كيف يمكن إزالة الكربون من مجال الطيران؟

طائرة تقترب من الهبوط في سان دييغو بكاليفورنيا، 12 ديسمبر 2022 (رويترز)
طائرة تقترب من الهبوط في سان دييغو بكاليفورنيا، 12 ديسمبر 2022 (رويترز)
TT

كيف يمكن إزالة الكربون من مجال الطيران؟

طائرة تقترب من الهبوط في سان دييغو بكاليفورنيا، 12 ديسمبر 2022 (رويترز)
طائرة تقترب من الهبوط في سان دييغو بكاليفورنيا، 12 ديسمبر 2022 (رويترز)

يتعيّن على مجال الطيران الذي يواجه ضغوطاً للحد من تأثيراته السلبية على المناخ، اعتماد أساليب مختلفة، من استخدام الوقود غير الأحفوري إلى محركات ومواد جديدة، على أمل الوصول إلى الحياد الكربوني مع الاستمرار في نقل مليارات الركاب، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

انبعاثات حركة الطيران

نقلت شركات الطيران عالمياً 4.5 مليار مسافر في العام 2019، ما تسبب في تسجيل 2.4 في المائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، بحسب المجلس الدولي للنقل النظيف (ICCT).

ويُتوقَّع أن تعود هذه النسبة بدءاً من العام الراهن إلى المستوى الذي كانت عليه قبل الجائحة، وتتضاعف بحلول العام 2050.

وبين سنتي 2009 و2019، حسّنت شركات الطيران من كفاءتها لناحية استخدام الطاقة بنسبة 21.4 في المائة، بحسب اتحاد النقل الجوي الدولي (Iata)، في وتيرة غير كافية، في ظل تزايد حركة الطيران وارتفاع الانبعاثات الناجمة عنها خلال هذه المرحلة.

ولطالما سعى الفاعلون في مجال النقل الجوي ليكون الإصدار الأخير أكثر كفاءة، فالطائرة التي تستهلك كميات أقل من الوقود تكون مُربحة بصورة أكبر، لكن الضغط البيئي المتزايد جعل هذا النوع من الطائرات بمثابة تحدٍّ لضمان استمرارها.

ويتمثل الهدف الذي حددته في أكتوبر (تشرين الأول) 193 دولة من منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO)، في الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

أي تقدّم أُحرز من الناحية التكنولوجية؟

تشير مجموعة «آر ترانسبورت أكشن غروب» (ATAG) التي تضم كبرى شركات تصنيع الطائرات، إلى أنّ 34 في المائة من الجهد المُتوقَّع لتقليص الانبعاثات سيكون ناتجاً من تحسينات تكنولوجية يُفترض أن تؤدي إلى خفض وزن الطائرات من خلال اعتماد مواد مركبة جديدة وتصميمات حديثة للأجهزة والمحركات.

وتعمل «سي إف أم»، وهي مشروع مشترك بين شركتي «جنرال إلكتريك» و«سافران»، على مشروعها «رايز» الذي يُعنَى بتقنيات المحركات التي تقلل من استهلاك الوقود بنسبة 20 في المائة أقلّه، فيما تُعدّ «رولز - رويس» البريطانية تقنية «أولترافان» التي ابتكرتها لتشغيل حاملات الطائرات الكبيرة الحجم.

وإذا كان الدفع الكهربائي غير وارد للطائرات التجارية، فإن إضافة محرك كهربائي مدعوم بخلية وقود الهيدروجين يمكن أن توفر الطاقة اللازمة خلال إقلاع الطائرة أو هبوطها.

وتمثل هذه الخطوة التحسينية 7 في المائة من الجهد المُتوقع، بحسب «آر ترانسبورت أكشن غروب».

ومن ناحية الطيران، تؤدي هذه الخطوة إلى تفضيل المسار المباشر، من خلال صعود الطائرة ونزولها باستمرار لتجنّب التأخيرات عند الاقتراب من المطارات.

وعلى الأرض، يتم تفضيل التوجه نحو المدرج عبر تشغيل محرك واحد، بالإضافة إلى جعل الأجهزة في المدرج كهربائية.

ويمكن لشركات الطائرات أن تشتري أرصدة كربون عبر آليات تعويض الكربون الأوروبية (ETS) أو الدولية (كورسيا).

وتمثل هذه الآليات 6 في المائة من الجهد المُتوقع للوصول إلى «صفر انبعاثات للكربون». وتندد منظمات غير حكومية كثيرة بهذا النظام الذي ينقل المشكلة، فيما تدعو إلى الحد من الرحلات الجوية.

ما دور الوقود المُستدام؟

تشير «آر ترانسبورت أكشن غروب» إلى ضرورة أن يعتمد 53 في المائة من الجهد الضروري على استخدام الوقود المُستدام.

ويُستعان بالوقود المستدام للطيران، الذي يُنتَج من الكتل الحيوية (زيوت مُستخدمة، بقايا خشب، طحالب)، في الطائرات الموجودة راهناً، والمُرخصة لقبول مزيج بنسبة 50 في المائة من الكيروسين الأحفوري، وبنسبة 100 في المائة بحلول عام 2030، على ما يعد المصنّعون.

ويمكن لهذا المزيج أن يقلّص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 80 في المائة، مقارنة بالكيروسين خلال دورة العمل الكاملة.

وتكمن المشكلة في إنتاج الكيروسين الأحفوري، ففي العام الفائت وصلت الكمية المُنتجة إلى 250 ألف طن، ما يمثل أقل من 0.1 في المائة من أكثر من 300 مليون طن من كيروسين الطيران.

ومن أجل التشجيع على إنتاجه، وضع الاتحاد الأوروبي في أبريل (نيسان) اللمسات الأخيرة على قانون ينص على الالتزام التدريجي باعتماد الوقود المستدام من 2 في المائة في العام 2025، وصولاً إلى 70 في المائة سنة 2050.

وتُجمِع شركات الطاقة على أنّ الكتل الحيوية ليست لا نهائية، ولن تغطي الاحتياجات المرتبطة بالوقود المُستدام سوى لسدّ متطلبات العام 2030.

لذا، سيكون من الضروري التحوّل إلى الوقود الاصطناعي، المعروف أيضاً بالوقود الكهربائي أو الوقود الإلكتروني. ويجري تصنيع هذا الوقود من خلال دمج الهيدروجين الذي يُنتَج من مصادر خالية من الكربون كالطاقات المتجددة أو الطاقة النووية، وثاني أكسيد الكربون الذي يتم التقاطه في الهواء أو في الأدخنة الصناعية.

ولتشجيع تطويرها، يشير القانون الأوروبي إلى إدخال حصة متزايدة من الوقود الاصطناعي إلى الوقود المستدام، ستصل إلى 35 في المائة عام 2050.

ويستلزم إنتاج هذا الوقود الإلكتروني كميات هائلة من الكهرباء الضرورية لإنتاج الهيدروجين، وسيتمثل التحدي تالياً في توافر هذه الكمية من الكهرباء، وفي خفض أسعارها التي تزيد راهناً عن أسعار الكيروسين بنحو 8 إلى 10 مرات.

طائرة على الهيدروجين

تجري شركة «إيرباص» دراسات ترمي إلى احتمال أن تُدخِل في الخدمة عام 2035 طائرة تجارية قصيرة أو متوسطة المدى، من شأنها أن تحرق الهيدروجين مباشرة في المحرك، وعدم إطلاقها تالياً سوى بخار الماء.

وتواجه الشركة المصنّعة للطائرات شكوكاً من جهات فاعلة كثيرة في مجال الطيران، بسبب تحديات تقنية وبنى تحتية ضرورية لتشغيل هذه الطائرات.

وتتمثل أبرز الصعوبات في تخزين الهيدروجين ونقله، إذ يُفترض تسييله على حرارة تصل إلى «- 253» درجة مئوية، وتخزينه في خزانات مبرّدة تشغل حجماً أكبر 4 مرات مما يستلزمه الكيروسين.


مقالات ذات صلة

طفل عملاق يُخيف بريطانيين

يوميات الشرق بعض الرسائل لا يصل (إكس)

طفل عملاق يُخيف بريطانيين

وصف مارّة مذهولون دمية طفل عملاقة ظهرت وسط بلدتهم بأنها «مخيفة» و«أبشع طفل» شاهدوه على الإطلاق... فما القصة؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
بيئة ثوران بركان تحت الماء قبالة سواحل تونغا يوم 15 يناير 2022 (رويترز)

طبقة الأوزون في طريقها إلى التعافي رغم ثوران بركاني

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، الثلاثاء، إن طبقة الأوزون «في طريقها إلى التعافي على المدى الطويل» رغم ثوران بركاني مدمر في منطقة جنوب المحيط الهادي.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
بيئة من أمام مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل (رويترز)

منظمتان غير حكوميتين تقاضيان الاتحاد الأوروبي بسبب أهدافه البيئية

قررت منظمتان بيئيتان رفع دعوى قضائية ضد المفوضية الأوروبية لأنها حددت أهدافاً مناخية «غير كافية» للدول الأعضاء في انتهاك لالتزاماتها بموجب اتفاق باريس المناخي.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد زرعت «البحر الأحمر» أكثر من 5 ملايين نبتة و600 ألف شتلة مانغروف (من الشركة)

«البحر الأحمر الدولية»: نسير بخطى ثابتة نحو تحقيق فائدة بيئية صافية بـ30 % بحلول عام 2040

أعلنت «البحر الأحمر الدولية» أنها تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق هدفها الرئيسي المتمثل في تحقيق فائدة بيئية صافية بنسبة 30 في المائة بحلول عام 2040.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
بيئة قارب صيد يبحر بجوار جبل جليدي كبير عند مصب مضيق ياكوبشافنز الجليدي بالقرب من إيلوليسات في غرينلاند في 15 مايو 2007 (رويترز)

دراسة: غرينلاند كانت خالية من الجليد في الماضي القريب

قدمت دراسة جديدة أوضح دليل حتى اليوم على أن غرينلاند كانت خالية من الجليد إلى حد كبير على مدى السنوات المليون الماضية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

باحثون يكتشفون سمكة قرش جديدة ومذهلة في نيوزيلندا

السمكة الشبح (المعهد الوطني للمياه والغلاف الجوي في نيوزيلندا)
السمكة الشبح (المعهد الوطني للمياه والغلاف الجوي في نيوزيلندا)
TT

باحثون يكتشفون سمكة قرش جديدة ومذهلة في نيوزيلندا

السمكة الشبح (المعهد الوطني للمياه والغلاف الجوي في نيوزيلندا)
السمكة الشبح (المعهد الوطني للمياه والغلاف الجوي في نيوزيلندا)

تم اكتشاف نوع جديد من أسماك القرش الشبح، ذي أنف طويل، بشكل غير عادي، وذيل يُشبه السوط، في أعماق المياه بنيوزيلندا.

ويعتقد العلماء في المعهد الوطني للمياه والغلاف الجوي في نيوزيلندا (نيوا) في البداية أن المخلوق كان جزءاً من نوع موجود في جميع أنحاء العالم، لكن المزيد من التحقيقات كشفت أنه نوع جديد ومتميز وراثياً.

تم العثور على سمكة الشبح، ذات الأنف الضيق الموصوفة حديثاً، في المياه النيوزيلندية والأسترالية فقط.

تُعرف أسماك القرش الشبح أيضاً باسم «الكيميرا»، وهي مجموعة من الأسماك الغضروفية وثيقة الصلة بأسماك القرش والشفنين. وتتمتع بجلد ناعم، وأسنان تُشبه المنقار، وتتغذى على القشريات مثل الروبيان والرخويات. يُشار إليها أحياناً باسم فراشات المحيط، بسبب الطريقة التي تنزلق بها عبر الماء بزعانفها الصدرية الكبيرة.

وتوجد الأسماك الغامضة عادةً في أعماق المحيطات الكبيرة -حتى 2600 متر- ولا يُعرف سوى القليل عن بيولوجيتها أو التهديدات التي تواجهها، وفق صحيفة «الغارديان» البريطانية.

وفي هذا الصدد، تقول الدكتورة بريت فينوتشي، عالمة مصائد الأسماك في «نيوا»، الذي ساعد في اكتشاف النوع الجديد: «أسماك القرش الشبح لم تدرس بشكل كبير، هناك الكثير الذي لا نعرفه عنها».

وتتابع: «أسماك (الكيميرا) غامضة بطبيعتها، قد يكون من الصعب العثور عليها في أعماق المحيط... ولا تحظى عموماً بالاهتمام نفسه الذي تحظى به أسماك القرش، عندما يتعلق الأمر بالبحث».

وتم العثور على السمكة الشبح الجديدة في منطقة تشاتامز رايز، على بُعد نحو 750 كيلومتراً شرق ساحل نيوزيلندا. ويتميز هذا السمك بخطمه الطويل جداً، الذي يمكن أن يُشكل نصف طول جسمه بالكامل، ومن المرجح أنه تطور لمساعدته في البحث عن الفريسة. ويمكن أن يصل طول السمكة ذات اللون البني إلى متر واحد، ولها عينان كبيرتان بلون الحليب وزعانف ظهرية مسننة لردع الحيوانات المفترسة.

وتم اكتشاف ما يقرب من 55 نوعاً من أسماك القرش الشبح على مستوى العالم، مع العثور على نحو 12 منها في مياه نيوزيلندا وجنوب المحيط الهادئ.

ويشتبه العلماء في أنه نوع جديد بناءً على شكله، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من البحث الجيني لتأكيد النظرية. كان اكتشاف أنه بالفعل نوع مميز لحظة مثيرة بالنسبة لبريت فينوتشي.

وقالت بريت فينوتشي: «من الرائع حقاً أن تكون قادراً على المساهمة في العلم. إن فهم الحيوان نفسه يمكن أن يغذي المزيد من الأبحاث، وما إذا كان يحتاج إلى إدارة الحفاظ عليه».

في تكريم مؤثر لجدتها، أطلقت بريت فينوتشي على السمكة الشبح الاسم العلمي «هارويتتا أفيا»، وهارويتتا اسم جدتها، وأفيا تعني الجدة باللاتينية.