الأمم المتحدة تدعو إلى استباق عواقب ظاهرة «إل نينيو»

مجرى نهر «غان» جاف جزئياً، وهو أحد روافد بحيرة بويانغ، في نانتشانغ بمقاطعة جيانغشي بالصين، 28 أغسطس 2022 (رويترز)
مجرى نهر «غان» جاف جزئياً، وهو أحد روافد بحيرة بويانغ، في نانتشانغ بمقاطعة جيانغشي بالصين، 28 أغسطس 2022 (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تدعو إلى استباق عواقب ظاهرة «إل نينيو»

مجرى نهر «غان» جاف جزئياً، وهو أحد روافد بحيرة بويانغ، في نانتشانغ بمقاطعة جيانغشي بالصين، 28 أغسطس 2022 (رويترز)
مجرى نهر «غان» جاف جزئياً، وهو أحد روافد بحيرة بويانغ، في نانتشانغ بمقاطعة جيانغشي بالصين، 28 أغسطس 2022 (رويترز)

دعت الأمم المتحدة، الثلاثاء، الحكومات إلى استباق عواقب ظاهرة «إل نينيو» المناخية التي بدأت لتوّها، والمرتبطة خاصة بارتفاع درجات الحرارة في العالم، وذلك من أجل «إنقاذ الأرواح وسبل العيش»، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

وأشارت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة إلى أنّ ظاهرة «إل نينيو» ستتواصل على مدار العام مع كثافة من المحتمل أن تكون «معتدلة على الأقلّ»، معلنة «بداية الحلقة» مع احتمال فرصة استمرارها في النصف الثاني من العام بنسبة 90 بالمائة.

وفي 8 يونيو (حزيران)، أعلنت الإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي عن وصول ظاهرة «إل نينيو».

وعادة ما يصبح تأثير ارتفاع درجات الحرارة واضحاً بعد عام من تطور الظاهرة، وبالتالي من المرجح أن يكون ملموساً أكثر في عام 2024.

وقال مدير وكالة الأمم المتحدة للأرصاد الجوية والمناخ، بيتيري تالاس، في بيان: «إن وصول ظاهرة إل نينيو سيزيد بشكل كبير من احتمال تجاوز الأرقام القياسية لدرجات الحرارة والتسبب في حرارة أشد في أجزاء كثيرة من العالم وفي المحيطات».

وأضاف أنّ «إعلان المنظمة العالمية للأرصاد الجوية عن ظاهرة إل نينيو هو إشارة للحكومات في جميع أنحاء العالم من أجل أن تستعدّ للحدّ من آثارها على صحتنا ونظامنا البيئي واقتصاداتنا».

وفي هذا الصدد، شدّد على أهمية أنظمة الإنذار المبكر والتدابير اللازمة لاستباق الظواهر الجوية المتطرفة المرتبطة بهذه الظاهرة المناخية الكبرى «لإنقاذ الأرواح وسبل العيش».

كما أعربت منظمة الصحة العالمية عن قلقها. وتخشى خصوصاً زيادة الأمراض المتعلقة بالمياه، مثل الكوليرا، بالإضافة إلى الأوبئة التي ينقلها البعوض، مثل الملاريا وحمّى الضنك، علاوة على الأمراض المعدية مثل الحصبة والتهاب السحايا، وفق ما ذكرت للصحافيين المديرة المكلفة بالصحة العامة والبيئة في المنظمة ماريا نيرا.

وفي 2018 - 2019، أعلنت بعض المناطق وصول ظاهرة إل نينيو، واعتُبرت حينها ضعيفة.

لكنّ المنظمة العالمية للأرصاد الجوية لم تصدر هذا الإعلان بسبب «الافتقار إلى الإجماع» الدولي، وفق ما أوضح للصحافيين رئيس قسم خدمات التنبؤ المناخي الإقليمي، ويلفران موفوما أوكيا.

وتعود آخر حلقة من ظاهرة إل نينيو إلى 7 سنوات، في 2015 - 2016، وكانت شديدة للغاية، بحسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.

«إنذار جديد»

وقد حدثت آخر مرة في 2018 - 2019، وأفسحت المجال لحلقة طويلة تناهز 3 سنوات من ظاهرة إل نينيو التي تسبب آثاراً معاكسة، أبرزها انخفاض درجات الحرارة.

وإل نينيو هي ظاهرة مناخية تحدث مرة كل سنتين إلى 7 سنوات، وتستمر عادةً من 9 إلى 12 شهراً، وترتبط بارتفاع درجات حرارة سطح المحيط في وسط وشرق المحيط الهادئ.

لكنّ الحلقة الحالية «تأتي في سياق مناخ تم تغييره بسبب الأنشطة البشرية»، على ما أكدت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.

وفي مايو (أيار)، حذرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية من أنّ الفترة بين عامي 2023 - 2027 ستكون بالتأكيد الأكثر سخونة على الإطلاق على الأرض، في ظل التأثير المشترك لظاهرة إل نينيو والاحتباس الحراري الناجم عن انبعاثات الغازات الملوثة.

ويُقدر أن هناك فرصة بنسبة 66 بالمائة بأن يتجاوز المتوسط العالمي السنوي لحرارة سطح الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية المستوى المسجّل ما قبل الثورة الصناعية لمدة عام واحد على الأقل بين عامي 2023 و2027.

وأوضح مدير الخدمات المناخية في المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، كريس هيويت أنّ «هذا لا يعني أنه خلال السنوات الخمس المقبلة سنتجاوز 1.5 درجة مئوية المحددة في اتفاق باريس حول المناخ، لأنّ هذه الاتفاقية تشير إلى الاحترار المناخي الطويل الأمد لسنوات كثيرة. ومع ذلك، فهي إشارة جديدة لليقظة».

وترتبط ظاهرة إل نينيو بشكل عام بزيادة الأمطار في أجزاء من جنوب أميركا اللاتينية وجنوب الولايات المتحدة والقرن الأفريقي وآسيا الوسطى. ويمكن أن تسبّب الجفاف الشديد في أستراليا وإندونيسيا وبعض المناطق في جنوب آسيا وأميركا الوسطى.

في المقابل، يمكن لمياهها الدافئة أن تغذّي الأعاصير في وسط المحيط الهادئ وشرقه، كما بوسعها أن تحدّ من تشكّل الأعاصير في حوض المحيط الأطلسي.


مقالات ذات صلة

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

يوميات الشرق أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

اختفى هذا النوع من الحشرات من غابة «نيو فورست» ببريطانيا، فبدأ «صندوق استعادة الأنواع» مشروعاً بقيمة 28 ألف جنيه إسترليني لإعادته.

«الشرق الأوسط» (لندن)
بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزيرة البيئة الأوكرانية تلقي كلمة في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (كوب 29) في أذربيجان 20 نوفمبر 2024 (رويترز)

أوكرانيا تُقدّر الضرر البيئي نتيجة الحرب بـ71 مليار دولار

قالت وزيرة البيئة الأوكرانية إن الضرر البيئي بسبب العمليات العسكرية جراء الغزو الروسي لأوكرانيا منذ فبراير 2022 يقدّر بـ71 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (كييف)
خاص قام أفراد المجتمع بزراعة أكثر من مليون شجيرة في متنزه ثادق السعودي لإصلاح الأراضي المتدهورة ومعالجة التصحر (برنامج الأمم المتحدة للبيئة)

خاص ثياو قبل «كوب 16»: العالم يحتاج 355 مليار دولار سنوياً لمكافحة التصحر

مع اقتراب انعقاد «كوب 16» يترقّب العالم خطوات حاسمة في معالجة أكبر التحديات البيئية التي تواجه كوكب الأرض.

آيات نور (الرياض)
بيئة ارتفاع مستويات الميثان من الأراضي الرطبة الاستوائية (أرشيفية - رويترز)

ارتفاع مستويات الميثان من الأراضي الرطبة الاستوائية يُهدد خطط المناخ

أظهرت أوراق بحثية أن الأراضي الرطبة الاستوائية حول العالم بات نبعث منها كميات من غاز الميثان أكبر من أي وقت مضى.

«الشرق الأوسط» (باكو)

علماء يحذّرون من انهيار سريع لتيار رئيسي في المحيط الأطلسي

أشخاص يسبَحون في المحيط الأطلسي بجنوب غربي فرنسا (أ.ب)
أشخاص يسبَحون في المحيط الأطلسي بجنوب غربي فرنسا (أ.ب)
TT

علماء يحذّرون من انهيار سريع لتيار رئيسي في المحيط الأطلسي

أشخاص يسبَحون في المحيط الأطلسي بجنوب غربي فرنسا (أ.ب)
أشخاص يسبَحون في المحيط الأطلسي بجنوب غربي فرنسا (أ.ب)

دقّ علماء ناقوس الخطر بشأن انهيار أسرع من المتوقع لنظام معقّد من التيارات المحيطية بالمحيط الأطلسي، من شأنه أن يؤدي لعواقب «كارثية» على دول اسكندنافيا الغارقة في البرد، بينما ترتفع درجة حرارة بقية الكوكب.

وفي رسالة مفتوحة إلى قادة مجلس بلدان الشمال الأوروبي الذين يجتمعون، الاثنين، في العاصمة الآيسلندية، ريكيافيك، أكّد نحو 40 باحثاً دولياً أن التأثيرات ستكون «على الأرجح» محسوسة في جميع أنحاء العالم.

ويشكّل «دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي» (AMOC) نظاماً معقّداً من التيارات المحيطية، بما يشمل تيار الخليج الدافئ الذي يساعد على تنظيم الحرارة بين المناطق الاستوائية ونصف الكرة الشمالي، وبالتالي فهو حاسم لظروف المعيشة في القطب الشمالي.

ويُعدّ انهيار هذا النظام، الذي ضعف بالفعل على مدى العقدين الماضيين وفق دراسة نُشرت هذا العام، إحدى نقاط التحوّل التي تُقلق العلماء بسبب سلسلة الكوارث التي يمكن أن تؤدي إلى حدوثها. لكن لا إجماع حول التاريخ الذي يُتوقع أن يحدث ذلك فيه.

وفي تقرير التقييم السادس الذي نُشر في عام 2023، أعرب خبراء المناخ المفوّضون من الأمم المتحدة (الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ - IPCC) عن «مستوى متوسط من الثقة في حقيقة أن دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي لن ينهار قبل عام 2100».

ومع ذلك، كما يقول الموقِّعون على الرسالة المفتوحة، فإن بحوثاً أُجريت أخيراً «تشير إلى أن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ قد قلّلت من شأن هذا الخطر، وأن تجاوز نقطة التحول هذه هو احتمال جِدّي في العقود المقبلة».

ولفت هؤلاء إلى أن «التأثيرات، خصوصاً على بلدان الشمال الأوروبي، من المرجّح أن تكون كارثية، بما في ذلك التبريد الكبير للمنطقة، بينما تكون المناطق المحيطة دافئة».

وأضاف الموقّعون على الرسالة: «سيمثّل هذا تضخيماً وتكثيفاً للنقطة الباردة (منطقة باردة بشكل غير طبيعي) التي تشكّلت بالفعل فوق المنطقة شبه القطبية في المحيط الأطلسي، ومن المحتمل أن تؤدي إلى ظواهر مناخية متطرفة غير مسبوقة».

وقال الباحثون إن هذا الأمر قد يهدّد «احتمال» استمرارية الزراعة في شمال غربي أوروبا.

لكن آثار ذلك «من المحتمل» أن تكون محسوسة أيضاً على نطاق عالمي، من خلال «التحول في أحزمة هطول الأمطار الاستوائية، وتقليل امتصاص المحيطات لثاني أكسيد الكربون (وبالتالي زيادة أسرع في معدلاته في الغلاف الجوي)، بالإضافة إلى ارتفاع كبير في مستوى سطح البحر».

ويجمع مجلس الشمال بين الدنمارك وفنلندا وأيسلندا والنرويج والسويد، بالإضافة إلى مناطق عدة في المنطقة (جُزر فارو وغرينلاند وآلاند).

ويجتمع قادة هذه الدول يومَي الاثنين والثلاثاء في ريكيافيك؛ لحضور قمة تمت دعوة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إليها أيضاً.