بعد أسابيع طويلة من الجمود التشريعي، شهدت الساحة السياسية في واشنطن حلحلة متواضعة، قد تؤدي إلى إعادة فتح المرافق الحكومية بعد أكثر من 40 يوماً على إغلاقها.
انشقاق ديمقراطي
وكما كان متوقعاً عمدت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين إلى مد غصن زيتون للجانب الجمهوري، والانضمام إلى صفوفهم تأييداً لإعادة فتح الحكومة. وانشق 8 منهم عن حزبهم، معتبرين أن استراتيجية الحزب في مواجهة الجمهوريين لم تؤتِ ثمارها، في ظل إصرار الحزب الجمهوري وعلى رأسه الرئيس الأميركي دونالد ترمب على عدم التفاوض بشأن تمديد الإعفاءات المرتبطة بالرعاية الصحية (أوباما كير) قبل فتح الحكومة أبوابها.

وهذا ما ذكره السيناتور الديمقراطي، تيم كاين، الذي قال: «أغلبيتنا هنا صوتت أكثر من مرة دعماً للاستراتيجية الديمقراطية. لكن بعد 40 يوماً من الواضح أن هذه الاستراتيجية لم تنجح»، وجل ما تمكنت مجموعة الديمقراطيين «المنشقين» من التوصل إليه هو تعهد من قبل زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ بإجراء تصويت في المجلس لتمديد الإعفاءات الشهر المقبل، من دون وعود بإقراره أو بدفع مجلس النواب للتصويت عليه أيضاً. وهي خطوة اعتبرها الديمقراطيون الذين صوتوا لصالح إعادة فتح الحكومة إيجابية، إذ قالت السيناتورة جين شاهين إنه بات من الواضح أن الديمقراطيين لن يتمكنوا من تأمين تصويت لتمديد الإعفاءات طالما أن الحكومة مغلقة، فيما أعرب السيناتور المستقل أنغوس كينغ، الذي يصوت مع الديمقراطيين، عن أمله في تحقيق تقدم عندما تفتح الحكومة أبوابها.
«استسلام كارثي»

لكنها مواقف لا يتوافق معها أغلبية الديمقراطيين، خاصة القاعدة التقدمية للحزب التي أرادت استمراراً للمواجهة مع ترمب والجمهوريين بعد الفوز الساحق للديمقراطيين في انتخابات الثلاثاء الماضي. وهذا ما أشار إليه السيناتور التقدمي، بيرني ساندرز، الذي اعتبر أن تراجع الديمقراطيين «سيشكل كارثة سياسية» مضيفاً: «إذا استسلم الديمقراطيون في هذه القضية، فستكون الرسالة إلى دونالد ترمب أنه حصل على الضوء الأخضر للمضي قدماً نحو الاستبداد، وأعتقد أن ذلك سيكون مأساةً لهذا البلد».
موقف قوي وبارز يظهر حجم الانقسامات داخل الحزب الديمقراطي الذي يسعى من جهة للتصدي لترمب وإرضاء قاعدته الشعبية ويحاول من جهة أخرى التعامل مع سياسة الأمر الواقع، التي فرضها الإغلاق، ما أدى إلى تحميل مئات الآلاف من الأميركيين أعباءه. ويأمل هؤلاء في أن يدفع الأميركيون بهم إلى انتزاع الأغلبية في الكونغرس في الانتخابات النصفية العام المقبل، مع تحميل أغلبية الناخبين مسؤولية الإغلاق للجمهوريين الذين يسيطرون اليوم على المرافق الحكومية، بحسب آخر استطلاعات الرأي.
الكرة في ملعب النواب

ورغم الانفراجة في مجلس الشيوخ، فإن الطريق لإعادة فتح المرافق الحكومية لا تزال معقدة، فبعد إقرار المشروع في «الشيوخ»، سيتعين على مجلس النواب التصويت عليه أيضاً، ومن غير الواضح حتى الساعة مدى الدعم الذي يتمتع به في صفوف النواب من الحزبين بعد التعديلات التي أقرها «الشيوخ»، والتي تقضي بتمويل المرافق حتى نهاية شهر يناير (كانون الثاني) والموافقة على تمويل مرافق معينة حتى سبتمبر (أيلول) من العام المقبل، بالإضافة إلى تعهد بإعادة الـ4000 موظف فيدرالي من الذين طردهم ترمب خلال الإغلاق إلى أعمالهم، وعدم طرد أي موظفين إضافيين حتى نهاية يناير، موعد انتهاء التمويل الفيدرالي الذي تم التوافق عليه.

