لماذا تدعم شركات الذكاء الاصطناعي الإعلام؟

عقب إعلان شراكة بين «أوبن إيه آي» ومؤسسات إخبارية في أميركا

لماذا تدعم شركات الذكاء الاصطناعي الإعلام؟
TT

لماذا تدعم شركات الذكاء الاصطناعي الإعلام؟

لماذا تدعم شركات الذكاء الاصطناعي الإعلام؟

مع ازدياد الحديث عن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وتأثيرها على كل مناحي الحياة، جاء إعلان شركة «أوبن إيه آي» عن شراكة لدعم صناعة الأخبار بقيمة 5 ملايين دولار، ليجدّد التساؤلات حول تأثير هذه التقنية على صناعة الإعلام، وهل ستكون داعمة لها... أم أنها تشكل تهديداً للصناعة والعاملين بها؟

وفي حين عدّ خبراء الشراكة الأخيرة بمثابة «خطوة ذكية» من جانب الشركة المنتجة لروبوت الذكاء الاصطناعي «تشات جي بي تي»، فإنهم أكدوا «ضرورة استنساخ مثل هذه الشراكة في الدول النامية، للمساهمة في التعريف بقدرات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي».

شركة «أوبن إيه آي» كانت قد أعلنت في يوليو (تموز) الماضي عن شراكة مع «مشروع الصحافة الأميركي» (إيه جي بي)، تلتزم من خلالها بتقديم دعم مالي بقيمة 5 ملايين دولار أميركي لتعزيز استخدام وسائل الإعلام المحلية لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

وبموجب هذه الشراكة ستتيح شركة «أوبن إيه آي» لوسائل الإعلام المحلية الاستفادة مجاناً من خدمات روبوت الدردشة «تشات جي بي تي» المدفوعة، بما يوازي قيمة الدعم المالي المقدم ضمن اتفاق الشراكة. وتُعد هذه الخطوة -وفق خبراء- جزءاً من خطوات أوسع تنتهجها «أوبن إيه آي» لتعزيز شراكتها مع المؤسسات الإعلامية المختلفة، إذ إنه سبق لها أن أعلنت عن اتفاق مع وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية لاستكشاف استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في غرف الأخبار. وسيسهم اتفاق الشراكة الأخير في تمويل «استوديو الذكاء الاصطناعي» الذي يتيح لوسائل الإعلام المحلية الأميركية تجربة التكنولوجيا التي أنتجتها شركة «أوبن إيه آي».

وكالة «رويترز» للأنباء نقلت عن سارا بيث بيرمان، المديرة التنفيذية لـ«مشروع الصحافة الأميركية» قولها إنه «من خلال هذه الشراكة نسعى للترويج لطرق استخدام الذكاء الاصطناعي في دعم الصحافة بدلاً من تهديدها». وتجدر الإشارة هنا إلى أن «مشروع الصحافة الأميركي» مشروع يهدف إلى تقديم منح لوسائل الإعلام المحلية غير الهادفة للربح، من أجل تعزيز غرف الأخبار. وحتى الآن استطاع جمع 139 مليون دولار لهذا الغرض.

إضفاء الطابع الإنساني

إيزابيلا بيدويا، الخبيرة الأميركية المتخصصة في بناء قواعد بيانات الذكاء الاصطناعي في الأماكن العامة، قالت في تعليق لها إن «الذكاء الاصطناعي التوليدي يحدث ثورة في كل صناعة». وأبلغت «الشرق الأوسط» أن «غاية الشراكة بين (أوبن إيه آي) و(مشروع الصحافة الأميركي) تعزيز الدور الإيجابي للذكاء الاصطناعي في الصحافة، عن طريق تمويل يسمح باستخدام أدوات مثل (تشات جي بي تي) في العمل الإعلامي. وهو ما من شأنه أن يساعد (مشروع الصحافة الأميركي) على توسيع عمله من خلال تعزيز الأخبار المحلية، والاستفادة من إمكانات الذكاء الاصطناعي لتعزيز مستقبل الصحافة».

تعتقد بيدويا أن «هذا التعاون سيكون مهماً بالنسبة للجيل المستقبلي من الصحافيين؛ لأنه يساعد المؤسسات الإخبارية المحلية المتعثّرة عبر دعم مالي يضمن بقاءها، كما يوفر لموظفيها فرصة للاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتحسين عملهم وكفاءتهم. ويضاف إلى كل ذلك تعزيز التكامل المسؤول للذكاء الاصطناعي». وتستطرد: «هذه الشراكة تمهد الطريق لصحافة أكثر كفاءة، ما يعزّز مرونة الصناعة وأهميتها في العصر الرقمي... مع التأكيد على ضرورة إضفاء الطابع الإنساني على المحتوى الذي أنشأه الذكاء الاصطناعي، لتجنب أن يبدو عاماً أو متحيزاً».

غير أن الخبيرة الأميركية ترى أن «مثل هذه الخطوات لا يجوز أن تعيق إجراءات حوكمة الذكاء الاصطناعي التي تعتبرها ضرورية جداً، في ظل الأبحاث التي تشير إلى قدرة هذه التقنية على ارتكاب جرائم». وللعلم، منذ طرح شركة «أوبن إيه آي»، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، روبوت المحادثة «تشات جي بي تي» للاستخدام، أثير جدلٌ بشأن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتأثيراتها على مختلف المجالات، وبينها الصحافة، لا سيما مع إشارة أبحاث عدة إلى مخاطرها؛ الأمر الذي دفع حكومات دول عدة لمحاولة وضع قواعد لكبح جماح التقنية.

خطوة مهمة جداً

الدكتور حسن عبد الله، نائب رئيس جامعة شرق لندن بالعاصمة البريطانية، وصف هذه الخطوة بأنها «غاية في الأهمية». وقال لـ«الشرق الأوسط» موضحاً، إن «(أوبن إيه آي) تسعى منذ فترة إلى إثبات فوائد الذكاء الاصطناعي للمجتمع، مع توضيح كيفية الاستفادة من تطبيقاته في مجالات عدة بشكل إيجابي، والحد من التخوف الهائل بشأن سلبيات التقنية الجديدة، لا سيما في ظل التوقعات باستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في تطبيقات خطيرة تهدد البشرية». وأردف عبد الله بأن «(أوبن إيه آي) لجأت إلى دعم قطاع الصحافة والإعلام مادياً وتكنولوجياً، كي يكون حليفاً قوياً لها، فيسهم في إبراز الجوانب الإيجابية في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتسليط الضوء عليها». ومن ثم، عدَّ هذه الخطوة «قمة في الذكاء» من جانب «أوبن إيه آي»، تهدف إلى «التعاون البناء مع قطاع الإعلام والصحافة الذي سيكون فاعلاً في نشر تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وإيصالها للمجتمع».

في المقابل، اعتبر عبد الله أنه «سيكون لهذه الخطوة -طبعاً- تأثير على صناعة الإعلام بشكل عام... إذ إنها ستزيد التنافس بين المؤسّسات الإعلامية في مجال عرض الأخبار وتغطيتها باستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وهو ما يتطلب بالتبعية زيادة تدريب الإعلاميين على استخدامها بحكمة، والتأكد من دقة المعلومات المولدة عبر الذكاء الاصطناعي».

«المعلومات المضلّلة»

في الحقيقة، ليست تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وليدة اللحظة، إذ إن الأبحاث في مجالها تجري منذ سنوات عدة، بيد أنها تسارعت في الآونة الأخيرة، حتى أن أكثر من ألف عالم متخصص في التكنولوجيا، طالبوا في مارس (آذار) الماضي، بـ«هدنة صيفية لمدة 6 أشهر، كي يتسنى الاتفاق على قواعد للحوكمة الرقمية». وخلال أبريل (نيسان) الماضي، أعلن جمع من المشرّعين الأوروبيين اعتزامهم إضافة تشريعات قانونية جديدة للتحكم في التطور التكنولوجي. وأيضاً اتخذت هيئة تنظيم الخصوصية الإيطالية، خلال الشهر نفسه، قراراً بحظر «تشات جي بي تي» بحجة «جمعه بيانات المستخدمين بشكل غير قانوني». وفي الولايات المتحدة، عقدت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس في مايو (أيار) الماضي، لقاءً مع الرؤساء التنفيذيين لأربع شركات كبرى تعمل على تطوير الذكاء الاصطناعي. في الوقت ذاته تقريباً، بدأت السلطات البريطانية دراسة تأثير «تشات جي بي تي» على الاقتصاد، والمستهلكين.

سالي حمود، الباحثة اللبنانية في شؤون الإعلام المعاصر والذكاء الاصطناعي، وأستاذة الإعلام والتواصل، أوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن «الشراكة المعلن عنها أخيراً أمر متوقع؛ لأن شركة (أوبن إيه آي) تهدف إلى تحسين برنامجها عبر المعلومات والبيانات الموجودة على الإنترنت. وأكثر مجال تتوفر فيه هذه البيانات هو مجال الصحافة والإعلام، وهي الأكثر قدرة على تغيير الخطاب العام بالعالم». وتابعت بأن «(أوبن إيه آي) ترمي من هذه الشراكة إلى تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي في الصحافة، وتحسين دخولها إلى الأسواق»، قبل أن تستدرك فتقول: «ولكن في الوقت عينه هناك انتقادات لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، لحصولها على بيانات الأفراد من دون موافقة أصحابها».

وحسب سالي حمود: «مثل هذه الشراكة ستغير حتماً آلية العمل في المؤسسات الإعلامية، وربما تتأثر الوظائف الصحافية»، إلا أنها تؤكد في المقابل أن «الذكاء الاصطناعي لن يتغلب أبداً على الذكاء الإنساني وقدرة البشر على تحليل المعلومات»، وتشدد على أهمية تدريب الصحافيين على أدوات الإعلام الجديد.

التنظيم والقوننة والحوكمة

في هذه الأثناء، يثير استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي مخاوف من انتشار «المعلومات المضللة» و«انتهاك حقوق النشر وحقوق الملكية الفكرية». ولذا ظهرت أخيراً دعوات إلى قوننة تقنيات الذكاء الاصطناعي وحوكمته، من أجل الحد من آثارها السلبية؛ إذ أصدرت جامعة جورجتاون في العاصمة الأميركية واشنطن، ومرصد ستانفورد للإنترنت، في يناير (كانون الثاني) الماضي، تقريراً ورد فيه أن «(تشات جي بي تي) سيسهل عملية نشر المعلومات الزائفة على الإنترنت».

ومن جانبه، وصف أحمد عصمت، الخبير في الإعلام الرقمي والمحاضر في الجامعة الأميركية بالقاهرة، خطوة «أوبن إيه آي» بأنها خطوة «جيدة ومستحسنة»؛ لكنه قال إنه يفضل لو «تتجه (أوبن إيه آي) لدعم الإعلام في الدول النامية». وأضاف: «بموجب الشراكة المعلن عنها، فإن (أوبن إيه آي) لن تدفع أموالاً بشكل مباشر إلى المؤسسات الإعلامية؛ لكنها ستعطيهم إمكانية استخدام التقنية مجاناً». وبشأن تأثير ذلك على صناعة الإعلام بشكل عام، قال عصمت لـ«الشرق الأوسط»، إن «المؤسسات بدأت تستخدم الذكاء الاصطناعي، بالتزامن مع تيار متنامٍ يستهدف تنظيم استخدامه وقوننته وحوكمته... ثم إن (أوبن إيه آي) تعلمت الدرس سريعاً من مؤسسات وشركات تقنية واجهت مشكلات تصعيد ضدها من قبل بعض المؤسسات والحكومات، فبدأت تأخذ خطوات استباقية». وتابع: «في النهاية، هذه صناعة وتجارة لها أدوات مختلفة لتحقيق أهدافها». وفي الإطار ذاته، توقع عصمت أن «هذه الشراكة ستدفع نحو زيادة استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في صناعة الإعلام، كما أنها ستسهم في تعريف الناس بشكل أكبر بقدراتها الحقيقية». وفعلاً، أشارت وسائل إعلام أميركية إلى مخاوف من استغلال الذكاء الاصطناعي وأدوات مثل «تشات جي بي تي» في استخدام البيانات الشخصية. ولقد فتحت لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية تحقيقاً في التكنولوجيا التي أنتجتها شركة «أوبن إيه آي» في محاولة لفهم كيفية عملها، وما تتبعه في تدريب أدوات الذكاء الاصطناعي وتطويرها.



«واشنطن بوست» لن تؤيد أي مرشح للرئاسة الأميركية

باتريك سون شيونغ (أ.ب)
باتريك سون شيونغ (أ.ب)
TT

«واشنطن بوست» لن تؤيد أي مرشح للرئاسة الأميركية

باتريك سون شيونغ (أ.ب)
باتريك سون شيونغ (أ.ب)

في كل انتخابات رئاسية وعامة تشهدها الولايات المتحدة، كان للمؤسسات الإعلامية الأميركية على الدوام نصيب من تداعياتها. وفي العادة أن جلّ المؤسسات الاعلامية كانت تنحاز لأحد طرفي السباق، حتى في بعض الانتخابات التي كانت توصف بأنها «مفصلية» أو «تاريخية»، كالجارية هذا العام. بل وكان الانحياز يضفي إثارة لافتة، لا سيما إذا «غيّرت» هذه المؤسسة أو تلك خطها التحريري المألوف، في محاولة للظهور بموقف «حيادي».

غير أن الواقع كان دائماً يشير إلى أن العوامل التي تقف وراء هذا «التغيير» تتجاوز مسألة الحفاظ على الحياد والربحية وتعزيز المردود المالي. إنها سياسية بامتياز، خصوصاً في لحظات «الغموض والالتباس» كالتي يمر بها السباق الرئاسي المحتدم هذا العام بين نائبة الرئيس كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي والرئيس السابق دونالد ترمب مرشح الحزب الجمهوري.

مقر «اللوس أنجليس تايمز» (أ.ب)

«واشنطن بوست» لن تؤيد أي مرشح!

يوم الجمعة، أعلن ويليام لويس، الرئيس التنفيذي وناشر صحيفة «واشنطن بوست»، التي يملكها الملياردير جيف بيزوس، رئيس شركة «أمازون» العملاقة، أنها لن تؤيد أي مرشح رئاسي لا في هذه الانتخابات، ولا في أي انتخابات رئاسية مستقبلية. وأضاف لويس، في مقال: «نحن نعود إلى جذورنا بالإحجام عن تأييد المرشحين الرئاسيين... هذا من تقاليدنا ويتفق مع عملنا في 5 من الانتخابات الـ6 الأخيرة». وتابع لويس: «ندرك أن هذا سيُفسَّر بطرق مختلفة، بما في ذلك اعتباره تأييداً ضمنياً لمرشح واحد، أو إدانة لمرشح آخر، أو تنازلاً عن المسؤولية... هذا أمر لا مفر منه. لكننا لا نرى الأمر بهذه الطريقة. إننا نرى ذلك متوافقاً مع القِيَم التي طالما دافعت عنها صحيفة (واشنطن بوست)». واختتم: «إن وظيفتنا في الصحيفة هي أن نقدّم من خلال غرفة الأخبار، أخباراً غير حزبية لجميع الأميركيين، وآراءً محفزة على التفكير من فريق كتّاب الرأي لدينا لمساعدة قرائنا على تكوين آرائهم الخاصة». إلا أنه في بيان وقّعه عدد من كبار كتّاب الرأي في الصحيفة، بينهم ديفيد إغناتيوس ويوجين روبنسون ودانا ميلبنك وجينيفر روبن وروث ماركوس، وصف الموقّعون القرار بأنه «خطأ فادح». وتابع البيان أن القرار «يمثّل تخلّياً عن المُعتقدات التحريرية الأساسية للصحيفة... بل في هذه لحظة يتوجّب على المؤسسة أن توضح فيها التزامها بالقيَم الديمقراطية وسيادة القانون والتحالفات الدولية والتهديد الذي يشكله دونالد ترمب على هذه القيم...». ومضى البيان: «لا يوجد تناقض بين الدور المهم الذي تلعبه (واشنطن بوست) بوصفها صحيفة مستقلة وممارستها المتمثّلة في تقديم التأييد السياسي... وقد تختار الصحيفة ذات يوم الامتناع عن التأييد، لكن هذه ليست اللحظة المناسبة، عندما يدافع أحد المرشحين عن مواقف تهدّد بشكل مباشر حرية الصحافة وقِيَم الدستور».

مقر «الواشنطن بوست» (آ. ب.)

... وأيضاً «لوس أنجليس تايمز»

في الواقع خطوة «واشنطن بوست» سبقتها، يوم الأربعاء، استقالة مارييل غارزا، رئيسة تحرير صحيفة «لوس أنجليس تايمز»، كبرى صحف ولاية كاليفورنيا، احتجاجاً على منع مالك الصحيفة، الملياردير باتريك سون شيونغ، مجلس التحرير من إعلان تأييد هاريس. وهذه الخطوة أشاد بها ترمب، وعلّقت حملته، في بيان، بأن «زملاء هاريس في كاليفورنيا يعرفون أنها ليست مؤهلة للوظيفة». غارزا كتبت في رسالة استقالتها «أن الصمت ليس مجرد لامبالاة، بل هو تواطؤ»، معربة عن قلقها من أن هذه الخطوة «تجعلنا نبدو جبناء ومنافقين، وربما حتى متحيّزين جنسياً وعنصريين بعض الشيء». وأردفت: «كيف يمكننا أن نمضي 8 سنوات في مهاجمة ترمب والخطر الذي تشكّله قيادته على البلاد ثم نمتنع عن تأييد المنافس الديمقراطي اللائق تماماً الذي سبق لنا أن أيدناه لعضوية مجلس الشيوخ؟»، في إشارة إلى هاريس. من جانبه، كتب سون شيونغ، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، أن هيئة التحرير «أتيحت لها الفرصة لصياغة تحليل واقعي» للسياسات التي يدعمها كل مرشح خلال فترة وجوده في البيت الأبيض، وعلى مسار الحملة الانتخابية، كي يتمكّن «القراء (أنفسهم) من تحديد مَن يستحق أن يكون رئيساً»، مضيفاً أن الهيئة «اختارت الصمت»!

هل الدافع تجاري؟

بالمناسبة، سون شيونغ يُعد من الداعمين للديمقراطيين عموماً، يرجح البعض أن يكون الدافع وراء موقفه الاعتبارات التجارية، ومنها جذب مزيد من القراء، بمَن فيهم الموالون للجمهوريين، لرفع نسبة الاشتراكات والدعايات والإعلانات، عبر محاولة تقديم الصحيفة بمظهر وسطي غير منحاز. كذلك، سون شيونغ، الطبيب والقطب في مجال التكنولوجيا الحيوية من منطقة لوس أنجليس، الذي ليست له أي خبرة إعلامية، كان قد اشترى الصحيفة التي يزيد عمرها على 140 سنة والشركات التابعة لها، مقابل 500 مليون دولار عام 2018. لكن خسائر الصحيفة استمرت، ما دفعه إلى تسريح نحو 20 في المائة من موظفيها هذا العام. وذكرت الصحيفة أن مالكها اتخذ هذه الخطوة بعد خسارة «عشرات الملايين من الدولارات» منذ شرائها.

ترمب يدعو لإلغاء تراخيص الأخبار

ما حصل في «واشنطن بوست» و«لوس أنجليس تايمز» سلّط حقاً الضوء على التحديات التي تواجهها المؤسسات الإعلامية الأميركية وسط الضغوط المتزايدة عليها، وتحويلها مادة للسجال السياسي.

وفي الواقع، تعرّضت وسائل الإعلام خلال العقد الأخير للتهديدات ولتشويه صورتها، وبالأخص من الرئيس السابق ترمب، الذي كرر اتهام منافذ إخبارية كبرى بالتشهير، ومنع الصحافيين من حضور التجمّعات والفعاليات التي تقام في البيت الأبيض، وروّج لمصطلح «الأخبار المزيفة»، الذي بات يتبناه الآن العديد من قادة اليمين المتطرف في جميع أنحاء العالم.

وفي حملات ترمب الجديدة على الإعلام، اقترح أخيراً تجريد شبكات التلفزيون من قدرتها على بث الأخبار، إذا كانت تغطيتها لا تناسبه. وكتب على منصته «تروث سوشال» في الأسبوع الماضي «يجب أن تخسر شبكة (السي بي إس) ترخيصها. ويجب وقف بث برنامج (60 دقيقة) على الفور». وكرّر مطالبه في الخطب والمقابلات، مردداً دعواته السابقة لإنهاء ترخيص شبكة «الإيه بي سي» بسبب استيائه من الطريقة التي تعاملت بها مع المناظرة الوحيدة التي أُجريت مع هاريس.

وقال في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز» الداعمة له: «سنستدعي سجلاتهم»، مجدداً ادعاءه أن تحرير الشبكة لمقابلتها مع هاريس في برنامج «60 دقيقة»، كان «مضللاً» ورفض عرض الشبكة إجراء مقابلة معه. وأيضاً رفض الإجابة عما إذا كان إلغاء ترخيص البث «عقاباً صارماً»، ليشن سلسلة من الإهانات لهاريس، قائلاً إنها «غير كفؤة» و«ماركسية».