ناشطون سوريون يطالبون بإلغاء قرار حبس صحافيين لإهانتهم الجمهورية التركية

عودة الحديث عن ملفَي «التجنيس» و«الترحيل» قبل الانتخابات المحلية

الصحافي السوري أحمد الريحاوي (إكس)
الصحافي السوري أحمد الريحاوي (إكس)
TT

ناشطون سوريون يطالبون بإلغاء قرار حبس صحافيين لإهانتهم الجمهورية التركية

الصحافي السوري أحمد الريحاوي (إكس)
الصحافي السوري أحمد الريحاوي (إكس)

أطلق ناشطون سوريون في تركيا حملة تضامن مع الصحافيين علاء فرحات وأحمد الريحاوي، اللذين قرر القضاء التركي حبسهما 6 سنوات بتهمة «الإساءة للجمهورية التركية»، والمطالبة بالإلغاء الفوري للحكم.

وعوقب الصحافيان فرحات، وهو مدير قناة «أورينت» التي أغلقت الشهر الماضي، وأحمد الريحاوي، المذيع بالقناة، بالحبس 6 سنوات لكل منهما، بتهمة الإساءة للجمهورية التركية، بسبب حلقة من برنامج «تفاصيل» وقعت فيها مشادة بين مقدمه الريحاوي وصحافي تركي قريب من الحكومة بسبب طرح ما سميت «انتهاكات ضباط وعناصر من قوات الدرك التركية بحق طالبي اللجوء السوريين على الحدود».

قرار المحكمة الصادر بحق الصحافيين ليس نهائياً وقابل للطعن عليه ونقضه. وكانت السلطات التركية اعتقلت الصحافيين السوريين في مارس (آذار) الماضي، بعد مشادة وقعت بالبرنامج، وطرد الريحاوي ضيفه الصحافي أوكطاي يلماظ على الهواء لرفضه الإقرار - بما زعمه - بـ«قتل وتعذيب سوريين بشكل وحشي» على أيدي قوات الدرك التركية، على الحدود مع سوريا.

وتحدثت تقارير عن مماطلة السلطات التركية في الإفراج عنهما، رغم أن الحكم ليس نهائياً، ونقلتهما إلى إدارة الهجرة في إسطنبول بغرض ترحيلهما.

قرار خاطئ

رئيس «تجمع المحامين السوريين» غزوان قرنفل (فيسبوك)

رئيس تجمع المحامين السوريين، غزوان قرنفل، قال لـ«الشرق الأوسط»: «معلوماتي أن الصحافيين ليسا موقوفين، والحكم ليس نهائياً، لكنني أعتقد أنه لم يكن منسجماً مع أحكام القانون، وجاء مجافياً للدستور الذي ينص على حماية الحريات العامة وحرية وسائل الإعلام والصحافيين في مناقشة مختلف القضايا».

الصحافي السوري علاء فرحات (إكس)

ولفت إلى أن ما ناقشه البرنامج «ليس سراً من أسرار الدولة، وقد أقرت الحكومة التركية بوقوع بعض الانتهاكات موضوع النقاش، وشكلت لجنة للتحقيق بها واتخذت إجراءات وفرضت عقوبات تأديبية على بعض مرتكبيها». وأضاف أن هذه الانتهاكات نفسها وردت في تقارير لمنظمات حقوقية تركية؛ منها «مظلوم در»، التي دعت إلى التحقيق فيها، ولم يثر الأمر أي مشكلة.

بالتوازي، قال المتحدث الإعلامي باسم وزارة الدفاع التركية، زكي أكتورك، في إفادة صحافية، الخميس، إنه تم القبض على 346 شخصاً حاولوا عبور الحدود، بشكل غير قانوني، الأسبوع الماضي.

وأشار إلى أن عدد من منعوا من عبور الحدود بشكل غير قانوني خلال العام الحالي، بلغ 13 ألفاً و502 شخص.

التجنيس والترحيل

من ناحية أخرى، ومع اقتراب الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في تركيا يوم 31 مارس (آذار) المقبل، عبّر حزب «الديمقراطية والتقدم» المعارض، عن القلق إزاء عمليات التجنيس الاستثنائية للاجئين السوريين المستمرة في تركيا. وعدّ أنها تهدد «الهيكلية الديموغرافية والأخلاقية للبلاد».

وقال النائب عن الحزب، عرفان كاراتوتلو، إن حزبه يبدي قلقاً بالغاً إزاء الارتفاع الملحوظ في أعداد السوريين المجنسين التي بلغت 238 ألف شخص. وأكد على ضرورة جعل عمليات التجنيس شفافة، ومستندة إلى معايير صارمة تحافظ على التوازن الديموغرافي للبلاد.

وأعلن وزير الداخلية التركية، علي يرلي كايا، الأسبوع الماضي، أن إجمالي الحاصلين على الجنسية التركية من اللاجئين السوريين، بلغ 238 ألفاً و55 سورياً حتى بداية ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بينهم 134 ألفاً و422 بالغاً، و100 ألف و633 طفلاً.

لاجئون سوريون في تركيا يعودون إلى سوريا من معبر «باب الهوى»... (الشرق الأوسط)

إعادة طوعية!

ويوجد في تركيا نحو 3.4 مليون لاجئ سوري. وكشفت تقارير في صحف مقربة من الحكومة التركية، عن عزم الحكومة على إعادة 200 ألف لاجئ سوري، بشكل طوعي، إلى مناطق في شمال سوريا خلال عام 2024، ضمن خطة تتضمن تطوير إجراءات أكثر فاعلية لعمليات الترحيل وتشديد القيود على السوريين في قضايا السكن والتنقل بين الولايات.

وعدّ رئيس «تجمع المحامين السوريين»، غزوان قرنفل، أن الحديث عن ترحيل هذا العدد من السوريين، خلال العام المقبل، ليس أمراً جديداً أو مفاجئاً أو خارج السياق العام لتعاطي الحكومة التركية مع ملف اللاجئين.

وقال إنه «لطالما تسببت الإجراءات والتعليمات الإدارية الصادرة عن الحكومة في مزيد من التعقيد والضغوط على حياة السوريين، التي لا يراد لها أن تكون مستقرة».

قائد القوات البرية التركية سلجوق بيرقدار يتفقد الحدود مع سوريا في نوفمبر الماضي (وزارة الدفاع التركية)

وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الخطوة «جزء من الرؤية الاستراتيجية للحكومة التركية بشأن ملف اللاجئين، فقد سبق أن أعلنت، مراراً، على لسان أكثر من مسؤول، في مقدمتهم الرئيس رجب طيب إردوغان، أن ثمة خطة لإعادة مليون سوري إلى مناطق شمال سوريا (طوعاً) وإسكانهم في مستوطنات يتم تشييدها لهم، وبالتالي يمكن النظر إلى هذه الخطوة على أنها جزء من برنامج إعادة المليون سوري، في إطار السعي (المحموم) لطي ملف اللاجئين بشكل نهائي».


مقالات ذات صلة

شمال افريقيا شاحنة تحمل لاجئين سودانيين من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان (د.ب.أ)

الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

أفاد تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الأحد، بأن السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شؤون إقليمية أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

تراجعت أعداد اللاجئين السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة في تركيا إلى أقل من 3 ملايين لاجئ.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي رجل يحمل كلبه بينما يهرب الناس على الدراجات النارية بجوار المباني المتضررة في أعقاب غارة إسرائيلية على منطقة الشياح في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

مفوضية اللاجئين في لبنان: الأسابيع الماضية الأكثر دموية وفداحة منذ عقود

حذّر ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين في لبنان إيفو فرايسن، اليوم (الجمعة)، من أن الأسابيع الماضية هي «الأكثر دموية وفداحة منذ عقود» على لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)

خاص كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

تسبب الوجود السوري المتنامي بمصر في إطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تنتقد مشروعاتهم الاستثمارية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )

«واشنطن بوست» لن تؤيد أي مرشح للرئاسة الأميركية

باتريك سون شيونغ (أ.ب)
باتريك سون شيونغ (أ.ب)
TT

«واشنطن بوست» لن تؤيد أي مرشح للرئاسة الأميركية

باتريك سون شيونغ (أ.ب)
باتريك سون شيونغ (أ.ب)

في كل انتخابات رئاسية وعامة تشهدها الولايات المتحدة، كان للمؤسسات الإعلامية الأميركية على الدوام نصيب من تداعياتها. وفي العادة أن جلّ المؤسسات الاعلامية كانت تنحاز لأحد طرفي السباق، حتى في بعض الانتخابات التي كانت توصف بأنها «مفصلية» أو «تاريخية»، كالجارية هذا العام. بل وكان الانحياز يضفي إثارة لافتة، لا سيما إذا «غيّرت» هذه المؤسسة أو تلك خطها التحريري المألوف، في محاولة للظهور بموقف «حيادي».

غير أن الواقع كان دائماً يشير إلى أن العوامل التي تقف وراء هذا «التغيير» تتجاوز مسألة الحفاظ على الحياد والربحية وتعزيز المردود المالي. إنها سياسية بامتياز، خصوصاً في لحظات «الغموض والالتباس» كالتي يمر بها السباق الرئاسي المحتدم هذا العام بين نائبة الرئيس كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي والرئيس السابق دونالد ترمب مرشح الحزب الجمهوري.

مقر «اللوس أنجليس تايمز» (أ.ب)

«واشنطن بوست» لن تؤيد أي مرشح!

يوم الجمعة، أعلن ويليام لويس، الرئيس التنفيذي وناشر صحيفة «واشنطن بوست»، التي يملكها الملياردير جيف بيزوس، رئيس شركة «أمازون» العملاقة، أنها لن تؤيد أي مرشح رئاسي لا في هذه الانتخابات، ولا في أي انتخابات رئاسية مستقبلية. وأضاف لويس، في مقال: «نحن نعود إلى جذورنا بالإحجام عن تأييد المرشحين الرئاسيين... هذا من تقاليدنا ويتفق مع عملنا في 5 من الانتخابات الـ6 الأخيرة». وتابع لويس: «ندرك أن هذا سيُفسَّر بطرق مختلفة، بما في ذلك اعتباره تأييداً ضمنياً لمرشح واحد، أو إدانة لمرشح آخر، أو تنازلاً عن المسؤولية... هذا أمر لا مفر منه. لكننا لا نرى الأمر بهذه الطريقة. إننا نرى ذلك متوافقاً مع القِيَم التي طالما دافعت عنها صحيفة (واشنطن بوست)». واختتم: «إن وظيفتنا في الصحيفة هي أن نقدّم من خلال غرفة الأخبار، أخباراً غير حزبية لجميع الأميركيين، وآراءً محفزة على التفكير من فريق كتّاب الرأي لدينا لمساعدة قرائنا على تكوين آرائهم الخاصة». إلا أنه في بيان وقّعه عدد من كبار كتّاب الرأي في الصحيفة، بينهم ديفيد إغناتيوس ويوجين روبنسون ودانا ميلبنك وجينيفر روبن وروث ماركوس، وصف الموقّعون القرار بأنه «خطأ فادح». وتابع البيان أن القرار «يمثّل تخلّياً عن المُعتقدات التحريرية الأساسية للصحيفة... بل في هذه لحظة يتوجّب على المؤسسة أن توضح فيها التزامها بالقيَم الديمقراطية وسيادة القانون والتحالفات الدولية والتهديد الذي يشكله دونالد ترمب على هذه القيم...». ومضى البيان: «لا يوجد تناقض بين الدور المهم الذي تلعبه (واشنطن بوست) بوصفها صحيفة مستقلة وممارستها المتمثّلة في تقديم التأييد السياسي... وقد تختار الصحيفة ذات يوم الامتناع عن التأييد، لكن هذه ليست اللحظة المناسبة، عندما يدافع أحد المرشحين عن مواقف تهدّد بشكل مباشر حرية الصحافة وقِيَم الدستور».

مقر «الواشنطن بوست» (آ. ب.)

... وأيضاً «لوس أنجليس تايمز»

في الواقع خطوة «واشنطن بوست» سبقتها، يوم الأربعاء، استقالة مارييل غارزا، رئيسة تحرير صحيفة «لوس أنجليس تايمز»، كبرى صحف ولاية كاليفورنيا، احتجاجاً على منع مالك الصحيفة، الملياردير باتريك سون شيونغ، مجلس التحرير من إعلان تأييد هاريس. وهذه الخطوة أشاد بها ترمب، وعلّقت حملته، في بيان، بأن «زملاء هاريس في كاليفورنيا يعرفون أنها ليست مؤهلة للوظيفة». غارزا كتبت في رسالة استقالتها «أن الصمت ليس مجرد لامبالاة، بل هو تواطؤ»، معربة عن قلقها من أن هذه الخطوة «تجعلنا نبدو جبناء ومنافقين، وربما حتى متحيّزين جنسياً وعنصريين بعض الشيء». وأردفت: «كيف يمكننا أن نمضي 8 سنوات في مهاجمة ترمب والخطر الذي تشكّله قيادته على البلاد ثم نمتنع عن تأييد المنافس الديمقراطي اللائق تماماً الذي سبق لنا أن أيدناه لعضوية مجلس الشيوخ؟»، في إشارة إلى هاريس. من جانبه، كتب سون شيونغ، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، أن هيئة التحرير «أتيحت لها الفرصة لصياغة تحليل واقعي» للسياسات التي يدعمها كل مرشح خلال فترة وجوده في البيت الأبيض، وعلى مسار الحملة الانتخابية، كي يتمكّن «القراء (أنفسهم) من تحديد مَن يستحق أن يكون رئيساً»، مضيفاً أن الهيئة «اختارت الصمت»!

هل الدافع تجاري؟

بالمناسبة، سون شيونغ يُعد من الداعمين للديمقراطيين عموماً، يرجح البعض أن يكون الدافع وراء موقفه الاعتبارات التجارية، ومنها جذب مزيد من القراء، بمَن فيهم الموالون للجمهوريين، لرفع نسبة الاشتراكات والدعايات والإعلانات، عبر محاولة تقديم الصحيفة بمظهر وسطي غير منحاز. كذلك، سون شيونغ، الطبيب والقطب في مجال التكنولوجيا الحيوية من منطقة لوس أنجليس، الذي ليست له أي خبرة إعلامية، كان قد اشترى الصحيفة التي يزيد عمرها على 140 سنة والشركات التابعة لها، مقابل 500 مليون دولار عام 2018. لكن خسائر الصحيفة استمرت، ما دفعه إلى تسريح نحو 20 في المائة من موظفيها هذا العام. وذكرت الصحيفة أن مالكها اتخذ هذه الخطوة بعد خسارة «عشرات الملايين من الدولارات» منذ شرائها.

ترمب يدعو لإلغاء تراخيص الأخبار

ما حصل في «واشنطن بوست» و«لوس أنجليس تايمز» سلّط حقاً الضوء على التحديات التي تواجهها المؤسسات الإعلامية الأميركية وسط الضغوط المتزايدة عليها، وتحويلها مادة للسجال السياسي.

وفي الواقع، تعرّضت وسائل الإعلام خلال العقد الأخير للتهديدات ولتشويه صورتها، وبالأخص من الرئيس السابق ترمب، الذي كرر اتهام منافذ إخبارية كبرى بالتشهير، ومنع الصحافيين من حضور التجمّعات والفعاليات التي تقام في البيت الأبيض، وروّج لمصطلح «الأخبار المزيفة»، الذي بات يتبناه الآن العديد من قادة اليمين المتطرف في جميع أنحاء العالم.

وفي حملات ترمب الجديدة على الإعلام، اقترح أخيراً تجريد شبكات التلفزيون من قدرتها على بث الأخبار، إذا كانت تغطيتها لا تناسبه. وكتب على منصته «تروث سوشال» في الأسبوع الماضي «يجب أن تخسر شبكة (السي بي إس) ترخيصها. ويجب وقف بث برنامج (60 دقيقة) على الفور». وكرّر مطالبه في الخطب والمقابلات، مردداً دعواته السابقة لإنهاء ترخيص شبكة «الإيه بي سي» بسبب استيائه من الطريقة التي تعاملت بها مع المناظرة الوحيدة التي أُجريت مع هاريس.

وقال في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز» الداعمة له: «سنستدعي سجلاتهم»، مجدداً ادعاءه أن تحرير الشبكة لمقابلتها مع هاريس في برنامج «60 دقيقة»، كان «مضللاً» ورفض عرض الشبكة إجراء مقابلة معه. وأيضاً رفض الإجابة عما إذا كان إلغاء ترخيص البث «عقاباً صارماً»، ليشن سلسلة من الإهانات لهاريس، قائلاً إنها «غير كفؤة» و«ماركسية».