جهاز استشعار قليل التكلفة لقياس تلوث المياه بالرصاص

تتنوع مصادر تلوث المياه بالرصاص وتشمل أنابيب الصرف الصحي القديمة والتعدين وصهر الرصاص والطلاء المحتوي على الرصاص (شاترستوك)
تتنوع مصادر تلوث المياه بالرصاص وتشمل أنابيب الصرف الصحي القديمة والتعدين وصهر الرصاص والطلاء المحتوي على الرصاص (شاترستوك)
TT

جهاز استشعار قليل التكلفة لقياس تلوث المياه بالرصاص

تتنوع مصادر تلوث المياه بالرصاص وتشمل أنابيب الصرف الصحي القديمة والتعدين وصهر الرصاص والطلاء المحتوي على الرصاص (شاترستوك)
تتنوع مصادر تلوث المياه بالرصاص وتشمل أنابيب الصرف الصحي القديمة والتعدين وصهر الرصاص والطلاء المحتوي على الرصاص (شاترستوك)

إنجاز جديد لاكتشاف وقياس تركيزات الرصاص في الماء ابتكره مهندسون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وجامعة نانيانج التكنولوجية، وشركات أخرى، من خلال تطوير تكنولوجيا مدمجة وقليلة التكلفة. ويأمل الباحثون في أن يلعب هذا الإنجاز دوراً حاسماً في معالجة مشكلة تلوث الماء بالرصاص التي تؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم.

المخاطر الصحية

تقدِّر «منظمة الصحة العالمية» أن 240 مليون شخص عالمياً يتعرضون لمياه الشرب التي تحتوي على مستويات غير آمنة من الرصاص السامّ. يمكن أن يؤثر التلوث بالرصاص بشدة على نمو الدماغ لدى الأطفال، ويسبب تشوهات خلقية، ويؤدي إلى مجموعة من المشكلات العصبية والقلبية وغيرها. وفي الولايات المتحدة وحدها، لا يزال ما يقرب من 10 ملايين أسرة يحصلون على مياه الشرب من خلال أنابيب الرصاص، مما يشكل خطراً صحياً كبيراً، بحسب بعض الدراسات.

يقول جيا شو بريان سيا، باحث ما بعد الدكتوراه في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا المؤلف الرئيسي للورقة البحثية إن «تلوث المياه بالرصاص يعكس أزمة صحية عامة لم تتم معالجتها، وتؤدي إلى وفاة أكثر من مليون شخص سنوياً».

يمكن للجهاز الذي يشبه الرقاقة أن يوفر كشفاً حساساً لمستويات الرصاص في مياه الشرب (MIT)

طريقة مبتكرة وفعالة

تشتمل الطرق التقليدية لاختبار الرصاص في الماء على معدّات باهظة الثمن وتستغرق معالجة النتائج عدة أيام. وبدلاً من ذلك، توفر شرائط الاختبار البسيطة التي تم ابتكارها مؤشراً ثنائياً على وجود الرصاص دون تحديد كمية تركيزه.

حقائق

15 جزءاً في المليار (ppb) من الرصاص

هو ما تشترط وكالة حماية البيئة (EPA) عدم تجاوزه في مياه الشرب... وهو تركيز منخفض جداً يصعب اكتشافه بدقة

تعد التكنولوجيا الجديدة التي طوّرها الفريق بقيادة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بإحداث ثورة في عملية الاختبار هذه. يمكن للنظام اكتشاف تركيزات الرصاص التي تصل إلى 1 جزء في المليار بدقة عالية، باستخدام كاشف بسيط قائم على شريحة موجود في جهاز محمول باليد. توفر هذه التقنية قياسات كمية فورية تقريباً، ولا تتطلب سوى قطرة ماء، مما يجعلها عملية وفعالة

جيا شو بريان سيا (يسار) ولويجي رانو (يمين) يعرضان شريحة الاستشعار المعبَّأة بالكامل (MIT)

الرقائق الضوئية لالتقاط أيونات الرصاص

ركز الفريق على إنشاء طريقة كشف مباشرة باستخدام الرقائق الضوئية، التي تستخدم الضوء لإجراء القياسات. كان التحدي الرئيسي هو ربط جزيئات محددة على شكل حلقة تعرف باسم «إثيرات التاج»، بسطح الرقاقة الضوئية، حيث يمكن لـ«إثيرات التاج» التقاط أيونات الرصاص. وقد نجح الفريق في تحقيق هذا الارتباط من خلال عملية كيميائية تعرف باسم «أسترة فيشر». يوضح جيا شو بريان سيا باحث ما بعد الدكتوراه في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أن هذا أحد الإنجازات الأساسية التي حققت في الاختبار الذي أظهر أن الشريحة الجديدة يمكنها اكتشاف الرصاص في الماء بتركيزات منخفضة تصل إلى جزء واحد في المليار.

أما بالنسبة للتركيزات الأعلى بكثير، مثل تلك الموجودة في مخلفات المناجم، فإن الدقة تصل إلى 4 في المائة. وذكر العلماء أن الجهاز فعال في الماء بمستويات حموضة تتراوح من 6 إلى 8، التي تغطي معظم العينات البيئية. كما أكدت الاختبارات التي أُجريَت بمياه البحر ومياه الصنبور دقة القياسات.

يمكن إحضار هذا الجهاز المحمول باليد إلى مصدر المياه للمراقبة في الموقع، بتكاليف منخفضة، كما يمكن جعل الاختبار المنتظم والواسع النطاق ممكنًا.

لويجي رانو، طالب دراسات عليا في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا


مقالات ذات صلة

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

يوميات الشرق إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

«الشرق الأوسط» (برلين)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد شاشة تسجيل الوصول في مكتب «إنفيديا» في أوستن بتكساس (أ.ف.ب)

«إنفيديا» تتفوق على توقعات الأرباح مع ترقب المستثمرين للطلب على رقائق «بلاكويل» للذكاء الاصطناعي

أعلنت شركة «إنفيديا»، يوم الأربعاء، عن زيادة في أرباحها ومبيعاتها في الربع الثالث مع استمرار الطلب على رقائق الكمبيوتر المتخصصة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا  الحكومة الأميركية تتحرك لإجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»

 الحكومة الأميركية تتحرك لإجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»

طلبت الحكومة الأميركية، الأربعاء، من القضاء إجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»، في إجراء يهدف لمكافحة الممارسات الاحتكارية المتّهم بارتكابها عملاق التكنولوجيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك بهدف تكوين صورة بصرية ذات معنى لمشهد ما تقوم أعيننا بسلسلة من الحركات السريعة المنسقة (رويترز)

خلل بسيط في حركة العين قد يشير إلى إصابتك بألزهايمر

تبرز مؤخراً طريقة جديدة للكشف المبكر عن مرض ألزهايمر ترتبط بالاستماع إلى حركة عيون المرضى عبر ميكروفونات في آذانهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
TT

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين، وإبرام عقود مع الجهات المعنية بتوفير هذه الخدمات لتحقيق المداخيل من محتواها.

واقترحت دار النشر «هاربر كولينز» الأميركية الكبرى أخيراً على بعض مؤلفيها، عقداً مع إحدى شركات الذكاء الاصطناعي تبقى هويتها طي الكتمان، يتيح لهذه الشركة استخدام أعمالهم المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وفي رسالة اطلعت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية»، عرضت شركة الذكاء الاصطناعي 2500 دولار لكل كتاب تختاره لتدريب نموذجها اللغوي «إل إل إم» لمدة 3 سنوات.

آراء متفاوتة

ولكي تكون برامج الذكاء الاصطناعي قادرة على إنتاج مختلف أنواع المحتوى بناء على طلب بسيط بلغة يومية، تنبغي تغذيتها بكمية مزدادة من البيانات.

وبعد التواصل مع دار النشر أكدت الأخيرة الموافقة على العملية. وأشارت إلى أنّ «(هاربر كولينز) أبرمت عقداً مع إحدى شركات التكنولوجيا المتخصصة بالذكاء الاصطناعي للسماح بالاستخدام المحدود لكتب معينة (...) بهدف تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وتحسين أدائها».

وتوضّح دار النشر أيضاً أنّ العقد «ينظّم بشكل واضح ما تنتجه النماذج مع احترامها حقوق النشر».

ولاقى هذا العرض آراء متفاوتة في قطاع النشر، إذ رفضه كتّاب مثل الأميركي دانييل كيبلسميث الذي قال في منشور عبر منصة «بلوسكاي» للتواصل الاجتماعي: «من المحتمل أن أقبل بذلك مقابل مليار دولار، مبلغ يتيح لي التوقف عن العمل، لأن هذا هو الهدف النهائي من هذه التكنولوجيا».

هامش تفاوض محدود

ومع أنّ «هاربر كولينز» هي إحدى كبرى دور النشر التي أبرمت عقوداً من هذا النوع، فإنّها ليست الأولى. فدار «ويلي» الأميركية الناشرة للكتب العلمية أتاحت لشركة تكنولوجية كبيرة «محتوى كتب أكاديمية ومهنية منشورة لاستخدام محدد في نماذج التدريب، مقابل 23 مليون دولار»، كما قالت في مارس (آذار) عند عرض نتائجها المالية.

ويسلط هذا النوع من الاتفاقيات الضوء على المشاكل المرتبطة بتطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يتم تدريبه على كميات هائلة من البيانات تُجمع من الإنترنت، وهو ما قد يؤدي إلى انتهاكات لحقوق الطبع والنشر.

وترى جادا بيستيلي، رئيسة قسم الأخلاقيات لدى «هاغينغ فايس»، وهي منصة فرنسية - أميركية متخصصة بالذكاء الاصطناعي، أنّ هذا الإعلان يشكل خطوة إلى الأمام، لأنّ محتوى الكتب يدرّ أموالاً. لكنها تأسف لأنّ هامش التفاوض محدود للمؤلفين.

وتقول: «ما سنراه هو آلية لاتفاقيات ثنائية بين شركات التكنولوجيا ودور النشر أو أصحاب حقوق الطبع والنشر، في حين ينبغي أن تكون المفاوضات أوسع لتشمل أصحاب العلاقة».

ويقول المدير القانوني لاتحاد النشر الفرنسي (SNE) جوليان شوراكي: «نبدأ من مكان بعيد جداً»، مضيفاً: «إنّه تقدم، فبمجرّد وجود اتفاق يعني أن حواراً ما انعقد وثمة رغبة في تحقيق توازن فيما يخص استخدام البيانات مصدراً، التي تخضع للحقوق والتي ستولد مبالغ».

مواد جديدة

وفي ظل هذه المسائل، بدأ الناشرون الصحافيون أيضاً في تنظيم هذا الموضوع. ففي نهاية 2023، أطلقت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية اليومية ملاحقات ضد شركة «أوبن إيه آي» مبتكرة برنامج «تشات جي بي تي» وضد «مايكروسوفت» المستثمر الرئيسي فيها، بتهمة انتهاك حقوق النشر. وقد أبرمت وسائل إعلام أخرى اتفاقيات مع «أوبن إيه آي».

وربما لم يعد أمام شركات التكنولوجيا أي خيار لتحسين منتجاتها سوى باعتماد خيارات تُلزمها بدفع أموال، خصوصاً مع بدء نفاد المواد الجديدة لتشغيل النماذج.

وأشارت الصحافة الأميركية أخيراً إلى أنّ النماذج الجديدة قيد التطوير تبدو كأنها وصلت إلى حدودها القصوى، لا سيما برامج «غوغل» و«أنثروبيك» و«أوبن إيه آي».

ويقول جوليان شوراكي: «يمكن على شبكة الإنترنت، جمع المحتوى القانوني وغير القانوني، وكميات كبيرة من المحتوى المقرصن، مما يشكل مشكلة قانونية. هذا من دون أن ننسى مسألة نوعية البيانات».