ما تأثير تراجع استخدام «الهاشتاغ» على التفاعل في منصات «التواصل»؟

ما تأثير تراجع استخدام «الهاشتاغ» على التفاعل في منصات «التواصل»؟
TT

ما تأثير تراجع استخدام «الهاشتاغ» على التفاعل في منصات «التواصل»؟

ما تأثير تراجع استخدام «الهاشتاغ» على التفاعل في منصات «التواصل»؟

يبدو أن الفترة المقبلة ستشهد تراجعاً في استراتيجية تسويق الأخبار عبر «الهاشتاغ» التي كانت فعالة لسنوات، وذلك عقب إعلان «ميتا» تراجع الاعتماد على «الهاشتاغ» لتحقيق التفاعل والوصول، وتحديداً على «إنستغرام»، التي هي المنصة الأكثر استخداماً للهاشتاغات منذ إطلاقها. وتبع هذه الخطوة إعلان تطبيق «إكس» (تويتر سابقاً) عبر مالكه إيلون ماسك «انعدام جدوى استخدام الهاشتاغ (الكلمات المفتاحية) في العام الجديد»، مما أثار تساؤلات حول تأثير تراجع استخدام «الهاشتاغ» على التفاعل بمنصات التواصل الاجتماعي.

للتذكير، «الهاشتاغ» هو كلمة أو عبارة مسبوقة برمز #، تُستخدم على وسائل التواصل الاجتماعي لتصنيف المحتوى، مما يسهل على المستخدمين العثور على المنشورات المتعلقة بموضوع معين. لسنوات عديدة كان لـ«الهاشتاغ» دور بارز في تحقيق معدلات الوصول والتفاعل مع المنشورات، ومنها الأخبار. ووفق بيانات صدرت عن «شبكة موارد التعلم بكاليفورنيا» (CLRN) في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، «لا يزال نحو 95 في المائة من مستخدمي (إنستغرام) يعتمدون على الهاشتاغات لاكتشاف محتوى جديد».

الدكتور حسن مصطفى، خبير التسويق الرقمي والإعلام الجديد في الإمارات العربية المتحدة، قال لـ«الشرق الأوسط» معلقاً إن «الهاشتاغ كان في السابق أداة قوية لتنظيم المحتوى وجذب الجمهور المستهدف. ولكن مع تراجع دعمه من قبل منصات مثل (إنستغرام) و(إكس) من المتوقع أن ينخفض دوره كعامل رئيس في زيادة الوصول». وذكر أن السبب يكمن في «تغيير خوارزميات هذه المنصات التي تركز بشكل أكبر على جودة المحتوى وتفاعله بدلاً من الاعتماد على الكلمات المفتاحية أو الهاشتاغات».

مصطفى توقع أيضاً أن «يظل الهاشتاغ أداة ثانوية لتنظيم المحتوى بدلاً من كونه محركاً رئيساً للوصول، مع استمرار أهميته في بعض المنصات مثل (تيك توك) و(لينكد إن)، حيث لا يزال يشكل جزءاً أساسياً من استراتيجية الاستكشاف». وأضاف أن «التسويق بالمحتوى الجيّد يعتبر من أفضل طرق الوصول والتفاعل المستدام، وما زالت عبارة المحتوى هو الملك Content is The King تشكل حقيقة ماثلة». ومن ثم، نَصَح الناشرين «بضرورة الاعتماد في الوصول للجمهور المستهدف على تحسين جودة المحتوى، من خلال تلبية احتياجات الجمهور، ليضمن بذلك تفاعلاً، كما أنه سيحصل على أولوية في الخوارزميات».

مصطفى لفت أيضاً إلى أهمية التوجه نحو الفيديوهات القصيرة والمحتوى التفاعلي، موضحاً أن «(تيك توك) و(ريلز إنستغرام) أثبتا فعالية الفيديوهات القصيرة في الوصول لجمهور أوسع». ولضمان استمرارية معدلات الوصول للأخبار، رأى أن على الناشرين الاهتمام بـ«تحسين استراتيجيات تحسين محركات البحث (SEO)، وكذلك التعاون مع المؤثرين، فضلاً عن تفعيل أداة الإعلانات المدفوعة... التي هي من العوامل المهمة في الوصول بشكل أسرع وأكثر استهدافاً».

جدير بالذكر أن منصات مثل «تيك توك» لا تزال تولي أهمية لـ«الهاشتاغ». ووفقاً لبيانات صدرت عن «جمعية التسويق الأميركية» (American Marketing Association)، في أغسطس (آب) الماضي، فإن المنشورات التي تحتوي على 3 - 5 علامات تصنيف على الأقل إلى تحقيق انتشار أكبر. وأردفت أن «استخدام هاشتاغ مثل #fyp (صفحة For You) جمع ما يقرب من 35 تريليون مشاهدة... ثم إن استخدام الهاشتاغ على «فيسبوك» أقل أهمية، وقد يحمل آثاراً تفاعلية متفاوتة مما يستلزم اتباع نهج حذر واستراتيجي».

من جهته، في لقاء لـ«الشرق الأوسط» مع معتز نادي، الصحافي المصري والمدرب المتخصص في الإعلام الرقمي، قال نادي إن «ثمة تغييرات حثيثة تطغى على سوق الإعلام الرقمي وفضاء التواصل الاجتماعي، من ثم على الناشرين سرعة مجاراة التحديثات، لأن هذا من الأمور الحيوية التي يجب أن يلم بها الناشرون لضمان فعالية وصول المحتوى الذي يقدمونه إلى الجمهور المستهدف».

وعدّ نادي تحقيق التفاعل والوصول للأخبار مهمة تتطلب التكيف والتطوير، مضيفاً أنه «يجب أن يولي الناشرون أهمية لتطوير القوالب التي تضمن الانتشار مثل الفيديو على (تيك توك)، واتجاه الفئات الأصغر سناً إليه للبحث عن المعلومة وفقاً لتقارير معهد رويترز للصحافة قبل نحو سنتين، مما يعني أنه على وسائل الإعلام ومديري المحتوى على المنصات إدراك أهمية تلك المنصات بالتطور الدائم دون التوقف عند فكرة الهاشتاغات».

وأشار نادي إلى إمكانية تحسين معدلات الوصول من خلال «فن اختيار الكلمات في العناوين بما يتناسب مع العبارات المتداولة لضمان الوصول لأكبر قدر ممكن من الجمهور عند البحث عنها عبر مواقع التواصل الاجتماعي». ومن ثم شدد على أهمية «الاستفادة من الذكاء الاصطناعي والتطبيقات التي باتت المنصات تعتمد عليها، مثل (فيسبوك) و(واتساب) و(إكس)، لا سيما أن هذا الاتجاه سيشكل لغة خوارزميات المستقبل في نشر المحتوى».



إعلاميو فرنسا أمام معضلة البقاء مع «إكس» أو الابتعاد عنها

الصحف الفرنسية أمام التحدي
الصحف الفرنسية أمام التحدي
TT

إعلاميو فرنسا أمام معضلة البقاء مع «إكس» أو الابتعاد عنها

الصحف الفرنسية أمام التحدي
الصحف الفرنسية أمام التحدي

يرى البعض في فرنسا أن موسم رحيل «العصافير الزرقاء» يلوح في الأفق بقوة، وذلك بعدما أعلنت مجموعة كبيرة من الشخصيات والمؤسسات الإعلامية انسحابها من منصّة التواصل الاجتماعي «إكس» (تويتر سابقاً).

الظاهرة بدأت تدريجياً بسبب ما وصف بـ«الأجواء السامة» التي اتسّمت بها المنصّة. إذ نقلت صحيفة «كابيتال» الفرنسية أن منصة «إكس» فقدت منذ وصول مالكها الحالي إيلون ماسك أكثر من مليون مشترك، إلا أن الوتيرة أخذت تتسارع في الآونة الأخيرة بعد النشاط الفعّال الذي لعبه ماسك في الحملة الانتخابية الأميركية، ومنها تحويله المنصّة إلى أداة دعاية قوية للمرشح الجمهوري والرئيس العائد دونالد ترمب، وكذلك إلى منبر لترويج أفكار اليمين المتطرف، ناهيك من تفاقم إشكالية «الأخبار الزائفة» أو «المضللة» (الفايك نيوز).

نقاش إعلامي محتدم

ومهما يكن من أمر، فإن السؤال الذي صار مطروحاً بإلحاح على وسائل الإعلام: هل نبقى في منصّة «إكس»... أم ننسحب منها؟ حقاً، النقاش محتدم اليوم في فرنسا لدرجة أنه تحّول إلى معضلة حقيقية بالنسبة للمؤسسات الإعلامية، التي انقسمت فيها الآراء بين مؤيد ومعارض.

للتذكير بعض وسائل الإعلام الغربية خارج فرنسا كانت قد حسمت أمرها باكراً بالانسحاب، وكانت صحيفة «الغارديان» البريطانية الأولى التي رحلت عن المنصّة تاركة وراءها ما يناهز الـ11 مليون متابع، تلتها صحيفة «فون غوارديا» الإسبانية، ثم السويدية «داكنز نيهتر».

أما في فرنسا فكانت أولى وسائل الإعلام المنسحبة أسبوعية «ويست فرنس»، وهي صحيفة جهوية تصدر في غرب البلاد، لكنها تتمتع بشعبية كبيرة، إذ تُعد من أكثر الصحف الفرنسية قراءة بأكثر من 630 ألف نسخة تباع يومياً ونحو 5 ملايين زيارة على موقعها عام 2023. ولقد برّر نيكولا ستارك، المدير العام لـ«ويست فرنس»، موقف الصحيفة بـ«غياب التنظيم والمراقبة»، موضحاً «ما عاد صوتنا مسموعاً وسط فوضى كبيرة، وكأننا نقاوم تسونامي من الأخبار الزائفة... تحوّلت (إكس) إلى فضاء لا يحترم القانون بسبب غياب المشرفين». ثم تابع أن هذا القرار لم يكن صعباً على الأسبوعية الفرنسية على أساس أن منصّة التواصل الاجتماعي هي مصدر لأقل من واحد في المائة من الزيارات التي تستهدف موقعها على الشبكة.

بصمات ماسك غيّرت «إكس» (تويتر سابقاً)

«سلبيات» كثيرة بينها بصمات إيلون ماسك

من جهتها، قررت مجموعة «سود ويست» - التي تضم 4 منشورات تصدر في جنوب فرنسا هي «سود ويست»، و«لاروبوبليك دي بيريني»، و«شارانت ليبر» و«دوردون ليبر» - هي الأخرى الانسحاب من منصّة «إكس»، ملخصّة الدوافع في بيان وزع على وسائل الإعلام، جاء فيه أن «غياب الإشراف والمراقبة، وتحديد عدد المنشورات التابعة لحسابات وسائل الإعلام، وإبدال سياسة التوثيق القديمة بواسطة أخرى مدفوعة الثمن، كانت العوامل وراء هذا القرار».

أيضاً الموقع الإخباري المهتم بشؤون البيئة «فير» - أي «أخضر» - انسحب بدوره من «إكس»، تاركاً وراءه عشرين ألف متابع لدوافع وصفها بـ«الأخلاقية»، قائلا إن مضامين المنصّة تتعارض مع قيمه التحريرية. وشرحت جولييت كيف، مديرة الموقع الإخباري، أنه لن يكون لهذا القرار تأثير كبير بما أن الحضور الأهم الذي يسجّله الموقع ليس في «إكس»، وإنما في منصّة «إنستغرام»، حيث لديه فيها أكثر من 200 ألف متابع. ولكن قبل كل هؤلاء، كان قرار انسحاب برنامج «لوكوتيديان» الإخباري الناجح احتجاجاً على التغييرات التي أحدثها إيلون ماسك منذ امتلاكه «إكس» قد أطلق ردود فعل كثيرة وقويّة، لا سيما أن حساب البرنامج كان يجمع أكثر من 900 ألف متابع.

سالومي ساكي

... الفريق المتريّث

في المقابل، وسائل إعلام فرنسية أخرى فضّلت التريّث قبل اتخاذ قرار الانسحاب، وفي خطوة أولى اختارت فتح باب النقاش لدراسة الموضوع بكل حيثياته. وبالفعل، عقدت صحيفة «ليبيراسيون»، ذات التوجّه اليساري، جلسة «تشاور» جمعت الإدارة بالصحافيين والعمال يوم 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي للبحث في مسألة «البقاء مع منصّة (إكس) أو الانسحاب منها؟». وفي هذا الإطار، قال دون ألفون، مدير الصحيفة، في موضوع نشر بصحيفة «لوموند»، ما يلي: «نحن ما زلنا في مرحلة التشاور والنقاش، لكننا حدّدنا لأنفسنا تاريخ 20 يناير (كانون الثاني) (وهو اليوم الذي يصادف تنصيب دونالد ترمب رئيساً للمرة الثانية) لاتخاذ قرار نهائي».

الوضع ذاته ينطبق على الأسبوعية «لاكروا» التي أعلنت في بيان أن الإدارة والصحافيين بصّدد التشاور بشأن الانسحاب أو البقاء، وكذلك «لوموند» التي ذكرت أنها «تدرس» الموضوع، مع الإشارة إلى أن صحافييها كانوا قد احتفظوا بحضور أدنى في المنصّة على الرغم من عدد كبير من المتابعين يصل إلى 11 مليوناً.

من جانب آخر، إذا كان القرار صعب الاتخاذ بالنسبة لوسائل الإعلام لاعتبارات إعلانية واقتصادية، فإن بعض الصحافيين بنوا المسألة من دون أي انتظار، فقد قررت سالومي ساكي، الصحافية المعروفة بتوجهاتها اليسارية والتي تعمل في موقع «بلاست» الإخباري، إغلاق حسابها على «إكس»، ونشرت آخر تغريدة لها يوم 19 نوفمبر الماضي. وفي التغريدة دعت ساكي متابعيها - يصل عددهم إلى أكثر من 200 ألف - إلى اللّحاق بها في منصّة أخرى هي «بلو سكاي»، من دون أن تنسى القول إنها انسحبت من «إكس» بسبب إيلون ماسك وتسييره «الكارثي» للمنّصة.

وفي الاتجاه عينه، قال غيوم إرنر، الإعلامي والمنتج في إذاعة «فرنس كولتو»، بعدما انسحب إنه يفضل «تناول طبق مليء بالعقارب على العودة إلى (إكس)». ثم ذهب أبعد من ذلك ليضيف أنه «لا ينبغي علينا ترك (إكس) فحسب، بل يجب أن نطالب المنصّة بتعويضات بسبب مسؤوليتها في انتشار الأخبار الكاذبة والنظريات التآمرية وتدّني مستوى النقاش البنّاء».

«لوفيغارو»... باقية

هذا، وبين الذين قرّروا الانسحاب وأولئك الذين يفكّرون به جدياً، يوجد رأي ثالث لوسائل الإعلام التي تتذرّع بأنها تريد أن تحافظ على حضورها في المنصّة «لإسماع صوتها» على غرار صحيفة «لوفيغارو» اليمينية. مارك فويي، مدير الصحيفة اليمينية التوجه، صرح بأنها لن تغيّر شيئاً في تعاملها مع «إكس»، فهي ستبقى لتحارب «الأخبار الكاذبة»، وتطالب بتطبيق المراقبة والإشراف بحزم وانتظام.

ولقد تبنّت مواقف مشابهة لـ«لوفيغارو» كل من صحيفة «لي زيكو» الاقتصادية، ويومية «لوباريزيان»، وقناة «تي إف1» و«إم 6»، والقنوات الإخبارية الكبرى مثل «بي إف إم تي في»، و«سي نيوز». وفي حين تتّفق كل المؤسّسات المذكورة على أن المنّصة «أصبحت عبارة عن فضاء سام»، فهي تعترف في الوقت نفسه باستحالة الاستغناء عنها، لأن السؤال الأهم ليس ترك «إكس»، بل أين البديل؟ وهنا أقرّ الصحافي المعروف نيكولا دوموران، خلال حوار على أمواج إذاعة «فرنس إنتير»، بأنه جرّب الاستعاضة عن «إكس» بواسطة «بلو سكاي»، لكنه وجد الأجواء مملة وكان النقاش ضعيفا، الأمر الذي جعله يعود إلى «إكس»، حيث «الأحداث أكثر سخونة» حسب رأيه.

أما الصحافي المخضرم جان ميشال أباتي، فعلى الرغم من انتقاده الشديد للمنصّة وانسحاب برنامج «لوكوتيديان» - الذي يشارك فيه - من «إكس» - فإنه لم يفكر في إغلاق حسابه لكونه الإعلامي الفرنسي الأكثر متابعة؛ إذ يسجل حسابه أكثر من 600 ألف متابع.

في هذه الأثناء، وصفت كارين فوتو، رئيسة موقع «ميديا بارت» الإخباري المستقّل الوضع «بالفخ الذي انغلق على وسائل الإعلام»، حيث «إما البقاء وتعزيز أدوات الدعاية لليمين المتطرّف وإما الانسحاب والتخلّي عن مواجهة النقاش». وللعلم، من الملاحظ أن المنصّة غدت حاجة شبه ماسة لأصحاب القرار والساسة، حيث إن بعضهم يتوجه إليها قبل أن يفكّر في عقد مؤتمر صحافي، وهذا ما حدا بالباحث دومينيك بوليي، من معهد «سيانس بو» للعلوم السياسية، إلى القول في حوار لصحيفة «لوتان» إن منصّة «إكس» بمثابة «الشّر الذي لا بد منه»، إذ تبقى المفضّلة لدى رجال السياسة للإعلان عن القرارات المهمة، وللصحافيين لتداولها والتعليق عليها، مذكّراً بأن الرئيس الأميركي جو بايدن اختار «إكس» للإعلان عن انسحابه من السباق الرئاسي الأخير.