كتاب ماكماستر يكشف عن سيطرة بوتين على ترمب

ترمب وبوتين خلال لقائهما عام 2018 (أرشيفية - رويترز)
ترمب وبوتين خلال لقائهما عام 2018 (أرشيفية - رويترز)
TT

كتاب ماكماستر يكشف عن سيطرة بوتين على ترمب

ترمب وبوتين خلال لقائهما عام 2018 (أرشيفية - رويترز)
ترمب وبوتين خلال لقائهما عام 2018 (أرشيفية - رويترز)

استغل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «غرور وانعدام الثقة» لدى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب لممارسة سيطرته على الأخير، الذي رفض قبول أي تقييم سلبي للرئيس الروسي من موظفيه، وفي نهاية المطاف أقال مستشاره للأمن القومي هربرت ماكماستر بسبب ذلك.

ووفق تقرير نشرته صحيفة «الغارديان»، يأتي التقييم الجريء لولاء ترمب لبوتين في كتاب ماكماستر «في حرب مع أنفسنا: جولتي في الخدمة في البيت الأبيض في عهد ترمب».

«بعد أكثر من عام في هذه الوظيفة، لا أستطيع أن أفهم قبضة بوتين على ترمب»، يتذكر ماكماستر قوله في المذكرات التي تغطي الأيام الـ457 المضطربة التي خدم فيها الجنرال المتقاعد الآن كمستشار للأمن القومي من فبراير (شباط) 2017 حتى تم فصله في أبريل (نيسان) 2018.

يقول ماكماستر إن ازدراء بوتين الواضح لترمب كان جهداً محسوباً من جانب الزعيم الروسي لاستغلال الرئيس السابق ودق إسفين بينه وبين المستشارين المتشددين في واشنطن مثل ماكماستر الذي حث الولايات المتحدة على اتخاذ موقف أكثر صرامة مع الكرملين.

يكتب ماكماستر: «بوتين، عميل سابق في المخابرات السوفياتية، لعب على غرور ترمب وانعدام الثقة لديه بالإطراء». ويضيف: «وصف بوتين ترمب بأنه شخص بارز للغاية وموهوب، وكشف ترمب عن ضعفه في مواجهة هذا النهج وإيمانه بأنه وحده قادر على إقامة علاقة جيدة مع بوتين».

وتابع: «مثله كمثل سلفيه جورج دبليو بوش وباراك أوباما، كان ترمب واثقاً بشكل مفرط بقدرته على تحسين العلاقات مع زعيم الكرملين. وبدا أن حقيقة أن معظم خبراء السياسة الخارجية في واشنطن دعوا إلى اتباع نهج صارم تجاه الكرملين لم تدفع الرئيس إلا إلى النهج المعاكس».

يصف ماكماستر كيف أصبح ترمب مهووساً بتقرير مولر حول التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية لعام 2016 إلى الحد الذي جعل «المناقشات حول بوتين وروسيا صعبة».

ويقول إن ترمب «ربط جميع المواضيع المتعلقة بروسيا» بالتقرير. وعلى الرغم من أن المستشار الخاص روبرت مولر لم يجد أي دليل على وجود مؤامرة إجرامية، فإنه وجد حوادث متعددة حاولت فيها حملة ترمب إخفاء اتصالها بالعملاء الروس، وإن ترمب نفسه حاول التدخل في التحقيق أو عرقلته.

عندما لاحظ ماكماستر في مؤتمر أمني في فبراير (شباط) 2018 في ميونيخ أن مولر وجه الاتهام إلى أكثر من 12 عميلاً روسياً بالتدخل في الانتخابات، غرّد ترمب برد ساخر مفاده أن الجنرال «فشل» في الإشارة إلى أن نتيجة الانتخابات لم تتغير أو تتأثر بالجهود الروسية.

كانت هذه واحدة من سلسلة من الهجمات الانتقاداتية التي أطلقها ترمب والتي أشارت إلى تدهور العلاقة مع ماكماستر بشكل متزايد مما أدى إلى الإطاحة به بعد شهر واحد فقط.

يقول ماكماستر: «فيما يتعلق ببوتين وروسيا، كنت أسبح عكس التيار مع الرئيس منذ البداية».

يتذكر ماكماستر حلقة أخرى، حيث انتقده ترمب، في قمة يوليو (تموز) 2017 في هامبورغ بألمانيا، التي اشتهرت بما وصفته «الغارديان» في ذلك الوقت بـ«صداقة ناشئة» بين الزعماء الأميركيين والروس، حيث قضوا ساعات منغمسين في محادثة خاصة.

يكتب ماكماستر: «كانت رسالتي الأساسية خلال اجتماع التحضير النهائي في مركز مؤتمرات هامبورغ هي: لا تكن أحمق»، مشيراً إلى أنه أخبر الرئيس بما سعى إليه بوتين، بما في ذلك تخلي الولايات المتحدة عن أوكرانيا، وسحب القوات الأميركية من سوريا وأفغانستان، وهو ما أمر به ترمب لاحقاً.

ويقول ماكماستر: «أخبرت ترمب كيف خدع بوتين بوش وأوباما وقلت له إنه أفضل كذاب في العالم». ويضيف: «بوتين كان واثقاً من أنه يستطيع اللعب بترمب والحصول على ما يريد».


مقالات ذات صلة

ترمب يعتزم إطلاق منصة للعملات الرقمية

عالم الاعمال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ف.ب)

ترمب يعتزم إطلاق منصة للعملات الرقمية

أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب عزمه على إطلاق منصة للعملات الرقمية، مقدماً إياها كبديل للبنوك والمؤسسات المالية الكبرى.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ المرشح الرئاسي المستقل كينيدي يفكر في إنهاء حملته (أ.ب)

انسحاب كينيدي المرتقب يُعزّز حظوظ ترمب

وعادةً ما تكون احتمالات فوز مرشح مستقل أو من حزب ثالث، بالانتخابات منخفضة، لكن وجود كينيدي في السباق أثار تساؤلات كثيرة حول تأثيره في ولايات مهمة.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ حمل المشاركون في المؤتمر لافتات «المدرب والز» خلال خطابه في 21 أغسطس (أ.ب)

والز أمام مؤتمر شيكاغو: هاريس خيارنا الأفضل

خاطب مرشح الحزب الديمقراطي لمنصب نائب الرئيس على بطاقة نائبة الرئيس كامالا هاريس، الأميركيين قلباً وروحاً، أملاً في أصوات من البيئة الحاضنة لخصمهما دونالد ترمب.

علي بردى (شيكاغو)
الولايات المتحدة​ المرشح الرئاسي الجمهوري والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال زيارة لمكتب عمدة مقاطعة ليفينغستون في هاويل بولاية ميشيغان الثلاثاء (رويترز)

هاريس تقبل ترشيح حزبها... وترمب يحذّر من «الرفيقة الشيوعية»

تقبل كامالا هاريس رسمياً، الخميس، تسمية الحزب الديمقراطي لها مرشحةً للانتخابات الرئاسية، فيما وصفها منافسها دونالد ترمب ﺑ«الرفيقة كامالا»، أي إنها شيوعية.

شادي عبد الساتر (بيروت)
الولايات المتحدة​ السيدة الأولى السابقة للولايات المتحدة ميشيل أوباما تستقبل زوجها الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما خلال المؤتمر الوطني الديمقراطي (رويترز)

ترمب ينتقد باراك وميشيل أوباما بسبب «مهاجمتهما له بشكل شخصي»

انتقد الرئيسُ الأميركي السابق دونالد ترمب، الرئيسَ الأسبق باراك أوباما، وزوجته ميشيل؛ بسبب «مهاجمتهما له بشكل شخصي» خلال الخطب في المؤتمر الوطني الديمقراطي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«الداتا»... عنصر حاسم في الحروب والسياسة

جندي أوكراني يطلق مسيّرة للتجسس باتجاه المواقع الروسية على الجبهة (أرشيفية - رويترز)
جندي أوكراني يطلق مسيّرة للتجسس باتجاه المواقع الروسية على الجبهة (أرشيفية - رويترز)
TT

«الداتا»... عنصر حاسم في الحروب والسياسة

جندي أوكراني يطلق مسيّرة للتجسس باتجاه المواقع الروسية على الجبهة (أرشيفية - رويترز)
جندي أوكراني يطلق مسيّرة للتجسس باتجاه المواقع الروسية على الجبهة (أرشيفية - رويترز)

كلمة «داتا» جمع للكلمة اللاتينية «Datum»، ومعناها «مادة» أو «وحدة» أو «مفردة معلومات». ترافق الـ«داتا» الإنسان في كل مجرى من حياته، فهو بحاجة إليها للتعامل مع محيطه الإنساني، والجغرافي، وحتى في علاقته مع رب العالمين. أُنزلت الكتب المقدّسة لإعادة ترميم الرابط بين الخالق والإنسان. هي المعلومة اللازمة وخريطة الطريق للعودة إلى الصراط المستقيم.

تعدّ ذاكرة الإنسان مخزناً لـ«الداتا»... فيها تتلاقى تجارب الماضي، مع سلوك الحاضر؛ وذلك بهدف التخطيط للمستقبل... إذن: «لا داتا... لا مستقبل».

تربط الدول علاقتها بمواطنيها عبر الـ«داتا» المخزونة عنهم، من هنا تشكُّل البيروقراطيّة.

تحاول الدول حماية ما تملك من معلومات ومن أسرار حول الاختراعات والابتكارات، خصوصاً في المجال العسكري. في العصر الرقمي ظهر مفهوم «الخرق (Hacking)» أو «القرصنة الرقميّة» لسرقة الـ«داتا» المتقدّمة. في مرحلة ما قبل الـ«داتا»، كانت سرقة الـ«داتا» تجري بواسطة التجسس البشري المباشر. يُقال في هذا المجال، إن أميركا، في بداية صعودها في أوائل القرن التاسع عشر، كانت تسرق الـ«داتا» من بريطانيا حول أسرار التصنيع، خصوصاً أن بريطانيا كانت تعدّ مهد الثورة الصناعيّة. تحاول الصين اليوم، وغيرها من الدول المنافسة لـ«العم سام»، سرقة الـ«داتا» الرقميّة عبر «القرصنة الرقميّة». فهل تغيّر شيء في التاريخ سوى طريقة ووسيلة سرقة الـ«داتا»؟

فاجأت «حماس» إسرائيل في «7 أكتوبر» لأنها استطاعت حجب الـ«داتا» الكاملة عن نياتها العسكريّة (أ.ب)

ضبابية الحرب والـ«داتا»

يتحدّث المفكّر البروسيّ الكبير، كارل فون كلوزفيتز، في كتابه «في الحرب»، عما تُسمّى «ضبابية الحرب (Fog of war)»، فيقول: «هي حالة عدم اليقين والارتباك وانعدام الوضوح، التي يمكن أن تنشأ خلال العمليات العسكريّة». تنشأ هذه الحالات من الارتباك وعدم اليقين بسبب النقص في الـ«داتا» عن العدو، وعن حقل المعركة، خصوصاً عن نيات العدو. لكن بعد الطلقة الأولى، تتضّح نيات العدو، وتزيد كميّة الـ«داتا» عنه. كما يتضّح للعدو في العملية نفسها كثير من الـ«داتا» عن عدّوه المفترض. لكن تعقيدات المعركة، وديناميكيّتها، وعدم القدرة البشريّة، مهما كانت متطوّرة، على السيطرة عليها، تعود لتخلق «داتا جديدة»، تُغرق صُنّاع القرار وتربكهم، الأمر الذي يُعيد «ضبابيّة الحرب» إلى المُربّع الأول. لكن كيف؟

في الحرب هناك مفهوم «السيف والدرع (Sword & Shield)». والمقصود بـ«السيف» هو عندما يكون فريق معيّن متقدّماً على عدوّه بسلاح ما (Breakthrough)، الأمر الذي يعطيه أفضلية ميدانيّة، فيخلق «ضبابية» لدى الفريق الآخر؛ لأنه لا يملك «الدرع الواقي (Shield)» لهذا السلاح. لكن بمجرّد أن يملك الـ«داتا» الكافية عن السلاح الجديد، يبدأ في خلق آليات ووسائل وطُرق وابتكارات تكتيكيّة جديدة، بهدف إبطال مفاعيل السلاح الجديد أو التقليل منها. تُنتج عملية «خلق الدرع» أمام «السيف» كثيراً من الـ«داتا»... وهكذا دواليك.

وإذا كان كلوزفيتز قد قال إن «الحرب هي السياسة؛ لكن بوسائل أخرى»، فهل يمكن القول حالياً إن «السياسة والحروب تدوران حول الـ(داتا)»؟ وهل يمكن القول إن الحرب تترجم الـ«داتا» في ساحة المعركة بطريقة دمويّة بامتياز؟

المنطاد الصيني المشتبه فيه بالتجسس خلال إسقاطه من فوق مياه ولاية ساوث كارولاينا الأميركية في 4 فبراير 2023 (رويترز)

الـ«داتا» وبعض المفاجآت الاستراتيجية

في عام 1941، فاجأت اليابان «العم سام» في «بيرل هاربر». أعلنت أميركا الحرب على اليابان؛ هزمتها بعد أن استعملت السلاح النوويّ. لم تستطع أميركا تنفيذ «ضربة استباقيّة (Preemptive)» ضد البحرية اليابانيّة؛ لأنها كانت تفتقر إلى الـ«داتا» الكاملة عن نيات «بلاد الشمس المشرقة». وإذا كانت الحرب تقوم في جوهرها على «الخداع» كما قال سان تسو، فإن نجاح عملية «بيرل هاربر»، قد ارتكز على حجب الـ«داتا» عن أميركا.

فاجأت «حماس» إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ لأنها استطاعت حجب الـ«داتا» الكاملة عن نياتها العسكريّة، حتى ولو توفّر بعض المؤشرات على العملية. دخلت إسرائيل براً إلى القطاع، ففوجئت بحجم الاستعداد العسكري لحركة «حماس»، خصوصاً شبكة الأنفاق. ومع مرور الوقت للعملية العسكريّة، استطاعت إسرائيل جمع كثير من الـ«داتا» عن كلّ البنية العسكريّة، وعقيدة القتال لدى «حماس». لكن الثمن البشري لجمع الـ«داتا» في قطاع غزّة كان كبيراً.

تأثير الثورة التكنولوجيّة على الجيوش

مع الثورة التكنولوجيّة، سعت الجيوش إلى تقليص عديدها؛ الربط بين الأسلحة المتعدّدة للقتال المشترك، كما إلى القيادة والسيطرة عبر «الشبكة العنكبوتيّة (Network)». كان الهدف من هذه الثورة في الشؤون العسكريّة هو تقليص التكلفة الماديّة، كما الاعتماد على الأسلحة الذكيّة لتقليل الأضرار البشرية الجانبيّة قدر الإمكان، وأخيراً، وليس آخراً، حسم الحرب بسرعة. تبيّن بعد التجربة أن الأسلحة الذكيّة تصبح غبيّة في ظلّ غياب الـ«داتا» الصحيحة عن الهدف المَنْوي تدميره. وإذا توفّرت الـ«داتا» عن الهدف، فلا بد من وضعها في منظومة تعمل على تحليلها، وتحويلها إلى معرفة كي توزَّع على المُستعمل وبسرعة فائقة.

هذا عن الجيوش الحديثة القادرة على القيام بثورة عسكريّة في تنظيمها وطريقة قتالها... فماذا عمّن هو غير قادر على ذلك؟ كيف يقاتل؟ وكيف يُدافع عن مصالحه؟ في هذه الحالة نعود إلى السباق المُستعر بين «السيف» و«الدرع».