«يوروفيجن»... تَنافُس بين أغنيات عن الحب والسلام في أرض «البيتلز»

أغنية «عصفور» تمثل شبه جزيرة القرم في ليفربول (أ.ف.ب)
أغنية «عصفور» تمثل شبه جزيرة القرم في ليفربول (أ.ف.ب)
TT

«يوروفيجن»... تَنافُس بين أغنيات عن الحب والسلام في أرض «البيتلز»

أغنية «عصفور» تمثل شبه جزيرة القرم في ليفربول (أ.ف.ب)
أغنية «عصفور» تمثل شبه جزيرة القرم في ليفربول (أ.ف.ب)

يتنافس ممثلو 37 دولة هذه السنة على الفوز بجائزة مسابقة الأغنية الأوروبية «يوروفيجن»، التي تقام السبت المقبل، في ليفربول البريطانية، بأغنيات عن الحب والعذاب والسلام. ويسعى المتنافسون إلى انتزاع اللقب الذي حصلت عليه أوكرانيا العام الماضي، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وتستضيف مدينة فرقة «بيتلز» الواقعة في شمال إنجلترا، المسابقة هذه السنة، نظراً إلى استحالة إقامتها، كما جرت العادة، في الدولة الفائزة، بسبب الغزو الروسي لها.

وبعد فوز فرقة «كالوش أوركسترا» الأوكرانية بمسابقة العام الفائت عن أغنيتها «ستيفانيا» التي تمزج بين «الهيب هوب» والموسيقى التقليدية، تتمثل كييف هذه السنة بثنائي موسيقى الإلكترو «تفورتشي». أما أغنية «Heart of Steel» («هارت أوف ستيل» أو «قلب من صلب») التي ترشحت عنها الفرقة، فمستوحاة من صمود القوات الأوكرانية في مصنع «أزوفستال للصلب» في ماريوبول طوال الحصار الذي فرضته القوات الروسية على المدينة لمدة شهر، وترمز تالياً «إلى القوة والشجاعة»، حسب مغني الفرقة جيفري كيني.

ورغم التعاطف الكبير الذي تحظى به الفرقة، يتفق المراقبون وخبراء المراهنات على استبعاد تحقيق أوكرانيا في الدورة السابعة والستين من «يوروفيجن» فوزاً ثانياً على التوالي في المسابقة. أما روسيا، فاستُبعِدَت، كما في العام الفائت، بسبب غزوها أوكرانيا.

وتبدو حظوظ السويد بالفوز كبيرة بفضل أغنية الحب «تاتو» للمغنية لورين التي سبق أن نالت لقب «يوروفيجن» عام 2012، في حين تتمثل فنلندا بأغنية «تشا تشا تشا» للمغني كاريجا الذي يؤديها مرتدياً سترة «بوليرو» خضراء فلورية منتفخة.

تركيب فني كجزء من احتفالات «يورو فيجن» في ليفربول (رويترز)

وتتولى الكندية من أصل مغربي فاطمة الزهراء حافظي، المعروفة باسم «لا زارا»، تمثيل فرنسا التي لم تفز بالمسابقة منذ حصول ماري ميريام على لقبها عام 1977. وتُعد المغنية المتحدرة من مقاطعة كيبيك من أبرز المرشحين بأغنيتها من نوع الإلكترو - ديسكو «إفيدامان» (Evidemment). ورافقت ضجة واسعة إلغاء «لا زارا» أخيراً «لأسباب شخصية» حفلتين موسيقيتين كان يُفترض أن تحييهما في أمستردام ولندن، لكنّ المغنية أكدت في منشور أوردته على الشبكات الاجتماعية أنها «مصممة أكثر من أي وقت مضى على تمثيل فرنسا بفخر وحب».

ووعدت بأن يكون العرض الذي ستقدمه خلال المسابقة «مبهراً وخطيراً وأنيقاً على الطريقة الفرنسية».

وباسم المملكة المتحدة التي احتلت المركز الثاني العام الفائت عن أغنية «سبايس مان» لسام رايدر، تشارك المغنية ماي مولر بأغنيتها «آي روت إيه سونغ» (I wrote a song) التي تتناول عودة الحياة إلى قلب حطمته قلة الوفاء.

وتُنافس تحت علم كرواتيا فرقة «لِت 3» بأغنية «ماما إس سي» التي تحمل بطريقة مستترة على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. أما ممثل سويسرا المغني الشاب ريمو فورير فاختار المشاركة برسالة سلام أكثر تقليدية من خلال أغنية «ووترغان».

وتقام عروض المسابقة في مسرح يتسع لـ6 آلاف متفرج، تتميز خشبته بكون مصممها خوليو هيميديه شاءها على شكل «عناق كبير»، وكأنها «تفتح ذراعيها لأوكرانيا ولعروض الفنانين وللمدعوين من كل أنحاء العالم».

وكان الملك تشارلز والملكة كاميلا تفقدا قبل مدة من تتويجهما هذا المسرح الذي تبلغ مساحته 450 متراً مربعاً، وزوّد بـ700 شاشة فيديو و1500 متر من مصابيح «ليد».

ومن المقرر أن تقام الثلاثاء والخميس تصفيات نصف نهائية لتقليص عدد المتنافسين إلى 26 دولة، سيتبارون في المرحلة النهائية مساء السبت التي يتأهل إليها تلقائياً «الخمسة الكبار» (ألمانيا وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة) والدولة الفائز العام السابق وهي أوكرانيا. وحرصت الحكومة البريطانية على الطمأنة حيال مخاوف أثيرت في البرلمان البريطاني في منتصف الأسبوع من إمكان تكرار محاولات للتدخل نُسبت العام الفائت إلى قراصنة موالين لروسيا.

وذكّر وزير الدولة لشؤون التكنولوجيا بول سكالي، بأن «المركز الوطني للأمن السيبراني يضمّ خبراء عالميين ويعمل على فهم الهجمات والتعامل بالشكل اللازم مع أخطرها».

وترفع ليفربول التي تضج بالأنشطة المرتبطة بالمسابقة الستارة عن نصب تذكاري يشكّل «رمزاً للأمل» بالنسبة إلى أوكرانيا. وتمثل المنحوتة المصنوعة من الألومنيوم رجلاً يحمل كتاباً تطير من بين طياته حمامة حاملة علماً أوكرانياً. وسيوضع التمثال في متنزه «ستروبيري فيلد»، الذي استوحت منه فرقة «بيتلز» عنوان إحدى أغنياتها، على أن تُنقل المنحوتة إلى أوكرانيا عند عودة السلام إليها.



إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: المدن الجميلة يصنعها أهلها

بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
TT

إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: المدن الجميلة يصنعها أهلها

بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})

لا يمكنك أن تتفرّج على كليب أغنية «حبّك متل بيروت» للفنانة إليسا من دون أن تؤثر بك تفاصيله. فمخرج العمل إيلي فهد وضع روحه فيه كما يذكر لـ«الشرق الأوسط»، ترجم كل عشقه للعاصمة بمشهديات تلامس القلوب. أشعل نار الحنين عند المغتربين عن وطنهم. كما عرّف من يجهلها على القيمة الإنسانية التي تحملها بيروت، فصنع عملاً يتألّف من خلطة حب جياشة لمدينة صغيرة بمساحتها وكبيرة بخصوصيتها.

ويقول في سياق حديثه: «أعتقد أن المدن هي من تصنع أهلها، فتعكس جماليتهم أو العكس. الأمر لا يتعلّق بمشهدية جغرافية أو بحفنة من العمارات والأبنية. المدينة هي مرآة ناسها. وحاولت في الكليب إبراز هذه المعاني الحقيقية».

تلعب إليسا في نهاية الكليب دور الأم لابنتها {بيروت} (حساب فهد إيلي على {إنستغرام})

من اللحظات الأولى للكليب عندما تنزل إليسا من سلالم عمارة قديمة في بيروت يبدأ مشوار المشاهد مع العاصمة. لعلّ تركيز فهد على تفاصيل دقيقة تزيح الرماد من فوق الجمر، فيبدأ الشوق يتحرّك في أعماقك، وما يكمل هذه المشهدية هو أداء إليسا العفوي، تعاملت مع موضوع العمل بتلقائية لافتة، وبدت بالفعل ابنة وفيّة لمدينتها، تسير في أزقتها وتسلّم على سكانها، وتتوقف لبرهة عند كل محطة فيها لتستمتع بمذاق اللحظة.

نقل فهد جملة مشاهد تؤلّف ذكرياته مع بيروت. وعندما تسأله «الشرق الأوسط» كيف استطاع سرد كل هذه التفاصيل في مدة لا تزيد على 5 دقائق، يرد: «حبي لبيروت تفوّق على الوقت القليل الذي كان متاحاً لي لتنفيذ الكليب. وما أن استمعت للأغنية حتى كانت الفكرة قد ولدت عندي. شعرت وكأنه فرصة لا يجب أن تمر مرور الكرام. أفرغت فيه كل ما يخالجني من مشاعر تجاه مدينتي».

من كواليس التصوير وتبدو إليسا ومخرج العمل أثناء مشاهدتهما إحدى اللقطات من الكليب (فهد إيلي)

يروي إيلي فهد قصة عشقه لبيروت منذ انتقاله من القرية إلى المدينة. «كنت في الثامنة من عمري عندما راودني حلم الإخراج. وكانت بيروت هي مصدر إلهامي. أول مرة حطّت قدمي على أرض المدينة أدركت أني ولدت مغرماً بها. عملت نادلاً في أحد المطاعم وأنا في الـ18 من عمري. كنت أراقب تفاصيل المدينة وسكانها من نوافذ المحل. ذكرياتي كثيرة في مدينة كنت أقطع عدداً من شوارعها كي أصل إلى مكان عملي. عرفت كيف يستيقظ أهاليها وكيف يبتسمون ويحزنون ويتعاونون. وهذا الكليب أعتبره تحية مني إلى بيروت انتظرتها طويلاً».

لفت ايلي فهد شخصية إليسا العفوية (حسابه على {إنستغرام})

يصف إيلي فهد إليسا بالمرأة الذكية وصاحبة الإحساس المرهف. وهو ما أدّى إلى نجاح العمل ورواجه بسرعة. «هذا الحب الذي نكنّه سوياً لبيروت كان واضحاً. صحيح أنه التعاون الأول بيني وبينها، ولكن أفكارنا كانت منسجمة. وارتأيت أن أترجم هذا الحبّ بصرياً، ولكن بأسلوب جديد كي أحرز الفرق. موضوع المدينة جرى تناوله بكثرة، فحاولت تجديده على طريقتي».

تبدو إليسا في الكليب لطيفة وقريبة إلى القلب وسعيدة بمدينتها وناسها. ويعلّق فهد: «كان يهمني إبراز صفاتها هذه لأنها حقيقية عندها. فالناس لا تحبها عن عبث، بل لأنها تشعر بصدق أحاسيسها». ويضعنا فهد لاشعورياً في مصاف المدن الصغيرة الدافئة بعيداً عن تلك الكبيرة الباردة. ويوضح: «كلما كبرت المدن خفت وهجها وازدادت برودتها. ومن خلال تفاصيل أدرجتها في الكليب، برزت أهمية مدينتي العابقة بالحب».

لقطة من كليب أغنية "حبّك متل بيروت" الذي وقعه إيلي فهد (حسابه على {إنستغرام})

كتب الأغنية الإعلامي جان نخول ولحّنها مع محمد بشار. وحمّلها بدوره قصة حب لا تشبه غيرها. ويقول فهد: «لقد استمتعت في عملي مع هذا الفريق ولفتتني إليسا بتصرفاتها. فكانت حتى بعد انتهائها من تصوير لقطة ما تكمل حديثها مع صاحب المخبز. وتتسامر مع بائع الأسطوانات الغنائية القديمة المصنوعة من الأسفلت». ويتابع: «كان بإمكاني إضافة تفاصيل أكثر على هذا العمل. فقصص بيروت لا يمكن اختزالها بكليب. لقد خزّنت الكثير منها في عقلي الباطني لاشعورياً. وأدركت ذلك بعد قراءتي لتعليقات الناس حول العمل».

في نهاية الكليب نشاهد إليسا تمثّل دور الأم. فتنادي ابنتها الحاملة اسم بيروت. ويوضح فهد: «الفكرة هذه تعود لإليسا، فلطالما تمنت بأن ترزق بفتاة وتطلق عليها هذا الاسم». ويختم إيلي فهد متحدثاً عن أهمية هذه المحطة الفنية في مشواره: «لا شك أنها فرصة حلوة لوّنت مشواري. وقد جرت في الوقت المناسب مع أنها كانت تراودني من قبل كثيراً».