السفير الأوكراني في الرياض: نتشاور مع السعودية وشركائنا حول خطة سلام شاملة

وصف في حديث مع «الشرق الأوسط» مواقف المملكة بـ«ذات قيمة خاصة» لدى بلاده

جانب من لقاء ولي العهد السعودي مع الرئيس الأوكراني في جدة الشهر الماضي (واس)
جانب من لقاء ولي العهد السعودي مع الرئيس الأوكراني في جدة الشهر الماضي (واس)
TT

السفير الأوكراني في الرياض: نتشاور مع السعودية وشركائنا حول خطة سلام شاملة

جانب من لقاء ولي العهد السعودي مع الرئيس الأوكراني في جدة الشهر الماضي (واس)
جانب من لقاء ولي العهد السعودي مع الرئيس الأوكراني في جدة الشهر الماضي (واس)

أكّد السفير الأوكراني في السعودية بيترينكو أناتولي أن بلاده شرعت في التحضير لـ«قمة السلام الثانية»، مضيفاً أن الرئيس فولوديمير زيلينسكي أوضح علناً أن كييف ستواصل مع شركائها الرئيسيين عملية المشاورات الأمنية والمؤتمرات التنسيقية التي ستؤدي إلى بنود عمل ملموسة لخطة سلام شاملة يوافق عليها المجتمع الدولي، مشيراً إلى أن بلاده تقدّر شراكتها مع السعودية في هذا الأمر الذي يعد الأولوية الدبلوماسية العليا بالنسبة لأوكرانيا.

وأردف أناتولي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن بلاده تثمّن بشدة جهود الوساطة السعودية «التي سمحت لنا بالإفراج الجماعي عن عدد من أسرى الحرب في سبتمبر (أيلول) 2022 وقد أدت الجهود الدبلوماسية الملموسة للسعودية إلى هذه النتيجة التي عززت سمعة السعودية في العالم»، وأضاف السفير الأوكراني أن هذا الأمر تمت مناقشته في سويسرا خلال الجلسة العامة المخصصة (في قمة السلام) التي ساهمت فيها السعودية بشكل بناء.

السفير الأوكراني لدى السعودية بيترينكو أناتولي (إكس)

«يظل هدفنا المشترك نبيلاً ويتمحور حول الإنسان»، طِبقاً لحديث السفير الأوكراني، الذي طالب بإعادة جميع السجناء والمحتجزين بشكل غير قانوني والمرحلين والمشردين، بما في ذلك الأطفال، إلى ديارهم، «وهذه هي المهمة التي نوحد فيها جهودنا مع السعودية».

واستحضر السفير حرص أوكرانيا على إبداء تقديرها للسعودية «التي تحافظ على سياسة خارجية متسقة ومتماسكة في هذا الصدد، عبر إدانة جرائم الحرب الوحشية التي ارتكبتها القوات الروسية في أوكرانيا، خاصة تلك التي استهدفت أطفالنا والمدنيين» حسب وصفه، وتابع: «السعودية تدعم باستمرار أوكرانيا، سياسياً وعملياً، في إطار جهودنا لاستعادة وحدة أراضينا وسيادتنا».

وأبدى السفير الأوكراني في الرياض أسفه بأنه رغم الجهود الطيبة التي يبذلها المجتمع الدولي «لا نزال نعاين جرائم حرب وانتهاكات فجّة للقانون الإنساني الدولي من جانب روسيا» حسبما قال، واستدرك «بالأمس شنّت القوات الروسية هجوماً صاروخياً جديداً واسع النطاق ضد مدنيين داخل مدن أوكرانية مسالمة، وفي خضم ذلك، تعرض أكبر مركز طبي للأطفال في كييف لقصف صاروخي روسي، ما أسفر عن مقتل مدنيين، وتدمير واسع النطاق بهذه المنشأة الطبية الحيوية» لافتاً إلى أن هذا المستشفى كان يجري فيه علاج الأطفال من مرضى السرطان وفشل الكلى وأمراض خطيرة أخرى، واصفاً بأنه كان على الأطفال الأوكرانيين، الذين يكافحون في مواجهة هذه الأمراض بالفعل، «أن يكافحوا مرة أخرى للنجاة بحياتهم من الضربة الصاروخية الروسية القاتلة».

وأدلى السفير الأوكراني بآخر التحديثات حول مقتل ما لا يقل عن 41 شخصاً، بينهم 3 أطفال، وإصابة نحو 170 مدنياً أوكرانياً آخرين، بينهم 13 طفلاً، لافتاً إلى تصنيف هذا الهجوم الروسي ضد مستشفى الأطفال باعتباره «جريمة حرب» مع اتخاذ إجراءات جنائية على هذا الصعيد. واليوم، تبادر أوكرانيا إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، «رداً على العمل الإرهابي المروع الذي ارتكبته روسيا».

ووسط ارتفاع حدة العمليات العسكرية المتبادلة بين روسيا وأوكرانيا، أشار بيترينكو إلى أن الموقف السعودي يظل ذا قيمة خصوصاً في العملية السياسية برمتها وفي المشاورات الأمنية التي أجريت في كوبنهاغن وجدة ومالطا ودافوس والتي بلغت ذروتها بقمة السلام الأولى التي عقدت في سويسرا في يونيو (حزيران) الماضي.

وأجرى الرئيس الأوكراني 3 زيارات سابقة إلى السعودية منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير (شباط) 2022، والتقى خلالها ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي أكّد بدوره على حرص بلاده ودعمها لكافة المساعي والجهود الدولية الرامية لحل الأزمة، وبحث السبل الكفيلة لتخفيف الآثار الإنسانية الناجمة عنها، بينما أعرب زيلينسكي عن تقديره للجهود التي تبذلها السعودية بهذا الصدد.

فيما أجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في فبراير العام الماضي أول زيارة لوزير خارجية سعودي إلى أوكرانيا منذ استقلالها قبل 30 عاماً، التقى خلالها الرئيس الأوكراني زيلينسكي وعدداً من المسؤولين الأوكرانيين.

وتواصل السعودية إرسال طائرات تحمل أطناناً من المساعدات الإنسانية للشعب الأوكراني عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وذلك نتيجة للاتفاقية ومذكرة التفاهم التي وقعها الجانبان العام الماضي وتضمّنت تقديم حزمة مساعدات إنسانية إضافية لأوكرانيا بمبلغ 400 مليون دولار، علاوةً على ما سبقها من مساعدات طبية وإيوائية عاجلة بقيمة 10 ملايين دولار للاجئين من أوكرانيا إلى الدول المجاورة، وبالأخص بولندا، وذلك بالتنسيق مع الحكومة البولندية ومنظمات الأمم المتحدة.

جنود أوكرانيون يستخدمون كشافاً أثناء بحثهم عن طائرات دون طيار في السماء فوق كييف (رويترز)

وأعلنت العاصمة الأوكرانية الحداد عقب ضربات روسية أودت بحياة 30 شخصاً على الأقل، ودمرت أكبر مستشفى للأطفال في البلاد، وهي حصيلة قد ترتفع مع استمرار عمليات البحث بين الأنقاض، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما أعلن الرئيس الأوكراني في الصباح مقتل نحو 40 شخصاً في أنحاء البلاد التي تعرضت لهجوم ضخم في اليوم السابق بنحو 40 صاروخاً روسياً.

قالت ممثلة مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في أوكرانيا، دانييل بيل، الثلاثاء، إن الأمم المتحدة تعتقد أن هناك «احتمالاً كبيراً» أن يكون مستشفى الأطفال في كييف أُصيب «بضربة مباشرة» بصاروخ روسي أمس، لكنّها شددّت في الوقت نفسه على ضرورة إجراء تحقيق أكثر تعمقاً.

وغداة الهجمات الروسية قُتل 4 أشخاص على الأقل في قصف أوكراني على منطقة بيلغورود الحدودية الروسية، في الساعات الـ24 الماضية، حسبما أعلن حاكم المنطقة اليوم (الثلاثاء) في منشور على «تلغرام»: «مرت 24 ساعة صعبة جداً على منطقة بيلغورود. قضى 4 أشخاص وأصيب 20 بجروح، لا يزال 17 منهم في مرافق طبية، بينهم اثنان في حالة حرجة».

وتأتي تلك التطوّرات في وقتٍ تبدأ فيه اليوم الثلاثاء، أعمال قمة «حلف شمال الأطلسي» (الناتو) في العاصمة الأميركية، واشنطن، في قمة تاريخية تحتفل بمرور 75 عاماً على تأسيس الحلف، وسط مخاطر وتحديات، مع دخول الحرب الروسية - الأوكرانية عامها الثالث والضجة المتزايدة حول قدرة الرئيس جو بايدن على الفوز بإعادة انتخابه، ونتائج الانتخابات في فرنسا وبريطانيا.


مقالات ذات صلة

روسيا تواصل تقدمها في شرق أوكرانيا... وكيف تقر بوضع «صعب»

أوروبا الأهالي يغادرون بوكروفسك بعد تقدم القوات الروسية هناك (رويترز)

روسيا تواصل تقدمها في شرق أوكرانيا... وكيف تقر بوضع «صعب»

أعلنت روسيا أن قواتها سيطرت على تجمعين سكنيين آخرين في شرق أوكرانيا، في حين أقر رئيس أركان الجيش الأوكراني الجنرال أولكسندر سيرسكي بأن قواته تواجه ضغوطاً.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا قائد الجيش الأوكراني أولكسندر سيرسكي (رويترز)

قائد الجيش الأوكراني: الوضع «صعب» في مواجهة الهجوم الروسي الرئيسي

قال قائد الجيش الأوكراني أولكسندر سيرسكي، اليوم (الأحد)، إن الوضع «صعب» في مواجهة الهجوم الروسي الرئيسي، ولكن تم اتخاذ جميع القرارات اللازمة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يجلس داخل مقصورة طائرة «إف - 16» بالدنمارك في 20 أغسطس (آب) 2023 (أ.ب)

زيلينسكي يطلب ضوءاً أخضر أميركياً لشن ضربات أعمق في روسيا

كثف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الضغوط على الولايات المتحدة للسماح لكييف بالتوغل في عمق الأراضي الروسية، بعد أن التقى ممثلوه بمسؤولين أميركيين كبار.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا صورة نشرها حساب حاكم منطقة ساراتوف لمبنى تضرر إثر هجوم بمسيرات أوكرانية الاثنين الماضي (إ.ب.أ)

«الدفاع» الروسية تعلن إسقاط 158 مسيرة أوكرانية

أسقطت الدفاعات الجوية الروسية 158 طائرة مسيّرة أوكرانية فوق 15 منطقة روسية ليلاً بينها اثنتان فوق العاصمة موسكو.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا ضرر لحق بأحد مباني مدينة بيلغورود الروسية عقب استهدافه بمسيرة أوكرانية (أرشيفية - إ.ب.أ)

أوستن لأوميروف: لن نتنازل عن دعم أوكرانيا حرة وذات سيادة

بدا أن «الضغوط» التي تتوالى على واشنطن قد تنجح أخيراً في إقناع إدارة الرئيس جو بايدن برفع القيود على استخدام أوكرانيا لأسلحتها الصاروخية.

إيلي يوسف (واشنطن) «الشرق الأوسط» (موسكو) «الشرق الأوسط» (كييف)

مرتزقة روس يغادرون بوركينا فاسو للدفاع عن كورسك

شاحنات عسكرية روسية متضررة بسبب قصف القوات الأوكرانية لمنطقة كورسك (أ.ب)
شاحنات عسكرية روسية متضررة بسبب قصف القوات الأوكرانية لمنطقة كورسك (أ.ب)
TT

مرتزقة روس يغادرون بوركينا فاسو للدفاع عن كورسك

شاحنات عسكرية روسية متضررة بسبب قصف القوات الأوكرانية لمنطقة كورسك (أ.ب)
شاحنات عسكرية روسية متضررة بسبب قصف القوات الأوكرانية لمنطقة كورسك (أ.ب)

غادر مرتزقة روس بوركينا فاسو التي كانوا قد تمركزوا فيها مؤخراً، وعادوا للدفاع عن مدينة كورسك الروسية التي تتعرض لهجوم تشنه القوات الأوكرانية، حسبما قال قائد مجموعتهم لوكالة الصحافة الفرنسية.

وأكد قائد لواء «الدببة» فيكتور يرمولاييف في مقابلة عبر تطبيق «تلغرام»، الجمعة، تقريراً أوردته صحيفة «لوموند الفرنسية» أفاد بأن بعضاً من عناصره عادوا للقتال في روسيا.

وقال القائد الملقب «جيداي»: «رأينا أن الأوكرانيين اختاروا الحرب. الحرب مهنتنا (...) لا يوجد شرف للمقاتل الروسي أعظم من الدفاع عن الوطن الأم».

وقبل أيام، أشار لواء «الدببة» على تطبيق «تلغرام» إلى أنه «بسبب الأحداث الأخيرة، يعود اللواء إلى شبه جزيرة القرم» التي ضمتها روسيا عام 2014.

وبعد أشهر من التراجع في مواجهة تقدم القوات الروسية في شرق أراضيها، نقلت أوكرانيا القتال إلى الأراضي الروسية عندما شنت في السادس من أغسطس (آب) هجوماً غير مسبوق على نطاق واسع في منطقة كورسك الحدودية.

وهذا الهجوم الذي لا يزال جارياً، فاجأ روسيا التي لم تشهد هذا العدد الكبير من القوات المعادية على أراضيها منذ الحرب العالمية الثانية.

ووفقاً لتقديرات مختلفة أكدها مصدر أمني غربي لوكالة الصحافة الفرنسية، فقد غادر بوركينا فاسو نحو 100 من أصل حوالي 300 مرتزق، وهو رقم أكده أيضاً «جيداي».

وأوضح «سيبقى البعض، بالطبع. لدينا قواعد وممتلكات ومعدات وذخيرة. لن نعيد كل شيء إلى روسيا».