ماتيو الخضر لـ«الشرق الأوسط»: أخاف أن ألاقي نفس مصير الفنانين المنسيين

يشارك في «شيكاغو بالعربي» ويحيي حفل «نجوم تلمع أملاً»

يحيي حفل {نجوم تلمع أملاً} يعود ريعه للفنانين المنسيين (ماتيو الخضر)
يحيي حفل {نجوم تلمع أملاً} يعود ريعه للفنانين المنسيين (ماتيو الخضر)
TT

ماتيو الخضر لـ«الشرق الأوسط»: أخاف أن ألاقي نفس مصير الفنانين المنسيين

يحيي حفل {نجوم تلمع أملاً} يعود ريعه للفنانين المنسيين (ماتيو الخضر)
يحيي حفل {نجوم تلمع أملاً} يعود ريعه للفنانين المنسيين (ماتيو الخضر)

عديدة هي مواهب الفنان ماتيو الخضر، ومن بينها الغناء الأوبرالي والتمثيل والرسم. منذ عام 2020 عندما لفت لجنة التحكيم في «ذا فويس» الفرنسي، وهو يقطف النجاح تلو الآخر.

حالياً يستعد ماتيو للمشاركة بواحدة من الحفلات الغنائية المنتظرة في بيروت. ينضم إلى باقة من الفنانين الذين سيغنون من أجل قضية إنسانية، فريع حفلة «نجوم تلمع أملاً» التي تنظمها «جائزة تكريم» لمؤسسها ريكاردو كرم، يعود إلى الفنانين القدامى والمنسيين. وعلى مسرح «كازينو لبنان» في 21 ديسمبر (كانون الأول) الجاري يشدو بصوته الأوبرالي، ويؤدي أغاني ميلادية بينها مع ماريلين نعمان، وأخرى وحدَه، وثالثة مع مجموع الفنانين الذين يحيون الحفل. لماتيو رأيه الخاص بالفنانين القدامى الذين يعيشون مصيراً مجهولاً، بسبب إهمالهم من الدولة. يقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «بقدر ما أحب هذا البلد، صرت أخاف من غدره لي. فالفنان في لبنان ومهما علا شأنه، يمكن أن يلاقي مصيراً لا يليق بعطاءاته الكبيرة».

عبر عن حزنه للإهمال الذي تمارسه الدولة تجاه الفنانين (ماتيو الخضر)

يعد الخضر نفسه سفيراً للبنان الفن، ويضع صوته وموهبته في خدمته. ويعتب على المسؤولين الذين لا يقدرون رسالته هذه، فلا يؤمّنون للفنانين أدنى حقوقهم الاجتماعية، ويرمون وراءهم كل عطاءاتهم. «أحزن عندما أفكر مثلاً بالمصير الذي لاقته الفنانة الكبيرة صباح. فهي رحلت عن هذه الدنيا قابعة في غرفة في فندق في الحازمية. والأمثلة كثيرة، لا يمكننا تعدادها. أخيراً عندما شاهدت معاناة الفنانة جورجيت صايغ والممثل صلاح تيزاني، انزعجت كثيراً. والأسوأ هو أن هؤلاء وعندما يخفت وهجهم يهملون ويصبحون من الماضي».

وعن حفل «نجوم تلمع أملاً» يقول: «الفكرة بحد ذاتها رائعة، ولم أتردد ولا للحظة في المشاركة. من المعروف عني ارتباط اسمي بهذا النوع من الحفلات. فأقدم صوتي من أجل الإسهام برسالة إنسانية تترك ببصماتها الخيّرة. وأعتقد أن هذه الحفلة قد تفتح الباب أمام أخرى تصب في مصلحة هؤلاء الفنانين».

يصف أجواء الفريق العامل في المسرحية بالـ{متناغم إلى آخر حدود} (ماتيو الخضر)

يؤكد الخضر أن الربح المادي الذي يحققه الفنان عامة يستأهل منه التنازل عنه أحياناً، من أجل قضية إنسانية. «أعتقد أن مشهدية الفن بأكملها تبدلت، وقلّ عدد الأصيلين فيها. هناك نزعة لافتة اليوم نحو الفن الهابط، والذي ولّد بين ليلة وضحاها نجوماً له. هؤلاء يتباهون بنجاحات وهمية لا تمت إلى الفن بِصلة. فيعتبرون أنفسهم أكبر من الفن، وترافقهم مظاهر البهرجة من حرّاس شخصيين، وسيارات فارهة. فعمالقة الفن صاروا متروكين، وهؤلاء يتربعون على عروش فارغة».

يحكي ماتيو الخضر عن هذا الموضوع بتأثر ملحوظ، مشيراً إلى أن حفل «نجوم تلمع أملاً» يجب أن يوعّي عند السياسيين الشعور بالمسؤولية تجاه الفنانين القدامى.

أخيراً، أحيا الخضر حفلة غنائية من ضمن عروض «بيروت ترنم» في وسط العاصمة اللبنانية. «كانت حفلة رائعة، حضرها أكثر من ألف شخص في الهواء الطلق. ميزة لبنان تكمن بشعبه الباحث دائماً عن الفرح ولو بعزّ الآلام والأوجاع التي يعيشها».

من ناحية ثانية، يجسد ماتيو الخضر شخصية «نور الشمس» في المسرحية الاستعراضية «شيكاغو بالعربي»، وتقدم عروضها على مسرح «كازينو لبنان».

{نور الشمس} شخصية يجسدها في مسرحية {شيكاغو بالعربي} (ماتيو الخضر)

يشكل دوره محوراً أساسياً في موضوع المسرحية، كونه صحافياً مشهوراً، ويستطيع أن يتحكم بمصير شخصيات معروفة. هذه الشخصية تم نقلها من نسختها الأميركية الأصلية إلى اللبنانية تماماً كباقي عناصرها الفنية. وهو ما تطلب من ماتيو أن يمثل دور امرأة خفيفة الظل تثير الضحك والابتسامة من حولها. ويعلق الخضر: «في بلادنا العربية، يفضلون رؤية الممثل يجسد شخصية امرأة فقط في إطار كوميدي».

استفزه الدور كما يروي الخضر لـ«الشرق الأوسط»: «أثار عندي نوعاً من التحدي. فالشخصية غنية بتفاصيل مختلفة، فهي تمثل وتغني أيضاً. وتطلب مني الأمر إمضاء ساعة من الوقت لتحضيرها قبل كل عرض. شخصية يلزمها ماكياج وأزياء وتسريحة شعر خاصة بها. وفي نهاية المسرحية عندما أخلع كل هذه الإكسسوارات النسائية أرى الحضور متفاجئاً. فهو لا يتوقع أن تكون «نور الشمس»، واسمها بالنسخة الأصلية ماري سان شاين رجلاً».

اللافت أن مخرج العمل يقدم هذه الشخصية، راكناً إلى أغنية معروفة للفنانة باسكال مشعلاني تحمل عنوان «نور الشمس». فما إن تطل على خشبة المسرح حتى يتم لعب موسيقاها المعروفة.

ويعلق الخضر لـ«الشرق الأوسط»: «ممثلون لبنانيون كثر من الرجال قدموا هذا النوع من الأدوار ونجحوا فيه، ومن بينهم فادي رعيدي في شخصية (فاديا الشرّاقة) التي لا تزال تضحكنا حتى اليوم. ولكن في الشخصية التي ألعبها عناصر فنية كثيرة تجتمع معاً، لتؤلف خلطة مميزة».

شخصية «نور الشمس» استفزتني وأثارت عندي نوعاً من التحدي

يقول الخضر إنه عندما وقّع اتفاقه مع منتجي هذا العمل، كان موجوداً في مدينة بروكسل البلجيكية. «عندما عدت من هناك إلى لبنان كان الفنانون قد أنهوا تمارينهم للمسرحية. وتفاجأت بالمستوى الرفيع الذي يتمتع به إنتاجها الضخم. للمرة الأولى نشهد في لبنان عملاً غنائياً عالمياً ملبنناً على المسرح. وأفتخر بكوني واحداً من أفراد هذه المسرحية».

قريباً ينتقل ماتيو الخضر مع باقي فريق «شيكاغو بالعربي» إلى السعودية. وهناك سيقدمون عروضاً خاصة على أحد مسارح مدينة الرياض.

وكان العمل قد جال في عدد من المناطق اللبنانية، وبينها مهرجانات بيت الدين الدولية. «هناك الأجواء كانت مفعمة بالحماس، لا سيما وأننا وقفنا على واحد من أعرق مسارح لبنان. فهو استضاف أهم وأشهر الأسماء في العالمين العربي والغربي».

ويصف الخضر، الفريقَ العامل في المسرحية بالـ«متناغم إلى آخر حدود».

ويختم: «دائماً ما نحفّز ونشجّع بعضنا، ونترقب إطلالة كل واحد منا على المسرح، وكأنها تحصل للمرة الأولى».


مقالات ذات صلة

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

يوميات الشرق مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

«مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس، موسيقى ونغمات وأمل».

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

ما أن تم الإعلان عن خبر الرحيل المفاجئ للملحن المصري محمد رحيم حتى سيطرت أجواء حزينة على الوسط الفني عامة والموسيقي خاصة بمصر.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت «الأوركسترا السعودية» أجمل الألحان الموسيقية في ليلة ختامية كان الإبداع عنوانها على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية بمشاركة 100 موسيقي ومؤدٍ.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الوتر السادس أحمد سعد سيطرح ألبوماً جديداً العام المقبل (حسابه على {إنستغرام})

أحمد سعد لـ«الشرق الأوسط»: ألبومي الجديد يحقق كل طموحاتي

قال الفنان المصري أحمد سعد إن خطته الغنائية للعام المقبل، تشمل عدداً كبيراً من المفاجآت الكبرى لجمهوره بعد أن عاد مجدداً لزوجته علياء بسيوني.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الوتر السادس الفنانة بشرى مع زوجها (حسابها على {فيسبوك})

بشرى لـ«الشرق الأوسط»: الغناء التجاري لا يناسبني

وصفت الفنانة المصرية بشرى الأغاني الرائجة حالياً بأنها «تجارية»، وقالت إن هذا النوع لا يناسبها

أحمد عدلي (القاهرة)

طوني أبي كرم لـ «الشرق الأوسط»: أخاف من خيبات الأمل المتكررة في بلادي

{مرفوعة الأرزة} أحدث أعمال أبي كرم مع الفنان ملحم زين (طوني أبي كرم)
{مرفوعة الأرزة} أحدث أعمال أبي كرم مع الفنان ملحم زين (طوني أبي كرم)
TT

طوني أبي كرم لـ «الشرق الأوسط»: أخاف من خيبات الأمل المتكررة في بلادي

{مرفوعة الأرزة} أحدث أعمال أبي كرم مع الفنان ملحم زين (طوني أبي كرم)
{مرفوعة الأرزة} أحدث أعمال أبي كرم مع الفنان ملحم زين (طوني أبي كرم)

يرتبط اسم الشاعر طوني أبي كرم ارتباطاً وثيقاً بالأغنية الوطنية اللبنانية، وله تاريخٌ طويلٌ في هذا الشأن منذ بداياته. قدّم أعمالاً وطنية لمؤسسات رسمية عدة في لبنان. أخيراً وبصوت الفنان ملحم زين قدّم أغنية «مرفوعة الأرزة» من كلماته وألحانه، التي لاقت انتشاراً واسعاً، كون شركة «طيران الشرق الأوسط» اعتمدتها في رحلاتها خلال إقلاعها أو هبوطها.

الشاعر طوني أبي كرم ألّف ولحّن أكثر من أغنية وطنية

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» يعدّ طوني أبي كرم أن كتابة الأغنية الوطنية يجب أن تنبع من القلب. ويتابع: «الجميع يعلم أنني أنتمي فقط إلى لبنان بعيداً عن أي حزب أو جهة سياسية. وعندما أؤلّف أغنية وطنية تكون مولودة من أعماقي. فأنا جزء لا يتجزّأ من هذا الوطن. وعندما ينساب قلمي على الورق ينطلق من هذا الأساس. ولذلك أعدّ الحسَّ الوطني حاجةً وضرورةً عند شاعر هذا النوع من الأغاني، فيترجمه بعفوية بعيداً عن أي حالة مركّبة أو مصطنعة».

أولى الأغاني الوطنية التي كتبها الشاعر طوني أبي كرم كانت في بداياته. حملت يومها عنوان «يا جنوب يا محتل» بصوت الفنان هشام الحاج، ومن ثم كرّت سبحة مؤلفاته لأغانٍ أخرى. حقق أبي كرم نجاحات واسعة في عالم الأغنية كلّه. وأسهم في انطلاقة عدد من النجوم؛ من بينهم مريام فارس وهيفاء وهبي، وتعاون مع إليسا، وراغب علامة، ورامي عيّاش، ونوال الزغبي وغيرهم.

في عام 2000 سجّل طوني أبي كرم الأوبريت الوطني «الصوت العالي» مع 18 فناناً لبنانياً. ويروي لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الأغنية شاركت فيها مجموعة من أشهَر الفنانين اللبنانيين. وقد استغرقت تحضيرات طويلة لإنجازها تطلّبت نحو 6 أشهر. ورغبتُ في تقديمها لمناسبة تحرير الجنوب. وأعدّها تجربةً مضنيةً، ولن أعيدها مرة ثانية».

عدم تكرار هذه التجربة يعود إلى الجهد الذي بذله أبي كرم لجمع الـ18 فناناً في أغنية واحدة. «هناك مَن تردَّد في المشاركة، وآخر طالب بأداء مقطع غير الذي اختير له. أسباب عدة نابعة من الفنانين المشاركين أخّرت في ولادتها. وما سهّل مهمتي يومها هو الفنان راغب علامة. طلبت منه أن يرافقني إلى استوديو التسجيل لبودي نعوم، فوضع صوته على مقطع من الأغنية من دون أن أشرح له حقيقة الوضع. وعندما سمع الفنانون الآخرون أن راغب شارك في الأغنية، تحمَّسوا واجتمعوا لتنفيذها وغنائها».

أكثر من مرة تمّ إنتاج أوبريت غنائي عربي. وشاهدنا مشارَكة أهم النجوم العرب فيها. فلماذا يتردَّد الفنان اللبناني في المقابل في المشارَكة بعمل وطني جامع؟ يوضح الشاعر: «هذا النوع من الأغاني ينجز بوصفه عملاً تطوعياً. ولا يندرج على لائحة تلك التجارية. فمن المعيب أن يتم أخذ أجر مالي، فلا المغني ولا الملحن ولا الكاتب ولا حتى مخرج الكليب يتقاضون أجراً عن عملهم. فهو كناية عن هدية تقدّم للأوطان. ولا يجوز أخذ أي بدل مادي بالمقابل. ولكن في بلدان عربية عدة يتم التكفّل بإقامة الفنان وتنقلاته. فربما ذلك يشكّل عنصر إغراء يحثّهم على المشارَكة، مع الامتنان».

ويذكر طوني أبي كرم أنه في إحدى المرات فكّر في إعادة الكرّة وتنفيذ أغنية وطنية جماعية، فيقول: «ولكني ما لبثت أن بدّلت رأيي، واكتفيت بالتعاون مع الفنان راغب علامة وحده بأغنية من ألحانه (بوس العلم وعلّي راسك)».

يشير الشاعر طوني أبي كرم إلى أن غالبية الأغاني الوطنية التي كتبها وُلدت على خلفية مناسبة ما، ويوضح: «في أغنية (ممنوع اللمس) مع عاصي الحلاني توجّهنا إلى مؤسسة الجيش في عيدها السنوي. وكذلك في أغنية (دايماً حاضر) مع الفنان شربل الصافي لفتح باب التطوع في الجيش».

وعمّا إذا كان يختار صوت الفنان الذي سيؤدي الأغنية قبل الكتابة يقول: «لا، العكس صحيح، فعندما تولد الفكرة وأنجز الكلام، أختار الصوت على أساسهما. قد أقوم ببعض التعديلات بعدها، ولكنها تكون تغييرات قليلة وليست جذرية».

يستغرق وقت كتابة كلام الأغنية، كما يذكر الشاعر أبي كرم، نحو 15 دقيقة. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «لأنها تنبع من القلب أصبّ كلماتها بسرعة على الورق. فما أكتبه يصدر عن أحاسيسي الدفينة، وعن مشهد أو تجربة وفكرة عشتها أو سمعت بها. ولذلك تكون مدة تأليف الأغنية قليلة. فهي تخرج من أعماقي وأكتبها، وفي حال طُلب مني بعض التبديلات من قبل الفنان لا أمانع أبداً، شرط أن يبقى ثابتاً عنوانُها وخطُّها وفحواها».

وعمَّا يمكن أن يكتبه اليوم في المرحلة التي يعيشها لبنان، يقول: «أعدّ نفسي شخصاً إيجابياً جداً بحيث لا يفارقني الأمل مهما مررت بمصاعب. ولكن أكثر ما تؤذي الإنسان هي إصابته بخيبة أمل، وهي حالات تكررت في بلادنا وفي حياتنا نحن اللبنانيين. فكنا نتفاءل خيراً ليأتي ما يناقض ذلك بعد فترة قصيرة. وهو ما يولّد عندنا نوعاً من الإحباط. اليوم لا نفقد الرجاء ولكن لا يسعنا التوسّع بأفكار إيجابية. وعلى أمل عدم إصابتنا بخيبة أمل جديدة، سأتريث في الكتابة في هذه المرحلة».