بيتر سمعان لـ«الشرق الأوسط»: الجوع ينخر في الساحة الفنية

الفنان اللبناني قال إن «الانحطاط كان مختبئاً بورقة شوكولاته لماعة»

انتهى سمعان من كتابة مسلسل "وردة حمرا" (بيتر سمعان)
انتهى سمعان من كتابة مسلسل "وردة حمرا" (بيتر سمعان)
TT

بيتر سمعان لـ«الشرق الأوسط»: الجوع ينخر في الساحة الفنية

انتهى سمعان من كتابة مسلسل "وردة حمرا" (بيتر سمعان)
انتهى سمعان من كتابة مسلسل "وردة حمرا" (بيتر سمعان)

منذ اللحظة الأولى لحديثك مع الممثل اللبناني بيتر سمعان، تشعر أنه لا يزال يحكي الأمور كما هي. فابتعاده عن الساحة الفنية لمدة طويلة لم يخفف من صراحته ولا من شفافيته المعروف بهما. صحيح أنه خلال هذا الغياب أعاد حساباته وصار يرى الأشياء من منظار آخر، كما يقول، ولكن في الوقت نفسه يؤكد أنه مهما مرّ عليه من صعوبات وحروب وتحديات، فهي لن تستطيع القضاء على معدنه الصلب.

بيتر سمعان ورهف عبد الله في مسلسل "سر وقدر" (بيتر سمعان)

«سر وقدر» هو عنوان المسلسل اللبناني الذي يعود معه سمعان إلى شاشة افتقدته. فنجوميته وحضوره في الدراما وتحقيقه نجاحات واسعة من خلالها لم تمنعه من أخذ «استراحة محارب». في هذا العمل الذي ينتجه المخرج إيلي معلوف ويقف فيه مع رهف عبد الله كثنائي جديد توقعه إخراجياً كارولين ميلان، ويجسد فيه دور مدير لشركة تعود ملكيتها لنائب لبناني، وبعيد اغتياله يتسلم مهام إدارتها ويطبق وصيّته ويبدأ مشواره مع الفضائح. ويواجه بالتالي مشكلات رئيسية مع عائلة النائب الراحل بعد أن تشاركه زوجة المغدور إدارة الشركة.

«الدور جديد علي ويتلون بوجوه وأحداث كثيرة تصل أحياناً إلى حد العنف الجسدي. (طارق) وهو اسمي في العمل، يتعرض لمضايقات كثيرة لثنيه عن القيام بمهمته على أكمل وجه». ويتابع سمعان لـ«الشرق الأوسط»: «جذبني الدور خصوصاً وأني أعجبت بالقصة منذ سطورها الأولى. فإيلي معلوف منتج ذكي ويعرف من أين تؤكل الكتف. والدليل على ذلك النجاحات العديدة التي حققها مع الدراما التلفزيونية».

{سر وقدر} هو عنوان المسلسل اللبناني الذي يعود معه سمعان إلى شاشة (بيتر سمعان)

ويبدي بيتر رأيه برهف عبد الله، إذ يصفها بالإنسانة المرهفة الأحاسيس. كما أنها مجتهدة وصاحبة إطلالة طبيعية قلما نشهدها اليوم بين بطلات الدراما. «نتناقش ونتحدث كثيراً، فهي تريد غرف المعرفة بكميات. صحيح أنها لا تزال في بداياتها وتجاربها الدرامية محدودة، ولكننا جميعاً بدأنا من هناك، ومع الأيام ستبرز أكثر فأكثر».

غيابه عن الساحة الفنية شكل فرصة له لرؤية الأمور بشكل أوضح. فعندما يكون الشخص خارج الصحن يصبح الأمر مختلفاً. «تأخذين برؤية الأمور على حقيقتها من دون رتوش أو محاولة غض النظر عنها. لا شك أني كنت على علم بكل ما يجري على الساحة، ولكنني لم أرغب في رؤيتها». في حديث تلفزيوني سابق تحدث بيتر سمعان عن الساحة بصراحة مسمياً الأمور بأسمائها. يومها أحدث بلبلة وضجة وروى ما تعرض له من حروب وهجومات. «ما ذكرته يومها مجرد فتافيت صغيرة، إذ لا أزال أحتفظ بالقطع الكبيرة لنفسي. ولكنني اليوم صرت أكثر روية، أفكر بالأشياء من منظار آخر. لطالما كنت جريئاً في مقاربتي للأمور وما زلت، ولكنني أيقنت أن الصمت أبلغ من الكلام، وبتّ لا أرد وأكتفي بالاحتفاظ بالحقائق لنفسي».

يشير خلال حواره مع «الشرق الأوسط» إلى أن عودته تحمل بطياتها الرجعة المطلوبة. «أعود أولاً، من شاشة عريقة ومهمة لأن (سر وقدر) سيعرض على محطة الـ(إل بي سي آي). وأقوم بدور بطولة، كما عادتي، وهي عناصر صدمت كثيرين ممن كانوا يحاربونني». ولكنك أطلت الغيبة؟ يرد: «لا أبداً، لقد جاءت العودة في الوقت المناسب، وأنا أؤمن بأن رب العالمين يرسم قدرنا. وعودتي هذه رسمت علامات استفهام عدة». لكن، كيف عاد بيتر؟ ومن وراء عودته؟

يقول إنه خلال غيابه لم يكن يجلس من دون ممارسة أي نشاط. فهو كان يرسم ويكتب نصاً لمسلسل جديد بعنوان «وردة حمرا». «المسلسل أصبح جاهزاً، ولكنه يحتاج إلى إمكانات إنتاج كبيرة. فعناصره الفنية كثيرة وشخصياته تنتمي إلى أكثر من بلد عربي، ولذلك تنفيذه يحتاج إلى ميزانية تستطيع أن تغطي عملية إنتاجه وإطلالة نحو 15 نجماً عربياً».

يصف بيتر سمعان الساحة الفنية بأنها تعاني من مرض الجوع، فهي لم تعد على حالها. «كانت تتزين بالمبادئ والقيم وحسن التعاون بين الناس. اليوم صار عنوانها العريض (يا ربي نفسي). وصار جوع الشهرة سائداً، فكبرت الشهية وصارت الأذية وشن الحروب قاعدة ذهبية. فالانحطاط كان مختبئاً بورقة شوكولاته لماعة».

يحاول سمعان رمي كل الماضي وراءه، ويؤكد أن تحدثه بالمواضيع بصراحة هو أكبر دلالة على أنه تجاوزها. وعندما سألته «الشرق الأوسط» لماذا تراجع عن فكرة اعتزاله التمثيل، يجيب: «لم أقل إنني اعتزلت، بل ابتعدت بسبب مشكلات كثيرة واجهتني في حياتي. راجعت حساباتي لأني أعرف أني ارتكبت الخطأ والصح. تعلمت دروساً كثيرة زودتني بالقوة كي ألغي أموراً بشكل نهائي وأبقي على أخرى».

غيابه عن الشاشة كانت فرصة أعاد فيها حساباته (بيتر سمعان)

منذ نحو 60 يوماً يصور بيتر سمعان مشاهده من مسلسل «سر وقدر». فالعمل قد يتألف من نحو 40 حلقة، ولا يزال أمام فريق العمل الكثير للقيام به. ويبدي استمتاعه بهذه التجربة التي يسودها الاحترام بين الجميع وأجواء مريحة.

ويعلق: «عدت والعود أحمد، فهذا هو عالمي الحقيقي وشغفي. وعودتي في هذا الوقت ليست مجرد صدفة، بل إشارة من رب العالمين. قد يكون غيابي هو بمثابة فرصة أعطيت لي كي تتخمر القصص والأمور التي خضتها كما يجب».

لم يتابع دراما رمضان لانشغاله بالتحضير لمسلسله الجديد، فهو يفضل أن يركز على الدور الذي يلعبه بدل التلهي بأمور أخرى قد تؤثر على أدائه. وعما إذا أعجبه دور ما إلى حد تمنى القيام به يرد: «أدوار كثيرة لفتتني ولن أعدّها الآن. بعضها يلعبها نجوم سوريون وأعرف تماماً أن اللبنانيين يستطيعون القيام بها على المستوى المطلوب. اليوم بدأنا نشهد بعض التغييرات عند المنتجين إذ صاروا يدخلون البطل اللبناني على أعمالهم، ويضعونه بالصدارة. ويجب أن يسهموا في هذا التغيير من باب أوسع، والأمر يلزمه قرار شجاع. ومن هنا يبدأ بناء مستقبل يليق بالممثل اللبناني. فهو يملك قاعدة شعبية لا يستهان بها عربياً».

يؤكد بيتر سمعان أن علاقته بغالبية المنتجين جيدة. فهي لم تنقطع مع صادق الصبّاح، ولا مع جمال سنان، وزوجته ماغي بو غصن. «ولكن قد يكون الوقت لم يحن بعد للتعاون معهم في أعمال درامية».


مقالات ذات صلة

حزن في مصر لرحيل «القبطان» نبيل الحلفاوي... رجل «الأدوار الوطنية»

يوميات الشرق نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)

حزن في مصر لرحيل «القبطان» نبيل الحلفاوي... رجل «الأدوار الوطنية»

من أبرز أعمال الحلفاوي «رأفت الهجان» عام 1990 الذي اشتهر فيه بشخصية ضابط المخابرات المصري «نديم قلب الأسد»، التي جسدها بأداءٍ يجمع بين النبرة الهادئة والصّرامة.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق الفنان السعودي عبد المحسن النمر (البحر الأحمر السينمائي)

عبد المحسن النمر: «خريف القلب» يتضمن قصصاً تهم الأسر العربية

قال الفنان السعودي عبد المحسن النمر، إن السبب الرئيسي وراء نجاح مسلسله الجديد «خريف القلب» يعود إلى مناقشته قضايا إنسانية تهم الأسر العربية.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الوتر السادس تركز الفنانة نسمة محجوب على الحضور الفني بشكل دائم (صفحتها على {فيسبوك})

نسمة محجوب: أطمح لتقديم سيرة ماجدة الرومي درامياً

طرحت الفنانة المصرية نسمة محجوب، مطلع ديسمبر (كانون الأول) الجاري، أحدث أعمالها الغنائية بعنوان «الناس حواديت»، والتي حظيت بتفاعل من المتابعين عبر مواقع التواصل

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)

إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

أثار إعلان الفنان السوري جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة بلاده، «إذا أراده السوريون»، ردوداً متباينة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من البرومو الترويجي لمسلسل «ساعته وتاريخه» الذي يعرَض حالياً (برومو المسلسل)

مسلسلات مستوحاة من جرائم حقيقية تفرض نفسها على الشاشة المصرية       

في توقيتات متقاربة، أعلن عدد من صُنَّاع الدراما بمصر تقديم مسلسلات درامية مستوحاة من جرائم حقيقية للعرض على الشاشة.

داليا ماهر (القاهرة )

نسمة محجوب: أطمح لتقديم سيرة ماجدة الرومي درامياً

تركز الفنانة نسمة محجوب على الحضور الفني بشكل دائم (صفحتها على {فيسبوك})
تركز الفنانة نسمة محجوب على الحضور الفني بشكل دائم (صفحتها على {فيسبوك})
TT

نسمة محجوب: أطمح لتقديم سيرة ماجدة الرومي درامياً

تركز الفنانة نسمة محجوب على الحضور الفني بشكل دائم (صفحتها على {فيسبوك})
تركز الفنانة نسمة محجوب على الحضور الفني بشكل دائم (صفحتها على {فيسبوك})

طرحت الفنانة المصرية نسمة محجوب، مطلع ديسمبر (كانون الأول) الجاري، أحدث أعمالها الغنائية بعنوان «الناس حواديت»، والتي حظيت بتفاعل من المتابعين عبر مواقع التواصل الاجتماعي وحققت مشاهدات لافتة عبر قناتها الخاصة على موقع «يوتيوب».

وأكدت نسمة في حوارها مع «الشرق الأوسط» أنها بصدد إصدار أغنيات جديدة في بداية العام المقبل، إلى جانب أعمال أخرى ستُطرح قبيل شهر رمضان المقبل، مشيرةً إلى أن الأغنيات جاهزة وبحوزتها بشكل كامل وإصدارها تباعاً للجمهور بهدف الوصول لشريحة عريضة من الجمهور قبل انشغالهم بمتابعة الأعمال الدرامية الرمضانية.

تسعى نسمة لتقديم الأغنيات الشعبية بحكاياتها اللافتة المحببة لقلوب الناس (صفحتها على {فيسبوك})

وتؤيد نسمة فكرة طرح أغنياتها الجديدة «سنغل» للوجود مع الجمهور والحضور الفني بشكل دائم، لكنها تنوي تجميعها في «ألبوم غنائي» بعد الانتهاء من إصدارها، مشيرةً إلى أنها «لا تفضل فكرة على حساب الأخرى سوء الألبوم أو السنغل، لكن ما يشغلها هو وجودها مع الناس».

وترى محجوب أن فكرة التقيد بتوقيت معين ومناسبات خاصة لطرح أعمالها لم تعد قائمة مثل السابق، حيث كان يحرص بعض صناع الفن على طرح أعمال في الأعياد، والفلانتاين وغيرها من المناسبات، لكن كسر القواعد أصبح الأهم للفت الأنظار والاهتمام، كما أن السوشيال ميديا جعلت كل شيء متاحاً أمام الناس في أي وقت.

تؤكد نسمة أن أغنيات المهرجانات ليست في قاموسها الفني ولا تستمع لها (صفحتها على {فيسبوك})

وذكرت نسمة الأسس التي تعتمدها في اختيار أعمالها، مؤكدةً أن التعايش مع اللحن والكلمة والحالة التي تصنعها الأغنية هي الأساس للتعبير الصوتي عنها بكل سعادة ومشاعر بغضّ النظر عن كون الأغنية شبابية أو طربية أو غير ذلك.

وأوضحت نسمة أن العلاقة بينها وبين دار الأوبرا المصرية كبيرة وممتدة منذ سنوات طويلة، لافتةً إلى أنها تحب مقابلة جمهورها، وتعشق الوقوف على خشبة المسارح بشكل عام، ومواجهة الناس مباشرةً والتفاعل معهم والشعور بوقع كل لحن وكلمة على مسامعهم، وتجد في ذلك متعة كبيرة وحماساً لتقديم المزيد.

ورغم حرص نسمة على طرح أغنيات سنغل بشكل متتالٍ لضمان الانتشار الجماهيري؛ فإنها ترى أن الحفلات التي تشارك في إحيائها هي الأساس الذي ينعش المشاهدات.

تعشق نسمة الوقوف على خشبة المسارح ومواجهة الناس مباشرة والتفاعل معهم (صفحتها على {فيسبوك})

«إن التعايش مع اللحن والكلمة والحالة التي تصنعها الأغنية هو الأساس للتعبير الصوتي عنها»

وكشفت نسمة عن أنها تحب المسرح الغنائي، وخاضت تجربة التمثيل بالفعل مع الفنان الراحل جلال الشرقاوي عبر مسرحية «دنيا حبيبتي»، لكنها أكدت أن التجربة لم تكن سهلة بل استحوذت على وقت وجهد وتحضيرات مسبقة وساعات عمل طويلة، لافتةً إلى أن «المسرح يحدّ من المشاركة في الفعاليات الفنية الأخرى على غرار طرح الأغاني، وإحياء الحفلات»، مؤكدةً أن الفنان كي يقدم ما يحلو له يحتاج إلى التفرغ حتى يخرج العمل بشكل متقن.

وتكتفي نسمة خلال الوقت الحالي بطرح أغنيات «سنغل» إلى جانب حفلاتها الغنائية، نظراً إلى ارتباطاتها الشخصية واحتياج أسرتها إلى وجودها، لكنها أكدت أن فكرة التمثيل في مسلسلات درامية أيضاً مطروحة على جدول أعمالها، لكنها تحب تقديم ألحان وكلمات مرتبطة بهذه المسلسلات عبر قصة مثيرة ولقطات مرئية تدعم تفاصيل العمل بصوتها، مثل الشارات والأغنيات الداخلية التي يجري توظيفها خلفيةً للمشاهد.

وتشير نسمة إلى أن فكرة التمثيل إلى جانب الغناء في عمل فني أيضاً واردة، لكن في حالة ملاءمة الشخصية لها ولما تقدمه، لكنها لا تسعى للحضور بالتمثيل لمجرد الرغبة في الظهور، ولم تُعرض عليها شخصية تمثيلية جاذبة تحمّسها لخوض التجربة.

وتطمح نسمة لتقديم السيرة الذاتية لعدد من نجمات الغناء في عمل درامي من بينهن: وردة، وأسمهان، وماجدة الرومي، والأخيرة تعشقها نسمة كثيراً وتؤكد «أنها تستحق تقديم سيرتها الذاتية للناس».

وترحب نسمة بتقديم ديو غنائي مع عدد من نجوم الفن من بينهم: شيرين، ومحمود العسيلي، وأصالة، وعزيز مرقة، وكذلك المشاركة في أغنيات مع فرق غنائية مثل «شارموفوز، و«مسار إجباري»، و«كايروكي»، كما كشفت عن تفضيلها الاستماع إلى الأعمال الغربية، مشيرةً إلى أن أغنيات المهرجانات ليست في قاموسها الفني ولا تستمع إليها ولن تقدمها يوماً ما، لكنها في الوقت نفسه تحب الأغنيات الشعبية وحكاياتها اللافتة والمحبَّبة إلى قلوب الناس وتسعى لتقديمها.