السعودية ترصد 300 مليون ريال للاستثمار في الأفلام

بن دايل: أحد أسرع القطاعات الثقافية نمواً في المملكة

محمد بن دايل الرئيس التنفيذي للصندوق الثقافي السعودي (الصندوق الثقافي)
محمد بن دايل الرئيس التنفيذي للصندوق الثقافي السعودي (الصندوق الثقافي)
TT

السعودية ترصد 300 مليون ريال للاستثمار في الأفلام

محمد بن دايل الرئيس التنفيذي للصندوق الثقافي السعودي (الصندوق الثقافي)
محمد بن دايل الرئيس التنفيذي للصندوق الثقافي السعودي (الصندوق الثقافي)

كشف الصندوق الثقافي السعودي عن برنامج استثماري جديد في قطاع الأفلام بقيمة 300 مليون ريال سعودي (نحو 80 مليون دولار)، وإطلاق شراكة عالمية بصفته مستثمراً رئيسياً في صندوق يجمعه بمؤسسات دولية، وتدشين مرحلة جديدة من الاستثمار في الشركات والمشاريع في قطاع الأفلام وتمويلها، وبناء شبكة من رواد الأعمال وخبراء التوزيع، تُثري الحراك الثقافي السعودي وتمكّن صناع الأفلام وتسهم في تطوير البنية التحتية للقطاع.

يشهد قطاع الأفلام في السعودية مرحلة غير مسبوقة من الدعم والتطوير (الصندوق الثقافي)

وأطلق الصندوق الثقافي برنامجه الاستثماري الجديد، على مسرح مهرجان «كان» السينمائي المنعقد حالياً في فرنسا، وتشارك فيه جهات سعودية مختلفة لتعزيز توجهات جديدة لبناء قطاع أفلام سعودي فاعل ومتطور ومواكب لصناعة السينما العالمية.

وعقد الصندوق الثقافي اتفاقية من حيث المبدأ مع شركتي «ميفيك» و«رؤى ميديا فينتشرز» لإنشاء الصندوق الاستثماري الأول في قطاع الأفلام بقيمة 375 مليون ريال سعودي، وبمساهمة من الصندوق الثقافي بنسبة 40 في المائة من قيمة الصندوق للاستثمار في قطاع الأفلام بالمملكة، استكمالاً لجهود الصندوق الثقافي في تحفيز مساهمة القطاع الخاص للاستثمار في القطاع وتنمية موارده ليصبح محركاً رئيسياً نحو تحقيق التنوع الاقتصادي في المستقبل القريب.

قطاع الأفلام السعودي الأسرع نمواً

عبّر محمد بن دايل، الرئيس التنفيذي للصندوق الثقافي، عن سروره بإطلاق برنامج الاستثمار في الأفلام، وتحفيز القطاع الخاص للمساهمة في نمو قطاع نشط ومستدام للأفلام في السعودية ودعم الكوادر البشرية والاستثمار في مواهبهم وأحلامهم وفتح الفرص أمامهم للمنافسة في قطاعٍ واعدٍ ومتنامٍ.

وأكد بن دايل أن قطاع الأفلام السعودي هو أحد أسرع القطاعات الثقافية نمواً، في ظل طلب متزايد على المحتوى السينمائي في السعودية، الأمر الذي يحتّم دعم صنّاع المحتوى المرئي والشركات في القطاع، وهو ما يركز عليه برنامج الاستثمار الجديد الذي أطلقه الصندوق لتشجيع القطاع الخاص وتنمية دوره.

وأشار بن دايل إلى أن الصندوق الثقافي يخطط من خلال مسار الاستثمار لتحقيق الاستدامة الذاتية، وبناء قطاع أفلام فاعل وداعم لخلق واقع أكثر تطوراً في صناعة السينما بحلول عام 2030، لافتاً إلى أن الميزانية المخصصة لمبادرة تمويل قطاع الأفلام هي الأعلى بين كل المبادرات الفنية والثقافية في السعودية، ومن المنتظر أن تسهم المبادرة في تنمية المواهب الإبداعية وجذب الخبرات الأجنبية مما يجعل من المملكة مركزاً رئيسياً لصناعة الأفلام في المنطقة والعالم.

تتوق منظومة الأفلام السعودية إلى النمو وتعزيز جودة القطاع وازدهاره (الصندوق الثقافي)

بناء قطاع أفلام متطور بحلول 2030

يشهد قطاع الأفلام في السعودية مرحلة غير مسبوقة من دعم وتطوير القطاع والوصول به إلى السوق الدولية، وألقت مشاركات جهات سعودية متعددة ذات صلة بقطاع الأفلام وصناعة السينما، الضوء على توق منظومة الأفلام السعودية إلى النمو وتعزيز جودة القطاع وازدهار أعماله ومستقبله.

يُذكر أن الصندوق الثقافي أطلق في مارس (آذار) الماضي، برنامج الإقراض ضمن مبادرة تمويل قطاع الأفلام، والذي صمَّمه ليوفر حزماً تمويلية للدعم المادي للشركات الصغيرة والمتوسطة الداعمة للقطاع ومشاريع إنتاج وتوزيع الأفلام ومشاريع البنية التحتية، وذلك ضمن جهوده لدعم الاستثمار وتعزيز ربحية القطاع وتمكين المبدعين من تقديم مساهمات تُثري جودة الحياة.

فيما يطمح الصندوق من خلال برنامج الاستثمار لتحقيق الاستدامة الذاتية لبناء قطاع أفلام فاعل وداعم لخلق واقع أكثر تطوراً في صناعة السينما بحلول عام 2030، وتعزيز دور القطاع الخاص لقيادة الجهود الاستثمارية في القطاع.


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

قال الفنان المصري عصام عمر إن فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» يجمع بين المتعة والفن ويعبر عن الناس.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل الجزائري الفرنسي طاهر رحيم في شخصية المغنّي العالمي شارل أزنافور (باتيه فيلم)

«السيّد أزنافور»... تحيّة موفّقة إلى عملاق الأغنية الفرنسية بأيادٍ عربية

ينطلق عرض فيلم «السيّد أزنافور» خلال هذا الشهر في الصالات العربية. ويسرد العمل سيرة الفنان الأرمني الفرنسي شارل أزنافور، من عثرات البدايات إلى الأمجاد التي تلت.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق محمد سعد في العرض الخاص لفيلم «الدشاش» (الشركة المنتجة للفيلم)

هل استعاد محمد سعد «توازنه» بفضل «الدشاش»؟

حقق فيلم «الدشاش» للفنان المصري محمد سعد الإيرادات اليومية لشباك التذاكر المصري منذ طرحه بدور العرض.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تماثيل وقوالب من الفخار مصنوعة قبل الميلاد (مكتبة الإسكندرية)

«صناعة الفخار»... وثائقي مصري يستدعي حرفة من زمن الفراعنة

يستدعي الفيلم الوثائقي «حرفة الفخار» تاريخ هذه الصناعة التي تحمل طابعاً فنياً في بعض جوانبها، على مدى التاريخ المصري القديم، منذ أيام الفراعنة.

محمد الكفراوي (القاهرة)

بشير الديك كتب للسينما البديلة والسائدة معاً

أحمد زكي وآثار الحكيم في «طائر على الطريق»
أحمد زكي وآثار الحكيم في «طائر على الطريق»
TT

بشير الديك كتب للسينما البديلة والسائدة معاً

أحمد زكي وآثار الحكيم في «طائر على الطريق»
أحمد زكي وآثار الحكيم في «طائر على الطريق»

بشير الديك، كاتب القصّة والسيناريو لعدد كبير من الأفلام المصرية طوال العقود الأربعين الماضية، الذي توفي في اليوم الأخير من العام الراحل، 2024، كان أحد السينمائيين الخارجين عن قوانين السينما التقليدية في النصف الأول من سنوات مهنته. لكن على الرغم من أنه في النصف الثاني وقّع على أعمال كثيرة من التي يمكن وصفها بالتقليدية، ومن بينها 6 أفلام من بطولة نادية الجندي، فإنه واظب على معالجة نصوصه باحتراف يجمع بين حكايات تحمل مضامين تنتمي إلى نزعة جادة وتنشد ميزانيات كبيرة.

لعل حقيقة أن نادية الجندي كانت تصبو دوماً إلى أدوار تخلّدها وأفلام تحافظ عبرها على مكانتها لعب بشير الديك دوراً في تلبية هذه الرغبات عبر حكايات تشويقية في المقام الأول، وشخصية رئيسية مضخّمة وذلك في أفضل نصوص ممكنة ضمن التوليفة التجارية.

بدأ هذا التعاون على نحوٍ ثلاثي: بشير الديك يكتب، ونادر جلال يُخرِج ونادية الجندي تلعب دور البطولة. هذه الأفلام هي «الإرهاب» (1989)، و«شبكة الموت» (1990)، و«عصر القوّة» (1991)، ومن ثَمّ «مهمّة في تل أبيب» (1992)، و«الشطّار» (1993)، ولاحقاً «امرأة هزّت عرش مصر» (1995).

كمال الشناوي ونادية الجندي في «مهمّة في تل أبيب»

‫اتجاهان‬

بعد بدايات متفاوتة الأهمية من بينها «مع سبق الإصرار» لأشرف فهمي (1979)، و«دعوني أنتقم» لتيسير عبّود (1979)، و«الأبالسة» لعلي عبد الخالق (1980) التحق الديك ببدايات المخرج الراحل محمد خان عبر 6 أفلام هي «الرغبة» (1980)، و«موعد على العشاء» (1981)، و«طائر على الطريق» (1981)، و«نص أرنب» (1983)، و«يوسف وزينب» (1984) و«الحرّيف» (1984) وكلها من أفضل ما حققه خان.

تعامُل الديك مع الموضوعات الجادة التي عرفتها تلك الأفلام سمح له بكتابة واحد من أفضل أعماله وهو «سواق الأتوبيس»، الذي حققه الراحل عاطف الطيب سنة 1982، وكلاهما لاحقاً تعاونا على تحقيق فيلم مهم (أكثر مما كان جيداً) آخر هو «ناجي العلي» (1992). لجانبهما فيلم ثالث هو «ضد الحكومة» (1992) من بطولة أحمد زكي ولبلبة.

في تقييم كتابات بشير الديك تتداخل بعض العناصر التي يمكن إيجاز هذا التقييم عبرها.

من ناحية، حاول دوماً التطرّق صوب قضايا مهمّة تطرح قصصاً ذات جانبٍ وطني مثل «مهمّة في تل أبيب»، الذي دار حول جاسوسة مصرية تعمل لصالح إسرائيل، ومن ثَمّ تندم فتطلب منها الاستخبارات المصرية (ممثلة بكمال الشناوي)، العمل لحساب مصر وتنجح. «ناجي العلي» ينضم إلى هذا النحو من الأعمال.

السيناريست المصري بشير الديك (وزارة الثقافة)

في ناحية أخرى، لم يتأخر عن كتابة ما كان سائداً في الثمانينات والتسعينات من اتجاه صوب الحديث عن مراكز قوى في الشارع المصري والصراع بين الأخيار والأشرار. هذه الموجة لم تعرف بداية ونهاية محدودتين فتاريخها عريق يعود لعقود سابقة، لكنها عرفت في تلك الفترة تدافعاً بين المخرجين للحديث عن تلك المراكز في حارات القاهرة (في مقابل الكثير من صراع الخير والشر على ساحلَي بور سعيد والإسكندرية في أفلام الخمسينات والستينات) في أجواء ليست بعيدة عن الخط الذي وضعه نجيب محفوظ وشخصياته.

مخرجون عديدون حقّقوا هذه الأفلام التي شُكّلت حكاياتها من صراع القوى في الشارع المصري مثل أشرف فهمي («الأقوياء»، 1982)، وأحمد السبعاوي («السلخانة» 1982 و«برج المدابغ» 1983) وكمال صلاح الدين («جدعان باب الشعرية» 1983). لكن من مزايا ما كتبه بشير الديك في هذه الأعمال التي لاقت رواجاً جماهيرياً إنه كتب ما هو أعمق في دلالاته من قصص المعلّم الشرير ضد سكان منطقته وأزلامه الذين يتصدّون للأبرياء إلى أن يخرج من رحم تلك الحارة من يواجههم جميعاً.

بداية من «نصف أرنب» توّجه الديك إلى حكاية تشويقية ذات طابع بوليسي، وفي «سوّاق الأتوبيس» وقف مع ابن المدينة في موضوع حول تفتت المجتمع مادياً. أما في «الحرّيف» فنقل اهتمامه إلى الوسط المهمّش من سكان القاهرة وأحلامهم ومتاعبهم الشخصية.

‫هموم المجتمع‬

ما يجمع بين هذه الأعمال هموم تسلّلت إلى عدد كبير من كتابات بشير الديك السينمائية.

في مقابلة تمّت بين المخرج عاطف الطيب وبيني بعد مشاهدة فيلمه النيّر «سواق الأوتوبيس»، سألت المخرج عن كيف بدأ التفكير في تحقيق «سوّاق الأتوبيس». أجاب: «بدأت الفكرة في جلسة صداقة مع بشير الديك ومحمد خان. وكنا نتحدث بشأن همومنا وطموحنا الخاص لصنع سينما أخرى مختلفة، وكانت الظروف الحياتية نفسها تجمعنا كلنا تقريباً. فقد كنت أشعر في ذلك الوقت بالذنب إزاء فيلمي الأول (يقصد «الغيرة القاتلة»، 1982)، الذي اضطُرِرت فيه إلى الاعتماد على سيناريو مأخوذ عن أصل أدبي (أجنبي) رغم إيماني الدائم بضرورة الكتابة المباشرة للسينما. اقترح محمد خان وبشير الديك فكرة وُضع لها عنوان: (حطمت قيودي)، تدور حول عائلة مهدّدة بالضياع نتيجة فقدان الأب للورشة التي أسسها وبحْثُ الابن، سائق الأتوبيس، عن مخرج من الأزمة بلا جدوى وأعجبتني الفكرة، خصوصاً أنني أميل كثيراً إلى الدراما التي تدور في نطاق عائلة. وبدأنا بالفعل في تطوير الفكرة خلال الكتابة وتبادل الآراء. وكنا كلما نتعمق في الموضوع تتضح لنا أهمية الفكرة التي نريد التعبير عنها. في الكتابة الثانية للسيناريو، وصل الفيلم إلى ما أصبح عليه».

كتب بشير الديك نحو 60 فيلماً ومسلسلاً تلفزيونياً، معظمها جمع هذه الصفات المجتمعية على نحو سائد أو مخفف. هذا ما جعله أحد أبرز كتاب السيناريو في مصر في حقبة كان للسينما البديلة والمستقلة عن السائد دور فاعل في نهضة الفيلم المصري عموماً.

مع الطيّب وخان ورضوان الكاشف ورؤوف توفيق وخيري بشارة ورأفت الميهي وسواهم، ساهم بشير الديك في منح تلك الفترة مكانتها الساطعة التي لا تغيب.