلام في السينما التي تحقق له متعة المشاهدة إلى جانب ثقافة يكتسبها، وقبل عرض الفيلم الرئيسي نعرض أفلاماً قصيرة، روائية وتسجيلية لشباب السينمائيين.

 

وأكد عبد المنعم على بقاء سعر تذكرة المشروع كما هو دون زيادة، لأن الهدف الرئيسي هو الوصول بعروض السينما لجمهور المحافظات. وأضاف: «نوجد الآن في الصعيد بمحافظات قنا وأسيوط والأقصر، وفي الوادي الجديد، وفي الدلتا ووجه بحري بالمحلة وطنطا والزقازيق وكفر الشيخ، وشبين الكوم، وفي العريش التي لم تشهد عروضاً للأفلام منذ 13 عاماً».

وتابع عبد المنعم: «المشروع حقق أهدافه بأكثر مما كنا نحلم، بحضور جماهيري كبير منذ افتتاحه، ونسعى أن يكون بكل محافظات مصر قاعة على الأقل لسينما الشعب لتحقيق مبدأ العدالة الثقافية».

 

من جانبها، ترى الناقدة ماجدة موريس أن مشروع «سينما الشعب» حقق خطوة مهمة في إتاحة عروض الأفلام لجمهور كبير خارج القاهرة، مؤكدة أنه لا يليق حرمان محافظات كاملة من مشاهدة الأفلام، مشيرة إلى أنه من المهم النظر بعين الاعتبار لسعر التذكرة، بحيث لا يتم رفعها تحت أي مسمى، مع ضرورة انتقاء الأفلام الجيدة، ولا بد من استمرار العروض حتى يعتاد جمهور المحافظات ارتياد السينما التي تؤدي دوراً ترفيهياً وتثقيفياً.

 

وشددت ماجدة على أنه يجب مساندة المحافظين لهذا المشروع وتقديم الدعم له، منوهة إلى أهمية استرجاع علاقتنا كشعب بالفن بكل صوره وأشكاله لرفع الوعي ومحاربة التطرف.

ووفقاً لكتيب «مصر في أرقام» الذي صدر عن جهاز التعبئة العامة والإحصاء، وطبقاً لآخر إحصاء تم عن عامي 2019 و2018 فإنه توجد 6 محافظات بلا دور عرض سينمائية واحدة، في الوقت الذي تستأثر به القاهرة بـ33 دار عرض سينمائي.

 

 


مقالات ذات صلة

ثلاثة أفلام تسجيلية تمر على أحداث متباعدة

يوميات الشرق من «واحد لواحد: جون ويوكو» (مركوري ستديوز)

ثلاثة أفلام تسجيلية تمر على أحداث متباعدة

«رايفنشتال» للألماني أندريس فايَل فيلم مفعم بالتوثيق مستعيناً بصور نادرة ومشاهد من أفلام عدّة للمخرجة التي دار حولها كثير من النقاشات الفنية  والسياسية.

محمد رُضا (ڤينيسيا)
يوميات الشرق السيناريست المصري عاطف بشاي (صفحته على «فيسبوك»)

الوسط الفني بمصر يودّع السيناريست عاطف بشاي

ودّع الوسط الفني بمصر المؤلف والسيناريست المصري عاطف بشاي، الذي رحل عن عالمنا، الجمعة، إثر تعرضه لأزمة صحية ألمت به قبل أيام.  

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق أنجلينا جولي في مهرجان ڤنيسيا (إ.ب.أ)

«الشرق الأوسط» بمهرجان «ڤنيسيا-4»... ماريا كالاس تعود في فيلم جديد عن آخر أيام حياتها

إذا ما كانت هناك ملاحظة أولى بالنسبة للأيام الثلاثة الأولى التي مرّت على أيام مهرجان ڤنيسيا فهي أن القدر الأكبر من التقدير والاحتفاء ذهب لممثلتين أميركيّتين.

محمد رُضا (فينيسيا)
يوميات الشرق جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» خلال مشاركتها في افتتاح مهرجان البندقية (الشرق الأوسط)

«البحر الأحمر السينمائي» تشارك في مهرجان البندقية بـ4 أفلام

تواصل «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» حضورها بالمهرجانات الدولية من خلال مشاركتها في الدورة الـ81 من مهرجان البندقية السينمائي بين 28 أغسطس و7 سبتمبر.

«الشرق الأوسط» (البندقية)
سينما جيمس ستيوارت في «انعطاف نهر» (يونيڤرسال)

كلاسيكيات السينما على شاشة «ڤينيسيا»

داوم مهرجان «ڤينيسيا» منذ سنوات بعيدة على الاحتفاء بالأفلام التي حفرت لنفسها مكانات تاريخية وفنية راسخة. ومنذ بضعة أعوام نظّمها في إطار برنامج مستقل

محمد رُضا‬ (ڤينيسيا)

فيلم آخر يفترض وقوع حرب أهلية في الولايات غير المتحدة

من «حرب أهلية»: خراب المدن ( Films A24)
من «حرب أهلية»: خراب المدن ( Films A24)
TT

فيلم آخر يفترض وقوع حرب أهلية في الولايات غير المتحدة

من «حرب أهلية»: خراب المدن ( Films A24)
من «حرب أهلية»: خراب المدن ( Films A24)

قبل 4 أشهر انطلق للعروض التجارية عالمياً، وبنجاح، فيلم «حرب أهلية Civil War»، الذي افترض أن حرباً بين فريقين أميركيين اشتعلت بعنف وقسمت البلاد إلى معسكرين، كما حصل في عام 1861 عندما وقعت الحرب الأهلية الأميركية الفعلية واستمرت 4 سنوات، ذهب ضحيتها مئات الألوف.

حروب افتراضية

هذا الأسبوع ينطلق فيلم آخر بعنوان «لعبة حرب War Game» ليتناول الموضوع نفسه. ماذا لو شهدت الولايات المتحدة حرباً أهلية جديدة؟ ما الذي سيحدث؟ كيف سيتصرّف أهل الحكم في البيت الأبيض والحكومة؟

في الحقيقة لم يسعَ فيلم أليكس غارلاند «حرب أهلية»، 2024، للافتراض. عالج موضوعه بوصفه حقيقةً محتمَلة الوقوع. لم يتطرّق مثلاً إلى كيف ولماذا، ولم يُجب عن أسئلة وتوقعات، بل استبدل بكل ذلك الحديث عن بذل سيدتين ورجلين من الصحافة جهدهم لنقل الحقيقة كما يجب لها أن تُنقل، وهذا يعني دخول المعترك وتحمّل المخاطر، بل دفع الأرواح فديةً لعمل ينقل إلى الجالسين أمام أجهزتهم التلفزيونية (أو شاشات الكومبيوتر)، ما يبذله الآخرون من مشاق ومخاطرَ لنقله.

«لعبة حرب» يفترض، بذلك يعالج المسألة من زاوية مختلفة، الفارق أن الفيلم الأول ينحى جانباً بموضوعه ولو أن هذا يعني توقعاً محدوداً لقيام حرب بين الأميركيين لأسباب سياسية.

«كابتن أميركا: حرب أهلية» (مارڤل استوديوز)

سياسيون ممثلون

الفيلم الجديد، للمخرجَين توني غربر وجيسي موس، يضع تصوّراً افتراضياً لنشوب تلك الحرب إثر انتخابات الرئاسة. ما إن يجلس الرئيس المنتخب في البيت الأبيض، ومن قبل أن يسخن مقعده الوثير تحته، يفتح منافسه جبهة ضدّه. لكلّ فريق أعوان ولكلّ منهما ذخيرته من السلاح والقوى العسكرية.

كلا الفيلمين استنتج احتمالات هذا الوضع من بين حيثيات فعلية مطروحة. تحديداً، صعود نجومية دونالد ترمب واحتمالات خسارته مجدداً في الانتخابات المقبلة، والإشاعات التي سادت أن حرباً أهلية ستقع بين بعض الولايات ضد ولايات أخرى. نوع من المواجهة المسلحة بين الديمقراطيين والجمهوريين.

في «لعبة الحرب» يضعنا الفيلم في المعضلة السياسية مباشرةً ومن خلال شخصيات سياسية وأمنية فعلية من بينها، ويسلي كلارك، ودوغ جونز، وستيف بولوك (الذي يؤدي دور رئيس الجمهورية المنتخب جون هوثام)، ولويس كولديرا. هناك ممثلون غير مشهورين بينهم روبرت ستريكلاند، مُزجوا بين الشخصيات الفعلية. ستريكلاند يلعب دور الرئيس الذي خسر الانتخابات بفاصل دقيق، لكنه ليس من النوع الذي يقبل النتيجة. الحرب ولا الهزيمة.

بعض المراجع من بينها (IMDb) عدّت الفيلم تسجيلياً. هو في حقيقته طبخة تجمع المنهج التسجيلي مع التفعيل الدرامي. من ناحية، لا يمكن اعتبار فيلم يقع في أي لحظة مستقبلية عملاً تسجيلياً، ناهيك بأن يكون وثائقياً أيضاً. لكن استخدامه شخصيات حقيقية (بعضها ظهر في برامج ومقابلات تلفزيونية متحدّثاً عن الأمن والسياستين المحلية والدّولية، ولعب دوره محافظاً أو حاكم ولايات) يجعله نوعاً من الافتراض المبرمج ليبدو تسجيلاً.

مجلس حرب وهمية في «لعبة حرب» (أنونيموس كونتنت)

بلا حكاية... بلا نتيجة

يتداول المجتمعون في غرفة العمليات التابعة للبيت الأبيض الوضع فيما لو حاولت المعارضة المسلحة انتزاع الحكم بالقوّة. تستمر المداولات 6 ساعات حاسمة، كان المطلوب خلالها وضع خطّة للقضاء على التّمرد المحتمَل. وضع المخرجان الخطة الزمنية لأجل إحداث تشويق وتوتر وهما ينجحان في ذلك إلى حدٍّ كافٍ، لكن كل شيء يتبخر في النهاية نظراً لأن القرار النهائي هو أن على الحكم أن يبقى كما هو وأن الحل هو للقيادة بصرف النظر عن أي مشكلة أمنية أو سياسية تقع.

مسرح الأحداث محدود بمكان واحد غالباً. هذا يجعل الفيلم يبدو أقرب إلى لعبة مسرحية لا كلعبة حرب أهلية. هم «ذي غود غايز»، الرجال الصالحون. الآخرون يوصفون بـ«المتطرفين». لكننا إذ نتابع فيلماً يبحث في هذه الاحتمالات نتابع لعبة فعلية كتلك التي يلعبها الأطفال على طريقة «أبطال وحرامية». فالمسألة الواضحة للجميع أن لا شيء جاداً يقع وأن الجانبين يمنحان المشاهد افتراضاً مُمثّلاً لا حقيقة له ولا يأتي بجواب شافٍ.

هو فيلم خالٍ من القصّة الفعلية يقوم على مبدأ «ماذا لو؟»، وهو مبدأ جيد ما دام هناك جواب عليه أو، على الأقل، عمق في الطرح. هذا على صعيد المادة التي يسردها الفيلم، أمّا على صعيد الحرفة نفسها فالوضع أفضل. حتى التمثيل من غير المحترفين يشارك في جعل الفيلم ترفيهاً صغيراً.

يجب ألا يغيب عن البال أن فكرة العودة إلى حرب كبيرة تقع في الولايات المتحدة في الزمن الحاضر وردت في أكثر من فيلم (وبعض الأعمال التلفزيونية)، كما حال «كابتن أميركا: حرب أهلية»، الذي أخرجه الأخوان أنطوني وجو روسو في غمار سلسلة الكوميكس الشهيرة. في هذا الفيلم الذي عُرض في عام 2016 فإن تلك الحرب نشبت بسبب الأمم المتحدة (هناك منصّات أميركية حالياً تعدّ الأمم المتحدة وكالة ذات مكائد ومآرب ضد الولايات المتحدة)، وقسّمت أبطال الكوميكس إلى فريقين كلٌّ في اتجاه مضاد للآخر.