المغرب والجزائر وتونس... كيف تحارب هذه الدول الحرائق؟

 طائرة إطفاء تابعة للقوات الجوية الملكية المغربية تخمد حريقاً هائلاً في طنجة شمال المغرب في 12 أغسطس 2023 (أ.ف.ب)
طائرة إطفاء تابعة للقوات الجوية الملكية المغربية تخمد حريقاً هائلاً في طنجة شمال المغرب في 12 أغسطس 2023 (أ.ف.ب)
TT

المغرب والجزائر وتونس... كيف تحارب هذه الدول الحرائق؟

 طائرة إطفاء تابعة للقوات الجوية الملكية المغربية تخمد حريقاً هائلاً في طنجة شمال المغرب في 12 أغسطس 2023 (أ.ف.ب)
طائرة إطفاء تابعة للقوات الجوية الملكية المغربية تخمد حريقاً هائلاً في طنجة شمال المغرب في 12 أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

في الأسابيع الأخيرة، لم تسلم دول المغرب والجزائر وتونس من ألسنة النيران. ومع ذلك، حاول كل من الدول الثلاث منع الحرائق بدءاً بأسبابها وتسليح نفسها بشكل أفضل لمكافحتها، مع العديد من أوجه التشابه في الوسائل المتبعة، وفق تقرير نشرته، اليوم الخميس، مجلة «أفريقيا الشابة».

المراقبة والتنبيه والتنسيق

لمكافحة الحرائق، نشرت «الوكالة الوطنية المغربية للمياه والغابات»، في 8 أغسطس (آب)، خريطة للبلاد، تحدد المناطق المعرضة لخطر الحريق. بالتعاون مع قسم الطقس، تقدم الوكالة الآن رسماً بيانياً يحمل ثلاثة ألوان - الأصفر والبرتقالي والأحمر - وفقاً لاحتمال حدوث حريق في الغابة. ومع استعانة المغرب في عام 2023 بالذكاء الاصطناعي، أمكن عبر عمليات حسابية تحديد المناطق الأكثر عرضة للخطر.

سيارة إطفاء للدفاع المدني متوقفة بالقرب من سيارة محترقة في أعقاب حريق غابة بالقرب من بلدة ملولا في شمال غربي تونس بالقرب من الحدود مع الجزائر في 26 يوليو 2023 (أ.ف.ب)

طريقة عمل ولدت من «الاستراتيجية الوطنية المشتركة بين القطاعات» 2020 - 2030. من خلال لجنة توجيهية تشرف على العمل، تعمل إدارة المياه والغابات والوزارات المختلفة (الداخلية والتجهيزات العامة) والوقاية المدنية والدرك الملكي، وغيرها من الأجهزة، معاً.

وبعيداً عن كونه استثناءً في المغرب، فإن هذا النهج نفسه موجود في تونس. طورت تونس خطة وطنية لتحليل المخاطر في الفترة ما بين 2017 - 2021. وتشمل الخطة جداول إحصائية، ورسوماً بيانية، وخرائط... كل شيء مفصل عن كل منطقة في البلاد.

وكما هو الحال في المغرب، تتيح هذه المجموعة من البيانات اتخاذ القرار على أرض الواقع، وإدارة القوى العاملة في الميدان (لمكافحة الحرائق)؛ إذ إن اتباع هذه الاستراتيجية الوطنية لحماية الغابات من الحرائق، يعتمد بشكل أساسي على برنامج عمل للتنسيق بين جميع الأطراف المعنية، وركز على إنشاء ممرات الغابات، فضلاً عن التحكم في نقاط الإمداد بالمياه.

وقد تم تركيب نقاط مراقبة وأنظمة مراقبة تسمح بالتدخل في حالة الإبلاغ عن اندلاع حريق. وتم إنشاء ممرات للوصول إلى كتل الغابات... ويجري اتخاذ ترتيبات مماثلة في المغرب، تونس والجزائر وكذلك في جميع أنحاء حوض البحر المتوسط.

إجراءات التوعية

في الجزائر وتونس، وصلت درجات الحرارة إلى مستويات قياسية خلال شهر يوليو. اقترب الزئبق هناك من 50 درجة مما تسبب في حرائق الغابات والمحاصيل. من جانب السلطات الجزائرية، فضلت الحماية من خلال وضع خطة وطنية لتنمية الأراضي، والتي تذكّر أن «الإهمال البشري هو السبب الرئيسي للزيادة الأخيرة في عدد الحرائق في جميع أنحاء البلاد».

وهكذا، مثل جيرانها، تؤكد الجزائر ضرورة الوعي العام وتضاعف الإجراءات الوقائية في الإذاعة والتلفزيون وحتى في المساجد. في المغرب، يتم ذلك أيضاً في الأسواق.

منظر عام يظهر آثار حريق غابة في بجاية على بعد 250 كيلومتراً من العاصمة الجزائر في 28 يوليو 2023 (أ.ف.ب)

وأثناء عرض استراتيجية 2020 - 2030، شددت السلطات العامة المغربية في هذا الصدد على «انخفاض مستوى الثقافة بشأن مخاطر حرائق الغابات والمخاطر المناخية بين السكان الذين يستخدمون فضاء الغابات».


مقالات ذات صلة

احتواء حريق نفطي عند الحدود الإيرانية - العراقية

شؤون إقليمية جانب من الحريق (وكالة إرنا)

احتواء حريق نفطي عند الحدود الإيرانية - العراقية

أعلن مدير عام جمارك برويز خان بمحافظة كرمانشاه غرب إيران أنه تم احتواء الحريق الذي اندلع في محطة شاحنات صهاريج الوقود داخل العراق بتعاون من فرق إطفاء إيران.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
يوميات الشرق يتميّز الجل الجديد بأنه آمن وغير سام (جامعة ستانفورد)

جِل يحمي المباني من حرائق الغابات المتاخمة

طوّر باحثون في جامعة «ستانفورد» الأميركية جلاً مائياً جديداً يمكنه أن يُحدث ثورة في مجال حماية المباني خلال حرائق الغابات المتاخمة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
آسيا شاحنات إطفاء خلال تدريبات على الدفاع المدني في سيول (إ.ب.أ)

وفاة 6 أشخاص وإصابة 11 بسبب حريق بفندق في كوريا الجنوبية

ذكرت وكالة «يونهاب»، اليوم الخميس، نقلاً عن خدمة الإطفاء أن 6 أشخاص لقوا حتفهم وأُصيب 11 آخرون بسبب حريق نشب بفندق في كوريا الجنوبية.

«الشرق الأوسط» (سيول)
أوروبا لقطة من فيديو تُظهِر حريقاً في مقصورتين من عجلة دوارة خلال مهرجان موسيقي قرب مدينة لايبزيغ في شرق ألمانيا

ألمانيا: أكثر من 20 مصاباً جراء حريق خلال مهرجان موسيقي (فيديو)

أُصيب أكثر من 20 شخصاً جراء اندلاع حريق في عجلة دوارة خلال مهرجان موسيقي قرب مدينة لايبزيغ في شرق ألمانيا.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا تظهر صورة التقطتها طائرة من دون طيار منطقة غابات محترقة بعد حريق غابات في رابينتوسا بالقرب من أثينا باليونان... 13 أغسطس 2024 (رويترز)

تراجع الحريق المدمر حول أثينا... ورجال الإطفاء ما زالوا بحالة تأهب

تراجع الحريق الهائل المشتعل منذ الأحد في ضواحي أثينا إلى بؤر متفرقة، غير أن فرق الإطفاء تبقى متأهبة الأربعاء لمكافحة النيران.

«الشرق الأوسط» (أثينا)

اليونان تختبر زراعة الفواكه الاستوائية المقاوِمة للتغير المناخي

المُزارع اليوناني بانوس أداموبولوس يحمل طفله ويتفقد شجرة الأفوكادو في حقله باليونان (أ.ف.ب)
المُزارع اليوناني بانوس أداموبولوس يحمل طفله ويتفقد شجرة الأفوكادو في حقله باليونان (أ.ف.ب)
TT

اليونان تختبر زراعة الفواكه الاستوائية المقاوِمة للتغير المناخي

المُزارع اليوناني بانوس أداموبولوس يحمل طفله ويتفقد شجرة الأفوكادو في حقله باليونان (أ.ف.ب)
المُزارع اليوناني بانوس أداموبولوس يحمل طفله ويتفقد شجرة الأفوكادو في حقله باليونان (أ.ف.ب)

تُجرى في شبه جزيرة البيلوبونيز تجربة تتمثل في زرع أنواع من الفواكه غير مألوفة في اليونان، تنبت في آسيا أو سواها عادةً، وهي أكثر مقاومة للتغير المناخي الذي يؤثر بشدة على اليونان ومنطقة البحر الأبيض المتوسط.

ومن هذه الفاكهة المانجو والأفوكادو والليتشي والشيريمويا والمكاديميا.

بدا المُزارع بانوس أداموبولوس سعيداً وهو يتفحص ثمار المانجو التي دنا وقت قطافها في مزرعته في جنوب غرب اليونان، مع أنها من الفواكه التي لا تُزرع في اليونان الشهيرة بكروم الزيتون.

لكنّ هذه الفواكه الآسيوية المنشأ هي ثمرة تجربة علمية تُجرى في شبه جزيرة البيلوبونيز، التي تضم مساحات قاحلة.

وتتمثل هذه التجربة في زراعة أنواع من الفواكه لا تنبت عادةً في هذه المنطقة حيث تشتد درجات الحرارة في الصيف وتكون أقرب إلى الاعتدال في بقية أيام السنة.

ولاحظ بانوس أداموبولوس (38 عاماً)، المقيم في كيباريسيا، أن «الشتاء لم يعد موجوداً»، فالأمطار لم تهطل منذ مارس (آذار) الفائت على أرضه، و«لا نبات من دون ماء». علماً بأن معظم دخله يتأتى من خسّ الآيسبرغ الذي يحتاج إلى الكثير من مياه الري.

المزارع اليوناني ثيودوروس ديميتراكاكيس يتفقد محصوله من فاكهة ليتشي في اليونان (أ.ف.ب)

وتوقّع المزارع أن يضطر قريباً إلى التخلي عن بعض المزروعات، مثل البطيخ.

وأكّد أداموبولوس، لوكالة الصحافة الفرنسية، أنه مهتم بزراعة الفواكه الغريبة المنشأ «الأكثر مقاومة» للظروف الجوية المستجدة.

وقد نبتت في حقله بالفعل بضعة أشجار مانجو وأفوكادو لا تزال قليلة جداً نسبياً في أرضه الممتدة مساحتها على 80 هكتاراً. ويعتزم بانوس أداموبولوس زرعَ 300 شجرة أخرى، ويفتخر بأنه تلقى بالفعل طلبيات لشراء محاصيل حصاده الأول المتوقع خلال هذا الشهر.

«إنقاذ» الزراعة

وأوضحت الباحثة في منظمة «ديميتر» الزراعية اليونانية التي تُجري الدراسة، تيريزا تزاتزاني، أن الهدف منها «إيجاد طرق للتعامل مع التغير المناخي واستخدامه» لصالح الزراعة.

وشرحت الخبيرة أن «العام بأكمله أصبح أشد سخونة، وهو ما يناسب هذه النباتات». وتحتاج أشجار المانجو خصوصاً إلى كمية قليلة من الأمطار. وكان فصلا الشتاء الأخيران شديدَي الجفاف بالفعل، وفقاً لتيريزا تزاتزاني.

لقطة عامة لحقل يجري فيه تجربة زراعة أنواع من الفواكه غير مألوفة في اليونان (أ.ف.ب)

ومع أن أشجار الأفوكادو كانت أصلاً تنمو في كريت، وهي جزيرة كبيرة تقع إلى الجنوب، إلا أن العلماء لم يكونوا واثقين من قدرتها على التكيف مع ظروف البر الرئيسي لليونان.

وتمكّن بعض المنتجين من زراعتها بكميات صغيرة في البيلوبونيز، لكنّ البرنامج يهدف إلى معرفة ما إذا كانت هذه المزروعات قابلة للحياة وزراعتها مجدية على نطاق واسع، على ما أوضح مدير الاقتصاد الزراعي في منطقة تريفيليا أنتونيس، باراسكيفوبولوس.

ويعرب باراسكيفوبولوس عن خشيته من أن يكون هذا النوع من الابتكار ضرورياً «لإنقاذ» القطاع من «الكوارث المناخية» المستقبلية، داعياً إلى استثمارات أوروبية.

«مكمّل»

ومع ذلك، لا يستطيع الحلّ المتمثل في زرع الفواكه الاستوائية تحقيق المعجزات. ولا يضم البرنامج راهناً سوى نحو عشرة مزارعين، وتقتصر مساحته المزروعة على عشرة هكتارات.

وليس المقصود منه أن تكون هذه الفواكه بديلاً من المنتجات الرئيسية، مثل الزيتون أو البرتقال، ولكنها يمكن أن تكون بمثابة «مكمّل» لها، على ما شرحت تيريزا تزاتزاني التي تعتزم توسيع التجربة لتشمل مناطق يونانية جديدة.

المُزارع اليوناني بانوس أداموبولوس يحمل طفله ويتفقد شجرة الأفوكادو في حقله باليونان (أ.ف.ب)

وتعاني دول مجاورة المشكلة نفسها. ففي إيطاليا، بدأ المزارعون في صقلية مثلاً بإنتاج المانجو والموز والبابايا.

وتشير تقديرات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إلى أن حوض البحر الأبيض المتوسط، وهو أحد «البؤر الساخنة» للتغير المناخي، سيشهد المزيد من موجات الحر والجفاف المتكررة.

وشهدت اليونان هذه السنة شهر يوليو (تموز) الأكثر حراً على الإطلاق وفقاً لبيانات الطقس الأولية الصادرة عن المرصد الوطني، بعد أن سجل يونيو (حزيران) أيضاً رقماً قياسياً.

ربحية

ورأى ثيودوروس ديميتراكاكيس، وهو مزارع يوناني آخر مشارك في التجربة، أن الأمر سيستغرق «سنوات» حتى يصبح إنتاج الفاكهة الاستوائية مربحاً.

وقال المزارع البالغ (44 عاماً) رغم حماسته لهذه التجربة، إنه لا يملك الوسائل اللازمة لتكريس نفسه لها بشكل كامل لأن مصدر رزقه، وهي شجرة الزيتون، تتطلب كل اهتمامه. وأفاد بأن إنتاجه انخفض بنسبة 60 في المائة العام الفائت بسبب الجفاف والحرارة المبكرة.

فقريته، كالكثير من القرى الأخرى في اليونان، تُحرم في أكثر الأحيان لساعات عدة خلال النهار من المياه بسبب النقص. واعترف ثيودوروس ديميتراكاكيس، الذي كان ناشطاً بيئياً خلال سنوات دراسته الجامعية، بأنه لم يفهم إلا أخيراً أن ظاهرة الاحترار المناخي ستؤثر عليه «منذ الآن». وأمل في أن يتمكن من إقناع المزارعين الآخرين بذلك، إذ إن بعضهم يعدونها مجرّد «سنة سيئة».