هل سيشهد عام 2038 شللاً في الأنظمة مشابهاً لتحديث «كراود سترايك»؟

تؤكد «مشكلة 2038» التعقيد المتنامي للبنية التحتية التكنولوجية بسبب الاعتماد بشكل أكبر على الأنظمة المترابطة (شاترستوك)
تؤكد «مشكلة 2038» التعقيد المتنامي للبنية التحتية التكنولوجية بسبب الاعتماد بشكل أكبر على الأنظمة المترابطة (شاترستوك)
TT

هل سيشهد عام 2038 شللاً في الأنظمة مشابهاً لتحديث «كراود سترايك»؟

تؤكد «مشكلة 2038» التعقيد المتنامي للبنية التحتية التكنولوجية بسبب الاعتماد بشكل أكبر على الأنظمة المترابطة (شاترستوك)
تؤكد «مشكلة 2038» التعقيد المتنامي للبنية التحتية التكنولوجية بسبب الاعتماد بشكل أكبر على الأنظمة المترابطة (شاترستوك)

أدى تحديث برنامج روتيني من شركة الأمن السيبراني «كراود ستريك» (Crowdstrike) إلى انقطاع تكنولوجيا المعلومات على مستوى العالم؛ ما كشف عن ثغرة أمنية حرجة في البنية التحتية الرقمية. ويتوقع الخبراء أن السبب المباشر كان مشكلة التوافق مع نظام التشغيل «ويندوز» من «مايكروسوفت»، إلا أن الحادث كان بمثابة تذكير صارخ لـ«مشكلة 2038» التي يُتخوف من حدوثها!

ما مشكلة 2038؟

تنبع «مشكلة 2038» من كيفية قيام أجهزة الكمبيوتر بتتبع الوقت باستخدام «توقيت يونيكس» (Unix) وهو نظام لتحديد اللحظات ضمن الوقت، أي أنه رقم واحد يمثل الثواني المنقضية منذ منتصف ليل الأول من يناير (كانون الثاني) عام 1970. يعمل هذا النظام الذي يبدو بسيطاً بشكل جيد، ولكن بعض البرامج القديمة تستخدم عدداً صحيحاً موقّعاً بطول 32 بت لتخزين هذه القيمة.

فلنتخيل أن عدّاد المسافات في السيارة يمكنه عرض ما يصل إلى 99.999 ميلاً فقط. مشكلة 2038 مماثلة حيث إنه في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2038، الساعة 03:14:07 بالتوقيت العالمي، ستتجاوز قيمة وقت «يونكس» الحد الأقصى لعدد صحيح 32 بت. بالنسبة للأنظمة التي تستخدم هذا التنسيق، سينكسر الوقت بشكل أساسي؛ ما قد يفسر القيمة كتاريخ في الماضي البعيد (نحو 13 ديسمبر / كانون الأول 1901).

العواقب المحتملة

تعتمد العديد من الأنظمة على «توقيت يونيكس»، ويمكن أن تؤدي الطوابع الزمنية غير الصحيحة على الملفات وقواعد البيانات إلى إحداث ضرر في السجلات المالية والأنظمة اللوجيستية والبنية التحتية الحيوية. وقد ينتج عن أعطال البرامج إلى تعطيل العمليات وحالات فشل متتالية.

هل هناك حل؟

تستخدم الأنظمة الحديثة بالفعل أعداداً صحيحة بحجم 64 بت لضبط الوقت، مما يؤدي إلى القضاء على المشكلة بشكل فعال. ويكمن التحدي في تحديد ومعالجة الأنظمة الضعيفة، خاصة تلك المتأصلة بعمق في البنية التحتية الحيوية. وينصح الخبراء بخطوات عدة للتخفيف من «مشكلة 2038». ويرى هؤلاء أن إجراء عمليات تدقيق شاملة لتحديد البرامج والأنظمة التي تستخدم ضبط الوقت بنظام 32 بت هي من أبرزها. كما يعد تحديث هذه الأنظمة لاستخدام أعداد صحيحة 64 بت الحل الأمثل. أما بالنسبة للأنظمة القديمة التي لا يمكن ترقيتها بسهولة، قد يحتاج المطورون إلى تنفيذ حلول بديلة أو تصحيحات للتعامل مع تجاوز الوقت. إضافة لذلك، يعد التعاون بين بائعي البرامج ومصنعي الأجهزة ومسؤولي النظام أمراً بالغ الأهمية لاتباع نهج منسق لمعالجة «مشكلة 2038».

ما حدث يوم الجمعة حول العالم هو بمثابة دعوة للاستيقاظ. ويرى خبراء أن «مشكلة 2038» ستكون أكثر غدراً، ويصعب اكتشافها. قد تقوم كثير من الأنظمة ذات المهام الحرجة بالعد التنازلي بصمت حتى هذا الالتواء الزمني المخفي داخل طبقات من البرامج والأجهزة القديمة.

ربما تكون حادثة «كراود سترايك» قد تسببت في تعطيل مؤقت، إلا أنها تسلط الضوء على الحاجة الملحة لمعالجة «مشكلة 2038» قبل فوات الأوان، وذلك ضمان استمرار عمل العالم الرقمي بسلاسة في المستقبل.


مقالات ذات صلة

«السوق المالية» السعودية في مأمن من الأعطال التقنية العالمية

الاقتصاد مستثمران يتابعان أسعار الأسهم على شاشة «تداول» السعودية (رويترز)

«السوق المالية» السعودية في مأمن من الأعطال التقنية العالمية

أكدت هيئة السوق المالية السعودية سلامة الأنظمة التشغيلية من الأعطال التقنية التي تأثرت بها معظم الجهات حول العالم، وجاهزيتها لتقديم الخدمات لكل المستثمرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم موظفو يونايتد إيرلاينز بجوار شاشة المغادرة التي تعرض شاشة خطأ زرقاء والمعروفة أيضاً باسم «شاشة الموت الزرقاء» مطار نيوارك بنيوجيرسي الدولي 19 يوليو 2024 (رويترز)

رحلة التعافي من العطل التقني العالمي قد تمتد إلى أسابيع

العطل التقني العالمي... مطارات تعاود العمل والتعافي الكامل قد يحتاج إلى أسابيع حسب خبراء.

كوثر وكيل (لندن)
الاقتصاد شهد مؤتمر «ليب 2024» تمويلاً بمليار دولار لأعمال التقنيات الناشئة بالسعودية (الشرق الأوسط)

مؤشر تبني التقنيات الناشئة في السعودية يرتفع إلى 70.7 %

سجّل مؤشر أداء الجهات الحكومية في تبنّي التقنيات الناشئة، تحسناً ملموساً بنسبة 10 في المائة مقارنة بالعام الماضي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج شعار الهيئة الوطنية للأمن السيبراني (واس)

هيئة الأمن السيبراني السعودية: تأثير العطل التقني العالمي على المملكة محدود

أعلنت الهيئة الوطنية للأمن السيبراني السعودية، اليوم السبت، أن تأثير العطل التقني العالمي على المملكة «محدود».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري تأثر بعض رحلات مطار الكويت بسبب العطل التقني حول العالم (تلفزيون الكويت)

تحليل إخباري تأثير متفاوت على الأنظمة الخليجية جراء العطل التقني العالمي

أحدث الخلل الفني العالمي بشبكة الإنترنت، الجمعة، تأثيراً تفاوتت نسبته بين القطاعات المختلفة في دول الخليج، بينما استبعدت جهاتٌ ارتباط العطل بهجوم سيبراني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

بسبب تكلفته الباهظة... «ناسا» توقف تطوير مسبار «فايبر» القمري

تظهر هذه الصورة غير المؤرخة الصادرة عن وكالة «ناسا» التي تم إصدارها في 17 يوليو 2024 مسبار «فايبر» التابع لـ«ناسا» (أ.ف.ب)
تظهر هذه الصورة غير المؤرخة الصادرة عن وكالة «ناسا» التي تم إصدارها في 17 يوليو 2024 مسبار «فايبر» التابع لـ«ناسا» (أ.ف.ب)
TT

بسبب تكلفته الباهظة... «ناسا» توقف تطوير مسبار «فايبر» القمري

تظهر هذه الصورة غير المؤرخة الصادرة عن وكالة «ناسا» التي تم إصدارها في 17 يوليو 2024 مسبار «فايبر» التابع لـ«ناسا» (أ.ف.ب)
تظهر هذه الصورة غير المؤرخة الصادرة عن وكالة «ناسا» التي تم إصدارها في 17 يوليو 2024 مسبار «فايبر» التابع لـ«ناسا» (أ.ف.ب)

أعلنت وكالة «ناسا» اليوم (الأربعاء)، أنها أوقفت تطوير مسبارها الجوال «فايبر (Viper)»، الذي كان من المقرر أن يستكشف القطب الجنوبي للقمر بحثاً عن الماء، عازية القرار إلى التكلفة الباهظة للمشروع، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأنفقت وكالة الفضاء الأميركية بالفعل 450 مليون دولار على المركبة الجوالة، التي كان من المتوقع أصلاً أن تكلّف ما يزيد قليلاً على 430 مليون دولار. غير أن إطلاق المركبة، الذي كان مقرراً أساساً في أواخر عام 2023، لا يمكن أن يحصل قبل عام 2025 على أقرب تقدير، ما سيرفع تكلفته الإجمالية إلى أكثر من 600 مليون دولار.

ووصف المدير المساعد المسؤول عن الشؤون العلمية في وكالة «ناسا» نيكولا فوكس، في مؤتمر صحافي، قرار إلغاء هذه المهمة على المركبة التي جُمعت أجزاؤها بالفعل، بأنه «صعب للغاية».

وأعلنت وكالة «ناسا» إطلاق دعوة لمَن يهمه الأمر من الشركاء الصناعيين أو الدوليين للتعاون في المشروع. وبخلاف ذلك، تخطط وكالة الفضاء لتفكيك المركبة، واستعادة مكونات معينة، من بينها أدوات، وبطاريات، وألواح شمسية.

وكان من المقرر أن يقلع المسبار الجوال على متن مركبة الهبوط القمرية «غريفين» المطوّرة من شركة «أستروبوتيك» الأميركية الناشئة، التي لم يأتِ إقلاعها الأول إلى القمر في يناير (كانون الثاني) بنتائج حاسمة.

ولا تزال المهمة الفلكية الثانية للمسبار قائمة، وستسلّم وكالة «ناسا» لهذه الغاية جسماً ذا كتلة مماثلة للمسبار الجوال، ولكن دون فائدة علمية.

وقد صُممت مركبة الهبوط في الواقع وفقاً لهذا القيد، ولا ترغب وكالة الفضاء في المخاطرة بمزيد من تأخير الإقلاع من خلال فرض شحنة علمية جديدة. وبات الهدف حالياً التأكد من قدرة «أستروبوتيك» على الهبوط على سطح القمر.

وقالت الشركة (الأربعاء) إنها تعوّل على إنجاز عملية الإطلاق في الرُّبع الثالث من عام 2025.

وقد تعاقدت وكالة «ناسا» مع شركات عدة لإرسال المعدات والتقنيات إلى القمر، ضمن برنامج يسمى «CLPS» تُعد «أستروبوتيك» جزءاً منه. ويرمي ذلك إلى دراسة البيئة القمرية بهدف إعادة إرسال البشر إلى سطحه. ومن الممكن استخدام المياه الموجودة في الموقع.

وقالت «ناسا» إنّ نسخاً من 3 أدوات في مركبة «فايبر» ستُضمّن في مهمات أخرى. ومن المقرر أن تنطلق مهمة ضمن برنامج «CLPS» بحلول نهاية العام، تحمل اسم «IM-2»، وتقودها شركة «إنتويتيف ماشينز (Intuitive Machines)»، على أن تذهب أيضاً إلى القطب الجنوبي وتحفر التربة القمرية.

وأخيراً، ستتمكّن المركبة الجوالة، المتوقع أن تنقل رواد فضاء إلى القمر في المستقبل، من الذهاب إلى مناطق لا ترى ضوء الشمس أبداً، ومن المرجح أن تحتوي على الماء، بحلول «نهاية العقد» الحالي، بحسب المسؤول الكبير في وكالة الفضاء الأميركية، جويل كيرنز.