ترتبط العاصمة الفرنسية باريس بصورة ذهنية حالمة لدى كثيرين حول العالم، فهي مدينة الحب والرومانسية، ومقصد العشاق، وعاصمة النور، والثقافة والمتاحف والمسارح، كما يلقبها كثيرون، كما أنها موطن الموضة ووجهة مفضلة للباحثين عن ذكرى خالدة على ضفاف نهر السين أو بجوار برج إيفل، لكنها تتحول في الفيلم المصري «رمسيس - باريس» إلى خلفية لعملية سطو تتسم بالطابع الكوميدي، حيث يخوض مجموعة من «اللصوص الظرفاء» مغامرة مجنونة لسرقة أحد أشهر كنوز العالم الثقافية.
وتلعب المفارقة دوراً حاسماً في الفيلم، الذي يعرض حالياً ضمن الموسم السينمائي بمصر على كل المستويات، بداية من العنوان نفسه الذي يلعب على المرجعية الذهنية لمحطة رمسيس باعتبارها محطة رئيسية للركاب في القاهرة تتفرع منها خطوط مواصلات مثل «رمسيس - العتبة»، و«رمسيس - فيصل». وتبرز السخرية هنا حين يتم استبدال اسم الأحياء الشعبية باسم المدينة الأشهر عالمياً التي أطلق عليها عميد الأدب العربي د. طه حسين اسم «مدينة الجن والملائكة».
تقوم الحبكة الأساسية في الفيلم على ثلاثة أنماط إنسانية متباينة تجمع بينها غرابة الأطوار وثقافة الحي الشعبي بقاموسه ومفرداته الخاصة، حيث يلتقي «الششتاوي باشا»، لعب دوره الفنان حمدي الميرغني، مع كل من «سلخة» وهو تاجر مخدرات صغير أو «ديلر» مبتدئ، جسد شخصيته الفنان محمد ثروت، و«هدهد» وهو ملاكم يمارس رياضته المفضلة في المناطق الشعبية باعتبارها مصدره الوحيد للحصول على الدخل، وهي الشخصية التي قدمها الفنان محمود حافظ. يصبح «الباشا» هو المرآة الحقيقية التي يرى فيها الاثنان فشلهما في تحقيق حلم الثراء أو على الأقل الحد الأدنى من الحياة الكريمة. على هذه الخلفية، تولد فكرة مجنونة تتمثل في السطو على لوحة «الموناليزا» التي تحظى بشهرة عالمية وتخضع لحراسة مشددة في متحف «اللوفر» بباريس.
كي يكتمل التشكيل العصابي، لا بد من وجه نسائي جميل لسيدة تملك مهارات خاصة في التلاعب بالآخرين بحيث تتمكن في النهاية من فتح الأبواب المغلقة. تتوفر تلك المعطيات في «حنين» وهي الشخصية التي لعبتها الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي.
تدور الأحداث في أجواء فانتازية خيالية لا سيما في طريقة انتقال الشخصيات من مصر إلى فرنسا، حيث يراهن صناع الفيلم الذي كتبه كريم حسن بشير وأخرجه أحمد خالد موسى وفكرة الفنان محمود حجازي، على «خلطة سينمائية» تتمثل في فكرة الجميلة وثلاثي الضحك الذين ينضم إليهم لاحقاً كضيفي شرف كل من الفنانين مصطفى خاطر ومحمد أسامة، ويظل الفنان محمد سلام مفاجأة العمل، حيث ظهر في دور جاد على عكس توقعات الجمهور الذي يعرفه كممثل كوميدي.
وظهر الفنان محمود حافظ معتمداً على ضخامة جسده ونبرة صوته الخشنة المميزة في تقديم شخصية الملاكم الفاشل، أما محمد ثروت فيمارس هوايته القديمة في تقليد الكوميديان الراحل سمير غانم في ارتداء الملابس المبهرجة والإكسسوارات العجيبة لا سيما النظارات الشمسية والسلاسل الضخمة المتدلية من الرقبة على نحو يبعث على الابتسامة.
وقال الناقد الفني أحمد سعد الدين لـ«الشرق الأوسط»: «تكرر ظهور الفنانة هيفاء وهبي فنياً، بشكل نمطي لا يتجاوز فكرة أنها سيدة جميلة، بينما لم يحاول أحد من المخرجين إعادة اكتشاف قدراتها كممثلة، باستثناء المخرج خالد يوسف في فيلم (دكان شحاتة)، إنتاج 2009 حيث ظهرت النجمة اللبنانية في إطار تمثيلي مقنع» على حد تعبيره.
وأضاف قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «الفيلم يمكن تصنيفه لايت كوميدي وجاء سريع الإيقاع، ولم يقع في فخ الرتابة والتكرار، وفي الجزء الأول من العمل تميل صناعة الضحك إلى الإفيهات والتباري في إطلاق النكات، أما في الجزء الثاني حيث تجري الأحداث في فرنسا، يعتمد الضحك أكثر على كوميديا الموقف الناجمة عن مفارقة رؤية باريس بعين شعبية مصرية، وكذلك تنكر الشخصيات وهي تسعى لسرقة اللوحة لا سيما حمدي الميرغني الذي كان مضحكاً وهو متنكر في زي امرأة تفتقد للأنوثة ومع ذلك تعاير الأخريات بسبب جمالها».