هل تنجح المصافحة الحارة بين الإعلام السعودي والمستقبل؟

متخصّصون شرحوا لـ«الشرق الأوسط» المقوّمات والاحتياجات لإنجاح «التحول الإعلامي»

للمرة الأولى تاريخيّاً يتحدّث وزير الإعلام في السعودية عن مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد (واس)
للمرة الأولى تاريخيّاً يتحدّث وزير الإعلام في السعودية عن مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد (واس)
TT

هل تنجح المصافحة الحارة بين الإعلام السعودي والمستقبل؟

للمرة الأولى تاريخيّاً يتحدّث وزير الإعلام في السعودية عن مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد (واس)
للمرة الأولى تاريخيّاً يتحدّث وزير الإعلام في السعودية عن مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد (واس)

كغيره من القطاعات الحيوية، يحظى قطاع الإعلام السعودي بسيل دائم من التناول حول مخرجاته وإمكاناته، لكن المختلف فيه، أنه يتمتّع بمساحة مفتوحة من النقاش يشارك فيها كل ذي علاقة، ومَن هو غير ذلك، وأحياناً تأتي الآمال والطموحات أكبر من الواقع بكثير، بينما في أحيان أخرى تكون مختلفة عن حقيقة المهمة الوطنية للقطاع، الذي مر بتأرجحات تاريخيّة، أسهمت في استيعاب التحديات، لكنها لم تعالجها بشكل تام.

منذ الثلث الأخير من عام 2023، ومطلع العام الجاري، شهد قطاع الإعلام في السعودية حراكاً نشِطاً لم يختلف عليه اثنان، ما بين مبادرات واستراتيجيات، أُعلن عنها ويُنتظر أن ترى النور قريباً، وانتخابات تاريخية لعضوية «مجلس إدارة هيئة الصحافيين»، ومعرض متخصص شارك فيه عدد من الشركات الإعلامية وعرضت من خلاله آخر ما توصّلت إليه التقنيات الإعلامية، ومنتدى إعلامي شهد حضور 2000 مشارك، وغيرها.

سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، أعلن خلال افتتاحه «المنتدى السعودي للإعلام» بنسخته الثالثة، في 20 من فبراير (شباط) الجاري، أن عام 2024 هو عام «التحول الإعلامي في المملكة»، وستكون معاييره هي الأرقام، والمؤشرات، ومرتكزاته الشغف، والعمل، وفقاً للدوسري الذي حدّد أيضاً مستهدفَين بارزين لهذا العام (المساهمة بـ16 مليار ريال في الناتج المحلي الإجمالي لعام 2024، بزيادة 1.5 مليار ريال عن عام 2023، واستحداث أكثر من 67 ألف وظيفة في قطاع الإعلام، بزيادة 11 وظيفة)، مستنداً إلى 3 استراتيجيات وعدد من المشاريع والمبادرات والشراكات.

وكان لافتاً أنه وللمرة الأولى تاريخيّاً، يتحدّث وزير الإعلام في السعودية عن مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، ورقم الوظائف المستحدثة، مما يضع القطاع في قلب العجلة التنموية للبلاد، فهل يملك القطاع المقوّمات والأدوات اللازمة لتحقيق مستهدفات «عام التحول الإعلامي»؟

تكلّم مختصّون ومهتمون بالقطاع من مواقعهم المختلفة لـ«الشرق الأوسط» حول توقّعاتهم لـ«عام التحول الإعلامي 2024»، وأجابوا عن تساؤلات دارت حول «فرص نجاح المصافحة الحارة بين الإعلام السعودي والمستقبل» من ثلاثة جوانب محددة هي: المشاريع، والشراكات، والتدريب. واتفق المتكلمون على عدد من النقاط، أهمها أن الحراك الذي يتمتع به القطاع خلال هذه المرحلة، ليس حراكاً تنظيميّاً أو يندرج تحت تسجيل الحضور فقط، إنما هو حراك حقيقي على جانبي القطاع الحكومي والخاص. وأنه مثل كل قطاع حيوي مهم، دائماً هناك فرص للنمو، ولكن التحدي الأكبر في الاستدامة... هناك تحديات أخرى تجب معالجتها مثل التدريب والتأهيل وتنمية القدرات البشرية، لكن الاستثنائية في هذه المرحلة بالنسبة لقطاع الإعلام السعودي، هو أنّه يتزامن مع ورشة عمل تنموية كبرى (رؤية 2030) تدور رحاها كل يوم في البلاد، كما أن هذا الحراك هو وسيلة، من أجل تحقيق غاية «التحول الإعلامي».

فيصل العقيل (الشرق الأوسط)

العقيل: سوق إعلامية تجاوزت قيمتها 20 مليار ريال

د.فيصل العقيل، رئيس قسم الاعلام بجامعة الملك سعود، حدّد عدة عوامل ينبغي الوعي بها والعمل وفقاً لأهميتهاً لإنجاح التحول الإعلامي لهذا العام، أولها «العمل الجمعي والتعاوني بين المنظومات المعنية بالشأن الإعلامي كافة سواء كانت في الجهات المشرِّعة كوزارة الإعلام وقطاعاتها المختلفة أو القطاعات الأكاديمية كالجامعات المسؤولة عن تغذية هذا المجال بالكوادر البشرية».

وأضاف العقيل في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «السوق الإعلامية التي تجاوزت قيمتها 20 مليار ريال وتسيطر على نصيب لا بأس به من الناتج المحلي الإجمالي، وجود خطط منظِّمة لهذا التعاون بالإضافة إلى تنظيم السوق والاستفادة من الخبرات وتفعيل الاستراتيجيات التي تحدث عنها وزير الإعلام، ستلعب دوراً جوهريّاً في التحول الإعلامي في السعودية».

 

الدحيّه: «أهم منجز شهده حقل الإعلام هو إعلان استراتيجية قطاع الإعلام»

من جهته، اتفق سعيد الدحيّه، رئيس قسم الصحافة والإعلام الجديد في جامعة الإمام محمد بن سعود، مع جزء من حديث زميله فيصل العقيل، وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «أهم منجز شهده حقل الإعلام في السعودية أخيراً هو إعلان استراتيجية قطاع الإعلام». وأوضح الدحيّه: «الحق أن قطاع الإعلام وصل متأخراً في سياق التحول الوطني الشامل، ولعل ما نشهده أخيراً يستمر في التنامي مستحضراً سياق الإعلام التقليدي وسياق الإعلام والاتصال الرقمي، مع تأكيد أهمية ألا ننصرف نحو قراءة الأرقام الإحصائية حيال المشاهدات والتفاعل والوصول ونحوها بصورة كاملة، على حساب الأثر النوعي الذي يحتل مرتبة الصدارة في مجال تصميم الاستراتيجيات الإعلامية والاتصالية على وجه التحديد. إذ إن الرقم عنصر سائل ضمن بيئة السيولة الاتصالية الرقمية القائمة على فكرة المحو والتحول، في حين تتركز الأهمية حول الأثر النوعي الصلب عبر المؤسسات الصلبة التي تستحق العناية».

 

تدريب وتأهيل الكوادر البشرية

العقيل والدحيّه اتفقا في عنصر تغذية القطاع بالكوادر البشرية من جانب الجامعات. وأكد العقيل أن العمل جارٍ في جامعة الملك سعود «مع قطاعات حكومية وخاصة في ما بعد المقررات الدراسية لربط الخريجين بسوق العمل عبر برامج التدريب والتوظيف. ونحن نسعى لتوثيق العلاقة بشكل أكبر مع هذه الجهات وغيرها لرفع جودة المخرجات بما يتناسب مع حاجة السوق. أما السبب فهو استشعارنا أهمية المواطنة وبناء ذاتنا إعلامياً عبر بناء الشباب السعودي ليكون مؤهلاً لقيادة إعلام بلده بكل كفاءة». وهنا أشار الدحيّه إلى «جدارة الشباب السعودي وقدرته على الإنجاز في القطاع الإعلامي»، وبرهن على ذلك بـ«مخرجات كليات وأقسام الإعلام في الجامعات السعودية بالتعاون مع جهات التدريب والتوظيف، وأشيد عالياً بخطوات التعاون الإيجابي، وأرجو أن يوازيها توجه واضح نحو التمكين الكامل».

من شأن تعليقات العقيل والدحيّه، وهما رئيسا قسمين للصحافة والإعلام في اثنتين من أهم الجامعات السعودية، أن تسلّط مزيداً من الضوء على إعلان وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري، يوم 20 فبراير (شباط) الجاري، إطلاق «الأكاديمية السعودية للإعلام»، التي تهدف إلى التمكين والتطوير والتدريب في تخصصات المستقبل، لتصبح الأكاديمية الإعلامية الخامسة في البلاد.

 

3 استراتيجيات دفعة واحدة

تميّزت تنمية القطاعات الرئيسية في البلاد خلال السنوات الأخيرة بالانطلاق من خلال استراتيجيات وطنيّة. وهذا ما لم يحظَ به قطاع الإعلام السعودي –آنذاك- الذي يُشارف عمره الحقيقي على إتمام المائة سنة الأولى.

منذ البدايات الأولى، عندما انطلقت صحيفة «أم القرى» يوم 12 سبتمبر (أيلول) 1924، وتلاها تأسيس وزارة الإعلام بمرسوم ملكي من الملك فيصل في مطلع مارس (آذار) عام 1963، لم يشهد قطاع الإعلام الرسمي السعودي، إطلاق استراتيجيّات كبرى من النوع الذي أعلن عنه وزير الإعلام السعودي أخيراً دفعة واحدة. إذ أُعلن عن 3 استراتيجيات تسير عليها منظومة الإعلام وتمثل خريطة طريق نحو إعلام المستقبل، وتسهم في تعزيز القطاع الإعلامي ورفع الجاذبية الاستثمارية، وأيضاً تعزيز كفاءة الكوادر الوطنية، لتتكامل بذلك مع استراتيجية «الهيئة العامة لتنظيم الإعلام»، التي أُعلن عنها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

على صعيد الأرقام، من شأن الاستراتيجية المزمعة لهيئة الإذاعة والتلفزيون، على سبيل المثال، أن تكون تحت المجهر خلال المرحلة القادمة، خصوصاً من ناحية المحتوى المرئي المنتظَر، وسط تركيز المراقبين والمتابعين على جودته ورصانته وارتباطه بما ينتظرونه من الهيئة. وذلك بعدما أظهرت أرقام رصدتها شركة «التصنيف الإعلامية MRC»، نسب مشاهدات مرتفعة للتلفزيون في السعودية خلال العام المنصرم 2023، خصوصاً أن الشركة ذاتها استخرجت التصريح الوحيد من «الهيئة العامة لتنظيم الإعلام» الخاصة بقياس نسب المشاهدين في السعودية. وأظهرت البيانات أن مشاهدة التلفزيون في المنازل لا تزال قوية، مع نحو 19 مليون مشاهدة غير متكررة، أي ما يعادل نحو 93 في المائة من المشاهدين كل شهر، ويبلغ متوسط وقت المشاهدة اليومي نحو 4 ساعات و50 دقيقة.

الاستراتيجية المزمعة لهيئة الإذاعة والتلفزيون ستكون تحت المجهر خلال المرحلة القادمة مع ارتفاع المشاهدات للتلفزيون في شهر رمضان الماضي إلى 50 % (موقع الهيئة)

وأضافت البيانات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من «MRC»، أن مشاهدة التلفزيون في السعودية «نشاط عائلي»، إذ إن ما يقرب من 80 في المائة من إجمالي المشاهدات على أجهزة التلفزيون في المنزل هي مشاهدات مشتركة، وقفزت نسبة المشاهدين الذين يشاهدون التلفزيون لمدة 16 يوماً أو أكثر في الشهر من 40 في المائة إلى 50 في المائة في شهر رمضان من العام الماضي.

المتخصّص في إدارة المؤسسات الإعلامية حبيب الشمري، رأى أن «هناك حراكاً كبيراً وواضحاً يتزامن معه إطلاق الاستراتيجيات الثلاث، بالإضافة إلى استراتيجية الهيئة العامة لتنظيم الإعلام من أجل أن تكون قادرة على احتواء هذا الحراك والتحديث، فالمشاريع الإعلامية التي أُطلقت خلال العام الماضي والحالي تهدف إلى رفع كفاءة وجودة المحتوى المحلي إضافةً إلى زيادة نصيب الإعلام المحلي من الوظائف والموظفين».

وطرح الشمري نماذج على ذلك: «نقل بعض القنوات الإقليمية ليكون مقرها في مدينة الرياض، أو إطلاق قنوات وخدمات إعلامية جديدة، ناهيك بالاتفاقيات الإعلامية التي تعقدها الشركات الإعلامية المحلية والهيئات الحكومية مع المؤسسات الإعلامية والتقنية العالمية ومعاهد صناعة الإعلام حول العالم بهدف توسيع الشراكات والاستثمارات وبناء العلاقات، في مجالات كثيرة على غرار إنتاج المحتوى الرقمي وتطوير المنصات الرقمية وخدمات الأبحاث الإعلامية، وتنظيم الفعاليات المتخصصة في مجال الإعلام، تصل في النهاية إلى الهدف الأهم وهو تطوير رأس المال البشري من خلال دعم الابتكار وزيادة فرص التدريب».

 

الشراكة مع شركات التقنية العالمية

وفي جانب الشراكة مع شركات من طراز «غوغل» و«هواوي» و«علي بابا» وغيرها، أجاب حبيب الشمري على سؤال لـ«الشرق الأوسط» بأن «تلك المؤسسات العالمية تستطيع أن تغير من واقع واستراتيجيات الهيئات والمؤسسات الإعلامية المحلية لمساعدتها على مواكبة التغيرات العالمية السريعة في مجال الإعلام، ولتكون أكثر حيوية ومنافسة من خلال احتكاكها بالشركات العالمية والاستفادة من تجاربها في نقل هذه المعرفة التقنية والإعلامية».

من زاوية أخرى، رأى الشمري أن «رؤية السعودية 2030 ركّزت في جزء من مبادراتها وبرامجها على مفهوم التوطين خصوصاً في التقنية والصناعات المختلفة، وبما لا يقل أهمية عن الصناعة هناك أيضاً تركيز على توطين ونقل المعرفة في مجالات مثل الإعلام ورفع كفاءة وتنافسية المحتوى المحلي في كل مجالات الإعلام... وهي شراكات ذات أهمية بالغة، إذ إن مثل هذه الشركات تقود المشهد العالمي إنْ صحَّ التعبير في مجال الابتكار وسوق المنتجات والتطبيقات الإعلامية وحتى في صناعة وتوجيه الرأي العام».

معرض «فومكس»

توطين أمن المحتوى والبيانات

ونتيجة لذلك، يضع حبيب الشمري إصبعاً على جانب ذي أبعاد مختلفة لجهة «أمن المحتوى والبيانات». ذلك أن شركات التقنية العملاقة مثل هذه الشركات، وفقاً لوصفه، «خلقت تحوّلات وتغيرات كبيرة بابتكاراتها التي تضم الذكاء الاصطناعي والحوسبة والتخزين السحابي، الأمر الذي يقودنا إلى قضية حساسة هي أمن المحتوى والبيانات ومسألة مَن لديه القدرة على امتلاك أو حتى الوصول إلى هذه البيانات، فالتوطين في مجال حساس كهذا أصبح أمراً بالغ الأهمية عند صانع القرار».

المهندس بندر المشهدي، الرئيس التنفيذي لشركة التصنيف الإعلامية «MRC»، اتفق هنا مع حبيب عبد الله، لكنه اشترط للتعاون أن يكون «بشكل شفاف ومستدام كي تعود الفوائد على الجميع وتحافظ على سيادة وحماية المعلومات الحساسة». وتابع أن الشراكات مع هذه الشركات المرموقة تُعزِّز بشكل عام قدرات وزارة الإعلام في مجال التكنولوجيا والاتصالات، وتسهم في تحسين الخدمات المقدمة ونطاق وصول المعلومات.

إنَّ جزءاً من المطالبات التي اعتاد قطاع الإعلام السعودي على تلقّيها كان أن يرتقي إلى مستوى الطموحات والإنجازات الجارية ضمن ورشة العمل الكبرى في البلاد، وفي هذه اللحظة الفارقة في تاريخ الإعلام السعودي، تتجه صوب متابعة تفاصيل التحوّل، ومعالجة مسائل الاستثمار واللوائح والتدريب والمحتوى، وغيرها، وعطفاً على تلك الاحتياجات التي يسردها الخبراء والمختصون وأبناء القطاع دائماً، فإن الأرقام والمؤشّرات، ستكون الشاهد الرئيسي، والمعيار الأساسي لقياس مستوى التحول.

وعطفاً على ذلك؛ هل تنجح المصافحة الحارّة بين الإعلام السعودي والمستقبل؟



تميم فارس: «ديزني+» تعرض محتوى يلائم ثقافة المنطقة ويحترمها ويراعيها... ونعمل على توسيع شراكاتنا

شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
TT

تميم فارس: «ديزني+» تعرض محتوى يلائم ثقافة المنطقة ويحترمها ويراعيها... ونعمل على توسيع شراكاتنا

شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)

شدد تميم فارس، رئيس «ديزني+» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، على أن منصة «ديزني+» مهتمة بالعمل على «تقديم محتوى يلائم ويحترم ويراعي الثقافة المحلية للجمهور» في المنطقة. وأشار إلى أن «ديزني+» ماضية قدماً ليس فقط في تقديم أفلام ومسلسلات مشهورة مع ضمان ملاءمتها واحترامها للثقافة المحلية، بل إن «جميع المحتوى الموجه إلى الجمهور تجري مراجعته بدقة لتحقيق هذه الغاية».

تميم استهلّ اللقاء بقوله «أولاً وقبل كل شيء، يسعدني أننا أطلقنا منصة هنا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فهذه المنطقة غنية بالثقافة والتراث والتقاليد. ولقد كان بمثابة حلم يتحقق أن نقدّم هذا المحتوى المميز إلى الجمهور المحلي العاشق للسينما والترفيه».

وتابع، من ثم، ليتطرّق إلى مواجهة بعض التحديات خلال هذه الرحلة فيقول: «ونحن بعد سنتين تقريباً على إطلاق (ديزني+)، نواصل - مثلاً - التعلّم من جمهورنا، وتنقيح محتوى المنصة؛ كي يراعي الثقافة المحلية للمشاهدين في المملكة العربية السعودية. ويشمل هذا نهجنا المحلي للمحتوى، وهذه أولوية كبيرة بالنسبة لنا».

إطلاق «ديزني+»

تميم فارس شرح أن «ديزني+» منصة توفّر خدمة عرض المحتوى الترفيهي حول العالم، منذ إطلاقها في عام 2022 في 16 سوقاً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأنها «تعرض مجموعة واسعة من أشهر القصص من إنتاج شركة (والت ديزني)، بما في ذلك الأفلام والمسلسلات والأفلام الوثائقية والأعمال الأصلية الحصرية من إنتاج (ديزني) و(بيكسار) و(مارفل) و(ستار وورز) و(ناشيونال جيوغرافيك) وغيرها الكثير».

ثم ذكر أن كثيرين اعتادوا مشاهدة الأفلام الكلاسيكية من «ديزني» بدءاً بـ«الأسد الملك» و«علاء الدين»، ووصولاً إلى «موانا» و«إنكانتو». بالإضافة إلى عرض هذه الأفلام العائلية المفضلة على «ديزني+»، فهي متوافرة كذلك للمشاهدة بخياري الدبلجة باللهجة المصرية أو اللغة العربية الفصحى المعاصرة.

وبعدها علّق من واقع تجربته الشخصية: «أنا مثلاً، نشأت على مشاهدة الكثير منها مدبلجاً بصوت أشهر الممثلين والممثلات مثل محمد هنيدي ومنى زكي وعبلة كامل وخالد صالح، والآن أُتيحت لي فرصة مشاهدتها مرة أخرى مع ابني زين على المنصة».

ثم لفت إلى أن «ديزني+» تقدّم محتوى جديداً باستمرار، بما في ذلك الإصدارات السينمائية الحديثة والضخمة الصيفية، وكان آخرها فيلم «قلباً وقالباً 2» من إنتاج «ديزني» و«بيكسار» على «ديزني+» في 25 سبتمبر (أيلول) الماضي. وأفاد بأن «هذا الفيلم تصدّر قائمة أفلام الأنيميشن الأعلى تحقيقاً للإيرادات على الإطلاق، وجارٍ الآن عرضه حصرياً على (ديزني+)... وفي الواقع، يجري عرض أعمال (ديزني) السينمائية كافّة على منصة (ديزني+) في نهاية المطاف».

تميم فارس، رئيس "ديزني+" في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (ديزني)

التكيّف مع المشهد التنظيمي الإقليمي

من جانب آخر، بالنسبة إلى الامتثال للقوانين المحلية للبث، أكد تميم فارس أن «فريقنا الإقليمي في (ديزني+) يقدّر الثقافة العربية تماماً، وأنا بصفتي أباً عربياً، أشارك تجربة شخصية مع ابني زين البالغ من العمر 7 سنوات؛ إذ نشاهد المحتوى معاً أو يشاهده بمفرده أحياناً. لذلك، أحرص على أن يكون ما يشاهده آمناً ومناسباً لثقافتنا العربية، ويتماشى مع قيمنا وتقاليدنا وأعرافنا».

وأردف: «وكما ذكرت سابقاً... المحتوى هو الركيزة الأساسية لكل ما نقدّمه. ومنذ إطلاق المنصة، أنشأنا فريق امتثال متخصصاً على المستوى المحلي، وهو الفريق المسؤول عن مشاهدة المحتوى المعروض ومراجعته وفحصه بدقة. ولا يُجاز شيء إلا بعد تأكد هذا الفريق من أن كل كلمة تُنطق أو تُترجم أو تُدبلج تتوافق أو يتوافق مع قيمنا العربية وتقاليدنا. ولا بد أن يتوافق المحتوى الموجه إلى الجمهور الأصغر سناً مع هذه الإرشادات ليصار إلى عرضه على (ديزني+)».

وفي الاتجاه نفسه ركّز تميم على أنه «بالإضافة إلى فريقنا، ونظراً إلى أنني أب عربي لابن صغير، أدرك أن ابني يستطيع مشاهدة مسلسلاته وأفلامه المفضلة ضمن بيئة آمنة ومناسبة لكل أفراد العائلة من دون استثناء، وذلك من خلال تمكين الوالدين من ضبط إعدادات المشاهدة بسهولة مطلقة لمراقبة المحتوى الذي يشاهده الأطفال، بما في ذلك خيار إعداد حسابات خاصة بهم وحمايتها من خلال رمز سري».

وأضاف شارحاً: «وحقاً، نحن نولي أهمية قصوى للحفاظ على صدقنا وأصالتنا تجاه جمهورنا العربي، ونلتزم بتقديم محتوى عالي الجودة يتماشى مع قيمنا العربية الأصيلة. وبصفتي أباً، أشعر بالطمأنينة لمعرفة أن أطفالي يستمتعون بمحتوى آمن ومناسب لأعمارهم».

استراتيجيات «ديزني+» في المنطقة

وحول استراتيجيات «ديزني+» في منطقة الشرق الأوسط، أوضح أن المحتوى الذي تقدمه المنصة كفيلٌ بالتأكيد على مدى نجاحها، وقال: «منصة (ديزني+) تعرض ثمانية من أفضل عشرة أفلام تحقق أعلى مستوى مبيعات حول العالم التي تُعرض تقريباً معظمها بشكل حصري على (ديزني+)، ويمكن لمشاهدي المنصة مشاهدة آلاف المسلسلات والأفلام من إنتاج (ديزني) و(بيكسار) و(مارفل) و(ستار وورز) و(ناشيونال جيوغرافيك) والمحتوى الترفيهي للبالغين من (ستار). إننا نقدم حقاً المحتوى الذي يناسب تفضيلات الجميع من الفئات العمرية كافّة ومختلف شرائح المجتمع».

وزاد: «إننا نحرص دوماً على عرض الأعمال الجديدة على منصتنا، لكننا ندرك في الوقت نفسه أن خيارات مشاهدينا المفضلة تتغيّر وتتوسع لتشمل رغبتهم في مشاهدة المحتوى العالمي أيضاً». وتابع: «لقد بادرنا مثلاً إلى تنظيم مجموعات متخصصة في الكثير من المدن السعودية، للتفاعل مع المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي والوقوف على المحتوى الذي يشاهدونه عبر المنصة. وفي الوقت نفسه، نحرص دوماً على الاستفادة من عملائنا المحليين والارتقاء بإمكاناتنا والمحتوى الذي نقدمه إليهم؛ كي ننجح في توفير خدمات تلبي احتياجات المنطقة».

المحتوى المحلي

تميم فارس قال إن «ديزني+» تتطلع لمزيد من الأعمال والإنتاجات التي تعزّز مكانتها في المنطقة، وبالتحديد على المستوى المحلي، «على سبيل المثال، أعلنا شعارنا الجديد الذي يضم للمرة الأولى على الإطلاق كلمة (ديزني) باللغة العربية. وبادرنا إلى إطلاق أول حملة إعلانية ننتجها محلياً على الإطلاق، ويشارك فيها فريق عمل سعودي بامتياز يضم أشهر صناع المحتوى المحليين، لتعزيز شعور المشاهدين على مستوى المنطقة بالشمولية والانتماء».

ثم أضاف: «وثانياً هناك المحتوى الذي تقدّمه المنصة؛ حيث نؤكد مواصلة التزامنا بتقديم محتوى جديد ومتنوع والحفاظ على مكانتنا الحالية، من خلال إضافة أعمال جديدة إلى مكتبتنا الضخمة من المحتوى الذي نعرضه للمشاهدين كل يوم... ونحرص على تقديم المحتوى الترفيهي الذي يرتقي إلى مستوى تطلعات المشاهدين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتفضيلاتهم، بدءاً من الأعمال العالمية التي تحقق نجاحاً كبيراً وصولاً إلى المحتوى المحلي المدبلج باللغة العربية».

ومع تشديده على أن جميع الأفلام والمسلسلات والبرامج التي تُعرض على «ديزني+» تتوافق بالكامل مع المتطلبات التنظيمية المحلية السعودية، أوضح تميم أن المنصة تسعى باستمرار إلى عقد مزيد من الشراكات مع أبرز الشركات المزودة لخدمات الاتصالات، مثل شركة الإمارات للاتصالات المتكاملة «دو»، وشركة اتصالات «زين» في الكويت، لتوفير مجموعة من خيارات الاشتراك، وتتطلّع إلى مواصلة عقد مزيد من الشراكات خصوصاً في السعودية في المستقبل القريب.

واختتم بتسليط الضوء على عروض الأفلام الوثائقية المرتبطة بالمنطقة، فقال: «نعرض حالياً فيلم (كنوز الجزيرة العربية المنسية) على منصة (ناشيونال جيوغرافيك)، لتمكين المشاهدين من رؤية ثقافتهم الغنية وتراثهم العريق من زاوية مختلفة، وننظر أيضاً في فرص توسيع نطاق المحتوى الذي نقدمه إلى المشاهدين، من خلال بناء شراكات واتفاقيات تعاون مع مجموعة محلية من صناع المحتوى وشركات الإنتاج».