غوتيريش يطلق «نداء استغاثة عالمياً» لمكافحة ارتفاع منسوب المياه بجزر المحيط الهادي

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يزور شاطئ هاتافو وهي منطقة تأثرت بالثوران البركاني والتسونامي في عام 2022 في تونغاتابو 27 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يزور شاطئ هاتافو وهي منطقة تأثرت بالثوران البركاني والتسونامي في عام 2022 في تونغاتابو 27 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)
TT

غوتيريش يطلق «نداء استغاثة عالمياً» لمكافحة ارتفاع منسوب المياه بجزر المحيط الهادي

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يزور شاطئ هاتافو وهي منطقة تأثرت بالثوران البركاني والتسونامي في عام 2022 في تونغاتابو 27 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يزور شاطئ هاتافو وهي منطقة تأثرت بالثوران البركاني والتسونامي في عام 2022 في تونغاتابو 27 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

أطلق الأمين العام للأمم المتحدة خلال «قمة منتدى جزر المحيط الهادي» في تونغا «نداء استغاثة عالمياً» للتصدّي لأزمة ارتفاع منسوب مياه البحار في هذه المنطقة.

أطلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال «قمة منتدى جزر المحيط الهادي» الثلاثاء في تونغا «نداء استغاثة عالمياً» للتصدّي لأزمة ارتفاع منسوب مياه البحار في هذه المنطقة، مشيراً إلى أن وتيرته تتسارع أكثر من المتوسط العالمي، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال غوتيريش «أنا في تونغا لإطلاق نداء استغاثة عالمي بعنوان (أنقذوا بحارنا) بشأن ارتفاع منسوب مياه البحار. هناك كارثة عالمية تعرّض للخطر جنّة المحيط الهادي».

وجزر المحيط الهادي التي تتميّز بكثافتها السكانية المنخفضة وندرة الصناعات الثقيلة فيها ينبعث منها مجتمعة أقلّ من 0.02 في المائة من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية سنوياً.

وهذه المجموعة الواسعة من الجزر البركانية والجزر المرجانية المنخفضة مهددة بارتفاع منسوب مياه البحار.

ومنذ تسعينات القرن الماضي تتولى المنظمة العالمية للأرصاد الجوية مهمة مراقبة القياسات من أجهزة قياس المد والجزر المثبتة على شواطئ في المحيط الهادي.

ووفقاً لتقرير جديد أصدرته وكالة المناخ التابعة للأمم المتحدة، فقد ارتفعت مستويات سطح البحر بنحو 15 سنتيمتراً في مناطق معينة من المحيط الهادي على مدى الثلاثين عاماً الماضية.

ويبلغ المتوسط العالمي 9.4 سم، وفقاً للتقرير نفسه.

وحذرّت الأمينة العامة لهذه الوكالة التابعة للأمم المتحدة، سيليست سولو، بقوله «الوقت ينفذ لكبح هذا الاتجاه».

وأشارت في مستهل التقرير إلى أن «السكان والاقتصادات والنظم البيئية في منطقة جنوب غربي المحيط الهادي بأكملها تتأثر بشدة بالتداعيات المتتالية» لتغير المناخ.

تُظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 ديسمبر 2022 منظراً جوياً للشاطئ بجوار طريق ساحلي سريع على مشارف سوفا عاصمة فيجي (أ.ف.ب)

«مسألة وجود»

وفي بعض الأماكن، ومن بينها أرخبيل كيريباتي وجزر كوك، تطابق قياسات ارتفاع مستوى سطح البحر مع المتوسط العالمي أو تقل عنه.

لكن الارتفاع الملحوظ في مناطق أخرى، وخاصة في ساموا وفيجي، يزيد بثلاثة أضعاف.

في توفالو، تقلصت مساحة الأراضي بشكل كبير لدرجة أن الأطفال يستخدمون مدرج المطار الدولي للعب.

ومع استمرار ارتفاع مستوى سطح البحر في المستقبل، فمن المحتمل أن تنغمر توفالو بالكامل في غضون 30 عاماً، وفقاً لخبراء.

وعلى هامش «منتدى جزر المحيط الهادي»، قال وزير المناخ في توفالو، ماينا تاليا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الاثنين، إن «الكوارث تتوالى ونحن نفقد القدرة على إعادة البناء ومواجهة إعصار جديد أو فيضان جديد».

وأضاف «بالنسبة للدول الجزرية المنخفضة، فإن الأمر مسألة وجود».

وإذ تم تجاهل محنة دول المحيط الهادي في الماضي، وخاصة بسبب عزلتها وثقلها الاقتصادي المنخفض، إلا أن المنطقة تمثل، بالنسبة للباحثين، مؤشراً لما يمكن أن يحدث في أماكن أخرى من العالم.

وقال الباحث الأسترالي في شؤون المناخ، ويس مورغان، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «هذا التقرير الجديد يؤكد ما يقوله زعماء دول المحيط الهادي منذ سنوات».

وأكد على أن «تغير المناخ يشكل بالنسبة لهم التهديد الأمني الرئيسي. انخرطت دول المحيط الهادي في صراع من أجل البقاء، والحد من تلوث المناخ أمر ضروري لمستقبلها».

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يدلي بتصريحات خلال زيارة ميدانية لشاطئ هاتافو وهي المنطقة المتضررة بالثوران البركاني والتسونامي في عام 2022 في تونغاتابو في 27 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

«تغريم الملوث»

وتعيش الغالبية العظمى من سكان دول جنوب المحيط الهادي على مسافة خمسة كيلومترات من الساحل، بحسب الأمم المتحدة.

وأشارت المنظمة إلى أن ارتفاع منسوب مياه البحر الذي يتسبب في غمر الأراضي، ولا يؤدي إلى تقليص المساحة المعيشية فحسب، بل إلى تقليل موارد السكان من المياه والغذاء أيضاً.

كما يولد ارتفاع درجة حرارة المياه كوارث طبيعية أكثر عنفاً، في حين يلحق تحمض المحيطات الضرر بالثروة السمكية.

وترى الخبيرة روزان مارتير، من معهد Analytics Climate ومقره برلين، أن «الثمن الذي يجب دفعه سيرتفع حتماً ما لم يتم القيام بأي إجراء على وجه السرعة».

وأكدت أن دولا مثل فانواتو وبابوا غينيا الجديدة وميكرونيزيا فقدت «أكثر من 1 في المائة من إجمالي ناتجها المحلي بسبب ارتفاع منسوب المياه».

وقال الأمين العام للمنتدى، بارون واكا، وهو من جزيرة ناورو، إن الدول الجزرية في المحيط الهادي هي منطقياً «في الخطوط الأمامية للمعركة ضد تغير المناخ».

وحث وزير المناخ في توفالو ماينا تاليا «الدول الأكثر تلويثاً» على تسديد التكاليف المتزايدة المرتبطة بتغير المناخ، على مبدأ «تغريم الملوث».

ويستمر «منتدى جزر المحيط الهادي» الذي تشارك فيه 18 دولة وإقليماً، من بينها كاليدونيا الجديدة وبولينيزيا الفرنسية، حتى الخميس.


مقالات ذات صلة

43 قتيلًا في هجوم شمال باكستان

آسيا خلال تشييع شخص قُتل بالهجمات في باكستان الخميس... في باراشينار شمال غربي باكستان في 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)

43 قتيلًا في هجوم شمال باكستان

ارتفعت حصيلة هجومين استهدفا، أمس (الخميس)، موكبين لعائلات شيعية في شمال غربي باكستان، الذي يشهد عنفاً طائفياً، إلى 43 شخصاً من بينهم 7 نساء و3 أطفال.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)

كيم: التواصل الدبلوماسي السابق يؤكد العداء الأميركي «الثابت» لكوريا الشمالية

قال الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إن التواصل الدبلوماسي السابق بين بيونغ يانغ وواشنطن أكد عداء الولايات المتحدة «الثابت» تجاه بلاده.

«الشرق الأوسط» (سيول)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس... 19 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

أوربان يتحدى «الجنائية الدولية» ويدعو نتنياهو لزيارة المجر

أعلن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان أنه سيدعو نظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى المجر في تحدٍّ لمذكرة التوقيف الصادرة بحقه عن المحكمة الجنائية الدولية.

«الشرق الأوسط» (بودابست)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو (وسط) يحضر حفل تخرج للطلاب في أكاديمية عسكرية في ولاية ريو دي جانيرو بالبرازيل 26 نوفمبر 2022 (أ.ف.ب)

الشرطة البرازيلية تتهم الرئيس السابق بولسونارو بمحاولة الانقلاب عام 2022

قالت الشرطة الفيدرالية البرازيلية، اليوم الخميس، إنها وجهت الاتهامات للرئيس السابق جايير بولسونارو و36 شخصاً آخرين بتهمة محاولة الانقلاب عام 2022.

«الشرق الأوسط» (ساو باولو)

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».