كيف يعكس هجوم نيو أورليانز نمطاً عالمياً لاستخدام السيارات أسلحةً إرهابيةً؟

وقع الهجوم بعد الساعة الثالثة صباحاً بقليل في أحد أكثر الأحياء ازدحاماً في نيو أورليانز (نيويورك تايمز)
وقع الهجوم بعد الساعة الثالثة صباحاً بقليل في أحد أكثر الأحياء ازدحاماً في نيو أورليانز (نيويورك تايمز)
TT

كيف يعكس هجوم نيو أورليانز نمطاً عالمياً لاستخدام السيارات أسلحةً إرهابيةً؟

وقع الهجوم بعد الساعة الثالثة صباحاً بقليل في أحد أكثر الأحياء ازدحاماً في نيو أورليانز (نيويورك تايمز)
وقع الهجوم بعد الساعة الثالثة صباحاً بقليل في أحد أكثر الأحياء ازدحاماً في نيو أورليانز (نيويورك تايمز)

قال خبراء لموقع «أكسيوس» إن الهجوم الذي شهدته مدينة نيو أورليانز الأميركية في ليلة رأس السنة الجديدة بشاحنة صغيرة، وأسفر عن مقتل 14 من المارة يعد جزءاً من اتجاه عالمي لاستخدام السيارات أسلحةً.

وحذروا من أن الهجمات بالسيارات أصبحت أكثر شيوعاً لأنها بسيطة بشكل لا يُصَدَّق، ويصعب منعُها، وذكروا أن تنظيم «داعش» الإرهابي، على وجه الخصوص، ساعد في ترويج استخدام السيارات أسلحةً.

وجاء هجوم نيو أورليانز بعد أقل من أسبوعين من هجوم بسيارة في سوق لعيد الميلاد في ألمانيا أسفر عن مقتل 5 أشخاص، وإصابة أكثر من 200.

ووفقاً لدراسة أجراها معهد مينيتا للنقل فقد وقع 184 هجوماً بالسيارات بين عام 1963 و2019، وحدث 70% منها بعد 1 يناير (كانون الثاني) 2014، وفي حين لا يوجد سبب واحد لزيادة الهجمات، يبرز عامل كبير واحد: توافر السيارات بسهولة وإمكانية استخدامها بسهولة سلاحاً مميتاً.

المشتبه بتنفيذه هجوم نيو أورليانز شمس الدين جبار (أ.ف.ب)

وفي حين أن الدوافع الدقيقة لمنفذ هجوم مدينة نيو أورليانز، وهو من قدامى المحاربين في الجيش الأميركي ويبلغ من العمر 42 عاماً، شمس الدين جبار، غير معروفة، فقد تم العثور على علم «داعش» في الشاحنة التي استأجرها.

سيارات الشرطة في نيو أورليانز (أ.ف.ب)

وليس من الواضح ما إذا كان جبار، الذي تُوفي في مكان الحادث، له أي انتماء رسمي للمنظمات الإرهابية، لكنه نشر مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي تشير إلى أنه مستوحى من «داعش».

وقال جاويد علي، وهو مسؤول سابق في مكافحة الإرهاب يدرس في جامعة ميشيغان إن تنظيمات مثل «القاعدة» كانت تفضِّل الهجمات التي تسفر عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا، ولاحقاً قام «داعش» بتحوُّل فلسفي مهم للغاية للعمليات، حيث استخدم المهاجمون «أي وسيلة يمكنهم استخدامها».

وفي عام 2016، أوضح «داعش» كيف يمكن لأتباعه خارج الشرق الأوسط الهجوم باستخدام «سيارات تصعد بشكل غير متوقع على أرصفتهم المزدحمة».

الهجمات الأخيرة

كان الهجوم الأكثر دموية في يوليو (تموز) 2016 عندما قتل سائق 86 شخصاً في يوم الباستيل في نيس بفرنسا، باستخدام شاحنة مستأجرة تزن 19 طناً، وأطلق تنظيم «داعش» على السائق لقب «جندي».

وفي عيد الهالوين 2017، قاد متطرف من أوزبكستان شاحنة على مسار دراجات في نيويورك؛ ما أسفر عن مقتل 8 أشخاص.

ولفت الموقع إلى أن تنفيذ هذه الهجمات من قِبل الجماعات المتطرفة أو المتعاطفين فقط، فقد وقعت واحدة من أبرز الهجمات في أميركا في عام 2017 عندما قاد أحد المتعصبين البيض سيارته في حشد من المتظاهرين في تجمع في شارلوتسفيل بولاية فرجينيا، ما أسفر عن مقتل شخص واحد.

وقال تيموثي كلانسي، الباحث في شؤون الإرهاب بجامعة ماريلاند، إن التكتيكات العنيفة يمكن أن تتخطى الآيديولوجيات.

وبعد أيام قليلة من هجوم إرهابي على جسر لندن أسفر عن مقتل 8 أشخاص في عام 2017، قاد رجل متأثر بأفكار اليمين المتطرف شاحنة صغيرة إلى مصلين خارج مسجد في لندن.

وقال كلانسي إن الباحثين تكهنوا بأن «عدوى» هجمات السيارات المستوحاة من «داعش» «انطفأت» قبل هجوم نيو أورليانز، «ولكن في بعض الأحيان، يمكن أن تستمر هذه السيناريوهات سنواتٍ أو عقوداً، ثم يظهر سيناريو آخر يغيِّر الوضع».

وأضاف أن هذه الهجمات اتبعت نموذجاً مشابهاً: استئجار سيارة، وصدم مجموعة من الأشخاص، ثم الخروج بالأسلحة لإلحاق مزيد من الضرر.

منع التهديد

هناك تحديات كبيرة لمنع هذه التهديدات لأن المناطق الحضرية بها ملايين المشاة والسيارات.

سيارات الشرطة في نيو أورليانز (د.ب.أ)

ويوصي الخبراء بإقامة حواجز مؤقتة أو دائمة، حيث يكون الناس أو التجمعات أكثر عرضة للخطر للحد من الوفيات.

بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك دعوات لزيادة التدقيق في تأجير الشاحنات أو الشاحنات الكبيرة، وعلى الرغم من الاحتياطات، لا يزال التهديد قائماً.

وقالت آن كيركباتريك، مفتشة شرطة نيو أورليانز، يوم الأربعاء، إن نحو 400 ضابط شرطة كانوا في الحي الفرنسي طوال ليلة الثلاثاء.

وكانت هناك سيارة متوقفة تابعة لشرطة نيو أورليانز، لكن جبار انحرف حولها، ودخل الرصيف لدخول الطريق الممتلئ بالمشاة بشكل غير قانوني.

وتابعت كيركباتريك للصحافيين: «لقد كان لدينا بالفعل خطة، لكن الإرهابي هزمها».


مقالات ذات صلة

استطلاع: نظرة الأميركيين تجاه رئاسة بايدن أكثر قتامة مقارنة بفترتي أوباما وترمب

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)

استطلاع: نظرة الأميركيين تجاه رئاسة بايدن أكثر قتامة مقارنة بفترتي أوباما وترمب

كشف استطلاع للرأي أن نظرة الأميركيين تجاه فترة ولاية الرئيس الأميركي جو بايدن أكثر قتامة مقارنة بنظرتهم إلى فترتي الرئاسة السابقتين للرئيس الأسبق أوباما وترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (إ.ب.أ)

خطاب ختامي لبايدن الاثنين المقبل حول إرثه بالسياسة الخارجية

ذكر البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي جو بايدن يعتزم إلقاء خطاب ختامي حول إرثه في السياسة الخارجية يوم الاثنين المقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخَب دونالد ترمب (أ.ف.ب) play-circle 02:14

كيف تسعى غرينلاند للاستفادة من رغبة ترمب في ضمها؟

قالت وكالة «بلومبرغ» للأنباء إن غرينلاند التي تُعدّ أكبر جزيرة في العالم تتطلع إلى الاستفادة من رغبة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في ضمها

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ جاء الاختراق كجزء من عملية تسلل أوسع نطاقاً من جانب المتسللين الإلكترونيين إلى النظام غير السري لوزارة الخزانة الأميركية (رويترز)

متسللون صينيون اخترقوا وكالة أميركية للاستثمارات الأجنبية

قال ثلاثة مسؤولين أميركيين مطلعين إن متسللين إلكترونيين صينيين اخترقوا لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
رياضة عالمية رابطة الدوري الأميركي لكرة القدم (الرابطة)

رابطة الدوري الأميركي تعتذر بعد إعلان انضمام اللاعب الياباني «الخطأ»

اعتذرت رابطة الدوري الأميركي لكرة القدم، الخميس، بعد إعلانها عن انضمام الياباني كيوجو فوروهاشي إلى أتلانتا يونايتد بدلاً من مواطنه كايمان توغاشي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

الحرائق تلتهم لوس أنجليس وسط نقص في المياه

مروحية تكافح النيران لدى المرتفعات الغربية لمدينة لوس أنجليس (أ.ب)
مروحية تكافح النيران لدى المرتفعات الغربية لمدينة لوس أنجليس (أ.ب)
TT

الحرائق تلتهم لوس أنجليس وسط نقص في المياه

مروحية تكافح النيران لدى المرتفعات الغربية لمدينة لوس أنجليس (أ.ب)
مروحية تكافح النيران لدى المرتفعات الغربية لمدينة لوس أنجليس (أ.ب)

واصلت الحرائق الهائلة في لوس أنجليس تمدّدها الخميس حيث أتت على منازل ومركبات وتسبّبت بإجلاء عشرات آلاف الأشخاص وبسقوط سبعة قتلى على الأقلّ.

وبقي الحريقان الرئيسيان المستعران في المدينة خارجين عن السيطرة الخميس. وفرّ أكثر من 130 ألف شخص من منازلهم بسبب الحرائق التي تزيد من شدّتها رياح عاتية في ثاني كبرى المدن الأميركية. وبعد ظهر الخميس لم تكن قد تمت بعد السيطرة على الحريق في حي باسيفيك باليساديس الراقي، حيث منازل أصحاب الملايين والمشاهير، الواقع بين ماليبو وسانتا مونيكا، وذلك رغم إرسال تعزيزات شملت مروحيات عملت على رش المياه.

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن الذي يمضي آخر أيامه في منصبه، خلال اجتماع عُقد بعد ظهر الخميس في البيت الأبيض مع المسؤولين المعنيين بإدارة هذه الحرائق العنيفة، «هذه هي أكبر حرائق الغابات وأكثرها تدميرا في تاريخ كاليفورنيا». كما أصر بايدن على أن «التغير المناخي حقيقة واقعة».

وقالت السلطات المحلية الخميس إنه تم الإعلان عن تعزيزات عسكرية قوامها نحو 400 عنصر من الحرس الوطني لمكافحة الحرائق العنيفة التي تجتاح لوس أنجليس منذ ثلاثة أيام. وأوضحت السلطات «هناك نحو 400 عنصر من الحرس الوطني في جميع أنحاء الولاية (كاليفورنيا) مستعدون لدعمنا. ونتوقع أن يكونوا في الموقع في وقت مبكر من مساء اليوم (الخميس)».

وفي هوليوود، موطن صناعة السينما التي كانت مهددة لفترة من الوقت بسبب ألسنة اللهب، تمت السيطرة على الحريق في التلال، وفقا للسلطات المحلية، وتم رفع أمر الإخلاء صباح الخميس. وقال وليام غونزاليس الذي وضع كمامة سوداء أمام منزله الذي تحول رمادا في مدينة ألتادينا في شمال لوس أنجليس «فقدت كل شيء تقريبا. النيران أحرقت كل أحلامي ولم يبق سوى الرماد».

وقضى سبعة أشخاص على الأقلّ في هذه الحرائق الهائلة المستعرة في محيط لوس أنجليس والتي هدّدت حيّ هوليوود الشهير. وقالت رئيسة بلدية المدينة كارين باس خلال مؤتمر صحافي مساء الأربعاء إن لوس أنجليس تشهد «رياحا بقوة إعصار تترافق مع جفاف حاد جدا».

واندلع حريق أول صباح الثلاثاء على تلال حي باسيفيك باليسايدس الراقي الذي يضم منازل مشاهير وكثيرا من الدارات التي يقدر ثمنها بملايين الدولارات. وقد أتت الحرائق على 6500 هكتار وأكثر من ألف عمارة. وبدأت النيران تنتشر لاحقا في تلال هوليوود، على بعد مئات الأمتار من جادة هوليوود بولفارد ومسرح «تشاينيز ثياتر» الشهير.

مقارنة معبرة عن الحرائق التي تجتاح لوس أنجليس: (فوق) حي باسيفيك باليساديس الراقي بتاريخ 20 أكتوبر الماضي و(تحت) بعدما أتت النيران عليه (رويترز)

حرائق غير مسبوقة

وتكاثرت بؤر الحرائق وامتدت إلى الضواحي الشمالية للمدينة وراحت تنتشر أحيانا بسرعة فائقة. وتخشى السلطات ارتفاع حصيلة الضحايا. وقال أنتوني مارونه رئيس فرق الإطفاء في لوس أنجليس «ليس لدينا عدد كاف من عناصر الإطفاء في منطقة لوس أنجليس لمواجهة هذا الوضع». وأوضح الحاكم الديموقراطي لولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم مساء الأربعاء أن «أكثر من 7500 إطفائي» أتى بعضهم من ولايات أخرى، يكافحون هذه الحرائق «غير المسبوقة».

وأحد الضحايا السبع من سكان ألتادينا ويدعى فيكتور شو وقد حاول حتى النهاية حماية منزله من النيران. وقال صديقه آل تانر الذي عثر على جثته التي كانت لا تزال تمسك بقسطل الري لمحطة تلفزيونية «يبدو أنه حاول إنقاذ المنزل الذي يملكه والداه منذ أكثر من 55 عاما».

ودعت السلطات سكان كاليفورنيا إلى الاقتصاد في استهلاك المياه لأن ثلاثة خزانات تغذي محطات مكافحة الحرائق فرغت بسبب مكافحة النيران في باسيفيك باليسايدس.

ترامب يهاجم الديموقراطيين

ونشر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب معلومات خاطئة عبر شبكته للتواصل الاجتماعي «تروث سوشال» بتأكيده أن كاليفورنيا تعاني نقصا في المياه بسبب السياسات الحكومية الديموقراطية التي تحول مياه الأمطار «لحماية نوع غير مفيد من الأسماك». وفي الواقع تستخدم غالبية المياه المستهلكة في لوس أنجليس والمتأتية من نهر كولورادو، في الزراعة كأولوية.

ويزور الرئيس جو بايدن كاليفورنيا راهنا. وبعدما خصص مساعدات فدرالية فورية، ألغى زيارة كانت مقررة لإيطاليا الخميس على ما أعلن البيت الأبيض. واستغلّ الرئيس المنتخب الحرائق لمهاجمة المعكسر الديموقراطي وعلى رأسهم حاكم ولاية كاليفورنيا الذي يعدّ من الشخصيات الواعدة في الحزب.

وكتب ترمب الخميس على «تروث سوشال» إنه ينبغي لحاكم كاليفورنيا «غافين نيوسوم أن يستقيل. فالذنب ذنبه». وهو كان قد ندّد في رسالة سابقة بـ«عدم الكفاءة وسوء الإدارة للثنائي بايدن/نيوسوم». وكان الملياردير الجمهوري الذي سينصّب رئيسا للولايات المتحدة للمرّة الثانية في 20 يناير (كانون الثاني) قد توعّد في السابق بأنه سيحرم الحاكم الديموقراطي لكاليفورنيا من المساعدات الفدرالية في حال اندلاع حرائق إذا ما عاد إلى البيت الأبيض.

أما حليف ترمب الكبير إيلون ماسك، فنشر رسائل على شبكة «إكس» تندّد بدور البشر في مفاقمة التغيّر المناخي وتربط بلا أيّ أدلّة بين نطاق الحرائق وسياسات التنوّع في توظيف عناصر الإطفاء في لوس أنجليس أو تستنكر الإعلان عن حزمة مساعدات أميركية جديدة بقيمة 500 مليون دولار لأوكرانيا.

السينما تأثرت

وتؤثر الحرائق في النشاط السينمائي في هوليوود. فقد توقف تصوير أفلام ومسلسلات عدة فيما أغلق متنزه «يونيفرسال ستوديوز» الترفيهي في هوليوود. وأرجئ إعلان الترشيحات لجوائز الأوسكار إلى 19 يناير (كانون الثاني) بدلا من 17 منه فضلا عن مراسم توزيع جوائز النقاد التي كان يفترض أن تقام الأحد. وبين من طلب منهم إخلاء المناطق المنكوبة العديد من نجوم هوليوود. وكشف مارك هاميل أحد أبطال سلسلة «ستار وورز» عبر إنستغرام أنه غادر الثلاثاء منزله في منطقة ماليبو الراقية.

والرياح التي تهب راهنا معروفة باسم «سانتا آنا» وهي مألوفة في فصلي الخريف والشتاء في كاليفورنيا. لكن خلال الأسبوع الحالي بلغت حدة غير مسبوقة منذ العام 2011، على ما أفاد خبراء الأرصاد الجوية. وتشكل هذه الرياح كابوسا للإطفائيين لأن كاليفورنيا عرفت سنتين ماطرتين جدا أدت إلى إنعاش الغطاء النباتي الذي يبس الآن بسبب الشتاء الجاف الذي تشهده المنطقة. ويشير العلماء بانتظام إلى أن التغير المناخي يزيد تواتر الظواهر الجوية القصوى.