أميركا تستقبل أول «الأفريكانيين» البيض باعتبارهم «لاجئين»

نظراً لتعرضهم لـ«تمييز عنصري» في جنوب أفريقيا

لاجئون من جنوب أفريقيا لدى وصولهم إلى مطار دالاس الدولي قرب واشنطن (أ.ب)
لاجئون من جنوب أفريقيا لدى وصولهم إلى مطار دالاس الدولي قرب واشنطن (أ.ب)
TT

أميركا تستقبل أول «الأفريكانيين» البيض باعتبارهم «لاجئين»

لاجئون من جنوب أفريقيا لدى وصولهم إلى مطار دالاس الدولي قرب واشنطن (أ.ب)
لاجئون من جنوب أفريقيا لدى وصولهم إلى مطار دالاس الدولي قرب واشنطن (أ.ب)

وصل العشرات من المواطنين البيض من جنوب أفريقيا إلى الولايات المتحدة، حيث منحتهم إدارة الرئيس دونالد ترمب وضع اللاجئين، في ما يمثل تحولاً جذرياً في السياسات الأميركية التي طالما ركزت في تصنيفاتها الإنسانية على مساعدة الفارين من الحرب والاضطهاد والمجاعة والإبادة الجماعية.

وهبطت مجموعة من العائلات الأفريكانية في مطار دالاس الدولي قرب واشنطن العاصمة. وكان بينهم عدد من البالغين والرضّع والأطفال. ولوح كثيرون بأعلام أميركية صغيرة أُعطيت لهم عند وصولهم. ومن هناك، استقلوا رحلات داخلية إلى عشر ولايات أميركية، ومنها آيوا وأيداهو ونيويورك، لإعادة توطينهم فيها، رغم أن الرئيس ترمب أغلق أبواب الولايات المتحدة تقريباً أمام جميع اللاجئين من دول العالم. وهو أصدر قراراً تنفيذياً في اليوم الأول من عودته إلى البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي يفيد فيه بأن الولايات المتحدة «تفتقر إلى القدرة على استيعاب أعداد كبيرة من المهاجرين، وخاصة اللاجئين، في مجتمعاتها بطريقة لا تمس بتوفر الموارد للأميركيين، وتحمي سلامتهم وأمنهم، وتضمن استيعاباً مناسباً للاجئين».

بيض وسود

ولكن ترمب اعتبر قبيل مغادرته إلى المملكة العربية السعودية الاثنين أن «الأفريكانيين»، وهم أقلية تنحدر من المستوطنين الهولنديين في جنوب أفريقيا، يواجهون تمييزاً عنصرياً بسبب قانون إعادة توزيع الأراضي في بلدهم، حيث تسعى السلطات في بريتوريا إلى تصحيح الخلل في ملكية العقارات والناجم عن أربعة عقود من حكم الفصل العنصري.

غير أن ترمب رأى أن إبادة جماعية تحدث في جنوب أفريقيا. وقال: «يُقتل المزارعون. إنهم بيض. سواء كانوا من البيض أو السود، لا فرق بالنسبة لي. لكن المزارعين البيض يُقتلون بوحشية، وتصادر أراضيهم في جنوب أفريقيا».

وفي فبراير (شباط) الماضي، وقّع ترمب قراراً تنفيذياً بتعليق جميع المساعدات الخارجية لجنوب أفريقيا، معلناً أن إدارته ستعمل على إعادة توطين «اللاجئين الأفريكانيين» بسبب تصرفات حكومة بريتوريا التي «تسيء عرقياً إلى ملاك الأراضي».

ووصف مسؤولون في جنوب أفريقيا الجهود المبذولة لتصوير عائلات «الأفريكانيين» كلاجئين بأنها حيلة ذات دوافع سياسية، تهدف إلى التشكيك في الديمقراطية الدستورية في جنوب أفريقيا. ومع أن قانون إعادة توزيع الأراضي الذي أقر في يناير (كانون الثاني) الماضي يسمح بمصادرة الممتلكات من دون تعويض في بعض الحالات، لم تنفذ السلطات حتى الآن أي عمليات مصادرة.

ويمتلك البيض في جنوب أفريقيا، الذين يشكلون حوالي 7 في المائة من السكان، نحو ثلاثة أرباع المزارع والحيازات الزراعية المملوكة للأفراد، وفقاً لمراجعة حكومية للأراضي في جنوب أفريقيا، التي قال وزيرها للعلاقات الدولية والتعاون رونالد لامولا خلال مؤتمر صحافي في بريتوريا إنه «لا يمكنهم تقديم أي دليل على تعرضهم لأي اضطهاد، لأنه لا يوجد أي اضطهاد. لا يوجد أي شكل من أشكال الاضطهاد للبيض من جنوب أفريقيا».

رفض الاضطهاد

نائب وزير الخارجية الأميركي كريستوفر لاندو يستقبل اللاجئين الأفريكانيين من جنوب أفريقيا في مطار دالاس الدولي بفيرجينيا (أ.ب)

وعند وصول المجموعة، رحب بهم نائب وزير الخارجية كريستوفر لاندو، الذي قال: «أهلاً بكم في الولايات المتحدة الأميركية. هذه أرض الأحرار»، مضيفاً: «أريد منكم جميعاً أن تعلموا أنكم مرحب بكم هنا حقاً، وأننا نحترم ما واجهتموه خلال السنوات القليلة الماضية. نحترم التقاليد العريقة لشعبكم وما أنجزتموه خلال السنوات القليلة الماضية». وأكد أن بعض أفراد المجموعة رووا «قصصاً مروعة عن العنف الذي واجهوه في جنوب أفريقيا». ولكن بإعادة توطينهم كلاجئين «نوجه رسالة واضحة مفادها أن الولايات المتحدة ترفض بشكل قاطع الاضطهاد الصارخ على أساس العرق في جنوب أفريقيا».

وكرر لاندو ما أوردته مذكرة لوزارة الخارجية الأميركية حول أن معظم الأفريكانيين الوافدين «شهدوا أو تعرضوا لعنف شديد ذي صلة عرقية»، بما في ذلك اقتحامات منازل وجرائم قتل وسرقة سيارات وقعت قبل 25 عاماً. وتنقل عن كثير من البيض في جنوب أفريقيا أنهم «لا يثقون بالشرطة»، مشيرين إلى أن جهات إنفاذ القانون لم تُجرِ تحقيقات كافية في الجرائم المرتكبة ضد الأفريكانيين.

واعتبر نائب كبيرة موظفي البيت الأبيض ستيفن ميلر الذي أشرف على سياسة الهجرة لإدارة ترمب، أن الوضع في جنوب أفريقيا يتوافق مع «التعريف التقليدي لسبب إنشاء برنامج اللاجئين». وأضاف أن «هذا اضطهاد قائم على سمة محمية - في هذه الحالة، العرق (...) هذا اضطهاد قائم على العرق».


مقالات ذات صلة

ترمب يصل إلى هولندا للمشاركة في قمة «الناتو»

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلوح من داخل سيارة لدى وصوله لحضور اجتماع زعماء حلف شمال الأطلسي (الناتو) في لاهاي (رويترز)

ترمب يصل إلى هولندا للمشاركة في قمة «الناتو»

وصل الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى هولندا، اليوم الثلاثاء، للمشاركة في قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو).

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
الخليج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (واس)

ولي العهد السعودي يرحّب باتفاق وقف النار بين إيران وإسرائيل

رحَّب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان باتفاق وقف إطلاق النار الذي تم بين إيران وإسرائيل، وذلك خلال اتصال هاتفي تلقَّاه من الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان.

«الشرق الأوسط» (جدة)
أوروبا علما حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة عند مدخل مكان انعقاد القمة في اليوم الأول من قمة حلف شمال الأطلسي (رويترز)

​هل ينجح «الناتو» في الحفاظ على وحدته؟

أدى تجاهل ترمب لأوكرانيا في الأيام والأسابيع الماضية واستمرار الجدل حول الإنفاق الدفاعي لدول «الناتو» إلى خفض سقف التوقعات التي قد تخرج بها القمة

إيلي يوسف (واشنطن)
شؤون إقليمية ترمب يضغط لمنع تفكك الهدنة الإيرانية - الإسرائيلية play-circle 00:48

ترمب يضغط لمنع تفكك الهدنة الإيرانية - الإسرائيلية

تهدد التوترات العسكرية المتواصلة وتبادل الاتهامات بخرق الاتفاق بتقويض الهدنة بين إيران وإسرائيل، رغم ضغوط الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدعم وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (لندن - تل أبيب - طهران)
تحليل إخباري دونالد ترمب ظهر باعتباره اللاعب الأول في هذه الأزمة (رويترز)

تحليل إخباري انتهاء الحرب الإيرانية - الإسرائيلية... حساب الأرباح والخسائر

ماذا حققت الولايات المتحدة وإيران وإسرائيل لو صمد وقف النار؟ هذا هو السؤال الذي شغل عواصم المنطقة وربما عواصم أبعد منها.

«الشرق الأوسط» (لندن)

أميركا تختبر راداراً يمكن ربطه بـ«القبة الذهبية» لرصد التهديدات الصينية والروسية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث عن «القبة الذهبية» في البيت الأبيض (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث عن «القبة الذهبية» في البيت الأبيض (رويترز)
TT

أميركا تختبر راداراً يمكن ربطه بـ«القبة الذهبية» لرصد التهديدات الصينية والروسية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث عن «القبة الذهبية» في البيت الأبيض (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث عن «القبة الذهبية» في البيت الأبيض (رويترز)

اختبرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بنجاح راداراً بعيد المدى في ألاسكا يمكنه اكتشاف التهديدات الصاروخية من روسيا أو الصين ويمكن أن يستخدم للاستشعار في منظومة الدفاع الصاروخية التي أطلق عليها اسم «القبة الذهبية».

وقال البنتاغون، اليوم الثلاثاء، إن الرادار نجح في رصد الأهداف الصاروخية وتعقبها والإبلاغ عنها. وذلك من بين المهمات الرئيسية لـ«القبة الذهبية» التي كلفت 175 مليار دولار وتهدف إلى حماية الولايات المتحدة وربما حلفائها من الصواريخ الباليستية.

وبنت شركة «لوكهيد مارتن» الرادار التابع لوزارة الدفاع الأميركية في وسط ألاسكا ضمن نظام الدفاع الصاروخي الأرضي القائم حالياً (ميدكورس ديفينس). وصُمم النظام لزيادة فاعلية الصواريخ الاعتراضية المتمركزة في ألاسكا وكاليفورنيا، والمتأهبة حالياً للتعامل مع التهديدات الصاروخية المحتملة من إيران أو كوريا الشمالية.

وأجرت وكالة الدفاع الصاروخي الأميركية إلى جانب قوات الفضاء والقيادة الشمالية الاختبار في محطة «كلير سبيس فورس» في ألاسكا، أمس الاثنين.

وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث يتحدث عن «القبة الذهبية» (رويترز)

وخلال هذا الاختبار، أُطلق هدف طورته وكالة الدفاع الصاروخي فوق شمال المحيط الهادئ وحلق على مسافة 2000 كيلومتر قبالة الساحل الجنوبي لألاسكا حيث تعقبه نظام تحديد المواقع الدفاعية الأرضية.

يهدف مشروع «القبة الذهبية» إلى إنشاء شبكة من الأقمار الاصطناعية لاكتشاف الصواريخ وتعقبها واعتراضها.

ويواجه المشروع المستوحى من القبة الحديدية الإسرائيلية تدقيقاً سياسياً وعدم يقين يتعلق بالتمويل بسبب كلفته المتوقعة. ومن المرجح تشغيله بحلول يناير (كانون الثاني) 2029، على الرغم من أن خبراء يشككون في الجدول الزمني وقدرات التمويل.