«لقد كان الخطأ الأكبر في حياتي»... رسالة أينشتاين عن القنبلة الذرية بالمزاد

من المتوقع أن تباع بأكثر من 4 ملايين دولار

الرسالة المؤرخة في أغسطس 1939 (موقع دار كريستيز)
الرسالة المؤرخة في أغسطس 1939 (موقع دار كريستيز)
TT

«لقد كان الخطأ الأكبر في حياتي»... رسالة أينشتاين عن القنبلة الذرية بالمزاد

الرسالة المؤرخة في أغسطس 1939 (موقع دار كريستيز)
الرسالة المؤرخة في أغسطس 1939 (موقع دار كريستيز)

في الثاني من أغسطس (آب) عام 1939، كتب ألبرت أينشتاين إلى الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت وكانت رسالته كفيلة بخلق مشروع «مانهاتن»، الذي يعد واحدا من أهم الاختراعات وأكثرها تدميراً في التاريخ وهو القنبلة الذرية.

ربما كانت القصة الدرامية لتسخير الطاقة الذرية على نحو قاتل، والتي رواها فيلم «أوبنهايمر» الذي حقق نجاحاً باهراً العام الماضي، ستصبح مجرد خيال لو لم تُكتب تلك الرسالة من صفحتين.

جاء في رسالة مطبوعة إلى الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت تحمل توقيع الفيزيائي ألبرت أينشتاين بخط يده: «هذا آخر عمل حديث في مجال الفيزياء النووية، من المحتمل أن يتحول اليورانيوم إلى مصدر جديد ومهم للطاقة». ويضيف أن هذه الطاقة يمكن استخدامها «لبناء قنابل قوية للغاية».

مشروع مانهاتن

هذه الرسالة كانت بمثابة الدافع وراء برنامج بحثي سري للغاية تبلغ تكلفته ملياري دولار أميركي، أو ما يعرف بـ«مشروع مانهاتن»، وهو كان بمثابة سباق للتغلب على ألمانيا في تطوير الأسلحة الذرية. وكان المشروع الذي استغرق ثلاث سنوات، بقيادة الفيزيائي روبرت أوبنهايمر، كافياً لدفع الولايات المتحدة إلى العصر النووي، وإحداث أحد أهم الاختراعات ـ وأكثرها تدميراً ـ في التاريخ، وهو القنبلة الذرية.

فرغم أن لحظة تعيين العالم الأميركي روبرت أوبنهايمر مديراً لمختبر «لوس ألاموس» التابع لمشروع «مانهاتن» لصناعة أول قنبلة ذرية كانت فارقة في تاريخ العالم، فإن اختياره لـ«أهم وظيفة في أميركا» في وقتها كان «غير محتمل» ومثاراً للدهشة.

العالم الأميركي روبرت أوبنهايمر (أ.ب)

ففي ذلك الوقت، كان أوبنهايمر فيزيائياً يبلغ من العمر 38 عاماً، ولم يسبق له أن أدار أي شيء أكبر من مجموعة من 12 من طلاب الدراسات العليا، فكيف له أن يدير عملية تضم آلاف العلماء كان مصير العالم معلقاً عليها؟

وقال الجنرال بالجيش الأميركي، ليزلي غروفز، الذي عيّن أوبنهايمر في المنصب، إنه لم يتلقَّ «أي دعم»، بل فقط معارضة على قراره، في حين قال أحد أصدقاء أوبنهايمر المقربين من العلماء إنه كان «الخيار غير المرجح على الإطلاق» لإدارة مختبر سري من شأنه أن يصنع القنبلة الذرية. وقال زميل آخر: «لم يكن بإمكانه حتى إدارة محل لبيع الهامبرغر»، وفق صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية.

الرسالة في المزاد

في العاشر من سبتمبر (أيلول) القادم، ستُعرض رسالة أينشتاين ذات الأهمية الكبرى والتي صيغت بعناية في مزاد علني في دار «كريستيز» في نيويورك، ومن المتوقع أن تباع بأكثر من 4 ملايين دولار. وقد تمت صياغة نسختين من الرسالة: نسخة أقصر، تعرضها دار «كريستيز» للبيع بالمزاد العلني، ونسخة أكثر تفصيلاً، تم تسليمها إلى البيت الأبيض باليد، وهي الآن في المجموعة الدائمة لمكتبة فرانكلين دي روزفلت في نيويورك.

أهمية الرسالة

ويقول بيتر كلارنيت، كبير المتخصصين في الكتب والمخطوطات الأميركية في دار «كريستيز»، لموقع «بي بي سي» البريطانية: «من نواح كثيرة، تمثل هذه الرسالة نقطة تحول رئيسية في تاريخ العلوم والتكنولوجيا والإنسانية. هذه هي المرة الأولى التي تتدخل فيها حكومة الولايات المتحدة مالياً بشكل مباشر في أبحاث علمية كبرى. لقد وضعت الرسالة الكرة في طريقها للسماح للولايات المتحدة بالاستفادة الكاملة من التحولات التكنولوجية التي كانت تجري».

ويتفق الدكتور برين ويلكوك، مدير برنامج قسم السياسة والفلسفة والعلاقات الدولية في جامعة سوانسي والمحاضر والباحث في التاريخ الأميركي والنووي، مع هذا الرأي. يقول لـ«بي بي سي»: «تبدأ معظم الروايات التاريخية عن أصول القنبلة بمناقشة الرسالة. كان محتوى الرسالة مفتاحاً للحصول على عمل مباشر من الرئيس روزفلت»، مؤكداً أن «مؤسسة التراث الذري تذهب إلى حد وصف الرسالة بأنها (حيوية) في دفع روزفلت إلى إجراء أبحاث ذرية».

ومن المتوقع أن يضيف فيلم «أوبنهايمر»، الذي يستند إلى قصة مشروع مانهاتن ويشير إلى الرسالة في مشهد بين أوبنهايمر والفيزيائي إرنست لورانس، اهتماماً إضافياً بالمزاد.

الممثل كيليان مورفي مؤدياً دور عالم الفيزياء الأميركي روبرت أوبنهايمر (أ.ب)

ويقول كلارنيت: «هذه [الرسالة] كانت جزءاً من الثقافة الشعبية منذ عام 1945 فصاعداً، لذا فقد احتلت مكانة راسخة بالفعل، لكنني أعتقد أن فيلم أوبنهايمر نقلها الآن إلى جيل جديد».

وفي السادس عشر من يوليو (تموز) عام 1945، حجب المتفرجون أعينهم بنظارات واقية، هؤلاء الذين تم السماح لهم بالمشاهدة بينما تم تفجير نموذج أولي للقنبلة المعروفة باسم «الأداة»، بنجاح في صحراء نيو مكسيكو.

وقد قوبلت النتيجة بالانتصار والخوف. في هذا اليوم، كتب الرئيس الأميركي هاري إس ترومان في مذكراته: «لقد اكتشفنا القنبلة الأكثر فظاعة في تاريخ العالم».


مقالات ذات صلة

السعودية تؤكد على التعاون السلمي لتحقيق الأمن العالمي

الخليج السفير عبد المحسن بن خثيلة يتحدث خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (البعثة السعودية بجنيف)

السعودية تؤكد على التعاون السلمي لتحقيق الأمن العالمي

أكدت السعودية على التعاون الدولي السلمي كوسيلة لتحقيق الازدهار والاستقرار والأمن العالمي، وتنفيذ معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية كاملةً لتحقيق عالم خالٍ منها.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شؤون إقليمية مدير «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» رافائيل غروسي ورئيس «الطاقة الذرية» الإيرانية محمد إسلامي في أصفهان مايو 2024 (أ.ف.ب)

إيران: نتعاون مع الوكالة الدولية في إطار معاهدة حظر الانتشار النووي

قال رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، محمد إسلامي، إن إيران تتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في إطار اتفاق الضمانات ومعاهدة حظر الانتشار النووي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ مدير «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» رافائيل غروسي ورئيس «الطاقة الذرية» الإيرانية محمد إسلامي في أصفهان (أ.ف.ب)

مستشارو ترمب يثيرون الجدل بدعونهم إلى إعادة اختبار الأسلحة النووية

دعا مستشارو الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إلى إعادة اختبار الأسلحة النووية الأميركية إذا جرى انتخابه مجدداً مما يثير مخاوف من اندلاع سباق تسلح عالمي جديد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد «روسآتوم» الروسية تواصل إنشاء أول محطة للطاقة النووية في أككويو جنوب تركيا (الشرق الأوسط)

مساع تركية للتعاون مع أميركا في مجال الطاقة النووية

كشفت تركيا عن مساع للتعاون مع الولايات المتحدة في مجال الطاقة النووية بعد سلسلة من المباحثات على مدى العامين الماضيين لتعزيز التعاون بينهما في مجال الطاقة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا محطة «أكويو» النووية لتوليد الكهرباء في ولاية مرسين جنوب تركيا (أ.ف.ب)

تركيا وأميركا تجريان محادثات بشأن بناء محطات طاقة نووية

مسؤول في وزارة الطاقة التركية اليوم الثلاثاء قال إن تركيا تجري محادثات مع الولايات المتحدة بشأن بناء محطات طاقة نووية كبيرة ومفاعلات نمطية صغيرة.

«الشرق الأوسط» (اسطنبول)

الفلبين وألمانيا تتعهدان بإبرام اتفاق دفاعي واسع النطاق

وزير الدفاع الفلبيني غيلبرتو تيودورو مع نظيره الألماني بوريس بيستوريوس في مانيلا (أ.ف.ب)
وزير الدفاع الفلبيني غيلبرتو تيودورو مع نظيره الألماني بوريس بيستوريوس في مانيلا (أ.ف.ب)
TT

الفلبين وألمانيا تتعهدان بإبرام اتفاق دفاعي واسع النطاق

وزير الدفاع الفلبيني غيلبرتو تيودورو مع نظيره الألماني بوريس بيستوريوس في مانيلا (أ.ف.ب)
وزير الدفاع الفلبيني غيلبرتو تيودورو مع نظيره الألماني بوريس بيستوريوس في مانيلا (أ.ف.ب)

تعهدت الفلبين وألمانيا، الأحد، بإبرام اتفاق تعاون دفاعي هذا العام، لتقديم نموذج يُحتذى به للنظام الدولي القائم على القواعد، في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

وقال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، مع نظيره الفلبيني غيلبرتو تيودورو، إنهما ملتزمان بإقامة علاقات طويلة الأمد بين القوات المسلحة للبلدين، لتوسيع نطاق التدريب والتبادلات الثنائية، وبحث فرص توسيع التعاون الثنائي في مجال التسلح، والعمل في مشروعات مشتركة.

واجتمع الوزيران في مانيلا، خلال زيارة هي الأولى لوزير دفاع ألماني إلى العاصمة الفلبينية، وذلك بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقال تيودورو إن الفلبين التي تسعى إلى تحديث جيشها لتعزيز الدفاع الخارجي، سوف «تتطلع إلى إشراك ألمانيا بوصفها مورّدة محتملة لهذه القدرات».

وأضاف، في مؤتمر صحافي مشترك مع بيستوريوس: «تتعلق هذه القدرات بالقيادة والسيطرة ومنع الوصول الجوي، وذلك بالمجالين البحري والجوي والمعدات عالية القدرات التكنولوجية».

وتعمل مانيلا وبرلين على تعزيز العلاقات العسكرية، وسط احتدام التوتر في الأشهر القليلة الماضية بين الصين والفلبين اللتين تبادلتا الاتهامات بشأن مناوشات في مناطق متنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، بما في ذلك اتهامات بأن الصين تعمدت حادث الاصطدام بزوارق للبحرية الفلبينية، ما أدى إلى إصابة بحار فلبيني بجروح خطيرة.

وتقول الصين إنها صاحبة السيادة على معظم بحر الصين الجنوبي، بما في ذلك مناطق تقول فيتنام والفلبين وماليزيا وبروناي وإندونيسيا إنها ضمن المناطق الاقتصادية الخالصة لها. وفي عام 2016، قالت محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي إن مزاعم بكين ليس لها أساس قانوني. ورفضت الصين هذا الحكم. وقال بيستوريوس: «هذا الحكم لا يزال سارياً، دون أي استثناءات... من واجبنا تعزيز الحدود البحرية، ونحن ملتزمون بهذا».

وبحر الصين الجنوبي من الممرات التجارية الحيوية؛ حيث تمر عبره تجارة بحرية تزيد قيمتها على 3 تريليونات دولار سنوياً.

وقال تيودورو إن الفلبين لا تستفز الصين، ولا تسعى إلى الحرب؛ لكنه أكد مجدداً موقف مانيلا بأن السبب الوحيد للصراع في الممر المائي «هو المحاولة غير القانونية أحادية جانب من الصين للاستيلاء على معظم بحر الصين الجنوبي، إن لم يكن كله».

وعبَّرت الصين عن قلقها إزاء العلاقات المتنامية بين أعضاء حلف شمال الأطلسي (ناتو) والدول الآسيوية، مثل اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين، في حين توسع واشنطن وشركاء لها تحالفات وشراكات يمتد بعضها على مستوى العالم.

وانضمت ألمانيا رسمياً، يوم الجمعة، إلى قيادة قوات الأمم المتحدة التي تقودها الولايات المتحدة في كوريا الجنوبية، لتصبح بذلك من مجموعة الدول التي تحرس الحدود مع كوريا الشمالية، وتعهدت بالمساعدة في الدفاع عن الجنوب في حالة نشوب حرب.

وقال بيستوريوس إن هذه الخطوة دليل على اعتقاد برلين القوي بأن الأمن الأوروبي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بأمن منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

وأضاف في مانيلا أن التزامات ألمانيا وارتباطاتها في المنطقة «ليست موجهة ضد أحد؛ بل نركز على الحفاظ على النظام القائم على القواعد، وضمان حرية الملاحة وحماية طرق التجارة».