أول قرار أممي بشأن الذكاء الاصطناعي وحماية البيانات الشخصية ومراقبة المخاطر

شارك في رعايته أكثر من 120 دولة

القرار الأممي يعكس أحدث الجهود بين المبادرات الحكومية المختلفة للتأثير على تطوير الذكاء الاصطناعي (أ.ب)
القرار الأممي يعكس أحدث الجهود بين المبادرات الحكومية المختلفة للتأثير على تطوير الذكاء الاصطناعي (أ.ب)
TT

أول قرار أممي بشأن الذكاء الاصطناعي وحماية البيانات الشخصية ومراقبة المخاطر

القرار الأممي يعكس أحدث الجهود بين المبادرات الحكومية المختلفة للتأثير على تطوير الذكاء الاصطناعي (أ.ب)
القرار الأممي يعكس أحدث الجهود بين المبادرات الحكومية المختلفة للتأثير على تطوير الذكاء الاصطناعي (أ.ب)

في خطوة تاريخية تؤكد التزام المجتمع الدولي بالتقدم الأخلاقي للذكاء الاصطناعي، وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الخميس، بالإجماع على قرار يهدف إلى تشجيع حماية البيانات الشخصية وحقوق الإنسان ومراقبة المخاطر.

يعكس هذا القرار، الذي بدأته الولايات المتحدة، ودعمه تحالف مكون من 123 دولة، بما في ذلك الصين في الثاني من مارس (آذار) الحالي، وحدة بارزة بين جميع الدول الأعضاء في «الأمم المتحدة» البالغ عددها 193 دولة. كما يظهر تصميماً جماعياً على توجيه تطوير وتطبيق الذكاء الاصطناعي نحو الصالح العام للإنسانية.

يشجع القرار الدول على حماية حقوق الإنسان وحماية البيانات الشخصية ومراقبة الذكاء الاصطناعي بحثاً عن المخاطر (رويترز)

اعتراف عالمي بالإمكانات التحويلية للذكاء الاصطناعي

يسلط اعتماد هذا القرار من دون تصويت، من خلال اتفاق توافقي، الضوء على الاعتراف العالمي بالإمكانات التحويلية للذكاء الاصطناعي والحاجة الملحة إلى إنشاء مجموعة أساسية من المبادئ التي توجه تطوره المتسارع.

ويدل هذا الإجماع على مستوى غير عادي من التعاون الدولي، الذي يجمع دولاً ذات وجهات نظر متنوعة، بما في ذلك روسيا والصين وكوبا، ويمثل لحظة نادرة من الاتفاق في عالم غالباً ما يتسم بالخلاف.

وقد أشاد مستشار الأمن القومي الأميركي، جاك سوليفان، بهذا التطور باعتباره خطوة هائلة إلى الأمام في الاستخدام المسؤول لتقنيات الذكاء الاصطناعي، مؤكداً على دور القرار في حشد الدعم العالمي للمبادئ التي ستحكم تطوير الذكاء الاصطناعي وتطبيقه.

أما وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، فاعتبر أنه «باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة للقرار الذي قادته الولايات المتحدة، تحدثت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بصوت واحد لتحديد توافق عالمي حول أنظمة الذكاء الاصطناعي الآمنة والموثوقة لتعزيز التنمية المستدامة». تبع تصريحات بلينكن بيان لكامالا هاريس، نائبة الرئيس الأميركي، جو بايدن، أكدت فيه ترحيب بلادها «باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يحدد مبادئ نشر واستخدام الذكاء الاصطناعي». كما نوّهت السفيرة الأميركية لدى «الأمم المتحدة» ليندا توماس غرينفيلد بالفرصة الحالية والتزام المجتمع العالمي بتشكيل إدارة هذه التكنولوجيا.

سد الفجوة الرقمية

يسعى القرار إلى سد الفجوة الرقمية التي تفصل الدول الغنية عن نظيراتها النامية، وضمان المشاركة العادلة في مناقشات الذكاء الاصطناعي والوصول إلى التكنولوجيا. ويؤكد على الأهمية الحاسمة لتمكين الدول النامية من الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في عدد لا يحصى من التطبيقات، من الرعاية الصحية والزراعة إلى التعليم وإدارة الكوارث، وبالتالي تعزيز التقدم التكنولوجي الشامل.

واعترافاً بالوتيرة السريعة التي تتقدم بها تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، يدعو القرار إلى توافق عالمي عاجل حول إدارة أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تكون آمنة ومأمونة ومتوافقة مع حقوق الإنسان. وهو يدرك الحاجة إلى حوار مستمر حول مناهج الحوكمة للتكيف مع المشهد المتطور لتقنيات الذكاء الاصطناعي.

الدكتورة فاطمة باعثمان أول سعودية حاصلة على درجة الدكتوراه في الذكاء الاصطناعي الحديث (الشرق الأوسط)

تؤكد الدكتورة فاطمة باعثمان، وهي أول سعودية حاصلة على درجة الدكتوراه في الذكاء الاصطناعي الحديث، في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، من الرياض، على أهمية تحديد وإيضاح مسؤوليات مطوري وشركات الذكاء الاصطناعي في كل مرحلة من مراحل تطوير منتجات الذكاء الاصطناعي، مع التركيز القوي على القيمة والشفافية وقابلية الشرح. ولتحقيق ذلك، تقترح باعثمان إنشاء فريق تكنولوجي مخصص مسؤول عن وضع سياسات الذكاء الاصطناعي التي تتوافق مع مبادئ الذكاء الاصطناعي لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وأهداف التنمية المستدامة. ويؤكد هذا النهج على ضرورة دمج الوعي بحقوق الإنسان في عملية تطوير الذكاء الاصطناعي، ما يضمن أن المطورين وأصحاب المصلحة على حد سواء على علم تام بالمبادئ والأطر الأخلاقية للذكاء الاصطناعي فيما يتعلق بمصالح البشرية.

ضمان خصوصية البيانات ومعالجة التحيزات وقضايا التمييز

من أهم توصيات الدكتورة فاطمة باعثمان هو إعطاء الأولوية لممارسات الذكاء الاصطناعي المسؤولة والواضحة والأخلاقية التي تدعم العدالة والشفافية والمساءلة وقابلية الشرح طوال دورة حياة تطوير الذكاء الاصطناعي. ويتضمن ذلك تدابير صارمة لضمان خصوصية البيانات ومعالجة التحيزات المحتملة وقضايا التمييز التي قد تنشأ. كما تشدد على أهمية الحفاظ على مراعاة خلق القيم الإنسانية المفيدة في كل خطوة من خطوات عملية التطوير، وهو أمر بالغ الأهمية، وكذلك الحاجة إلى تحديد وتقييم التأثيرات الاجتماعية الإيجابية للذكاء الاصطناعي على البشر والحكومات مع معالجة أي آثار سلبية بشكل استباقي.

وعندما يتعلق الأمر بتحقيق إجماع عالمي حول حوكمة الذكاء الاصطناعي، تشير الدكتورة فاطمة باعثمان بالتحديات والفرص الكامنة. وتعدّ أن هذه التحديات الأساسية تنبع من وجهات النظر والأولويات المتباينة لمختلف البلدان، التي تتأثر بقيم كل منها، وأنظمتها، وظروفها الاقتصادية، والمخاوف الأمنية، ومستويات الإبداع التكنولوجي.

وتعتقد الدكتورة فاطمة باعثمان أن الخطوة الحاسمة نحو الوصول العادل إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي وفوائدها تنطوي على فهم الفرص الهائلة التي تقدمها. وتقول لـ«الشرق الأوسط» إنه ينبغي اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنشاء نظام بيئي متكامل للذكاء الاصطناعي يدعم الاستثمارات في تقنيات الذكاء الاصطناعي، بهدف تسخير إمكانات الذكاء الاصطناعي لتحفيز النمو الاقتصادي، وتعزيز الخدمات العامة، ودفع الابتكار عبر الشركات والصناعات، وتعزيز البحث العلمي. ومن الممكن أن يؤدي دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في جداول أعمال التنمية الوطنية إلى توجيه الدول نحو استخدام أكثر فاعلية وإفادة للذكاء الاصطناعي، ما يؤدي في النهاية إلى تحسين المشهد العالمي للذكاء الاصطناعي الذي يحترم حقوق الإنسان والمبادئ الأخلاقية.

في نوفمبر الماضي كشفت الولايات المتحدة وبريطانيا وأكثر من 12 دولة عن أول اتفاق دولي مفصل حول مواجهة أخطار الذكاء الاصطناعي (رويترز)

ترحيب شركات التقنية الكبرى

وفي سياق المناقشات التنظيمية، أعربت شركات التكنولوجيا الكبرى إلى حد كبير عن دعمها لتنظيمات الذكاء الاصطناعي، في حين دعت إلى إنشاء أطر تستوعب نماذجها التشغيلية.

ويعترف القرار أيضاً بمبادرات «الأمم المتحدة» الأخرى، بما في ذلك الجهود التي يقودها الأمين العام أنطونيو غوتيريش، والاتحاد الدولي للاتصالات، والتي تهدف إلى ضمان مساهمة الذكاء الاصطناعي في الرفاهية العالمية. ويدعو إلى بذل جهد تعاوني بين الدول والهيئات الإقليمية ومجتمع التكنولوجيا والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية لتطوير أطر تنظيمية تعزز أنظمة الذكاء الاصطناعي الآمنة وتحمي من سوء الاستخدام.

وبينما تتحرك الدول والمنظمات الدولية لترجمة هذه المبادئ إلى أفعال، يُعد القرار بمثابة منارة للاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتحقيق أهداف «الأمم المتحدة» للتنمية المستدامة لعام 2030. ويحثّ الدول الأعضاء على دعم البلدان النامية في الوصول إلى فوائد التحول الرقمي وتعزيز التنمية المستدامة. ويشدد على ضرورة دعم حقوق الإنسان طوال دورة حياة أنظمة الذكاء الاصطناعي.

مشرعو الاتحاد الأوروبي يصوتون على قانون الذكاء الاصطناعي في البرلمان الأوروبي يوم 13 مارس (أ.ب)

قرار أوروبي سابق مماثل

وفي 13 من شهر مارس (آذار) الحالي، اعتمد الاتحاد الأوروبي رسمياً قانون الذكاء الاصطناعي، وهو أول كتاب قواعد شامل في العالم للذكاء الاصطناعي، ووافق أعضاء البرلمان الأوروبي بأغلبية 523 صوتاً مقابل 46 صوتاً وامتناع 49 عن التصويت. وبعد بعض الخطوات الإجرائية، من المتوقع أن تصبح هذه القواعد سارية بحلول مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين.

وتحظر لوائح الاتحاد الأوروبي كثيراً من التقنيات، بما في ذلك المراقبة البيومترية، وأنظمة التسجيل الاجتماعي، والشرطة التنبؤية، و«التعرف على المشاعر»، وأنظمة التعرف على الوجه غير المستهدفة. وعلى الرغم من كونه قانوناً تابعاً للاتحاد الأوروبي، فإن قانون الذكاء الاصطناعي سينطبق على الشركات في جميع أنحاء العالم التي تمارس أعمالاً تجارية في الكتلة الأوروبية.

ويمكن أن يؤدي انتهاك القواعد إلى فرض غرامات بنسبة 7 في المائة من إجمالي مبيعات الشركة العالمية، ما يثير قلق شركات التكنولوجيا الكبرى، التي تتلقى تنظيمات أكثر ملاءمة في الولايات المتحدة.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

شمال افريقيا شاحنة تحمل لاجئين سودانيين من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان (د.ب.أ)

الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

أفاد تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الأحد، بأن السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

أكدت تركيا أن هدف إسرائيل الرئيسي من ضرب حركة «حماس» في غزة و«حزب الله» في لبنان هو جعل الفلسطينيين غير قادرين على العيش في أرضهم وإجبارهم على الهجرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي جندي من قوات «اليونيفيل» في برج مراقبة قرب قرية مارون الراس اللبنانية (إ.ب.أ)

إصابة 4 من جنود «اليونيفيل» الإيطاليين في لبنان وروما تُحمّل «حزب الله» المسؤولية

أصيب 4 جنود إيطاليين في هجوم على مقر قوة الأمم المتحدة المؤقتة بلبنان «اليونيفيل» ببلدة شمع جنوب لبنان، وفق ما أعلن مصدران حكوميان، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن عدد عمال الإغاثة والرعاية الصحية الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر، بحسب «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«واتساب» يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص

شعار تطبيق «واتساب» (د.ب.أ)
شعار تطبيق «واتساب» (د.ب.أ)
TT

«واتساب» يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص

شعار تطبيق «واتساب» (د.ب.أ)
شعار تطبيق «واتساب» (د.ب.أ)

أعلنت شركة تطبيق التواصل الاجتماعي «واتساب» إطلاق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص مكتوبة. وقالت الشركة المملوكة لمجموعة «ميتا بلاتفورمس» إن الخاصية الجديدة ستكون مفيدة عند وجود المستخدم وسط ضوضاء أو يتحرك ولا يستطيع سماع الرسالة الصوتية.

وأشار موقع «تك كرانش» المتخصص في موضوعات التكنولوجيا إلى أن «أبل» أطلقت خاصية مماثلة لتطبيق «ماسج» الخاص بها، مع تحديث نظام تشغيل أجهزة «أبل» الذكية (آي أو إس 17).

وللوصول إلى الخاصية الجديدة في «واتساب»، يحتاج المستخدم إلى الدخول لإعدادات التطبيق واختيار قسم «محادثات» ثم النقر على خيار «تحويل الرسالة الصوتية إلى نص»، ثم تفعيل الخاصية. ويمكن للمستخدم من هذا الجزء اختيار لغة الكتابة المطلوبة.

وبمجرد تفعيل الخاصية، يمكن للمستخدم تحويل الرسالة الصوتية إلى نص من خلال النقر المستمر عليها ثم اختيار خيار «تحويل إلى نص». ولن يقوم التطبيق بتحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص بطريقة آلية في كل مرة تصل فيها رسالة صوتية.

وقالت الشركة إنها ستتيح الخاصية الجديدة للمستخدمين في مختلف أنحاء العالم بلغات محددة خلال الأسابيع المقبلة.

في الوقت نفسه، تتحدد اللغات التي تدعمها الخاصية بالنسبة للأجهزة التي تعمل بنظام التشغيل «آي أو إس» على الإصدار؛ فإذا كان المستخدم يستخدم الإصدار «آي أو إس 16» فأعلى، فإنه يدعم لغات الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألمانية والإيطالية واليابانية والكورية والبرتغالية والروسية والتركية والصينية والعربية. أما إذا كان الإصدار «آي أو إس 17» فأعلى، فإن قاعدة اللغات تتسع لتشمل الدنماركية والفنلندية والنرويجية والهولندية والسويدية والعربية والتايلاندية.

أما الأجهزة التي تعمل بنظام التشغيل «أندرويد»، فتدعم اللغات الإنجليزية والبرتغالية والإسبانية والروسية فقط في الوقت الحالي.