مارست الإمارات العربية المتحدة، وأرمينيا، وقبرص، واليونان، حقّ النقض (الفيتو) لمنع انتخاب المرشح التركي فولكان بوزكير بالتزكية رئيساً للدورة السنوية الـ75 الراهنة للجمعية العامة للأمم المتحدة، في خطوة تعكس الاعتراضات والانقسامات التي يثيرها ترشيح تركيا لهذا المنصب المهم في المنظمة الدولية، ما يعني أنه بات يحتاج الآن إلى إجراء عملية انتخابية لم يحدد موعدها بعد، وسيحتاج خلالها إلى الحصول على 51 في المائة من الأصوات.
وأكدت المندوبة الإماراتية الدائمة لدى الأمم المتحدة، لانا نسيبة، أن اعتراض الإمارات العربية المتحدة لا يتعلق بشخص بوزكير، بل بالتدخلات العدائية لحكومة الرئيس رجب طيب إردوغان في الشؤون الداخلية للدول العربية، مطالبة إياه بتقديم «تأكيدات» لضمان «وفائه بمسؤولياته بطريقة مستقلة ومحايدة»، وبأن «ينأى بنفسه صراحة عن أفعال تركيا».
وكان رئيس الدورة السنوية الـ74 الراهنة للجمعية العامة للأمم المتحدة، تيجاني محمد باندي، وجّه رسالة في 27 مايو (أيار) الماضي إلى الدول الـ193 الأعضاء بشأن انتخاب خلف له وفقاً لقرار الجمعية العامة رقم 33 - 138 في 19 ديسمبر (كانون الأول) 1978، موضحاً أن رئيس الدورة السنوية الـ75 يُنتخب قبل 3 أشهر على الأقل من افتتاح الدورة التي سيترأسها في سبتمبر (أيلول) المقبل، علماً بأن التركي فولكان بوزكير هو المرشح الوحيد للمنصب. وأفاد باندي أنه أجرى حواراً تفاعلياً عبر الفيديو بين الدول الأعضاء والمرشح بوزكير في 15 مايو الماضي، موضحاً أن موعد الانتخاب حُدد سابقاً في 8 يونيو (حزيران). بيد أن تفشي وباء «كوفيد 19» والقيود المفروضة على أماكن عمل الأمم المتحدة دفعت الجمعية العامة إلى اتخاذ القرار 74 - 544 في 27 مارس (آذار) 2020 الذي غيّر القواعد الإجرائية للانتخابات، بما يسمح لأي دولة عضو بممارسة حق النقض، الفيتو، على أي قرار. ولذلك وضع انتخاب فولكان بوزكير تحت الإجراء الصامت حتى الساعة 5:00 من مساء الأول من يونيو 2020 لانتخاب بوزكير بالتزكية. وذكر أنه «يجب حصول أي اعتراضات للمضي في الانتخابات عن طريق الإجراء الصامت، بواسطة رسالة أو مذكرة شفهية موجهة إلى رئيس الجمعية العامة».
وقبل انتهاء التوقيت المحدد، كتبت المندوبة الإماراتية الدائمة لدى الأمم المتحدة، لانا نسيبة، رسالة إلى رئيس الجمعية العامة أفادت فيها أنه «بناء على تعليمات من حكومة الإمارات العربية المتحدة بشأن انتخاب فولكان بوزكير، وبالإشارة إلى رسالة وجّهتها كل من أرمينيا وقبرص سوياً، ورسالة أخرى من اليونان، التي اعترضت بشكل منفصل على انتخاب بوزكير عن طريق الإجراء الصامت، وطلب إجراء انتخاب رئيس الجمعية العامة في دورتها الـ75 بالاقتراع السري... وبالإضافة إلى القضايا التي أثارتها أرمينيا وقبرص واليونان، والتي نعترف بها ونتقاسمها بالكامل، ومن دون كسر الإجراء الصامت، تودّ حكومتي أن تعرب عن مخاوفها طويلة الأمد حيال تدخل تركيا المتواصل في الشؤون السيادية للدول العربية، ما ترفضه الإمارات العربية المتحدة بشكل قاطع، وتسعى بكل احترام إلى الحصول على تأكيدات بأن بوزكير سيفي بمسؤوليات رئيس الجمعية العامة بطريقة مستقلة ومحايدة». وكررت باسم بلادها «التنديد بانتهاكات تركيا المتصاعدة للمجال الجوي اليوناني، والنشاطات التركية غير القانونية المستمرة في المياه القبرصية، وأعمالها الاستفزازية الأخرى في المنطقة، ومن أبرزها الإعلان المشترك الذي اعتمده وزراء خارجية قبرص ومصر وفرنسا واليونان والإمارات العربية المتحدة في 11 مايو 2020»، مؤكدة أن «مذكرات التفاهم للتعاون البحري والعسكري التي أبرمتها تركيا وحكومة الوفاق الوطني (الليبية) - على التوالي - تتعارض مع القانون الدولي وعقوبات مجلس الأمن على ليبيا». وأعلنت «رفض دولة الإمارات العربية المتحدة بشدة خطط تركيا للقيام بنشاطات حفر بموجب اتفاق باطل يتعارض مع المبادئ المرعية للقانون الدولي»، مضيفة أن «التدخل العسكري التركي في ليبيا، واستمرار (تركيا) في توفير الأسلحة ونقل المقاتلين من سوريا في انتهاك لالتزامات تعهدت بها في مؤتمر برلين في فبراير (شباط) 2020، يهدد بتفاقم الأزمة الإنسانية في ليبيا والدول المجاورة في شمال أفريقيا»، كما أنها «تحبط آفاق الحل السياسي السلمي للنزاع في منطقة الساحل، وتزعزع استقرار المنطقة، وتنتهك القانون الدولي». وندّدت «بأشدّ العبارات» بـ«النشاطات العسكرية المستمرة لتركيا في كل من سوريا والعراق، في انتهاك للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات الجامعة العربية ذات الصلة».
وقالت نسيبة إن «هذا السلوك غير القانوني يضعف هذه الدول، ويخلق الظروف التي يمكن للمنظمات الإرهابية مثل (داعش) استغلالها». وعبّرت عن «مخاوف جدية أبدتها أرمينيا وقبرص بشأن سياسة تركيا المستمرة، المتمثلة في إنكار الإبادة الجماعية للأرمن التي ارتكبت في الإمبراطورية العثمانية». وخلصت إلى أنه «في ضوء هذا الإرث وآثاره الضارة المستمرة، نشعر بالجزع من إيواء تركيا للمتطرفين الدينيين، والطريقة التي تسعى من خلالها إلى استخدام تحريضهم على الكراهية الطائفية لتعزيز الأجندة السياسية التركية في مصر وليبيا وعدد من الدول العربية الأخرى». ورأت أن «طموح تركيا للسيطرة على الأراضي العربية ذات السيادة والتدخل في الشؤون الداخلية العربية في أجزاء كبيرة من الشرق الأوسط يأتي على حساب السلام والاستقرار عبر المنطقة ويتناقض مع المبادئ التي تأسست عليها الأمم المتحدة»، منبهة إلى أن «مواقف الإمارات العربية المتحدة تتعلق بحكومة بوزكير، ولا تتعلق به شخصياً». ولذلك دعت بوزكير إلى «إتمام التأكيدات التي قدّمها في الحوار التفاعلي مع الأعضاء في 15 مايو 2020 لضمان وفائه بمسؤولياته بطريقة مستقلة ومحايدة»، على أن «ينأى بنفسه صراحة عن أفعال تركيا التي تنتهك القانون الدولي، وعن الخطاب المثير للانقسام والخطير للرئيس (رجب طيب) إردوغان».
منع انتخاب مرشح تركيا بالتزكية رئيساً للجمعية العامة للأمم المتحدة
الإمارات وأرمينيا وقبرص واليونان طالبته بـ«النأي بالنفس» عن سياسات حكومة إردوغان
منع انتخاب مرشح تركيا بالتزكية رئيساً للجمعية العامة للأمم المتحدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة