أجهزة كومبيوتر تشم! طموح لرئيس شركة «مهووس بالروائح»

إحدى الشركات تريد استخدام التكنولوجيا لمحاكاة حاسة الشم (رويترز)
إحدى الشركات تريد استخدام التكنولوجيا لمحاكاة حاسة الشم (رويترز)
TT

أجهزة كومبيوتر تشم! طموح لرئيس شركة «مهووس بالروائح»

إحدى الشركات تريد استخدام التكنولوجيا لمحاكاة حاسة الشم (رويترز)
إحدى الشركات تريد استخدام التكنولوجيا لمحاكاة حاسة الشم (رويترز)

من حواس الإنسان الخمس، يستطيع الذكاء الاصطناعي محاكاة حاستي البصر والسمع، إلا إن إحدى الشركات تريد استخدام التكنولوجيا لمحاكاة حاسة الشم أيضاً.

ويسعى أليكس ويلشكو، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة «Osmo»، وهي شركة ناشئة، لاستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لمساعدة أجهزة الكمبيوتر على «توليد الروائح مثلما نولد الصور والأصوات»، وفقاً لموقع الشركة على الإنترنت.

وكان ويلشكو «مهووساً بالروائح» لفترة طويلة، وقال لشبكة «سي إن بي سي»: «لقد كان شغفي هو محاولة فهم الرائحة. إنها حاسة عاطفية قوية جداً، لكننا لا نعرف عنها سوى القليل».

ولهذا السبب، حصل ويلشكو على درجة البكالوريوس في علم الأعصاب من جامعة ميشيغان، ودرس علم أعصاب الشم في جامعة هارفارد، حيث حصل على درجة الدكتوراه في عام 2016.

في العام التالي، أصبح عالماً باحثاً في «Google Research»، حيث أمضى 5 سنوات في قيادة فريق استخدم التعلم الآلي لمساعدة أجهزة الكمبيوتر على التنبؤ بكيفية رائحة الجزيئات المختلفة بناءً على بنيتها.

وفيما بدأت شركة «Osmo» كمشروع بحثي خلال أيام ويلشكو في «غوغل»، فقد شرع في إطلاقها كشركة ناشئة منفصلة في عام 2022 بدعم من «Lux Capital» و«Google Ventures».

وبصفته الرئيس التنفيذي للشركة، أوضح أن مهمة الشركة الناشئة هي «تحسين صحة الإنسان وسعادته» من خلال رقمنة حاسة الشم لدى البشر.

لكن ما السبب الذي يجعل ويلشكو يعتقد أن البشر يمكن أن يستفيدوا من منح أجهزة الكمبيوتر القدرة على معالجة الرائحة؟ وكيف طوّرت «أوزمو» تقنيتها الفريدة، وتأمل أن تتمكن التكنولوجيا من تحقيقه في المستقبل؟

والسؤال الكبير هو، لماذا نمنح أجهزة الكمبيوتر القدرة على الشم؟ أحد الأسباب الرئيسية التي يستشهد بها ويلشكو هو أنها ضرورية لمساعدة المهنيين الطبيين على اكتشاف الأمراض.

وقال: «لقد علمنا أن الرائحة تحتوي على معلومات يمكننا استخدامها للكشف عن المرض. لكن أجهزة الكمبيوتر لا تستطيع التحدث بهذه اللغة، ولا يمكنها تفسير هذه البيانات بعد».

وفي حين أن هذا هو هدفه الطويل الأجل للشركة، فإنه يريد في الأمد القريب أن تصنع «أوزمز» جزيئات عطرية أكثر أماناً واستدامة للعطور في المنتجات اليومية، مثل العطور والشامبو وطارد الحشرات ومنظفات الغسيل.

وقال: «عادةً ما تحتوي هذه المنتجات على عطور صمّمها عدد صغير جداً من الشركات السرية. نعتقد أنه يمكننا أن نعمل بشكل أفضل معهم من خلال بناء مكونات أفضل وأكثر أماناً وغير سامة... ولا تهيج بشرتك أو عينيك».

أما عن طريقة استخدام الشركة للذكاء الاصطناعي لتحويل الرائحة إلى رقمية، فأوضح ويلشكو أنه خلال فترة عمله في «غوغل»، استخدم فريقه برنامج التعلم الآلي لتطوير «خريطة الرائحة الرئيسية». للقيام بذلك، درّب فريقه نموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بهم على مجموعة بيانات مكونة من 5000 جزيء عطر عبر فئات مختلفة من الروائح، مثل الأزهار أو الفواكه أو النعناع.

وجد ويلشكو أن الجزيئات قد يكون من الصعب على أجهزة الكمبيوتر تحليلها بسبب هياكلها المعقدة.

وأوضح أن «السبب وراء صعوبة الأمر هو أنه يمكنك تحريك شيء صغير في هذا الجزيء، مثل رابطة واحدة، وتتحول رائحة الجزيء من الورود إلى البيض الفاسد».

ولكن بفضل التقدم في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، تمكن النموذج من التقاط الأنماط في الهياكل المختلفة للجزيئات واستخدام هذه المعرفة للتنبؤ بدقة برائحة الجزيئات الأخرى، وقال: «كان خارقاً في قدرته على التنبؤ برائحة الأشياء».

بناء «أوزمو» من الألف إلى الياء

في حين يمكن تدريب نماذج اللغة الكبيرة، المعروفة باسم روبوتات الدردشة بالذكاء الاصطناعي، على البيانات من «الإنترنت بالكامل»، فإن مكتبة رقمية مماثلة للمعلومات حول الروائح لم تكن متاحة بسهولة عندما بدأوا في بناء نموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بهم، وفقاً لويلشكو.

وقال: «الشيء الوحيد الذي أدركناه هو أنه لا يمكننا استخدام بيانات أي شخص آخر. لقد أمضينا في الواقع نحو عام في العمل مع شركات في صناعة العطور، كان لديها ما اعتقدوا أنه مجموعات بيانات رائعة، لكن وجدناها ليست كذلك».

وقد دفع ذلك ويلشكو وفريقه إلى بناء «نوع جديد من البيانات»، بحسبه.

لقد حصلوا على آلاف الجزيئات وأوصاف روائحها، وفقاً لخبراء العطور. ثم قاموا بإدخال هذه البيانات في الشبكات العصبية الرسومية (GNNs)، التي تندرج تحت مظلة التعلم الآلي، وتستخدم خوارزميات قوية لاكتشاف وتحليل العلاقات بين نقاط البيانات. في هذه المرحلة من العملية، فكّر في شبكة اجتماعية حيث يمكنك رؤية الأشخاص وكيف يرتبطون بالصداقات.

وقال إن فريقه يمكنه بعد ذلك استخدام الشبكات العصبية الرسومية لمساعدة نموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بهم على فهم الذرات والروابط التي تربط بينها، وكيف يحدد هذا الهيكل الجزيئي رائحتها.

وفي النهاية، تريد «Osmo» أن تكون قادرة على استخدام تقنيتها لنقل الروائح عن طريق رقمنة الرائحة في مكان واحد وإعادة إنشاء نسخة دقيقة في مكان آخر، بحسب ويلشكو.

وقال: «هذه هي الطريقة التي تثبت بها لنفسك أن نموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بك يفهم حقاً رائحة شيء ما، لأنه إذا لم تتمكن من إعادة إنشائه بحيث تكون رائحته مطابقة للرائحة الأصلية، فأنت تخدع نفسك».

ويخطط ويلشكو أيضاً لمواصلة العمل نحو تحقيق هدفه الطويل الأمد، المتمثل في استخدام التكنولوجيا للمساعدة في تحديد الأمراض في وقت مبكر.

وختم بالقول: «سنكون قادرين في النهاية على اكتشاف الأمراض بالرائحة، ونحن في طريقنا لبناء هذه التكنولوجيا. لن يحدث هذا هذا العام، أو في أي وقت قريب، لكننا في طريقنا».


مقالات ذات صلة

هل ستكون تقنيات أولمبياد باريس نموذجاً للمدن الذكية مستقبلاً؟

خاص لعبت «إنتل» دوراً محورياً في دمج الحلول القائمة على الذكاء الاصطناعي لتعزيز تجربة المشجعين والرياضيين والمنظمين (إنتل)

هل ستكون تقنيات أولمبياد باريس نموذجاً للمدن الذكية مستقبلاً؟

هذه الابتكارات ستعزز تصميم المدن والتنقل داخلها لجعلها أكثر كفاءةً وشمولاً.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد القمة العالمية للذكاء الاصطناعي 2022 في الرياض (واس)

برعاية ولي العهد... القمة العالمية للذكاء الاصطناعي تنعقد في الرياض بنسختها الثالثة

تنعقد القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في الرياض بمشاركة أكثر من 300 متحدث، وحضور عدد من الشخصيات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي من 100 دولة في العالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق النموذج الجديد للكشف المبكر عن التوحّد لدى الأطفال (معهد كارولينسكا)

الذكاء الاصطناعي يكشف التوحّد بسهولة

طوّر باحثون من معهد «كارولينسكا» في السويد نموذجاً جديداً يعتمد على الذكاء الاصطناعي يمكنه توقّع إصابة الأطفال بالتوحّد بسهولة من خلال معلومات بسيطة نسبياً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الاقتصاد جانب من العاصمة السعودية الرياض (رويترز)

ماذا حققت محفظة «السيادي» السعودي لتطوير القطاعات الواعدة؟

أظهر التقرير السنوي لـ«صندوق الاستثمارات العامة» السعودي عن عام 2023، أن محفظته الاستثمارية تركز على تطوير القطاعات الواعدة، بهدف تعزيز النمو.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تكنولوجيا يقدم مساعد «جي-أسيست» الذكي نصائح حول كيفية التفاعل مع شخصيات عالم اللعبة حسب البيئة من حول اللاعب

«جي-أسيست»: ثورة الذكاء الاصطناعي في عالم الألعاب الإلكترونية

يحلل قدرات كومبيوترات اللاعبين ويعدلها لتحقيق أفضل مستويات الأداء

خلدون غسان سعيد (جدة)

​أول ملابس تتكيف تلقائياً مع الحرارة المحيطة بها

تضمن الملابس الروبوتية الناعمة من خلال تكيفها تلقائياً مع درجات الحرارة المحيطة سلامة العمل في البيئات الحارة (جامعة بوليتكنيك هونغ كونغ)
تضمن الملابس الروبوتية الناعمة من خلال تكيفها تلقائياً مع درجات الحرارة المحيطة سلامة العمل في البيئات الحارة (جامعة بوليتكنيك هونغ كونغ)
TT

​أول ملابس تتكيف تلقائياً مع الحرارة المحيطة بها

تضمن الملابس الروبوتية الناعمة من خلال تكيفها تلقائياً مع درجات الحرارة المحيطة سلامة العمل في البيئات الحارة (جامعة بوليتكنيك هونغ كونغ)
تضمن الملابس الروبوتية الناعمة من خلال تكيفها تلقائياً مع درجات الحرارة المحيطة سلامة العمل في البيئات الحارة (جامعة بوليتكنيك هونغ كونغ)

يدفع ارتفاع درجات الحرارة التي يشهدها كثير من المناطق حول العالم إلى ابتكار حلول للعاملين في بيئات ذات درجات حرارة عالية، سواء في الداخل أو الخارج، ليس لضمان راحتهم فقط، بل للحفاظ على الصحة والسلامة.

ولمواجهة هذا التحدي المُلح، ابتكر فريق من الباحثين بقيادة الدكتور داهوا شو، الباحث في تقنيات المنسوجات المتقدمة وأستاذ مشارك في كلية الأزياء والمنسوجات بجامعة هونغ كونغ للفنون التطبيقية ملابس روبوتية ناعمة وفريدة من نوعها. تتميز بكونها معزولة حرارياً وقابلة للتنفس. كما يمكنها التكيف تلقائياً مع درجات الحرارة المحيطة المتغيرة. يحمل هذا الابتكار القدرة على تحسين سلامة وراحة العمال المعرّضين للحرارة الشديدة بشكل كبير.

تحدي التنظيم الحراري

يُعد الحفاظ على درجة حرارة الجسم مستقرة أمراً حيوياً في أي بيئة، ولكنه يصبح تحدياً بشكل خاص في درجات الحرارة العالية. إن التعرض للحرارة لفترات طويلة قد يؤدي إلى زيادة استهلاك الطاقة، مما يؤدي إلى الإجهاد الحراري، وتفاقم كثير من الحالات الصحية، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري ومشاكل الجهاز التنفسي. كما يمكن للحرارة الشديدة أن تزيد من خطر انتقال الأمراض المعدية.

وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، توفي ما يقرب من 489 ألف شخص سنوياً بسبب ارتفاع الحرارة بين 2000م و2019م. نصفها في آسيا ونسبة كبيرة في أوروبا. وتؤكد هذه الإحصاءات على الحاجة الملحة إلى ملابس حرارية واقية وفعالة، خصوصاً لرجال الإطفاء وعمال البناء الذين يتعرضون بشكل روتيني للحرارة الشديدة.

تحافظ على درجات حرارة السطح الداخلي أقل بمقدار 10 درجات مئوية على الأقل من الملابس القياسية (شاترستوك)

الملابس الروبوتية الناعمة

لمعدات الحماية الحرارية التقليدية قيود، وذلك بسبب مقاومتها الحرارية الساكنة. في الظروف المعتدلة، يمكن أن تسبب هذه المعدات ارتفاع درجة الحرارة وعدم الراحة، بينما في المواقف القصوى، قد لا يوفر عزلها الحماية الكافية.

لمعالجة هذه التحديات، طور الدكتور شو وفريقه نظام ملابس روبوتية ناعمة ذكية توفر التكيف الحراري الديناميكي والعزل الفائق في البيئات الحارة.

مستوحاة من الطبيعة، خصوصاً التنظيم الحراري التكيفي الذي نراه في طيور الحَمَام، تحاكي ابتكارات الفريق كيفية نفخ الحَمَام لريشه لحبس الهواء والاحتفاظ بالدفء. تستخدم الملابس الواقية نسيجاً آلياً ناعماً مصمماً لإدارة الحرارة الديناميكية. يشتمل هذا النظام على محركات ناعمة - مصممة مثل الهيكل الخارجي البشري - تحتوي على سائل غير سام وغير قابل للاشتعال. عند تعرضه لدرجات حرارة مرتفعة، يتحول السائل من سائل إلى غاز، مما يتسبب في تمدد المحركات. يزيد هذا التمدد من سمك النسيج، مما يخلق فجوات هوائية تضاعف المقاومة الحرارية، وتعزل مرتاديها بشكل فعال.

منظمة الصحة العالمية: ما يقرب من 489 ألف حالة وفاة مرتبطة بالحرارة سنوياً بين عامي 2000 و2019 (شاترستوك)

الميزات والفوائد المتقدمة

تقدم الملابس الآلية الناعمة التي طورها فريق الدكتور شو كثيراً من المزايا الرئيسية مقارنة بالملابس التقليدية المقاومة للحرارة. جدير بالذكر أن قدرتها على الحفاظ على درجات حرارة السطح الداخلي أقل بمقدار 10 درجات مئوية على الأقل من الملابس القياسية، حتى عندما تصل درجات الحرارة الخارجية إلى 120 درجة مئوية. يعزز هذا الانخفاض الكبير في نقل الحرارة راحة وسلامة مرتديها في الظروف القاسية.

المادة المستخدمة في الملابس مصنوعة من مادة البولي يوريثين الحرارية، وهي ليست ناعمة ومتينة فحسب، بل إنها أيضاً صديقة للبشرة. وعلى عكس الملابس الأخرى المستجيبة لدرجة الحرارة والتي تعتمد على سبائك الذاكرة الشكلية، فإن هذا القماش قابل للتنفس ومرن وقابل للتعديل، مما يجعله مناسباً لمجموعة واسعة من التطبيقات.

وأثبتت المحركات الناعمة أنها شديدة المرونة، ولا تظهر أي علامات تسرب بعد اختبارات الغسل الصارمة. تعمل بنية الحياكة المسامية والمتباعدة للقماش على تقليل انتقال الحرارة بالحمل الحراري مع الحفاظ على قابلية عالية لنفاذ الرطوبة، مما يضمن بقاء الملابس مريحة حتى في البيئات الصعبة.

من المهم أن هذه الملابس المبتكرة لا تعتمد على مصادر الطاقة الخارجية، مثل الرقائق الحرارية الكهربائية أو أنظمة التبريد السائلة الدائرية، لتنظيم درجة الحرارة. بدلاً من ذلك، تتكيف بشكل مستقل مع التغيرات البيئية، مما يوفر حلاً خفيف الوزن وكفؤاً في استخدام الطاقة للتنظيم الحراري.

التطبيقات والإمكانات المستقبلية

يتصور الدكتور شو مجموعة واسعة من التطبيقات لهذه الملابس الروبوتية الناعمة القابلة للتكيف. وبالإضافة إلى استخدامها في البيئات ذات درجات الحرارة المرتفعة، يمكن تطبيق هذه التكنولوجيا على الملابس الرياضية والسترات الشتوية وملابس الرعاية الصحية ومعدات الهواء الطلق. كما أن لديها القدرة على المساهمة في ممارسات البناء المستدامة من خلال توفير عزل قائم على المنسوجات يتكيف مع درجات الحرارة المتغيرة، وبالتالي تقليل استهلاك الطاقة.

في المستقبل، يعمل الدكتور شو وفريقه على توسيع أبحاثهم لتطوير سترات قابلة للنفخ وقابلة للتنفس وملابس دافئة للبيئات ذات درجات الحرارة المنخفضة. وقد يكون هذا الابتكار مفيداً بشكل خاص للأفراد الذين تقطعت بهم السبل في ظروف باردة، حيث يساعدهم في الحفاظ على درجة حرارة الجسم آمنة حتى يتم إنقاذهم.