دعم مطلق لإسرائيل في الإعلام الألماني

منسجماً مع سياسة الحكومة الاتحادية إزاء «حرب غزة»

تجاهل آلام غزة (ا ب)
تجاهل آلام غزة (ا ب)
TT

دعم مطلق لإسرائيل في الإعلام الألماني

تجاهل آلام غزة (ا ب)
تجاهل آلام غزة (ا ب)

تشبه تغطية الصحافة الألمانية للحرب في غزة موقف الحكومة الألمانية من تلك الحرب إلى حد بعيد. فالتوازن في التعامل مع القصة شبه غائب في الإعلام الألماني، كما هو غائب في التصريحات السياسية منذ هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. فمنذ اليوم الأول الذي تلا عملية «حماس» في إسرائيل، خرجت الصحف الألمانية بافتتاحيات تتحدث عن ضرورة أن تقدم ألمانيا الدعم غير المشروط لإسرائيل في الدفاع عن نفسها، مستندة إلى المسؤولية التاريخية للدولة التي تسببت بـ«المحرقة» النازية، وتتعهد منذ ذلك الحين بـ«ألا يتكرّر ذلك».

صحف ألمانيا... تأييد بلا تحفظ للسردية الإسرائيلية (د ب ا)

بعدها، في أعقاب اشتداد القصف الإسرائيلي على امتداد قطاع غزة وارتفاع أعداد الضحايا المدنيين، ورغم اتهام منظمات دولية لإسرائيل بخرق القانون الدولي واستهداف المدنيين بشكل عشوائي، ظلت الصحف والقنوات الألمانية تدافع عن استمرار الحرب، وتتجاهل أعداد الضحايا من المدنيين. بل مع أنها تذكر أعداد القتلى نقلاً عن وزارة الصحة في غزة، فهي دائماً تشير إلى أن الوزارة مرتبطة بـ«حماس»، وأنه، بالتالي، «لا يمكن التأكد من صحة الأرقام». ومن ثم، فإنها تغيّب القصص الإنسانية الواردة من غزة بشكل كامل تقريباً، في حين تركز القصص الإنسانية على الضحايا الإسرائيليين.

مقر دار شبرينغر(أ ف ب / غيتي)

من جهة ثانية، يهتم الصحافيون الألمان الذين يغطون الحرب كثيراً بتقارير وروايات الجيش الإسرائيلي ويعرضونها من دون تشكيك. وتبدو القنوات والصحف الألمانية وكأنها تبرّر استهداف إسرائيل للمستشفيات والمدارس في القطاع، ودائماً تقرن قصصها عن استهداف الإسرائيليين للمقرات المدنية بأن «حماس» تستخدمها مخازن أسلحة. وهنا تستعين بخبراء قانونيين يسندون هذه النظرية، علما بأن الأمم المتحدة تقول بأنه لا يجوز، بحسب المواثيق الدولية، استهداف المستشفيات حتى ولو كانت تستخدم من قبل مسلحين.

المستشار الألماني أولاف شولتز (رويترز)

وعلى سبيل المثال، نقلت صحيفة «تزايت»، التي تعد من أكثر الصحف يسارية، عن شتيفان تالمون، الخبير في القانون الدولي، قوله إنه «حتى المدارس يمكن أن تصبح هدفاً مشروعاً إذا استخدمها الطرف الآخر عسكرياً»، مضيفاً: «يتعين تبرير كل حالة بمفردها». وحيال القصف الإسرائيلي لمستشفى الشفاء في مدينة غزة قال تالمون: «إنه مبرّر، ويعدّ إجراءً متوازياً بسبب وجود مقاتلين من (حماس) بداخله».

كذلك تطرقت صحيفة «تسودويتشه تزايتونغ» إلى النقطة نفسها، ونقلت عن خبراء بأنه «يتوجب» على إسرائيل أن تثبت أن «حماس» تستخدم المستشفيات والمدارس التي تتعرض للقصف لأهداف عسكرية، قبل أن تستدرك فتضيف، نقلاً عن البروفسور شتيفان أوتر من جامعة هامبورغ، قوله: «في حالات القتال لا يمكن فرض المعايير نفسها للأدلة، بل يكفي جعل إسرائيل فرضية استخدام المكان مقراً عسكرياً، ممكناً».

في السياق نفسه، لم تنتقد وسائل الإعلام الألمانية قرار حكومة المستشار أولاف شولتز حظر التجمعات المؤيدة لفلسطين، بل دافعت عنه. بل إن مجلة «فوكس» كتبت على موقعها مقالاً تحت عنوان «اليهود أو العرب العنيفون: علينا أن نختار من نبقي منهم عندنا». وانتقد المقال مظاهرة من المظاهرات القليلة التي سمحت بها الشرطة، وخرجت تدعو لوقف الحرب. وضمن المقال، دعا الكاتب ليس فقط إلى نزع الجنسية الألمانية عن المشاركين في المظاهرات الذين وصفهم بأنهم من المعادين للسامية، ولكن أيضاً إلى وقف التعديلات على قانون الجنسية الذي يقلّص عدد السنوات للحصول على الجنسية، ويسمح بتعددها الجوازات. وللعلم، كانت الحكومة الألمانية قد أجلت تعديل القانون بسبب الحرب على غزة، وقالت بأنها ستسعى لإضافة بنود للتأكد من منع تجنيس «معادي السامية وإسرائيل».

أكثر من هذا، عندما امتنعت ألمانيا يوم 27 أكتوبر عن التصويت على مشروع قرار داخل الأمم المتحدة يدعو إسرائيل لوقف حربها على غزة، خرجت الصحف في اليوم التالي تنتقد وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك متهمة إياها بـ«خذلان» إسرائيل. واعتبرت صحيفة «بيلد» الشعبية، الأكثر انتشاراً في البلاد، في مقال تحت عنوان «تصويت العار»، الامتناع عن دعم إسرائيل. ويُذكر أنه يومذاك صوتت 120 دولة آنذاك لصالح القرار مقابل 14 دولة صوتت ضده. وفي تصويت آخر داخل الجمعية العامة في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) حين طرحت 9 مشاريع قرارات تنتقد إسرائيل، صوتت ألمانيا ضد 8 منها، وامتنعت في واحد منها عن التصويت، وخرجت «بيلد» مجدداً لتكتب أن «ألمانيا تركت إسرائيل وحيدة».

أما على صعيد الإعلام المرئي فقد ركزت القنوات الألمانية وتركز في حواراتها على الطرف الإسرائيلي؛ إذ استضافت القناة الألمانية الأولى في منتصف نوفمبر السفير الفلسطيني في برلين ليث عرفة في حوار كاد معظمه يدور حول سبب الإحجام عن إدانة «حماس» على هجوم 7 أكتوبر، ولم يعلق المقدّم على انتقادات السفير لألمانيا وللإعلام الألماني على التجاهل المستمر للضحايا الفلسطينيين، والكيل بمكيالين.

وحقاً، لا يجد الصحافيون الألمان المعتدلون، وهم قلائل، اليوم منبراً لهم في الصحافة الألمانية. وكمثال، فإن هانو هاونستين الذي كان محرراً في صحيفة «برلينر تزايتونغ» ينتقد الإعلام الألماني بشكل لاذع على صفحته على منصة «إكس» (تويتر سابقاً). وهو حالياً يكتب عن الحرب في صحف غير ألمانية مثل «الغارديان» البريطانية التي نشرت له مقالاً ينتقد سحب جائزة أدبية من كاتبة فلسطينية. وعلى «إكس» كتب مرة تعليقاً على تغريدة لصحافي ألماني قال فيها: «صحافي ألماني يصف بشكل واضح كل سكان غزة المدنيين بأنهم (جناة) وليس فقط (حماس). هذه ذريعة لتبرير التطهير العرقي. في ألمانيا، أصبح هذا أمراً طبيعياً».

وبالفعل، ينتقد كثيرون من الألمان المسلمين تغطية الصحافة الألمانية للحرب. ولقد كتبت سوسن شبلي، السياسية في الحزب الديمقراطي الاجتماعي (الاشتراكي) الحاكم، في الأسابيع الأولى بعد عملية «حماس»، أنها باتت تتابع الإعلام البريطاني «كي تحافظ على صحة عقلها». أضف إلى ذلك أن قنوات ألمانية تواجه الآن اتهامات بممارسة الرقابة على المحتوى. وبعد أسبوع تقريباً على بدء الحرب، نشر موقع «ذي إنترسبت» الاستقصائي قصة حول «إرشادات» تتعلق بتغطية الحرب وزعتها دار «شبرينغر»، أكبر دار نشر أوروبية - ضمن ممتلكاتها «بيلد» و«دي فيلت» - دعت الصحافيين فيها «لإعطاء أولوية لوجهة النظر الإسرائيلية وتقليص فترة البث حول الضحايا الفلسطينيين». وأفاد موقع «إنترسبت» بأنه حصل على المعلومات من عدد من العاملين داخل الدار الذين تلقوا هذه «الإرشادات». وحذّرت المذكرة التي تحمل توجيهات التغطية من كتابة عناوين «يمكن أن تعتبر وكأنها تميل لفلسطين».

يهتم الصحافيون الألمان الذين يغطون الحرب كثيراً بتقارير وروايات الجيش الإسرائيلي ويعرضونها من دون تشكيك

وضمن الإطار ذاته، واجهت القناة الألمانية الأولى كذلك اتهامات بممارسة الرقابة بعدما ألغت عرض فيلم فلسطيني كان مبرمجاً عرضه قبل أشهر. وعنوان الفيلم «واجب»، وهو من تمثيل محمد بكري، ويروي بسرد فكاهي درامي، قصة أب فلسطيني يعيش في الناصرة، ويعود ابنه من إيطاليا لحضور عرس شقيقته، ومن ثم يبدأ رحلة توزيع دعاوى الزفاف مع والده.

وجاء في تعليق المنتج المشارك الألماني تيتوس كريانبيرغ أن المبرر الذي أعطته القناة لإلغاء عرض الفيلم، أن «الوقت غير مناسب في الوقت الحالي لعرض فيلم فلسطيني». وأردف كريانبيرغ أن القناة أبلغته بوجود «قلق» من عرض فيلم من بطولة محمد بكري الذي أخرج الفيلم الوثائقي «جنين، جنين» قبل 20 سنة. ويروي هذا الفيلم الوثائقي أحداثاً تتصل بعملية توغل الجيش الإسرائيلي في مدينة جنين بالضفة الغربية خلال أبريل (نيسان) 2002، من وجهة نظر فلسطينية فقط، بحسب ما قالت القناة لكريانبيرغ. ووفق المنتج الألماني، فإنه كتب للقناة يقول إنه «بغض النظر عن الرأي في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، ففي مكان ما سيتوقف الصراع، وكلا الطرفان سيجلس على الطاولة للحوار، وهذا الفيلم يتناول حواراً بين والد وابنه. كما أن السينما يمكنها أن تساعد في الحوار». ووصف المنتج وقف عرض الفيلم الفلسطيني في حين لم يوقف عرض أي فيلم آخر بأنه «نوع من الحظر والرقابة».


مقالات ذات صلة

محمد عفيف... صوت «حزب الله» وحائك سياسته الإعلامية

المشرق العربي المسؤول الإعلامي في «حزب الله» محمد عفيف خلال مؤتمر صحافي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب) play-circle 00:40

محمد عفيف... صوت «حزب الله» وحائك سياسته الإعلامية

باغتيال مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» محمد عفيف تكون إسرائيل انتقلت من اغتيال القادة العسكريين في الحزب إلى المسؤولين والقياديين السياسيين والإعلاميين.

بولا أسطيح (بيروت)
يوميات الشرق «SRMG Labs» أكثر الوكالات تتويجاً في مهرجان «أثر» للإبداع بالرياض (SRMG)

«الأبحاث والإعلام» تتصدّر مهرجان «أثر» للإبداع بـ6 جوائز مرموقة

حصدت «SRMG Labs»، ذراع الابتكار في المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)، 6 جوائز مرموقة عن جميع الفئات التي رُشّحت لها في مهرجان «أثر» للإبداع.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق تضم المنطقة المتكاملة 7 مباني استوديوهات على مساحة 10.500 متر مربع (تصوير: تركي العقيلي)

الرياض تحتضن أكبر وأحدث استوديوهات الإنتاج في الشرق الأوسط

بحضور نخبة من فناني ومنتجي العالم العربي، افتتحت الاستوديوهات التي بنيت في فترة قياسية قصيرة تقدر بـ120 يوماً، كواحدة من أكبر وأحدث الاستوديوهات للإنتاج.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم سيارة عليها كلمة «صحافة» بالإنجليزية بعد تعرض فندق يقيم فيه صحافيون في حاصبيا بجنوب لبنان لغارة إسرائيلية في 25 أكتوبر (رويترز)

اليونيسكو: مقتل 162 صحافياً خلال تأديتهم عملهم في 2022 و2023

«في العامين 2022 و2023، قُتل صحافي كل أربعة أيام لمجرد تأديته عمله الأساسي في البحث عن الحقيقة».

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي صحافيون من مختلف وسائل إعلام يتشاركون موقعاً لتغطية الغارات الإسرائيلية على مدينة صور (أ.ب)

حرب لبنان تشعل معركة إعلامية داخلية واتهامات بـ«التخوين»

أشعلت التغطية الإعلامية للحرب بلبنان سجالات طالت وسائل الإعلام وتطورت إلى انتقادات للإعلام واتهامات لا تخلو من التخوين، نالت فيها قناة «إم تي في» الحصة الأكبر.

حنان مرهج (بيروت)

تميم فارس: «ديزني+» تعرض محتوى يلائم ثقافة المنطقة ويحترمها ويراعيها... ونعمل على توسيع شراكاتنا

شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
TT

تميم فارس: «ديزني+» تعرض محتوى يلائم ثقافة المنطقة ويحترمها ويراعيها... ونعمل على توسيع شراكاتنا

شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)

شدد تميم فارس، رئيس «ديزني+» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، على أن منصة «ديزني+» مهتمة بالعمل على «تقديم محتوى يلائم ويحترم ويراعي الثقافة المحلية للجمهور» في المنطقة. وأشار إلى أن «ديزني+» ماضية قدماً ليس فقط في تقديم أفلام ومسلسلات مشهورة مع ضمان ملاءمتها واحترامها للثقافة المحلية، بل إن «جميع المحتوى الموجه إلى الجمهور تجري مراجعته بدقة لتحقيق هذه الغاية».

تميم استهلّ اللقاء بقوله «أولاً وقبل كل شيء، يسعدني أننا أطلقنا منصة هنا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فهذه المنطقة غنية بالثقافة والتراث والتقاليد. ولقد كان بمثابة حلم يتحقق أن نقدّم هذا المحتوى المميز إلى الجمهور المحلي العاشق للسينما والترفيه».

وتابع، من ثم، ليتطرّق إلى مواجهة بعض التحديات خلال هذه الرحلة فيقول: «ونحن بعد سنتين تقريباً على إطلاق (ديزني+)، نواصل - مثلاً - التعلّم من جمهورنا، وتنقيح محتوى المنصة؛ كي يراعي الثقافة المحلية للمشاهدين في المملكة العربية السعودية. ويشمل هذا نهجنا المحلي للمحتوى، وهذه أولوية كبيرة بالنسبة لنا».

إطلاق «ديزني+»

تميم فارس شرح أن «ديزني+» منصة توفّر خدمة عرض المحتوى الترفيهي حول العالم، منذ إطلاقها في عام 2022 في 16 سوقاً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأنها «تعرض مجموعة واسعة من أشهر القصص من إنتاج شركة (والت ديزني)، بما في ذلك الأفلام والمسلسلات والأفلام الوثائقية والأعمال الأصلية الحصرية من إنتاج (ديزني) و(بيكسار) و(مارفل) و(ستار وورز) و(ناشيونال جيوغرافيك) وغيرها الكثير».

ثم ذكر أن كثيرين اعتادوا مشاهدة الأفلام الكلاسيكية من «ديزني» بدءاً بـ«الأسد الملك» و«علاء الدين»، ووصولاً إلى «موانا» و«إنكانتو». بالإضافة إلى عرض هذه الأفلام العائلية المفضلة على «ديزني+»، فهي متوافرة كذلك للمشاهدة بخياري الدبلجة باللهجة المصرية أو اللغة العربية الفصحى المعاصرة.

وبعدها علّق من واقع تجربته الشخصية: «أنا مثلاً، نشأت على مشاهدة الكثير منها مدبلجاً بصوت أشهر الممثلين والممثلات مثل محمد هنيدي ومنى زكي وعبلة كامل وخالد صالح، والآن أُتيحت لي فرصة مشاهدتها مرة أخرى مع ابني زين على المنصة».

ثم لفت إلى أن «ديزني+» تقدّم محتوى جديداً باستمرار، بما في ذلك الإصدارات السينمائية الحديثة والضخمة الصيفية، وكان آخرها فيلم «قلباً وقالباً 2» من إنتاج «ديزني» و«بيكسار» على «ديزني+» في 25 سبتمبر (أيلول) الماضي. وأفاد بأن «هذا الفيلم تصدّر قائمة أفلام الأنيميشن الأعلى تحقيقاً للإيرادات على الإطلاق، وجارٍ الآن عرضه حصرياً على (ديزني+)... وفي الواقع، يجري عرض أعمال (ديزني) السينمائية كافّة على منصة (ديزني+) في نهاية المطاف».

تميم فارس، رئيس "ديزني+" في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (ديزني)

التكيّف مع المشهد التنظيمي الإقليمي

من جانب آخر، بالنسبة إلى الامتثال للقوانين المحلية للبث، أكد تميم فارس أن «فريقنا الإقليمي في (ديزني+) يقدّر الثقافة العربية تماماً، وأنا بصفتي أباً عربياً، أشارك تجربة شخصية مع ابني زين البالغ من العمر 7 سنوات؛ إذ نشاهد المحتوى معاً أو يشاهده بمفرده أحياناً. لذلك، أحرص على أن يكون ما يشاهده آمناً ومناسباً لثقافتنا العربية، ويتماشى مع قيمنا وتقاليدنا وأعرافنا».

وأردف: «وكما ذكرت سابقاً... المحتوى هو الركيزة الأساسية لكل ما نقدّمه. ومنذ إطلاق المنصة، أنشأنا فريق امتثال متخصصاً على المستوى المحلي، وهو الفريق المسؤول عن مشاهدة المحتوى المعروض ومراجعته وفحصه بدقة. ولا يُجاز شيء إلا بعد تأكد هذا الفريق من أن كل كلمة تُنطق أو تُترجم أو تُدبلج تتوافق أو يتوافق مع قيمنا العربية وتقاليدنا. ولا بد أن يتوافق المحتوى الموجه إلى الجمهور الأصغر سناً مع هذه الإرشادات ليصار إلى عرضه على (ديزني+)».

وفي الاتجاه نفسه ركّز تميم على أنه «بالإضافة إلى فريقنا، ونظراً إلى أنني أب عربي لابن صغير، أدرك أن ابني يستطيع مشاهدة مسلسلاته وأفلامه المفضلة ضمن بيئة آمنة ومناسبة لكل أفراد العائلة من دون استثناء، وذلك من خلال تمكين الوالدين من ضبط إعدادات المشاهدة بسهولة مطلقة لمراقبة المحتوى الذي يشاهده الأطفال، بما في ذلك خيار إعداد حسابات خاصة بهم وحمايتها من خلال رمز سري».

وأضاف شارحاً: «وحقاً، نحن نولي أهمية قصوى للحفاظ على صدقنا وأصالتنا تجاه جمهورنا العربي، ونلتزم بتقديم محتوى عالي الجودة يتماشى مع قيمنا العربية الأصيلة. وبصفتي أباً، أشعر بالطمأنينة لمعرفة أن أطفالي يستمتعون بمحتوى آمن ومناسب لأعمارهم».

استراتيجيات «ديزني+» في المنطقة

وحول استراتيجيات «ديزني+» في منطقة الشرق الأوسط، أوضح أن المحتوى الذي تقدمه المنصة كفيلٌ بالتأكيد على مدى نجاحها، وقال: «منصة (ديزني+) تعرض ثمانية من أفضل عشرة أفلام تحقق أعلى مستوى مبيعات حول العالم التي تُعرض تقريباً معظمها بشكل حصري على (ديزني+)، ويمكن لمشاهدي المنصة مشاهدة آلاف المسلسلات والأفلام من إنتاج (ديزني) و(بيكسار) و(مارفل) و(ستار وورز) و(ناشيونال جيوغرافيك) والمحتوى الترفيهي للبالغين من (ستار). إننا نقدم حقاً المحتوى الذي يناسب تفضيلات الجميع من الفئات العمرية كافّة ومختلف شرائح المجتمع».

وزاد: «إننا نحرص دوماً على عرض الأعمال الجديدة على منصتنا، لكننا ندرك في الوقت نفسه أن خيارات مشاهدينا المفضلة تتغيّر وتتوسع لتشمل رغبتهم في مشاهدة المحتوى العالمي أيضاً». وتابع: «لقد بادرنا مثلاً إلى تنظيم مجموعات متخصصة في الكثير من المدن السعودية، للتفاعل مع المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي والوقوف على المحتوى الذي يشاهدونه عبر المنصة. وفي الوقت نفسه، نحرص دوماً على الاستفادة من عملائنا المحليين والارتقاء بإمكاناتنا والمحتوى الذي نقدمه إليهم؛ كي ننجح في توفير خدمات تلبي احتياجات المنطقة».

المحتوى المحلي

تميم فارس قال إن «ديزني+» تتطلع لمزيد من الأعمال والإنتاجات التي تعزّز مكانتها في المنطقة، وبالتحديد على المستوى المحلي، «على سبيل المثال، أعلنا شعارنا الجديد الذي يضم للمرة الأولى على الإطلاق كلمة (ديزني) باللغة العربية. وبادرنا إلى إطلاق أول حملة إعلانية ننتجها محلياً على الإطلاق، ويشارك فيها فريق عمل سعودي بامتياز يضم أشهر صناع المحتوى المحليين، لتعزيز شعور المشاهدين على مستوى المنطقة بالشمولية والانتماء».

ثم أضاف: «وثانياً هناك المحتوى الذي تقدّمه المنصة؛ حيث نؤكد مواصلة التزامنا بتقديم محتوى جديد ومتنوع والحفاظ على مكانتنا الحالية، من خلال إضافة أعمال جديدة إلى مكتبتنا الضخمة من المحتوى الذي نعرضه للمشاهدين كل يوم... ونحرص على تقديم المحتوى الترفيهي الذي يرتقي إلى مستوى تطلعات المشاهدين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتفضيلاتهم، بدءاً من الأعمال العالمية التي تحقق نجاحاً كبيراً وصولاً إلى المحتوى المحلي المدبلج باللغة العربية».

ومع تشديده على أن جميع الأفلام والمسلسلات والبرامج التي تُعرض على «ديزني+» تتوافق بالكامل مع المتطلبات التنظيمية المحلية السعودية، أوضح تميم أن المنصة تسعى باستمرار إلى عقد مزيد من الشراكات مع أبرز الشركات المزودة لخدمات الاتصالات، مثل شركة الإمارات للاتصالات المتكاملة «دو»، وشركة اتصالات «زين» في الكويت، لتوفير مجموعة من خيارات الاشتراك، وتتطلّع إلى مواصلة عقد مزيد من الشراكات خصوصاً في السعودية في المستقبل القريب.

واختتم بتسليط الضوء على عروض الأفلام الوثائقية المرتبطة بالمنطقة، فقال: «نعرض حالياً فيلم (كنوز الجزيرة العربية المنسية) على منصة (ناشيونال جيوغرافيك)، لتمكين المشاهدين من رؤية ثقافتهم الغنية وتراثهم العريق من زاوية مختلفة، وننظر أيضاً في فرص توسيع نطاق المحتوى الذي نقدمه إلى المشاهدين، من خلال بناء شراكات واتفاقيات تعاون مع مجموعة محلية من صناع المحتوى وشركات الإنتاج».