مما لا شك فيه أننا سنشهد مزيداً من الابتكارات نتيجة التقاطع الملحوظ بين الذكاء الاصطناعي والروبوتات. وبالفعل أنتج أحد هذه الإنجازات تصميماً لأسراب الطائرات دون طيار باستخدام «شات جي بي تي (ChatGPT)». يعرض هذا النهج المبتكر، بقيادة البروفيسورة أنجيلا شويلغ، من جامعة ميونيخ التقنية «TUM»، كيفية تناغم الذكاء الاصطناعي والروبوتات لإنتاج عروض آسرة للطائرات دون طيار مع الحفاظ على السلامة والدقة.
تصميم الرقصات باستخدام «ChatGPT»
أصبحت تصميمات الرقصات المبتكرة هذه ممكنة من خلال واجهة «ويب» سهلة الاستخدام طوّرها طالب الدكتوراه مارتن شوك، حيث يمكن للمستخدمين اختيار المقطوعات الموسيقية، وتقديم مطالبات نصية لحركات الطائرة دون طيار المطلوبة، ثم تضمن الخوارزمية جدوى مسارات الطيران المقترحة، مما يمنع الاصطدامات المحتملة أثناء الأداء.
ويؤكد بحث الفريق التآزر بين الإبداع القائم على الذكاء الاصطناعي والسلامة.
وفي مختبر البروفيسور أنجيلا شويلغ، قام فريق البحث بتركيب ست كاميرات مثبتة على السقف في غرفة تبلغ مساحتها نحو 40 متراً مربعاً، وارتفاعها 3 أمتار. ويجري وضع علامة على الأرض بشريط عازل. تشير هذه إلى مواقع البداية للطائرات دون طيار. وبمجرد أن يتحقق الكومبيوتر من تصميم الرقصات المحتملة، يمكنها الانطلاق.
وترصد الكاميرات موقع المروحيات الرباعية المزودة بأربع مراوح ومحركات 200 مرة في الثانية، ويقوم النظام بمقارنتها بالموضع المطلوب. وقد أصبحت «العروض الجوية» في مختبر أنظمة التعلم والروبوتات التي أدركها فريق البحث باستخدام ما يصل إلى تسع طائرات دون طيار، آمنة بنسبة 100 في المائة دون مرشح الأمان الخاص.
تحديد المسارات وتجنب الاصطدامات
لم يكن إنشاء تصميمات الرقصات دون طيار باستخدام «ChatGPT» خالياً من التحديات. وفي حين أن «ChatGPT» يتفوق في إنشاء نص إبداعي واقتراح تصميمات الرقصات، إلا أنه كان يفتقر، في البداية، إلى المعرفة بقدرات الطائرات دون طيار والقيود المادية. ولمعالجة هذه المشكلة، طور الفريق خوارزمية أمان تحدد مسارات الطيران بدقة، وتتجنب الاصطدامات في الهواء وتسمح للطائرات دون طيار بأداء حركات معقدة بأمان. يعمل النظام الشامل، المسمى بـ«SwarmGPT»، بوصفه واجهة بين الطائرات دون طيار والمستخدم، مما يمكّن غير الخبراء من صياغة أداء آمن وجذاب للطائرات دون طيار.
تأثير «ChatGPT» على عمل الروبوتات
في الماضي، كان تطوير تصميمات الطائرات دون طيار يتطلب عمالة كثيفة ويستغرق وقتاً طويلاً. والآن كما يبدو باستخدام «ChatGPT»، يحقق الباحثون قفزة نوعية في الكفاءة، منشئين أكثر من 30 تصميماً للطائرات دون طيار في بضعة أشهر فقط. لقد أصبحت العملية قابلة للتطوير، حيث أتاح «ChatGPT» تطوير تصميمات الرقصات الآمنة لمقاطع موسيقية مدتها 30 ثانية باستخدام ثلاث طائرات دون طيار في نحو خمس دقائق. ويثير نجاح «ChatGPT» في تصميم الرقصات دون طيار، تساؤلات حول إمكانية تطبيقه على الأنظمة الآلية الأخرى. ومع ذلك تبدو البروفيسورة شويلغ متفائلة بشأن المستقبل، معتقدة أن الأساليب المماثلة يمكن أن تُحسن الموثوقية وسهولة الاستخدام في سيناريوهات الروبوتات المختلفة. هذا وتُعد إمكانية استخدام «ChatGPT» واجهة لغير الخبراء في برمجة الروبوتات عن طريق الأوامر الصوتية واعدة بشكل خاص.
يمثل دمج «ChatGPT» مع تصميم الرقصات دون طيار علامة بارزة في مجال الروبوتات. لا يوضح هذا النهج المبتكر الإمكانات الإبداعية للذكاء الاصطناعي فحسب، بل يؤكد أيضاً أهمية السلامة والدقة في تطبيقات الروبوتات.