أثار إعلان الحكومة المصرية تشكيل لجنة «رئيسية» لتطوير الإعلام تضم شخصيات عامة وخبراء ومسؤولين بوسائل إعلامية مختلفة برئاسة رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام تساؤلات حول آلية عملها وصلاحياتها واختصاصاتها في ضوء ضمها لـ67 عضواً.
وحسب قرار رئيس الوزراء مصطفى مدبولي بتشكيل اللجنة فإنها ستكون معنية بـ«وضع خريطة طريق شاملة لتطوير الإعلام المصري، مع الاستعانة بالخبرات والكفاءات المتخصصة، بما يضمن مواكبة الإعلام الوطني للتغيرات العالمية» وفق الإفادة الصادرة عن مجلس الوزراء التي أكدت أن تشكيل اللجنة يأتي استجابة لتوجيهات الرئيس.
كان الرئيس عبد الفتاح السيسي وجه خلال اجتماع في أغسطس (أب) الماضي بوضع خريطة طريق شاملة لتطوير الإعلام المصري، عبر الاستعانة بكل الخبرات والكفاءات المتخصصة، بما يضمن مواكبة الإعلام الوطني للتغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم، ويُمكنه من أداء رسالته بما يتماشى مع توجهات الدولة المصرية الحديثة والجمهورية الجديدة.
كما طالب بأهمية إتاحة البيانات والمعلومات للإعلام، خصوصاً في أوقات الأزمات التي تحظى باهتمام الرأي العام، حتى يتم تناول الموضوعات بعيداً عن المغالاة في الطرح أو النقص في العرض، مشدداً على أهمية الاعتماد على الكوادر الشابة المؤهلة للعمل الإعلامي والانفتاح على مختلف الآراء، بما يرسخ مبدأ «الرأي والرأي الآخر» داخل المنظومة الإعلامية المصرية.

بخلاف عضوية رؤساء الهيئات الإعلامية المملوكة للدولة، ونقيبي الصحافيين والإعلاميين، تضم اللجنة رئيس «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» طارق نور، وعدداً من قيادات الشركة التي تملك عدة محطات تلفزيونية وصحف، بالإضافة إلى رؤساء تحرير صحف ومواقع إلكترونية خاصة، بجانب عدد من كبار الشخصيات البارزة صحافياً وإذاعياً على غرار سناء البيسي مؤسسة مجلة «نصف الدنيا» والإذاعية إيناس جوهر.
وقال خبير الإعلام الرقمي وعضو اللجنة خالد البرماوي لـ«الشرق الأوسط»، إن الأيام القليلة المقبلة ستحدد الآليات التنظيمية للعمل، مشيراً إلى أن «توافر الإرادة السياسية واستخدام مفردات (جريئة) من الرئيس ومكانة مصر الإعلامية تجعل هناك تعويلاً على ما سيتحقق».
وأضاف أن «الدولة دورها تنظيمي في إطار دعم وضع هيكل واضح لمنظومة التطوير الإعلامي في ظل أهمية أن يكون هناك إعلام قادر على تحقيق عائد مما يقدمه».
وأثار وجود عدد كبير من الأعضاء في اللجنة تساؤلات عدة عن قدرتها على العمل، لكن أستاذ الإعلام وعضو اللجنة الدكتور محمد شومان قال لـ«الشرق الأوسط» إن تعدد الأعضاء مرتبط بوجود تمثيل لكافة قطاعات وسائل الإعلام ما بين الصحف والقنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية ووسائل الإعلام الرقمي، بالتالي ستجتمع اللجنة بتشكيلها للاتفاق على تشكيل لجان فرعية متخصصة».

ومن المقرر، حسب بيان التشكيل، أن تعد اللجنة تقريراً بأعمالها وتوصياتها وآليات تنفيذها خلال شهرين ليعرض على رئيس الوزراء الذي سيقوم بدوره بعرضه على رئيس الجمهورية، مع أحقية رئيس اللجنة الرئيسية في تشكيل لجان فرعية برئاسة أحد أعضاء اللجنة الرئيسية وعضوية عدد مناسب منهم مع جواز الاستعانة بغيرهم على أن تحدد في قرار التشكيل اختصاصات اللجان الفرعية، وتقوم كل لجنة فرعية من خلال رئيسها بإعداد تقرير خلال شهر من تاريخ صدور قرار تشكيلها.
وأكد شومان أن هناك «هدفاً نبيلاً» من تشكيل اللجنة مرتبط بتطوير منظومة الإعلام لتتماشى مع التغيرات والتحولات الكبيرة التي حصلت في السنوات الماضية، مشيراً إلى أن «توافر الإرادة والرغبة السياسية لفتح المجال أمام الإعلام سيجعل هذا الهدف ممكناً».
لكن رئيس تحرير موقع «القاهرة 24» الكاتب الصحافي محمود المملوك يبدي لـ«الشرق الأوسط» تحفظاً على أي تشكيل حكومي بهدف تطوير الإعلام انطلاقاً من أن «وسائل الإعلام يجب أن تبقى على يسار السلطة، تحاسبها وتسعى لمراقبتها»، مشيراً إلى أن «تشكيل اللجنة أيضاً ضم أسماء لشخصيات أخفقت في إدارة مشاريع إعلامية من قبل وتسببت في إغلاقها، بالتالي ما القيمة التي يمكن أن يضيفوها في اللجنة»، على حد تعبيره.
وأضاف المملوك أن «ما يصلح للإعلام الحكومي لا يصلح بالضرورة للإعلام الخاص والعكس»، معتبراً أن «وجود مساحة للحرية وقبول الرأي والرأي الآخر، وإتاحة الفرصة للجميع من أجل الظهور عبر وسائل الإعلام المختلفة وتقبل النقد من دون اتهامات بالتخوين أو البحث عن مصالح شخصية سيكون البوابة الحقيقية للتطوير».



