ترمب يمضي في تعييناته متحدياً جمهوريي مجلس الشيوخ

إخفاق غايتس وفضائح هيغسيث لم يمنعاه من ترشيح كاش باتيل

ترمب في أحد التجمعات الانتخابية في بنسلفانيا (أرشيفية - رويترز)
ترمب في أحد التجمعات الانتخابية في بنسلفانيا (أرشيفية - رويترز)
TT

ترمب يمضي في تعييناته متحدياً جمهوريي مجلس الشيوخ

ترمب في أحد التجمعات الانتخابية في بنسلفانيا (أرشيفية - رويترز)
ترمب في أحد التجمعات الانتخابية في بنسلفانيا (أرشيفية - رويترز)

بدا الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مصمماً على المضي في اختياراته للمناصب الوزارية والإدارية العليا في عهده الثاني، على الرغم من طلب النائب السابق مات غايتس إعفاءه من الترشيح وزيراً للعدل والفضائح التي تطوق المرشح لمنصب وزير الدفاع مقدم البرامج بيت هيغسيث، والانتقادات لخياراته لمناصب الاستخبارات والصحة والخدمات الإنسانية.

وبدلاً من اللجوء إلى خيارات يمكن أن تقود إلى مصادقات سهلة في مجلس الشيوخ، واصل ترمب الذي تعهد خلال حملته الرئاسية ملاحقة من سماهم «أعداء الداخل»، عملية تسمية المزيد من الآيديولوجيين وأصحاب نظريات المؤامرة، وحتى أفراد أسرته لمناصب حكومية عليا. وسلطت الأضواء بصورة خاصة على قراره طرد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» كريستوفر راي، علماً بأن ترمب نفسه عيّنه في ولايته الأولى، وتعيين بديل هو كاش باتيل، الذي يصف نفسه بأنه ساعٍ إلى الانتقام من «الدولة العميقة» التي تآمرت ضد ترمب. وكان باتيل يُعَد على نطاق واسع قوة معطلة حتى من مستشاري ترمب الآخرين.

كاش باتيل مرشح ترمب لقيادة مكتب التحقيقات الفيدرالي (أ.ف.ب)

بالإضافة إلى باتيل، سمى ترمب أبوين لاثنين من أصهاره ليكونا في وظيفتين مهمتين، إذ اختار مسعد بولس، والد مايكل بولس زوج تيفاني ترمب، ليكون مستشاره الأول في البيت الأبيض للشؤون العربية والشرق الأوسط، كما رشح تشارلز كوشنر، والد جاريد كوشنر زوج إيفانكا ترمب، ليكون سفيراً لدى فرنسا.

ومثلت اختيارات ترمب المثيرة للجدل نوعاً من التحدي للجمهوريين في مجلس الشيوخ لمعرفة مدى قدرتهم على الوقوف ضد مرشحين يعدّونهم غير مؤهلين بعد المساعدة في نسف ترشيح غايتس. ويشعر بعض السيناتورات الجمهوريين في مجلس الشيوخ بعدم الارتياح من اختيار ترمب لهيغسيث لوزارة الدفاع وتولسي غابارد مديرة للاستخبارات الوطنية وروبرت كيندي وزيراً للصحة والخدمات الإنسانية. ولكن تاريخ المصادقات في الكابيتول يشير إلى أن السيناتورات يستطيعون تركيز معارضتهم على مرشح واحد أو على الأكثر عدد محدود من المرشحين المثيرين للمشاكل من رئيس من حزبهم. ولكن يبدو أن ترمب يتبع «استراتيجية السرب» لإغراق مجلس الشيوخ بالعديد من الترشيحات التي قد لا تمر في ظروف عادية وتجبر الأكثرية الجمهورية القادمة على اختيار أي منها، إن وجد، لمنعه أو للسماح به.

مسعد بولس المستشار الأول لترمب في البيت الأبيض للشؤون العربية والشرق الأوسط (أ.ب)

وجاء إعلانه عن ترشيح باتيل بعد وقت قصير من الكشف عن أن والدة هيغسيث اتهمته ذات يوم بـ«سلوك مسيء» حيال النساء في رسالة بريد إلكتروني غاضبة تؤكد الآن أنها تندم عليها وتصر على أنها لم تكن صحيحة.

وكان هيغسيث اتهم باغتصاب امرأة عام 2017، وهو ما ينفيه بشدة.

محسوبيات

في هذا السياق، قد لا تكون لدى أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين أي رغبة في القلق، على سبيل المثال، بشأن إرسال كوشنر إلى باريس، على رغم المحسوبية وإقراره بالذنب عام 2004 بالتهرب من الضرائب، والانتقام من شاهد، والكذب على لجنة الانتخابات الفيدرالية.

وأمضى كوشنر، وهو مطور عقارات، عامين خلف القضبان قبل إطلاقه عام 2006 وعفا عنه ترمب لاحقاً، إذ جمع الأموال لصالحه خلال الحملة الأخيرة. إذا تأكيد ترشيحه سيكون كوشنر أول أميركي ينتقل من سرير بطابقين في معسكر السجن الفيدرالي في مونتغمري في ألاباما إلى فندق دو بونتالبا، المقر الفخم الذي تبلغ مساحته 60 ألف قدم مربع في باريس.

وعلى الرغم من أن المصادقة على تعيين كاش باتيل قد يكون صعباً في مجلس الشيوخ، يعكس قرار ترمب إظهار تحديه لواشنطن بدلاً من الخضوع لها.

وكان باتيل اتهم «إف بي آي» بالتآمر ضد ترمب. وتعهد بأنه إذا كان في السلطة «سأغلق مبنى مكتب التحقيقات الفيدرالي (...) في اليوم الأول وأعيد فتحه في اليوم التالي كمتحف للدولة العميقة». وكرر ادعاءات ترمب حول تزوير الانتخابات عام 2020، وتعهد «ملاحقة الأشخاص في وسائل الإعلام الذين كذبوا بشأن المواطنين الأميركيين، والذين ساعدوا جو بايدن في تزوير الانتخابات الرئاسية... سنلاحقكم». في نقطة أخرى، قال: «سأذهب في مطاردة عصابات حكومية في واشنطن العاصمة، من أجل رئيسنا العظيم».

مؤيد لترمب يضع قناعاً يمثله ويحمل علماً قرب مقر إقامة الرئيس المنتخب في فلوريدا (أ.ب)

كما روج باتيل لمكملات غذائية ومنتجات تدعي عكس الآثار السلبية للقاح «كوفيد - 19». وفي مرحلة ما، لجأ إلى التعديل الخامس من الدستور لتجنب الشهادة في قضية الوثائق السرية ضد ترمب، التي يمكن أن تجعله أول مدير لمكتب التحقيقات الفيدرالي يستعين بحقه ضد تجريم الذات قبل تولي الوظيفة.

تأييداً لباتيل

واستعداداً لمواجهة الاعتراضات على تعيين باتيل، احتشد بعض أشد أنصار ترمب الجمهوريين خلف باتيل في البرامج الحوارية عبر الشاشات الأميركية. وقال السيناتور تيد كروز إن «كاش باتيل مرشح قوي للغاية لمواجهة الفساد الحزبي في مكتب التحقيقات الفيدرالي».

وقالت السيناتورة مارثا بلاكبيرن إن باتيل لديه «خلفية متكاملة»، وإنها ستدعمه لأن «الشعب الأميركي يريد المصادقة على ترشيحات الرئيس ترمب لمجلس الوزراء».

وكذلك دافع نائب الرئيس المنتخب، جاي دي فانس، عن باتيل بعدما قال مستشار الأمن القومي السابق، جون بولتون، إن «ترمب رشح كاش باتيل ليكون لافرينتي بيريا»، في إشارة إلى قائد الشرطة السرية في الاتحاد السوفياتي خلال عهد الزعيم جوزيف ستالين.

ويتعارض قرار تعيين باتيل مع جوهر الجهود المبذولة لعزل المكتب عن السياسة الحزبية منذ فضيحة «ووترغيت»، عندما قرر الكونغرس أن مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي يجب أن يخدم لمدة 10 سنوات لتجنب تدخل البيت الأبيض في التحقيقات الجنائية.


مقالات ذات صلة

الصين تدرس خفض اليوان في 2025 لمواجهة رسوم ترمب الجمركية

الاقتصاد ورقة نقدية صينية (رويترز)

الصين تدرس خفض اليوان في 2025 لمواجهة رسوم ترمب الجمركية

يدرس القادة والمسؤولون الصينيون السماح بانخفاض قيمة اليوان في عام 2025، في وقت يستعدون فيه لفرض الولايات المتحدة رسوماً تجارية أعلى في ظل رئاسة دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الولايات المتحدة​ كيمبرلي غيلفويل الخطيبة السابقة لدونالد جونيور والمذيعة السابقة في شبكة فوكس نيوز (أ.ب)

ترمب يعيّن الخطيبة السابقة لابنه سفيرة في اليونان

أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الثلاثاء أنّه قرّر تعيين كيمبرلي غيلفويل، الخطيبة السابقة لابنه البكر دونالد جونيور والمذيعة السابقة في شبكة فوكس نيوز

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ عناصر من جهاز الخدمة السرية يؤمنون حماية المرشح الرئاسي الجمهوري آنذاك دونالد ترمب بعد إطلاق النار عليه في بتلر بولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة 13 يوليو 2024 (رويترز)

فريق برلماني يحقق في محاولات اغتيال ترمب يوصي بتغييرات في جهاز الخدمة السرية

أوصى فريق عمل يبحث في محاولات اغتيال الرئيس الأميركي ترمب، بإجراء تغييرات في جهاز الخدمة السرية، بما فيها حماية عدد أقل من القادة الأجانب خلال الانتخابات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

مدّعون يقترحون إنهاء قضية أموال الصمت دون إلغاء إدانة ترمب

اقترح ممثلو ادعاء بالولايات المتحدة إمكانية قيام القاضي بإنهاء قضية الرئيس المنتخب دونالد ترمب التي تتعلق بدفع أموال مقابل الصمت، دون أن يؤدي ذلك إلى نقض إدانته

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ سكان يقفون في أحد الشوارع خلال دورية مشتركة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) بقيادة الولايات المتحدة في ريف القامشلي شمال شرقي سوريا (رويترز)

نائب مستشار الأمن القومي الأميركي: قواتنا باقية في سوريا

أعلن جون فاينر نائب مستشار الأمن القومي الأميركي اليوم (الثلاثاء) أن القوات الأميركية ستظل في سوريا لمهمة كبيرة ستكملها هناك.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

فريق برلماني يحقق في محاولات اغتيال ترمب يوصي بتغييرات في جهاز الخدمة السرية

عناصر من جهاز الخدمة السرية يؤمنون حماية المرشح الرئاسي الجمهوري آنذاك دونالد ترمب بعد إطلاق النار عليه في بتلر بولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة 13 يوليو 2024 (رويترز)
عناصر من جهاز الخدمة السرية يؤمنون حماية المرشح الرئاسي الجمهوري آنذاك دونالد ترمب بعد إطلاق النار عليه في بتلر بولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة 13 يوليو 2024 (رويترز)
TT

فريق برلماني يحقق في محاولات اغتيال ترمب يوصي بتغييرات في جهاز الخدمة السرية

عناصر من جهاز الخدمة السرية يؤمنون حماية المرشح الرئاسي الجمهوري آنذاك دونالد ترمب بعد إطلاق النار عليه في بتلر بولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة 13 يوليو 2024 (رويترز)
عناصر من جهاز الخدمة السرية يؤمنون حماية المرشح الرئاسي الجمهوري آنذاك دونالد ترمب بعد إطلاق النار عليه في بتلر بولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة 13 يوليو 2024 (رويترز)

أوصى فريق عمل يبحث في محاولات اغتيال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال حملته الرئاسية، بإجراء تغييرات على جهاز الخدمة السرية، بما في ذلك حماية عدد أقل من القادة الأجانب خلال ذروة موسم الانتخابات الأميركية والنظر في نقل الوكالة من وزارة الأمن الداخلي، حسبما أفادت وكالة «أسوشييتد برس».

يُعد التقرير المكون من 180 صفحة الذي أصدره فريق العمل البرلماني من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، اليوم (الثلاثاء)، أحد أكثر التقارير تفصيلاً حتى الآن في محاولتَي اغتيال ترمب في يوليو (تموز) الماضي خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا وآخر في فلوريدا بعد شهرين. ومثل التحقيقات والتقارير الأخرى، انتقد فريق العمل الوكالة المكلفة بحماية أعلى مستوى من قادة أميركا.

بحسب التقرير، أتت «أحداث 13 يوليو 2024 مأساوية ويمكن منعها (محاولة اغتيال ترمب)، وقائمة الإخفاقات الأمنية ذات الصلة غير مقبولة. إن مهمة الخدمة السرية لا تسمح بأي مجال للخطأ، ناهيك بالأخطاء العديدة الموصوفة في هذا التقرير».

وحقق فريق العمل في إطلاق النار في يوليو، حين أطلق مسلح النار من سطح مبنى قريب على ترمب الذي أصيب في أذنه، وقتل أحد المشاركين في التجمع وأصيب اثنان آخران. كما حقق الفريق في محاولة اغتيال أخرى لترمب في سبتمبر (أيلول)، عندما انتظر المسلح لساعات حتى يظهر ترمب في ملعب الغولف الخاص به في فلوريدا، لكن أحد عملاء الخدمة السرية أحبط الهجوم من خلال رصد السلاح الناري يخترق بعض الشجيرات.

وفيما يلي بعض النقاط البارزة في التقرير وتوصياته:

طلب التقرير الحد من عدد الأشخاص المحميين وخاصة القادة الأجانب. فقد لاحظ مؤلفو التقرير أن عدد الأشخاص الذين كُلفت الوكالة (جهاز الخدمة السرية) بحمايتهم «زاد بشكل كبير». وفي الوقت نفسه، أصبح موسم الحملة الرئاسية أطول وأكثر كثافة، في حين أن الوكالة مكلفة أيضاً بحماية كبار الشخصيات الأجنبية في أثناء الجمعية العامة للأمم المتحدة، عندما يتدفق رؤساء الدول والحكومات إلى نيويورك.

أحد عناصر الخدمة السرية الأميركية خلال مهمة في شيكاغو 18 أغسطس 2024 (رويترز)

وأشار التقرير إلى أن هذا الحدث يحدث كل شهر سبتمبر، الذي يأتي في «ذروة موسم الحملة (الانتخابية)» في أميركا، مما يزيد من أزمة التوظيف في الوكالة.

وقال التقرير: «يجب على الكونغرس ووزارة الأمن الداخلي وخدمة الأمن السري النظر بشكل مشترك في الدور الوقائي الذي تلعبه خدمة الأمن السري للزعماء الأجانب والنظر فيما إذا كان من الممكن نقل هذه الواجبات أو إلغاؤها من أجل التركيز على الواجب الأساسي لخدمة الأمن السري: حماية الرئيس الأميركي وغيره من القادة الأميركيين المهمين».

اقترح التقرير التخلي عن بعض الأعمال التحقيقية، وخاصة في أثناء الانتخابات، إذ تشتهر الخدمة السرية بعملها البارز في حماية الرئيس ونائب الرئيس والمرشحين الرئاسيين وعائلاتهم وغيرهم. ولكن الضباط يقومون أيضاً بمجموعة واسعة من التحقيقات غير المرتبطة بمهمتهم الوقائية - كالتحقيق في الاحتيال والجرائم المالية، على سبيل المثال. وتنبع هذه المسؤوليات من الوقت الذي كانت فيه الوكالة جزءاً من وزارة الخزانة، ويقول قادة الوكالة إن التحقيقات تشكل جزءاً مهماً من تدريب ضباط الخدمة السرية على المهارات التي سيحتاجون إليها في التفاصيل الوقائية. لكن فريق العمل أوصى بمراجعة هذه المسؤوليات التحقيقية - وخاصة خلال موسم الحملة الانتخابية - حتى تتمكن الوكالة من «إعطاء الأولوية لحماية قادة الولايات المتحدة والمرشحين الذين يترشحون لمنصب».

لعقود من الزمان، تم تضمين الخدمة السرية في وزارة الخزانة. بعد إنشاء وزارة الأمن الداخلي في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001، تم نقل الخدمة السرية إلى وزارة الأمن الداخلي. واقترح فريق العمل إعادة تقييم هذه الخطوة. وقال المشرعون إنه خلال الوقت الذي كان فيه جهاز الخدمة السرية في وزارة الأمن الداخلي، «لم يستفد جهاز الخدمة السرية من قيادة مستقرة». وقال فريق العمل إن الهيكل الحالي «يضعف جهاز الخدمة السرية، وهي وكالة صغيرة ولكنها بالغة الأهمية، في الدفاع عن ميزانيتها وأولويات أخرى داخل كيان أكبر بكثير». واقترح التقرير إلقاء نظرة جديدة على ما إذا كان جهاز الخدمة السرية قد يستفيد من أن يحصل على وضع وكالة مستقلة، مع مزيد من الحرية في تقديم طلبات الميزانية.