دراسة: تلوث المحيطات بالبلاستيك أقل من التقديرات العلمية

تطفو جثة سلحفاة بحرية خضراء بجوار بقعة من القمامة جلبتها التيارات الموسمية بالقرب من خليج مايا في حديقة جزيرة فاي فاي الوطنية في مقاطعة كرابي بتايلاند (رويترز)
تطفو جثة سلحفاة بحرية خضراء بجوار بقعة من القمامة جلبتها التيارات الموسمية بالقرب من خليج مايا في حديقة جزيرة فاي فاي الوطنية في مقاطعة كرابي بتايلاند (رويترز)
TT

دراسة: تلوث المحيطات بالبلاستيك أقل من التقديرات العلمية

تطفو جثة سلحفاة بحرية خضراء بجوار بقعة من القمامة جلبتها التيارات الموسمية بالقرب من خليج مايا في حديقة جزيرة فاي فاي الوطنية في مقاطعة كرابي بتايلاند (رويترز)
تطفو جثة سلحفاة بحرية خضراء بجوار بقعة من القمامة جلبتها التيارات الموسمية بالقرب من خليج مايا في حديقة جزيرة فاي فاي الوطنية في مقاطعة كرابي بتايلاند (رويترز)

أظهرت دراسة علمية حديثة أنّ كميات البلاستيك التي ترمى في المحيطات أقل بكثير من التقديرات الصادرة عن العلماء حتى الآن، لكنّ البقايا العائمة تبقى لفترات أطول.

وقد أجرى العلماء المقيمون في هولندا وألمانيا، نمذجة عبر الكومبيوتر بالاعتماد على بيانات كثيرة مأخوذة من عمليات رصد على السواحل وعلى السطح وفي أعماق المحيطات، للحصول على تقدير للمشكلة.

ونشر الباحثون نتائج عملهم في مجلة «نيتشر جيوساينس»، خلصوا فيها إلى أن كميات البلاستيك التي تصب في البحار أقل بكثير مما كان مقدراً سابقاً، لكنّ هناك مزيداً من البقايا العائمة، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

وبحسب معدي الدراسة، ما يتراوح بين 470 ألف طن من البلاستيك و540 ألف طن ينتهي بها المطاف في المحيطات كل عام، وهو رقم قد يبدو كبيراً لكنّه مع ذلك أقل بكثير من مستوى 4 إلى 12 مليون طن المقدّر سابقاً.

ومع ذلك، فإن الكمية الإجمالية للبقايا البلاستيكية العائمة، أي نحو 3.2 مليون طن، أعلى بكثير مما كان متوقعاً في السابق.

وأوضح معدو الدراسة أن «غالبية كتلة البلاستيك تتكون من أجسام كبيرة» (أكبر من 2.5 سنتيمتر) تطفو بسهولة أكبر.

النبأ السار أنه من الأسهل الإمساك بالأجسام الكبيرة الموجودة على السطح مقارنةً باللدائن الدقيقة. أما الأخبار السيئة فتتمثل في أن المواد البلاستيكية تبقى في المحيط لفترة أطول بكثير مما كان يُعتقد سابقاً.

وقال ميكائيل كاندورب من جامعة أوتريخت الهولندية، وهو المعد الرئيسي للدراسة: «هذا يعني أن الأمر سيستغرق وقتاً أطول قبل أن تظهر آثار تدابير مكافحة النفايات البلاستيكية».

وحذر كاندورب من أنه «سيكون من الأصعب العودة إلى الوضع السابق. وإذا لم نتحرك الآن، فسنشعر بتبعات هذه المخلفات لفترات أطول بكثير».

في مواجهة التلوث البلاستيكي المنتشر في كل مكان على هذا الكوكب، جرى الاتفاق على مبدأ إقرار معاهدة ملزمة قانوناً لمكافحة هذه الآفة في فبراير (شباط) 2022 بالعاصمة الكينية نيروبي، في مقر برنامج الأمم المتحدة للبيئة. غير أن جولات عدة من المفاوضات لا تزال مطلوبة لتحقيق هذا الوعد.

وخلال جلسة ثانية من المفاوضات في باريس، قررت 175 دولة وضع «نسخة أولى» من معاهدة مستقبلية بحلول اجتماعها التفاوضي المقبل في نوفمبر (تشرين الثاني) في كينيا.


مقالات ذات صلة

السعودية تدعو المجتمع الدولي للمشاركة الفاعلة في «كوب 16» بالرياض

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية رئيس وفد المملكة والمهندس عبد الرحمن الفضلي وزير البيئة والمياه والزراعة خلال جلسة «الطريق إلى الرياض» («الشرق الأوسط»)

السعودية تدعو المجتمع الدولي للمشاركة الفاعلة في «كوب 16» بالرياض

شدّدت السعودية، الخميس، على أهمية تعزيز التعاون الدولي على الأصعدة كافة لمواجهة التحديات البيئية، ومضاعفة الجهود للحد من تدهور الأراضي، وتقليل أثار الجفاف.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد تريد «رينو» تجنّب الأزمة بعد أن حققت وفورات (رويترز)

الانبعاثات تهدد شركات السيارات الأوروبية بـ 15 مليار يورو غرامات

حذر رئيس مجموعة «رينو» لوكا دي ميو، السبت، من أن شركات السيارات الأوروبية مهددة بغرامات بقيمة 15 مليار يورو إذا لم تحترم قواعد الاتحاد الأوروبي بشأن الانبعاثات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
صحتك التعرض المطول لتلوث الهواء والضوضاء قد يزيد من خطر العقم (رويترز)

تلوث الهواء والضوضاء يزيدان خطر العقم

كشفت دراسة جديدة عن أن التعرض المطول لتلوث الهواء والضوضاء قد يزيد من خطر العقم.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
أوروبا تظهر صورة التقطتها طائرة من دون طيار مئات الآلاف من الأسماك الميتة في مجرى مائي بالقرب من ميناء فولوس باليونان (رويترز)

نفوق أطنان من الأسماك يدفع مدينة يونانية لإعلان حالة طوارئ

أعلنت مدينة فولوس الساحلية في وسط اليونان حالة الطوارئ للتعامل مع تبعات تلوث بحري ناجم عن العثور على أطنان من الأسماك النافقة، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

«الشرق الأوسط» (اثينا)
بيئة حفرة بعمق 8 أمتار حيث سيتم وضع كبسولة نحاسية للوقود النووي المستنفد في منشأة «أونكالو» بفنلندا (رويترز)

تدوم 100 ألف عام... فنلندا ستدفن النفايات النووية في «مقبرة جيولوجية»

قررت فنلندا البدء في طمر الوقود النووي المستنفد في أول مقبرة جيولوجية بالعالم، حيث سيتم تخزينه لمدة 100 ألف عام.

«الشرق الأوسط» (هلسنكي)

​في اليونان... الجفاف يعيد إظهار قرية غمرتها المياه قبل عقود

انخفاض منسوب المياه في بحيرة مورنوس الاصطناعية بعد الجفاف (أ.ف.ب)
انخفاض منسوب المياه في بحيرة مورنوس الاصطناعية بعد الجفاف (أ.ف.ب)
TT

​في اليونان... الجفاف يعيد إظهار قرية غمرتها المياه قبل عقود

انخفاض منسوب المياه في بحيرة مورنوس الاصطناعية بعد الجفاف (أ.ف.ب)
انخفاض منسوب المياه في بحيرة مورنوس الاصطناعية بعد الجفاف (أ.ف.ب)

عاودت مبانٍ مهجورة في قرية كاليو الغارقة وسط اليونان الظهور أخيراً، بعد انخفاض مستوى بحيرة سدّ تشكّل خزان المياه الرئيسي لأثينا، بسبب موجة جفاف تطال البلاد منذ فترة، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وتُظهر بحيرة مورنوس الاصطناعية، الواقعة على بُعد 200 كيلومتر غرب العاصمة، انخفاضاً بنسبة 30 في المائة في احتياطياتها في الأشهر الأخيرة مقارنة بالعام الماضي، وفق بيانات هيئة «إيداب» المسؤولة عن قطاع المياه في منطقة أتيكا التي تتبع لها أثينا.

ويثير الانحباس الكبير في المتساقطات قلقاً حاداً لدى مختلف الجهات في اليونان، وصولاً إلى رأس الدولة.

وفي القرية، يلاحظ السكان المحليون أن «منسوب بحيرة مورنوس انخفض بمقدار 40 متراً»، على ما يقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» يورغوس يوسيفيديس، وهو متقاعد يعيش على مرتفعات قرية كاليو القديمة.

وعلى غرار غالبية السكان، اضطر هذا الرجل الستيني إلى مغادرة منزله في نهاية سبعينات القرن العشرين أثناء بناء سد مورنوس.

وقد تمّت «التضحية» بما يقرب من 80 منزلاً في كاليو، فضلاً عن الكنيسة والمدرسة الابتدائية، لضمان إمدادات المياه في أثينا.

مواطن يعيش في منزل أعيد بناؤه حديثاً في كاليو يسير بجوار بحيرة مورنوس الاصطناعية (أ.ف.ب)

واليوم، أدى انخفاض مستوى البحيرة التي يغذيها نهرا مورنوس وإفينوس المجاوران، إلى عودة ظهور أنقاض المدرسة الابتدائية، وكذلك المنازل المهجورة التي غمرتها المياه تدريجياً.

ويوضح يوسيفيديس: «إذا قرّبت عدسة الكاميرا على البحيرة، فسوف ترى الطبقة الأرضية التي لا تزال صامدة من منزل والد زوجتي المكوّن من طبقتين (...) وبجانبه ترى ما تبقّى من منزل أبناء عمومتي».

وتفاقمت حدة الجفاف هذا العام في هذا البلد المتوسطي المعتاد على موجات الحر في الصيف.

وبعدما سجلت أكثر فصول الشتاء اعتدالاً على الإطلاق هذه السنة، شهدت اليونان درجات حرارة قياسية في يونيو (حزيران) ويوليو (تموز)، وفق بيانات طقس أولية صادرة عن المرصد الوطني.

ظهور بقايا منزل مجدداً عندما انخفض مستوى بحيرة مورنوس الاصطناعية بعد الجفاف بالقرب من قرية ليدوريكي على بُعد حوالي 240 كيلومتراً شمال غربي أثينا (أ.ف.ب)

شح المياه

وهذه هي المرة الثانية التي تعود فيها مباني كاليو المغمورة إلى الظهور، بعد فترة جفاف في أوائل تسعينات القرن العشرين، وفق يوسيفيديس الذي يقول: «إذا لم تهطل الأمطار قريباً، فسوف ينخفض المستوى الحالي أكثر، وستكون المشكلة أخطر مما كانت عليه حينذاك».

ويتذكر أناستاسيس باباجورجيو، وهو طبيب يبلغ 26 عاماً يعيش في قرية أميغداليا المجاورة لمورنوس، أنه «في العامين الماضيين، هطلت كميات ضئيلة للغاية من الأمطار والثلوج على الجبال القريبة التي تغذي الأنهار».

ويؤكد أن «الوضع صعب، وعلينا أن نكون حذرين عند استخدام المياه».

وفي مواجهة خطر شح المياه، دعت السلطات اليونانية سكان أتيكا البالغ عددهم 3.7 مليون نسمة، وهي المنطقة المحيطة بأثينا والتي تضم ثلث سكان اليونان، لمراقبة استهلاكهم من المياه بعناية.

ولم تُفرض أي قيود، لكن الدعوات إلى ترشيد الاستهلاك تتردد يومياً في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي.

ظهور بقايا منزل مرة أخرى عندما انخفض مستوى بحيرة مورنوس الاصطناعية بعد الجفاف (أ.ف.ب)

ومن رسائل التنبيه الموجهة للسكان، على سبيل المثال: «عندما لا تقومون بملء حوض الاستحمام بالمياه، فإنكم توفرون ما يصل إلى 150 لتراً من الماء»، أو «أغلقوا الصنبور عندما تنظّفون أسنانكم». ولتعزيز شبكة الإمداد، قررت هيئة «إيداب» أيضاً تفعيل مصادر مائية إضافية بالقرب من العاصمة.

ومن جانبه، يدعو رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس إلى إدارة أفضل للمياه. وقال الاثنين خلال زيارة إلى منطقة ثيساليا (وسط) التي اجتاحتها الفيضانات عام 2023: «لا يمكننا تحمّل هدر المياه كما فعلنا حتى الآن». وأضاف: «في وقت نعلم يقيناً أنه سيكون لدينا كميات أقل من المياه، علينا حماية الموارد المائية بشكل أكثر منهجية مما فعلنا حتى الآن».

وشدّد ميتسوتاكيس على أن اليونان تستخدم 85 في المائة من مياهها للري، وتحتاج إلى بناء مزيد من السدود.