نادي إشبيلية لـ«الشرق الأوسط»: نوظف الذكاء الاصطناعي لضم اللاعبين واكتشاف المواهب

عبر استخدام منصة «Watsonx» من «آي بي إم»

إشبيلية أظهر تفانياً طويل الأمد في مجال التكنولوجيا (نادي إشبيلية)
إشبيلية أظهر تفانياً طويل الأمد في مجال التكنولوجيا (نادي إشبيلية)
TT

نادي إشبيلية لـ«الشرق الأوسط»: نوظف الذكاء الاصطناعي لضم اللاعبين واكتشاف المواهب

إشبيلية أظهر تفانياً طويل الأمد في مجال التكنولوجيا (نادي إشبيلية)
إشبيلية أظهر تفانياً طويل الأمد في مجال التكنولوجيا (نادي إشبيلية)

يلعب الذكاء الاصطناعي (AI) دوراً محورياً في إعادة تشكيل المشهد الرياضي بمختلف قطاعاته ومن ضمنها كرة القدم التي تشهد تحولاً ملحوظاً، وهذه المرة لدى نادي إشبيلية الإسباني لكرة القدم؛ بهدف تعزيز عمليات ضم اللاعبين واكتشاف المواهب الكروية.

تحديات اكتشاف المواهب الكروية

تعد عملية اكتشاف المواهب مهمة صعبة بسبب طابعها الذي يعتمد على الجانب الشخصي من ناحية وتقييمات اللاعبين المعقدة والشكوك المتعلقة بأدائهم من ناحية أخرى. كما تزيد المنافسة العالمية الشديدة على المواهب وزيادة البيانات وتطور التكتيكات من تعقيد تلك العملية. وتواجه الأندية، خاصة الصغيرة، قيود الميزانية وحاجتها لاكتشاف المواهب المخفية. كما أن الفروقات الثقافية واللغوية يمكن أن تشكّل تحديات إضافية. ومع ذلك، تبقى عملية اكتشاف اللاعبين والمواهب أمراً حيوياً لنجاح الفرق، وتدعمها التكنولوجيا وتحليلات البيانات للتغلب على هذه الصعوبات، وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي.

«IBM TechXchange» هي سلسلة من المؤتمرات والفعاليات تنظمها «IBM» لمجتمع التكنولوجيا العالمي (الشرق الأوسط)

الذكاء الاصطناعي لضم اللاعبين

في خطوة تسعى لسد الفجوة بين عمليات استكشاف مواهب لاعبي كرة القدم المبنية تقليدياً على أساس العنصر البشري وبين تلك المشتقة من قواعد البيانات فيما يتعلق بتحديد هوية وتوصيف اللاعبين المحتمل انضمامهم، أعلن نادي إشبيلية الإسباني لكرة القدم عن استخدام أداة «مستشار استكشاف المواهب الكروية» (Scout Advisor)، وهي أداة مبتكرة مبنية على منصة «Watson» من «آي بي إم».

وفي دعوة حصرية لـ«الشرق الأوسط» ضمن فعاليات قمة «آي بي إم تك إكس شاينغ» (IBM TechXchange) التي استضافتها مدينة برشلونة، قال إلياس زامورا سييرو، الذي يتولى منصب رئيس مسؤولي البيانات في نادي إشبيلية، إن «هذا المشروع يمكن أن يغير قواعد اللعبة للنادي وصناعة الرياضة كلها».

تعاونَ قسم البيانات في نادي إشبيلية مع فريق هندسة العملاء التابع لشركة «IBM» لتطوير «Scout Advisor» وتسخير معالجة اللغة الطبيعية ونماذج الأساس الخاصة بـ«WatsonX»، ويتمكن النادي من خلال أداة الذكاء الاصطناعي هذه من البحث والتحليل في كميات هائلة من المعلومات المخزنة في قواعد بياناته الحالية، بما في ذلك البيانات الكمية والنوعية. وتتضمن البيانات الكمية السمات الجسدية مثل الطول والوزن والسرعة وإحصائيات الأداء، بينما تشمل البيانات النوعية التحليل النصي من أكثر من 200000 تقرير عن اللاعبين المحتمل انضمامهم.

تستخدم أداة «Scout Advisor» إمكانات معالجة اللغة الطبيعية ونماذج اللغة الكبيرة (LLMs) لتعزيز دقة تحديد هوية اللاعب. من خلال تفسير المطالبات اللغوية من فرق اكتشاف اللاعبين المحتملين في نادي إشبيلية التي تصف خصائص اللاعب المطلوبة، تقوم الأداة بإنشاء قوائم منسقة باللاعبين المحتملين وتلخص تقارير لكل لاعب. علاوة على ذلك، يقوم «Scout Advisor» بربط كل لاعب بتطبيقات البيانات الخاصة بنادي إشبيلية لتوفير رؤى عميقة حول بيانات أدائهم الكمية.

تحول في استكشاف المواهب المستقبلية

تعمل إمكانات «IBM WatsonX» على تمكين «Scout Advisor» من فتح الإمكانات الكاملة لقاعدة بيانات تقارير اللاعبين في نادي إشبيلية. من خلال السماح بالبحث باللغة الطبيعية واسترجاع اللاعبين المحتملين بناءً على المؤشرات الكمية الرئيسية وآراء خبراء اكتشاف اللاعبين، توفر الأداة للنادي ميزة تنافسية تمكّنه من اتخاذ قرارات توظيف مستنيرة، والاستفادة من الرؤى المدعومة بالتكنولوجيا. يقول خوسيه ماريا ديل نيدو كاراسكو، رئيس نادي إشبيلية، إن المشروع يمكن أن يكون قابلاً للتغيير في مصلحة النادي وصناعة الرياضة ويشدد على أن التكنولوجيا هي جزء أساسي من رحلة إشبيلية نحو المستقبل، ما يعزز أداء الفريق على أرض الملعب.

يتماشى التعاون بين «IBM» ونادي إشبيلية مع استراتيجية الأعمال والتكنولوجيا الأوسع للنادي، التي تسعى إلى الاستفادة من البيانات والذكاء الاصطناعي لتعزيز عمليات كرة القدم. من خلال دمج الحل القائم على «WatsonX» في بنية البيانات الحالية، يهدف نادي إشبيلية إلى تحقيق أقصى قدر من العائد على الاستثمار في الموارد الحالية، ما يجعل قرارات توظيف اللاعبين أسرع وأكثر كفاءة واستنارة.

ما هي «آي بي إم واتسون إكس»؟

«IBM Watsonx» هي منصة للذكاء الاصطناعي والبيانات تهدف إلى مساعدة الشركات في إدماج التقنية الواعدة في أعمالها. يمكن استخدام «IBM Watson X» لإنشاء تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات وإدارة البيانات وإنشاء نماذج تنبؤية. وتستخدم «IBM Watson X» مجموعة متنوعة من تقنيات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك تعلم الآلة والتعلم العميق. كما توفر المنصة استوديو ومخزناً للبيانات ومجموعة أدوات للحوكمة وتدعم العديد من نماذج اللغات الكبيرة بما في ذلك «IBM Granite».

يمثل اعتماد نادي إشبيلية أداة الذكاء الاصطناعي التوليدية «Scout Advisor» من «آي بي إم» خطوة مهمة إلى الأمام في احتضان صناعة كرة القدم للذكاء الاصطناعي. يعد هذا نهجاً مبتكراً في إحداث ثورة بتوظيف اللاعبين، ما يوفر لنادي إشبيلية ميزة تنافسية ويعزز قدرته على تحديد أفضل المواهب للفريق. ومع استمرار التكنولوجيا في تشكيل مستقبل الرياضة، تشكل هذه الشراكة سابقة لصناعة كرة القدم، ما يوضح كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون حليفاً قوياً في السعي لتحقيق التميز على أرض الملعب.


مقالات ذات صلة

بيريز مهاجماً «فيفا» و«يويفا»: كرة القدم مصابة بجروح خطرة

رياضة عالمية فلورينتينو بيريز (إ.ب.أ)

بيريز مهاجماً «فيفا» و«يويفا»: كرة القدم مصابة بجروح خطرة

شنّ فلورينتينو بيريز، رئيس نادي ريال مدريد الإسباني، بطل دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، هجوماً عنيفاً على الاتحادين «الدولي (فيفا)» و«الأوروبي (يويفا)».

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية لويس دي لا فوينتي (رويترز)

دي لا فوينتي: نمتلك حاضراً رائعاً ومستقبلاً مذهلاً

أعرب لويس دي لا فوينتي، المدير الفني لمنتخب إسبانيا، عن فخره بلاعبي فريقه، مشدداً على أنهم لا يتوقفون عن تحقيق الإنجازات، ويرغبون دائماً في تطوير مستوياتهم.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية روبرت ليفاندوفسكي (أ.ف.ب)

دوري أبطال أوروبا: ليفاندوفسكي يسجل اسمه في قائمة أساطير برشلونة

تمكّن القناص البولندي الدولي روبرت ليفاندوفسكي من ضم اسمه إلى قائمة أساطير نادي برشلونة الإسباني، بعد تسجيله هدفين في المباراة التي فاز بها الفريق الكاتالوني.

«الشرق الأوسط» (برشلونة)
رياضة عالمية هانز فليك (إ.ب.أ)

فليك مدرب برشلونة: «دوري الأبطال» بطولة معقدة... الأهم النقاط الثلاث

قال مدرب برشلونة، هانز فليك، إنه سعيد بتركيز لاعبيه وإصرارهم خلال الفوز الكبير 5 - 2 على رد ستار بلغراد، الأربعاء، في دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (بلغراد)
رياضة عالمية مدريد عانى كثيراً أمام الميلان (رويترز)

ريال مدريد في أزمة مع رحيل كروس وتراجع مستوى مبابي

بعد 6 أشهر فقط من إحرازه لقب دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، يجد ريال مدريد الإسباني نفسه في أزمة، بعدما ظهرت نقاط ضعفه وتعرّض لخسارة ثانية توالياً أمام ميلان.

«الشرق الأوسط» (مدريد)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
TT

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين، وإبرام عقود مع الجهات المعنية بتوفير هذه الخدمات لتحقيق المداخيل من محتواها.

واقترحت دار النشر «هاربر كولينز» الأميركية الكبرى أخيراً على بعض مؤلفيها، عقداً مع إحدى شركات الذكاء الاصطناعي تبقى هويتها طي الكتمان، يتيح لهذه الشركة استخدام أعمالهم المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وفي رسالة اطلعت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية»، عرضت شركة الذكاء الاصطناعي 2500 دولار لكل كتاب تختاره لتدريب نموذجها اللغوي «إل إل إم» لمدة 3 سنوات.

آراء متفاوتة

ولكي تكون برامج الذكاء الاصطناعي قادرة على إنتاج مختلف أنواع المحتوى بناء على طلب بسيط بلغة يومية، تنبغي تغذيتها بكمية مزدادة من البيانات.

وبعد التواصل مع دار النشر أكدت الأخيرة الموافقة على العملية. وأشارت إلى أنّ «(هاربر كولينز) أبرمت عقداً مع إحدى شركات التكنولوجيا المتخصصة بالذكاء الاصطناعي للسماح بالاستخدام المحدود لكتب معينة (...) بهدف تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وتحسين أدائها».

وتوضّح دار النشر أيضاً أنّ العقد «ينظّم بشكل واضح ما تنتجه النماذج مع احترامها حقوق النشر».

ولاقى هذا العرض آراء متفاوتة في قطاع النشر، إذ رفضه كتّاب مثل الأميركي دانييل كيبلسميث الذي قال في منشور عبر منصة «بلوسكاي» للتواصل الاجتماعي: «من المحتمل أن أقبل بذلك مقابل مليار دولار، مبلغ يتيح لي التوقف عن العمل، لأن هذا هو الهدف النهائي من هذه التكنولوجيا».

هامش تفاوض محدود

ومع أنّ «هاربر كولينز» هي إحدى كبرى دور النشر التي أبرمت عقوداً من هذا النوع، فإنّها ليست الأولى. فدار «ويلي» الأميركية الناشرة للكتب العلمية أتاحت لشركة تكنولوجية كبيرة «محتوى كتب أكاديمية ومهنية منشورة لاستخدام محدد في نماذج التدريب، مقابل 23 مليون دولار»، كما قالت في مارس (آذار) عند عرض نتائجها المالية.

ويسلط هذا النوع من الاتفاقيات الضوء على المشاكل المرتبطة بتطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يتم تدريبه على كميات هائلة من البيانات تُجمع من الإنترنت، وهو ما قد يؤدي إلى انتهاكات لحقوق الطبع والنشر.

وترى جادا بيستيلي، رئيسة قسم الأخلاقيات لدى «هاغينغ فايس»، وهي منصة فرنسية - أميركية متخصصة بالذكاء الاصطناعي، أنّ هذا الإعلان يشكل خطوة إلى الأمام، لأنّ محتوى الكتب يدرّ أموالاً. لكنها تأسف لأنّ هامش التفاوض محدود للمؤلفين.

وتقول: «ما سنراه هو آلية لاتفاقيات ثنائية بين شركات التكنولوجيا ودور النشر أو أصحاب حقوق الطبع والنشر، في حين ينبغي أن تكون المفاوضات أوسع لتشمل أصحاب العلاقة».

ويقول المدير القانوني لاتحاد النشر الفرنسي (SNE) جوليان شوراكي: «نبدأ من مكان بعيد جداً»، مضيفاً: «إنّه تقدم، فبمجرّد وجود اتفاق يعني أن حواراً ما انعقد وثمة رغبة في تحقيق توازن فيما يخص استخدام البيانات مصدراً، التي تخضع للحقوق والتي ستولد مبالغ».

مواد جديدة

وفي ظل هذه المسائل، بدأ الناشرون الصحافيون أيضاً في تنظيم هذا الموضوع. ففي نهاية 2023، أطلقت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية اليومية ملاحقات ضد شركة «أوبن إيه آي» مبتكرة برنامج «تشات جي بي تي» وضد «مايكروسوفت» المستثمر الرئيسي فيها، بتهمة انتهاك حقوق النشر. وقد أبرمت وسائل إعلام أخرى اتفاقيات مع «أوبن إيه آي».

وربما لم يعد أمام شركات التكنولوجيا أي خيار لتحسين منتجاتها سوى باعتماد خيارات تُلزمها بدفع أموال، خصوصاً مع بدء نفاد المواد الجديدة لتشغيل النماذج.

وأشارت الصحافة الأميركية أخيراً إلى أنّ النماذج الجديدة قيد التطوير تبدو كأنها وصلت إلى حدودها القصوى، لا سيما برامج «غوغل» و«أنثروبيك» و«أوبن إيه آي».

ويقول جوليان شوراكي: «يمكن على شبكة الإنترنت، جمع المحتوى القانوني وغير القانوني، وكميات كبيرة من المحتوى المقرصن، مما يشكل مشكلة قانونية. هذا من دون أن ننسى مسألة نوعية البيانات».