طلاء مرن فائق الرقة لتوليد الطاقة من ضوء الشمس

ابتكره علماء في جامعة أكسفورد البريطانية

علماء الفيزياء بجامعة أكسفورد يبتكرون مادة جديدة شديدة المرونة يمكن تطبيقها على أي سطح تقريبًا لتوليد الطاقة من الشمس (Martin Small)
علماء الفيزياء بجامعة أكسفورد يبتكرون مادة جديدة شديدة المرونة يمكن تطبيقها على أي سطح تقريبًا لتوليد الطاقة من الشمس (Martin Small)
TT

طلاء مرن فائق الرقة لتوليد الطاقة من ضوء الشمس

علماء الفيزياء بجامعة أكسفورد يبتكرون مادة جديدة شديدة المرونة يمكن تطبيقها على أي سطح تقريبًا لتوليد الطاقة من الشمس (Martin Small)
علماء الفيزياء بجامعة أكسفورد يبتكرون مادة جديدة شديدة المرونة يمكن تطبيقها على أي سطح تقريبًا لتوليد الطاقة من الشمس (Martin Small)

كشف العلماء في قسم الفيزياء بجامعة أكسفورد نهجاً جديداً لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، يمكن أن يحوّل مستقبل الطاقة المتجددة. وتبتعد هذه الطريقة المبتكَرة عن الاعتماد التقليدي على الألواح الشمسية القائمة على السيليكون، وتقدِّم بديلاً أكثر تنوعاً واستدامةً.

تتضمّن التكنولوجيا الجديدة طلاء أشياء مثل المباني والمركبات، وحتى الهواتف المحمولة، بمادة مرنة فائقة الرقة، يمكنها توليد الطاقة من ضوء الشمس.

التكنولوجيا وراء الابتكار

يكمُن جوهر هذا الابتكار في مادة جديدة تمتص الضوء، وهي رقيقة ومرنة بشكل مدهش، تكدّس هذه المادة طبقات متعدّدة تمتص الضوء في خلية شمسية واحدة، ويسمح هذا النهج متعدّد الوصلات للمادة بتسخير طيف أوسع من ضوء الشمس، ما يزيد بشكل كبير من كمية الطاقة المولَّدة.

وللمرة الأولى، تم اعتماد هذه المادة الجديدة لتوفير كفاءة طاقة تزيد عن 27 في المائة، أي على قدم المساواة مع أفضل الخلايا الكهروضوئية القائمة على السيليكون المتاحة حالياً، وقد تم منح الشهادة من المعهد الوطني الياباني للعلوم الصناعية المتقدمة والتكنولوجيا (AIST)، ما يؤكد بشكل أكبر على إمكانات المادة قبل نشر الدراسة البحثية في وقت لاحق من هذا العام.

أبرز الدكتور شوايفينج هو، زميل ما بعد الدكتوراه في الفيزياء بجامعة أكسفورد، التقدم السريع الذي أصبح ممكناً من خلال هذا النهج متعدّد الوصلات. وقال إنه «في غضون 5 سنوات فقط قمنا بزيادة كفاءة تحويل الطاقة من حوالي 6 في المائة إلى أكثر من 27 في المائة، وهو ما يقترب من حدود ما يمكن أن تحقّقه الخلايا الكهروضوئية أحادية الطبقة اليوم». وأضاف: «نعتقد أن هذا النهج يمكن أن يؤدي في النهاية إلى كفاءات أكبر، ربما تتجاوز 45 في المائة».

الدكتور شوايفينج هو... زميل ما بعد الدكتوراه في الفيزياء بجامعة أكسفورد (Martin Small)

حل متعدّد الاستخدامات ومستدام

تتمثّل إحدى أهم مزايا هذه المادة الجديدة في تعدّد استخداماتها، حيث يبلغ سُمكها أكثر من ميكرون واحد، أي أرقّ بنحو 150 مرة من رقاقة السيليكون، ويمكن تطبيقها على مجموعة واسعة من الأسطح، وليس فقط الألواح الشمسية التقليدية. تفتح هذه المرونة العديد من الاحتمالات لتوليد الطاقة الشمسية بطرق جديدة ومبتكرة.

ويؤكّد الدكتور جونكي وانج، زميل ما بعد الدكتوراه في برنامج ماري سكودوفسكا كوري أكشنز في قسم الفيزياء بجامعة أكسفورد، أنه من خلال استخدام مواد جديدة يمكن تطبيقها طلاءً، يمكن إثبات أنه يمكن تكرار أداء السيليكون، بل وحتى تجاوزه، مع اكتساب فائدة المرونة أيضاً.

ويرى جونكي وانج أن هذا أمر بالغ الأهمية؛ لأنه يَعِد بزيادة توليد الطاقة الشمسية، دون الحاجة إلى كميات هائلة من الألواح القائمة على السيليكون، أو المزارع الشمسية المبنية خصيصاً.

ويعتقد الباحثون أن هذا النهج يمكن أن يقلّل بشكل كبير من تكلفة الطاقة الشمسية، ما يجعلها الشكل الأكثر استدامةً للطاقة المتجددة المتاحة، ومنذ عام 2010 انخفضت التكلفة العالمية المتوسطة للكهرباء الشمسية بنحو 90 في المائة، ما يجعلها أرخص بنحو الثلث من الطاقة المولَّدة من الوقود الأحفوري.

وتَعِد الابتكارات مثل هذا بمزيد من خفض التكاليف، من خلال تقليل الاعتماد على الألواح السيليكونية، والحاجة إلى مزارع شمسية واسعة النطاق.

مادة ضوئية جديدة من الأغشية الرقيقة في مختبر روبوتي تم بناؤه خصيصًا في قسم الفيزياء بجامعة أكسفورد (Martin Small)

الإمكانات التجارية والتأثير المستقبلي

بدأت شركة أكسفورد للطاقة الكهروضوئية -وهي شركة انبثقت عن الجامعة لتسويق الخلايا الكهروضوئية المصنوعة من «البيروفسكيت»- بالفعل في تصنيع هذه الخلايا الشمسية الجديدة على نطاق واسع في منشأتها في براندنبورغ أندر هافيل بألمانيا، ويمثل هذا المصنع أول خط تصنيع ضخم في العالم للخلايا الشمسية المترادفة المصنوعة من «البيروفسكيت» والسيليكون.

وعلى الرغم من التقدم فإن البروفيسور سنيث هنري سنيث، أستاذ الطاقة المتجددة بقسم الفيزياء بجامعة أكسفورد، يلاحظ أن المملكة المتحدة قد تخسر قيادة هذه الصناعة الناشئة دون دعم أكثر قوة. ويقول: «لقد فكّرنا في الأصل بمواقع التصنيع في المملكة المتحدة، لكن الحوافز المالية والتجارية المقدّمة في أجزاء أخرى من أوروبا والولايات المتحدة كانت أكثر إقناعاً».

ويؤكد أنه بينما ركزت المملكة المتحدة على بناء مزارع شمسية جديدة، فإن النمو الحقيقي سيأتي من تسويق ابتكارات مثل هذه. وأضاف سنيث: «يمكن أن تصبح أحدث الابتكارات في المواد والتقنيات الشمسية التي تم عرضها في مختبراتنا منصةً لصناعة جديدة، وتصنيع المواد لتوليد الطاقة الشمسية بشكل أكثر استدامةً، وبتكلفة أقل باستخدام المباني والمركبات والأشياء القائمة».

رؤية للمستقبل

يمتد التأثير المحتمل لهذه التكنولوجيا إلى ما هو أبعد من كفاءة الطاقة وخفض التكاليف، فمن خلال تمكين توليد الطاقة الشمسية على مجموعة واسعة من الأسطح، يمكن لهذا الابتكار أن يقلّل بشكل كبير من الحاجة إلى المزارع الشمسية التقليدية، ويدمج الطاقة المتجددة بشكل أكثر سلاسة في الحياة اليومية.

ومع استمرار العالم في التحول إلى مصادر طاقة أكثر خُضرةً، فإن العمل الذي يقوم به علماء أكسفورد يقدّم لمحة عن مستقبل الطاقة الشمسية، من خلال دفع حدود ما هو ممكن باستخدام المواد الكهروضوئية.


مقالات ذات صلة

ما خصائص «البحث بالوقت الفعلي» في «تشات جي بي تي»؟

تكنولوجيا لدى خدمة «ChatGPT Plus» التي تعتمد على الاشتراك نحو 7.7 مليون مستخدم على مستوى العالم (أدوبي)

ما خصائص «البحث بالوقت الفعلي» في «تشات جي بي تي»؟

تشكل الخاصية الجديدة نقلة في كيفية التفاعل مع المعلومات عبر إجابات أكثر ذكاءً وسرعة مع سياق الأسئلة.

نسيم رمضان (لندن)
خاص «بي واي دي»: نخطط للاستثمار في مبادرات تسويقية وتعليمية لزيادة الوعي بفوائد النقل الكهربائي (BYD)

خاص «بي واي دي»... قصة سيارات كهربائية بدأت ببطارية هاتف

من ابتكارات البطاريات الرائدة إلى المنصات المتطورة، تتماشى رؤية «بي واي دي» مع الأهداف العالمية للاستدامة، بما في ذلك «رؤية المملكة 2030».

نسيم رمضان (الصين)
صحتك خاتم «أورا» الذكي

خواتم ذكية تكشف الرجفان الأذيني

الخواتم الذكية - أحدث فئة من الأجهزة القابلة للارتداء - يمكنها القيام بعدد من الأشياء التي يمكن أن تقوم بها الساعة الذكية، بما في ذلك مراقبة معدل ضربات القلب،…

جولي كورليس (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
تكنولوجيا يبرز نجاح «أكوا بوت» الإمكانات التحويلية للجمع بين الأجهزة المتطورة والبرامج الذكية (أكوا بوت)

روبوت يسبح تحت الماء بشكل مستقل مستخدماً الذكاء الاصطناعي

الروبوت «أكوا بوت»، الذي طوّره باحثون في جامعة كولومبيا، قادر على تنفيذ مجموعة متنوعة من المهام تحت الماء بشكل مستقل.

نسيم رمضان (لندن)
صحتك منصات التواصل الاجتماعي أصبحت جزءاً أساسياً من حياة كثيرين (رويترز)

صداقات «السوشيال ميديا» تعزز الثقة بالنفس

توصلت دراسة أميركية حديثة إلى أن جودة الصداقات عبر الشبكات الاجتماعية يمكن أن تسهم في تقليل الشعور بالوحدة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

دراسة: سيارات «تسلا» الأكثر عرضة لحوادث التصادم المميتة

احتمالات تعرُّض سيارات «تسلا» لحوادث تصادم مميتة تزيد على أي سيارات أخرى (رويترز)
احتمالات تعرُّض سيارات «تسلا» لحوادث تصادم مميتة تزيد على أي سيارات أخرى (رويترز)
TT

دراسة: سيارات «تسلا» الأكثر عرضة لحوادث التصادم المميتة

احتمالات تعرُّض سيارات «تسلا» لحوادث تصادم مميتة تزيد على أي سيارات أخرى (رويترز)
احتمالات تعرُّض سيارات «تسلا» لحوادث تصادم مميتة تزيد على أي سيارات أخرى (رويترز)

أظهرت دراسة أميركية أن احتمالات تعرُّض سيارات «تسلا» لحوادث تصادم مميتة تزيد على أي سيارات أخرى على الطرق الأميركية.

وشملت الدراسة، التي أعدها الباحثون في منصة السيارات المستخدمة «آي سي كارز»، مراجعة إحصاءات حوادث السيارات في الولايات المتحدة خلال الفترة من 2017 إلى 2022، مع التركيز على الحوادث التي أسفرت عن مقتل شخص واحد على الأقل.

وحلل الباحثون البيانات المتاحة على نظام «تحليل تقارير الحوادث المميتة» الأميركي، ووضعوا تصنيفاً كميّاً للسيارات والعلامات التجارية كلها.

وكشف التحليل أن «تسلا» سجَّلت أعلى معدل للحوادث المميتة بين علامات السيارات كلها في الولايات المتحدة، وتلتها سيارات «كيا»، و«بويك»، و«دودج»، و«هيونداي».

وأشار معدو الدراسة إلى أن سيارات «تسلا»، بما تحتوي عليه من تكنولوجيا متقدمة في أنظمة القيادة، تعدّ سيارات آمنة، لكن أصحابها ليسوا ركاباً آمنين.

وقال كارل براوير، المحلل في منصة «آي سي كارز»: «غالبية السيارات حصلت على تقييمات ممتازة بالنسبة لمعدل الأمان، وأدت بشكل جيد اختبارات التصادم التي أجرتها الإدارة الوطنية للسلامة المرورية ومعهد التأمين للسلامة المرورية، لذلك فالمشكلة لا تتعلق بتصميم السيارة».

وأضاف: «النماذج في هذه القائمة تعكس مزيجاً من سلوك السائق وظروف القيادة، وأدت إلى زيادة احتمالات الحوادث ووقوع حالات وفاة».

يذكر أن سمعة شركة «تسلا» في مجال أنظمة القيادة والسلامة بمساعدة البرمجيات تضرَّرت؛ نتيجة مئات الحوادث التي تم فيها تشغيل خاصية مساعدة السائق إلكترونياً، المعروفة باسم «أوتو بايلوت»، حسبما وثَّقه تحقيق اتحادي أميركي منفصل نُشر في أبريل (نيسان) الماضي.

وأشار الباحثون في «آي سي كارز» إلى أن معدل الحوادث المميتة لسيارات «تسلا» بلغ 5.6 حادث لكل مليار ميل (1.6 مليار كيلومتر) تقطعها سيارات العلامة التجارية، وهو ما يعني وفاة شخص واحد في حادث سيارة كل 178 مليون كيلومتر تقطعها سيارات «تسلا» الكهربائية. وجاءت سيارات «كيا» في المركز الثاني بمعدل 5.5 حادث مميت لكل مليار ميل، ثم «بويك» بمعدل 4.8 حادث لكل مليار ميل ثم «دودج» بمعدل 4.4 حادث و«هيونداي» بمعدل 3.9 حادث لكل مليار ميل.