فشل الرحلة التجريبية الثالثة لـ«ستارشيب»

فشلت الرحلة التجريبية الثالثة للسفينة غير المأهولة «ستارشيب» التى انطلقت من ميناء «سبايس إكس» فى تكساس، اليوم
الخميس، حيث تحطمت خلال رحلة العودة فى الغلاف الجوى للأرض بعد انطلاقها إلى الفضاء، وفق ما أظهرته الصورة الحية للرحلة.

قالت شركة «سبايس إكس» إن صاروخ «ستارشيب»، المصمم لنقل رواد فضاء إلى القمر وغيره، أكمل رحلة تجريبية كاملة تقريبا في ثالث محاولاته وقطع مسافة أكبر من خلال دورانه في مدار منخفض، لكنه دُمر عند إعادة الدخول إلى الغلاف الجوي.

وانطلق «ستارشيب»، أقوى صاروخ في العالم، بنجاح اليوم الخميس، في مهمة ترتدي أهمية حيوية لخطط وكالة الفضاء الأميركية لإرسال روادها على سطح القمر في وقت لاحق من هذا العقد، ولآمال إيلون ماسك في إقامة مستعمرات بشرية على المريخ.

وحصل الانطلاق من قاعدة تابعة للشركة في جنوب شرقي تكساس قرابة الساعة 8:25 صباحاً بالتوقيت المحلي (13:25 بتوقيت غرينيتش)، ونُقل عبر بث حي على الإنترنت شاهده نحو مليوني شخص.

وانتهت محاولتان سابقتان بانفجارات ضخمة، لكن هذه النتيجة قد لا تكون سيئة بالضرورة: فقد اعتمدت الشركة نهجاً يقوم على مبدأ التعلّم من الأخطاء من أجل تسريع عملية التطوير، وأظهرت هذه الاستراتيجية جدواها في الماضي.

عند الجمع بين طبقتي المركبة الفضائية، يبلغ ارتفاع الصاروخ 121 متراً، أي إنه أعلى من تمثال الحرية في نيويورك بأكثر من 27 متراً.

وتنتج طبقة الدفع في المركبة، المسماة «سوبر هيفي بوستر»، قوة دفع تبلغ 74.3 ميغانيوتن، أي ما يقرب من ضعفَي قوة ثاني أقوى صاروخ في العالم، وهو «سبايس لانش سيستم» (إس إل إس - SLS) التابع لوكالة «ناسا»، رغم أن الأخير يعمل حالياً بكامل طاقته.

ويعتبر الإطلاق الثالث لمركبة «ستارشيب» بتكوينها المتكامل الأكثر طموحاً حتى الآن. إلى جانب الذهاب إلى ارتفاعات أعلى ونقاط أبعد، تشمل الأهداف فتح وإغلاق باب الحمولة النافعة لمركبة «ستارشيب»، لاختبار قدرتها على توصيل أقمار اصطناعية وشحنات أخرى إلى الفضاء.

تهدف «سبايس إكس» أيضاً إلى إعادة تشغيل محركات المركبة في الفضاء، وإجراء اختبار على متنها من شأنه أن يساعد في تمهيد الطريق أمام مركبات «ستارشيب» المستقبلية لتزويد بعضها بالوقود في المدار.

كما يلحظ المسار المخطط للمركبة الفضائية أن تصل إلى المدار ثم تباشر عملية هبوط متحكم به في المحيط الهندي، بعد ما يزيد قليلاً على ساعة من الإطلاق.

وتعمل «سبايس إكس» على تطوير نماذج أولية لمركبة ستارشيب منذ عام 2018، وتضمنت الاختبارات المبكرة رحلات قصيرة باستخدام الطبقة العليا فقط، التي يشار إليها أيضاً باسم «ستارشيب».

عقب أول اختبار «متكامل» في أبريل (نيسان) 2023، اضطرت «سبايس إكس» إلى تفجير المركبة الفضائية بعد دقائق معدودة من إطلاقها، بسبب فشل الطبقتين في الانفصال.

وتفكك الصاروخ إلى كرة من النار وتحطّم في خليج المكسيك، ما أدى إلى سحابة من الغبار وصلت إلى مناطق تبعد كيلومترات عدة.

وكان الاختبار الثاني في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 أفضل قليلاً فقد انفصلت طبقة الدفع عن الصاروخ، لكنّ الطبقتين انفجرتا بعد ذلك فوق المحيط، ووصفته الشركة بعبارة ملطّفة بأنه «تفكك سريع لم يكن مقرراً».

وقد أغلقت إدارة الطيران الفيدرالية التحقيق في الحادث الشهر الماضي بعد تحديد 17 إجراءً تصحيحياً يتعين على «سبايس إكس» اتخاذها.

وقد أتت استراتيجية «التطوير السريع القائم على التكرار» التي تعتمدها «سبايس إكس» بثمارها للشركة في الماضي، لا سيما على صعيد صواريخ «فالكون 9» التي أصبحت ركائز أساسية في أنشطة «ناسا» والقطاع التجاري، وكبسولة «دراغون» التي ترسل رواد فضاء وشحنات إلى محطة الفضاء الدولية، وكوكبة الأقمار الاصطناعية «ستارلينك» التي تزود حالياً عشرات البلدان بالإنترنت.

لكن الوقت يضغط في المسار الرامي لأن تصبح «سبايس إكس» جاهزة لمواكبة خطط «ناسا» بإعادة إرسال رواد فضاء إلى القمر في عام 2026، باستخدام مركبة «ستارشيب» بنسخة معدلة، مركبة هبوط.

ولا تحتاج «سبايس إكس» إلى إثبات قدرتها على إطلاق المركبة الفضائية والتحليق بها وهبوطها بأمان فحسب، بل يجب عليها أيضاً في النهاية إثبات قدرتها على إرسال «ناقلات ستارشيب» عدة إلى المدار لتزويد مركبة ستارشيب» الرئيسية بالوقود لرحلتها التالية إلى القمر.