أميركا وبريطانيا تفرضان عقوبات على قادة بارزين لـ«حماس» و«الجهاد»

من بينهم يحيى السنوار ومحمود الزهار

وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين (أ.ب)
وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين (أ.ب)
TT

أميركا وبريطانيا تفرضان عقوبات على قادة بارزين لـ«حماس» و«الجهاد»

وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين (أ.ب)
وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين (أ.ب)

فرضت الولايات المتحدة، الثلاثاء، ثالث جولة من العقوبات على حركة «حماس» منذ هجومها الشهر الماضي على إسرائيل، مستهدفة قادة وممولين للحركة، وفق ما أفادت به وكالة «رويترز».

وقالت وزارة الخزانة الأميركية في بيان إن الإجراء الذي اتُّخذ بالتنسيق مع بريطانيا يستهدف قادة بارزين في «حماس»، والآليات التي تقدم إيران من خلالها الدعم لحركتي «حماس» و«الجهاد».

وقالت وزيرة الخزانة جانيت يلين في البيان: «ستواصل الولايات المتحدة العمل مع شركائها، بما في ذلك المملكة المتحدة، لحرمان (حماس) من القدرة على جمع الأموال، واستخدامها لتنفيذ أعمالها الوحشية».

وأضافت: «لقد تسببت تصرفات (حماس) في معاناة هائلة، وأظهرت أن الإرهاب لا يحدث بمعزل عن غيره. ونحن نتحرك مع شركائنا بشكل حاسم لإضعاف البنية التحتية المالية لـ(حماس)، وحرمانها من الوصول للتمويل الخارجي، ومنع قنوات التمويل الجديدة التي يسعون إليها لتمويل أفعالهم الشنيعة».

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في بيان إن «دعم إيران، وخصوصا عبر الحرس الثوري الإيراني، يتيح لحماس والجهاد ممارسة أنشطة إرهابية، ولا سيما عبر نقل أموال وتزويد أسلحة وتدريب عملاني».

وبين الأفراد الذين استهدفتهم العقوبات ممثل «الجهاد» في إيران ناصر أبو شريف والقيادي في الحركة أكرم العجوري، إضافة إلى «شركة نبيل شومان للصيرفة»، التي مقرها في لبنان والمتهمة بإجراء تحويلات بين «حماس» وطهران.

من جانبه، قال وزير الخارجية البريطاني المعين حديثا ديفيد كاميرون: «سنواصل استخدام كل أداة ممكنة لدينا لعرقلة النشاط البغيض لهذه المنظمة الإرهابية، بالتعاون مع الولايات المتحدة وحلفائنا الآخرين، بما يؤدي إلى زيادة صعوبة عملهم وعزلتهم على المسرح العالمي». وقالت الحكومة البريطانية إن قائد حركة «حماس» في قطاع غزة يحيى السنوار من بين الأفراد الذين تستهدفهم العقوبات الجديدة من الجناحين السياسي والعسكري للجماعة. وأشارت إلى أنها فرضت عقوبات تشمل حظر السفر وتجميد الأصول وحظر الأسلحة على أربعة من كبار قادة «حماس» واثنين من مموليها.

وتصنف إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا ودول أخرى «حماس» جماعة إرهابية.

ومن بين من شملتهم العقوبات، محمود خالد الزهار، القيادي البارز وأحد مؤسسي «حماس».


مقالات ذات صلة

السلطة الفلسطينية تتهم جهات إقليمية بالوقوف خلف المسلحين بالضفة

المشرق العربي العميد أنور رجب المتحدث باسم قوات الأمن الفلسطينية يتحدث عن عمل الأجهزة الأمنية في مخيم جنين خلال مؤتمر صحافي بالضفة الغربية المحتلة يوم الخميس (رويترز)

السلطة الفلسطينية تتهم جهات إقليمية بالوقوف خلف المسلحين بالضفة

تشن السلطة الفلسطينية عملية ضد مسلحين في مخيم جنين، منذ نحو 4 أسابيع، في تحرك هو الأوسع منذ سنوات طويلة، في محاولة لاستعادة المبادرة على الأرض.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي فلسطينيون يعاينون حفرة أحدثتها غارة إسرائيلية في دير البلح وسط غزة الجمعة (د.ب.أ)

«يوم قاسٍ» جديد في غزة

رصد الجيش الإسرائيلي مقذوفَين أُطلقا من شمال قطاع غزة، في حادثة باتت متكررة في الأيام الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينية تبكي خارج مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح الخميس (إ.ب.أ)

عشرات القتلى بغارات إسرائيلية على غزة

أدت غارات جوية إسرائيلية إلى قتل ما لا يقل عن 37 فلسطينياً في أنحاء قطاع غزة الخميس من بينهم 11 بمخيم يؤوي عائلات نازحة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي متظاهرون أقارب رهائن يقطعون طريقاً  في تل أبيب (رويترز)

«الجهاد» تعلن إنقاذ أسير إسرائيلي حاول الانتحار

قال أبو حمزة، المتحدث باسم «سرايا القدس» في قطاع غزة، في مقطع مصور نُشر على تطبيق «تلغرام»، إن أسيراً إسرائيلياً لدى الحركة حاول الانتحار.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي آلية لقوات الأمن الفلسطينية في مخيم جنين (أ.ب)

مقتل ضابط من الحرس الرئاسي الفلسطيني بإطلاق نار في مخيم جنين

أعلن الناطق الرسمي باسم قوى الأمن الفلسطينية العميد أنور رجب، اليوم (السبت)، مقتل ضابط في الحرس الرئاسي بإطلاق نار في مخيم جنين بالضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟