هي صاحبة باع طويل في عالم إخراج الأغاني المصورة، وتتمتع رندلى قديح بتجارب فنيّة مشهورة. وبعد معاصرتها أهم المغنين في لبنان والمنطقة، تعود اليوم إلى مكانتها مزودة بزخم التطور. وتعترف لـ«الشرق الأوسط» بأنها بدّلت في أسلوبها الإخراجي وانكبّت على عالم الـ«سوشيال ميديا».
أحدث أعمالها التصويرية «آمان» لعزيز عبدو. معه شكّلت ثنائياً معروفاً على الساحة. فقد سبق أن تعاونت معه في أكثر من عمل؛ كان الأول «جو جنون».
وتصف الفنان عزيز عبدو بـ«صاحب الحضور الجريء والصوت الجميل»، وبأنه يعرف كيف يختار أغنيات تناسب شخصيته الشبابية. وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «أعماله تلاقي اليوم رواجاً كبيراً في لبنان والعالم العربي، ويطعّمها بالإيقاع الغربي، فتمزج بين موسيقى الشرق والغرب».
في رأيها أن الكليب الغنائي لا يزال حاضراً على الساحة، ولكن بأسلوب جديد. وتوضح: «يتجه الفنانون أكثر اليوم نحو كليبات الـ(ليريكس). وأعني بذلك تلك المرتكزة على صور للفنان مرفقة بكلام الأغنية. ولكن من ناحية ثانية لا يزال هناك كمّ من القنوات التلفزيونية يهتم بالترويج لفيديوهات الأغاني. قد تكون ميزانيات وتكلفة الكليب المالية قد تقلّصت؛ ففي الماضي القريب كانت تدفع مبالغ طائلة لإخراج عمل من هذا النوع. اليوم باتت الميزانيات خجولة، لا سيما أن شركات الإنتاج وضعت خطة جديدة لها في هذا الإطار».
تشير قديح إلى أن «مزاج الناس تغيّر، وهو ما انعكس على موضوعات الفيديو كليب. كما أن موجة مخرجين جدد انتشرت على الساحة العربية، وهو ما سمح بتلوين الساحة بنبض شبابي جديد». وتتابع في سياق حديثها: «هناك أسماء لافتة وتقدّم جرعات إبداع يُثنَى عليها. وفي المقابل، هناك عدد آخر حاول، ولكن تجربته باءت بالفشل».
تجربتها الغنية في عالم الإخراج لم تُثنها عن البحث عن التطور؛ كما تقول... «فالإنسان عليه الاجتهاد ومواكبة كل جديد في أي مهنة يمارسها». ومن ناحيتها، فقد دأبت في المدة الأخيرة على التغيير، وتوضح: «أعتقد أن الجميع ممن يتابع أعمالي يلاحظ هذا التغيير. لقد بدّلت في أسلوبي، لا سيما أن البساطة هي المطلوبة اليوم. كما أن نضوجي أسهم في هذا التغيير بفعل خبرات متراكمة. ولعبت التكنولوجيا المتطورة دورها، وصرت أتماشى أكثر مع شخصية الفنان؛ فهو أيضاً تغيّر مزاجه وصارت لديه أهدافه وقناعاته بشكل يختلف عن الماضي».
تشير قديح إلى أن الصورة اليوم «تلتزم بالابتعاد عن الأفكار المزدحمة، وتميل أكثر إلى البساطة، فتعكس أجواء تجذب مشاهدها». وتضيف: «يجب أن تبدو الصورة بأجمل حلّة وترافقها كميات من المشاعر والأحاسيس لتلامس ناظرها، وبذلك ترتقي الأغنية إلى الأفضل. وأحياناً هذه القاعدة ترفع من شأن الأغنية وانتشارها على الرغم من عدم تمتعها بعناصرها الفنية الأساسية. وهنا تكمن شطارة المخرج من حيث كيفية تقديمه قصة الكليب».
وعبر الـ«سوشيال ميديا» تحضر رندلى قديح بقوة... «أُواكبها يومياً، وأجيب عن جميع الأسئلة التي يطرحها عليّ متابعيّ. كما أني أستطلع آراءهم وآخذ بها كي أُبقي على هذا الجسر التواصلي بيني وبين جيل جديد».
يجب أن تبدو الصورة بأجمل حلّة وترافقها كميات من المشاعر والأحاسيس
مع شقيقها علي تؤلّف رندلى قديح ثنائياً ناجحاً. فهو يرافقها في كل أعمالها، ويتسلّم كل ما يتعلّق بعملية الـ«آرت دايركشن» وتنسيق الأزياء... «أراه نصفي الآخر في العمل، وأرتاح في التعاون معه. فنحن نتناقش قبل تنفيذ الأغنية في مختلف الموضوعات. ومعاً نضع الخطوط العريضة لها وننسّقها كي تثمر النتيجة الأفضل».
وبالنسبة إلى موضوع الذكاء الاصطناعي، فهو لا يخيفها، فهو «كما الـ(سوشيال ميديا)؛ سرق من وهج الفنان. ولكن لا ترعبني فكرة انتشاره. فهو اختراع خالٍ من الأحاسيس ولا روح تنبض فيه. ولذلك لا يمكنه أن ينافس في الإبداع الفني».
تعطي رندلى قديح رأيها في الفنانين اليوم من باب خبرةٍ غَنَية تمتلكها، وتجد أن «الغرابة هي العامل الأكبر جاذبية لجيل اليوم. وهو ما يمثّله نجاح المغني المعروف بـ(الشامي). كثيرون لا يزالون يدورون في الحلقة نفسها ولم يتجددوا، بينما آخرون، مثل كارول بطرس، يبرز اجتهادهم في هذا الإطار، وفي أغنية (نفس) من ألبومها الأخير سجّلت الفرق، فهي من كلماتها وألحانها، وهذا أمر بحد ذاته أُدرجه في خانة التجديد. الأمر نفسه يطبّق على عدد من الفنانات الأخريات، مثل أصالة وأنغام. فالكلام البسيط والقريب من القلب يحفظه الناس بسرعة؛ الأمر الذي ينعكس على صناعة الكليبات الغنائية».
لا يمكننا أن نعيش من دون الموسيقى... فالأغنية نبض حياة
تنطلق قريباً في تحضيرات عدّة لتنفيذ أغانٍ من لبنان والعالم العربي... «سأتحول إلى المغرب والجزائر كي أصوّر مسلسلات وأعمالاً فنية. سبق أن قمت بتجارب عدة في تونس والمغرب، واليوم أستعد لعمل جديد في الجزائر. كما صوّرت مسلسلاً رمضانياً في العراق بعنوان (دهن حرّ)، وأنتقل قريباً إلى الخليج العربي، ولديّ مشروع جديد مع فنان عراقي».
وكما مع نيللي مقدسي وعزيز عبدو في لبنان، فإن رندلى تملك تجارب مع مغنّين عرب؛ من مصر مثل محمود راتب، والمغنية الأردنية دونا، وكذلك مع العراقي «القيسي».
وتختم رندلى حديثها لـ«الشرق الأوسط» مؤكدة أن عالم الأغنية لا يمكن أن يزول عن الساحة... «لا يمكننا أن نعيش من دون الموسيقى، بالتالي؛ فإن الأغنية نبض حياة».