مُسيّرات مستوحاة من الخفافيش للتغلّب على تحديات الهبوط

تستخدم أجنحتها كقابضَين للإمساك بالأسطح!

استلهاماً من الخفافيش... ابتكر الباحثون طائرة من دون طيار يمكنها التنقل والعمل في بيئات لم يكن بالإمكان الوصول إليها في السابق (EPFL)
استلهاماً من الخفافيش... ابتكر الباحثون طائرة من دون طيار يمكنها التنقل والعمل في بيئات لم يكن بالإمكان الوصول إليها في السابق (EPFL)
TT

مُسيّرات مستوحاة من الخفافيش للتغلّب على تحديات الهبوط

استلهاماً من الخفافيش... ابتكر الباحثون طائرة من دون طيار يمكنها التنقل والعمل في بيئات لم يكن بالإمكان الوصول إليها في السابق (EPFL)
استلهاماً من الخفافيش... ابتكر الباحثون طائرة من دون طيار يمكنها التنقل والعمل في بيئات لم يكن بالإمكان الوصول إليها في السابق (EPFL)

أحدثت الطائرات من دون طيار ثورة في العديد من الصناعات، من صناعة الأفلام إلى عمليات الاستطلاع والمراقبة، مقدمةً إمكانيات جوية غير مسبوقة. لكنها لا تزال تواجه قيودًا كبيرة، خصوصاً في قدرتها على الهبوط والاستقرار على الأسطح المختلفة، وخصوصاً مع الهياكل الرأسية أو غير المنتظمة. ولمعالجة هذا التحدي قام فريق من المهندسين وعلماء الروبوتات في جامعة (EPFL) في سويسرا بتصميم طائرة من دون طيار، قادرة على استخدام أجنحتها أداةَ إمساك للاستقرار على الأجسام الرأسية، وتقليد سلوك الخفافيش.

التعلم من الخفافيش

مستوحاة من القدرات الطبيعية للخفافيش، شرع فريق الجامعة السويسرية في تطوير طائرة من دون طيار يمكنها التغلب على تحديات الهبوط على الأسطح غير المستوية. وتُعرف الخفافيش بقدرتها الرائعة على الهبوط والتشبّث بالأعمدة الرأسية والأشجار، والأشياء المستديرة الأخرى، باستخدام أجنحتها كقابضَين. تتضمن هذه القدرة مناورة تشبه التصادم تقريبًا من الطيران الأفقي إلى الطيران العمودي، وهو إنجاز سعى الباحثون إلى تكراره باستخدام طائرتهم من دون طيار.

استلهاماً من الخفافيش... ابتكر الباحثون طائرة من دون طيار يمكنها التنقل والعمل في بيئات لم يكن بالإمكان الوصول إليها في السابق (EPFL)

«PercHug» الطائرة المستوحاة من الخفاش

نتيجة هذا المشروع المبتكر هو روبوت اسمه «بيرس هاغ» (PercHug)، وهو عبارة عن طائرة من دون طيار، مصمّمة للانزلاق مباشرةً على الهدف، والهبوط مع اصطدام متحكّم فيه، ومن ثم تجثم عن طريق لفّ أجنحتها حوله. تشتمل المكونات الرئيسية لـ «بيرس هاغ» على أجنحة قابلة للطي، وأنف مقلوب، وآلية إغلاق وفتح، وخطّافات، وزناد ثنائي الثبات، وذيل معزّز. وتتيح هذه الميزات مجتمعةً للطائرة الانتقال من الطيران إلى الجلوس بسلاسة.

بناء واختبار «بيرس هاغ»

يتطلب إنشاء «PercHug» هندسة دقيقة والعديد من التجارب، وقد قام الباحثون بتجهيز الطائرة من دون طيار بأجنحة قابلة للطيّ، يمكنها الالتفاف حول الأشياء، وخطافات للتثبيت الآمن، وآلية إطلاق ثنائية الاستقرار للحفاظ على الاستقرار، ويسمح التصميم للطائرة بالاقتراب من الهدف والاصطدام به، وإعادة توجيهه ثم الجلوس بأمان.

وفي اختبارات صارمة، أثبت «بيرس هاغ» قدرته على الجلوس على أجسام رأسية مختلفة، بما في ذلك 6 أشجار مختلفة بأحجام واتجاهات مختلفة. تضمّنت الاختبارات سيناريوهات مع أو من دون قطعة أنف إضافية؛ لتقييم قدرة الطائرة من دون طيار على التكيف، كما يتطلّب التجثم الناجح أن تنزلق الطائرة من دون طيار نحو الهدف، وتعيد توجيهها عند الاصطدام، وتلتف بجناحيها، وتثبت على السطح، وتحافظ على موضعها.

يأمل الباحثون أن تلعب هذه الابتكارات دورًا حاسمًا في تعزيز وظائف الطائرات دون طيار وتعدّد استخداماتها في العالم الحقيقي (شاترستوك)

تحسين تقنية الجثم

لاحظ فريق البحث أن تحقيق الجلوس المتّسق يتطلب ممارسة ودقة في التعامل مع الطائرات من دون طيار، وأثرت عوامل مثل حجم الهدف، والاتجاه، وسرعة الاقتراب بشكل كبير على معدل نجاح الجثم، ومن خلال الاختبارات والتعديلات المتكررة، قام الفريق بتحسين قدرات الإمساك بالطائرة من دون طيار، مما يضمن قدرتها على الجلوس بشكل موثوق على مجموعة من الأسطح الرأسية.

التطبيقات والآثار المستقبلية

يفتح تطوير «بيرس هاغ» إمكانيات جديدة لتطبيقات الطائرات من دون طيار في البيئات الصعبة، يمكن للطائرات من دون طيار التي تتمتّع بالقدرة على الجلوس على الأسطح العمودية أن تعزّز عمليات المراقبة والرصد البيئي، وجهود الاستجابة لحالات الطوارئ، على سبيل المثال، يمكن استخدامها لمراقبة الحياة البرية، ومراقبة صحة الغابات، أو توفير الوعي الظرفي في المناطق المنكوبة بالكوارث دون الحاجة إلى مناطق هبوط مسطّحة.

علاوةً على ذلك، يساهم هذا الابتكار في المجال الأوسع للروبوتات، من خلال إظهار كيف يمكن للتصميمات المستوحاة من الحياة أن تتغلب على القيود التقنية، ومن خلال محاكاة السلوكيات الطبيعية للحيوانات مثل الخفافيش، يمكن للمهندسين إنشاء أنظمة روبوتية أكثر تنوعًا وقدرةً على التكيف، وقادرة على أداء مهام معقّدة في بيئات متنوعة.


مقالات ذات صلة

ألمانيا توقف لبنانياً اشترى لـ«حزب الله» محركات طائرات من دون طيار

المشرق العربي لقطة من فيديو نشره «حزب الله» لطائرة الهدهد التي التقطت فيديوهات في إسرائيل

ألمانيا توقف لبنانياً اشترى لـ«حزب الله» محركات طائرات من دون طيار

بعد أسبوعين على إصدار محكمة ألمانيا أول حكم من نوعه بإدانة عنصرين من «حزب الله» بانتمائهما إلى منظمة مصنفة «إرهابية»، اعتقلت السلطات لبنانياً ثالثاً.

راغدة بهنام (برلين)
أوروبا السلطات صادرت الطائرتين على متن سفينة حاويات قادمة من ميناء يانتيان بجنوب الصين كانت متجهة إلى ميناء في شرق ليبيا (رويترز)

إيطاليا تصادر مُسيرتين صنعتهما الصين في الطريق إلى ليبيا

كشفت الشرطة وهيئة الجمارك في إيطاليا، اليوم (الثلاثاء)، أن السلطات صادرت طائرتين عسكريتين مسيرتين صنعتهما الصين كانتا في طريقهما إلى ليبيا.

«الشرق الأوسط» (روما)
أوروبا جندي أوكراني يجهز طائرة مسيّرة قرب الحدود مع روسيا (أرشيفية - رويترز)

هجوم أوكراني بطائرات مسيّرة يستهدف مصنعاً للصلب في روسيا

قال متحدث باسم شركة «نوفوليبيتسك ستيل» الروسية إن أوكرانيا أطلقت «سرباً» من الطائرات المسيّرة استهدف مصنعاً تابعاً لشركة الصلب دون أن يتسبّب في أضرار جسيمة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا مبنى سكني مدمر بعد قصف روسي على بلدة توريتسك في منطقة دونيتسك الشرقية في أوكرانيا (أ.ف.ب)

موسكو تعلن تدمير 12 مركزاً للتحكم بالمسيّرات في أوكرانيا

أعلن المتحدث باسم المجموعة القتالية الغربية الروسية إيفان بيرما، أن القوات الروسية دمرت 12 مركزاً للتحكم في الطائرات المسيرة في منطقة مسؤولية المجموعة القتالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
شؤون إقليمية لقطة مأخوذة من مقطع فيديو نشره «حزب الله» لسفن عسكرية إسرائيلية بقاعدة بحرية في حيفا (متداول)

«حزب الله» ينشر لقطات يقول إنها من طائرة مسيّرة أجرت مراقبة لحيفا

نشرت جماعة «حزب الله» اللبنانية، الثلاثاء، مقطعاً مصوراً مدته تسع دقائق و31 ثانية لما قالت إنها لقطات صورتها طائرة مراقبة تابعة لها لمواقع في إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«كاوست» لتعزيز ريادة السعودية في تقنيات «الجيل السادس»

تساهم «كاوست» بتعزيز ريادة السعودية في تطوير وتبني تقنيات اتصالات الجيل السادس (واس)
تساهم «كاوست» بتعزيز ريادة السعودية في تطوير وتبني تقنيات اتصالات الجيل السادس (واس)
TT

«كاوست» لتعزيز ريادة السعودية في تقنيات «الجيل السادس»

تساهم «كاوست» بتعزيز ريادة السعودية في تطوير وتبني تقنيات اتصالات الجيل السادس (واس)
تساهم «كاوست» بتعزيز ريادة السعودية في تطوير وتبني تقنيات اتصالات الجيل السادس (واس)

دخلت جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية «كاوست» بمدينة ثول (غرب السعودية)، عصراً بحثياً جديداً لتطوير تقنيات الاتصالات من الجيل «الخامس 5G» إلى «السادس 6G»؛ بالتعاون مع إحدى الشركات الأجنبية.

ويتوقع خبراء الاتصالات أنه بحلول عام 2025، سيكون هناك أكثر من 50 مليار جهاز متصل بالإنترنت، تشمل تلك المتحكمة في الشبكات الكهربائية للمدن، والمُستخدمة لتصفح مواقع التواصل الاجتماعي.

وأوضحت الجامعة أن هذا التعاون يشمل استمرار الشركة في تمويل برنامجين بـ«كاوست»، يبحث أولهما في الاتصالات البصرية في الفضاء الحر «FSO»، ويتمحور الآخر حول تطوير الأسطح الذكية القابلة لإعادة التشكيل «RIS»، في الوقت الذي عدّ فيه قطاع الصناعة كلتا التقنيتين ضرورية لتطوير بنية اتصالات الجيل الخامس والسادس.

تقنيتا «FSO» و«RIS» ضروريتان لتطوير بنية اتصالات الجيل الـ5 والـ6 (واس)

وتستخدم اتصالات «FSO» الليزر لإرسال إشارة عبر الفضاء الحر «الخارجي - الهواء» إلى كاشف من دون أسلاك، حيث يزداد معدل توهن الإشارة مع الإشارات ذات التردد الأعلى، بينما يعد الجيل السادس هو الأعلى حتى الآن بـ«100 غيغاهرتز على الأقل».

وتقاس عبر هذه التقنية درجة تأثيرات الطقس على إرسال الإشارات؛ بهدف بناء قاعدة بيانات شاملة للظروف الجوية في السعودية، للإجابة عن أسباب انقطاع الاتصالات، وعدد مرات حدوثه ومدته. ويُمكن للشركات من خلال هذه المعلومات، وضع محطاتها بأماكن استراتيجية مناسبة، ونشر أنظمة مساعدة احتياطية في حال تعطلها.

كما توفر الأسطح الذكية «RIS» حلاً آخر لمشكلة فقدان الإشارة، إذ تحوي المباني في المناطق الحضرية غالباً محطات استقبال أساسية على أسطحها، وتتضمن تلك الأسطح آلاف الخلايا، تتكون كل واحدة منها عادة من طبقات من المعدن والعازل وأشباه الموصلات، ويُتوقع أن يساهم ذلك إلى حد بعيد في تمكين الوصول لتقنية الجيل السادس.

وتساهم «كاوست» بتعزيز ريادة السعودية في تطوير وتبني تقنيات اتصالات الجيل السادس؛ مما يجذب الشركات العالمية للاستثمار بالبنية التحتية، والعلماء لإجراء أبحاثهم، عبر اختبار «FSO» و«RIS»، وجمع كمية غير مسبوقة من البيانات حول الظروف الجوية، وأداء الاتصالات بالمملكة.