تحوّلات في تصويت اللاتينيين والسود والعرب أسهمت بتحقيق ترمب فوزاً تاريخياً

المرشح الرئاسي الجمهوري والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يصعد إلى المنصة ليخاطب أنصاره في تجمع حاشد في مركز مؤتمرات في ويست بالم بيتش بولاية فلوريدا بالولايات المتحدة - 6 نوفمبر 2024 (رويترز)
المرشح الرئاسي الجمهوري والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يصعد إلى المنصة ليخاطب أنصاره في تجمع حاشد في مركز مؤتمرات في ويست بالم بيتش بولاية فلوريدا بالولايات المتحدة - 6 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

تحوّلات في تصويت اللاتينيين والسود والعرب أسهمت بتحقيق ترمب فوزاً تاريخياً

المرشح الرئاسي الجمهوري والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يصعد إلى المنصة ليخاطب أنصاره في تجمع حاشد في مركز مؤتمرات في ويست بالم بيتش بولاية فلوريدا بالولايات المتحدة - 6 نوفمبر 2024 (رويترز)
المرشح الرئاسي الجمهوري والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يصعد إلى المنصة ليخاطب أنصاره في تجمع حاشد في مركز مؤتمرات في ويست بالم بيتش بولاية فلوريدا بالولايات المتحدة - 6 نوفمبر 2024 (رويترز)

لعبت أصوات الناخبين اللاتينيين والسود وكذلك العرب دوراً مهماً في الفوز الكبير الذي حققه الجمهوري دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية، (الثلاثاء)، حيث أظهرت نتائج الاقتراع حصول الرئيس المُنتخب على زيادة كبيرة في أصوات الأميركيين اللاتينيين التي صبّت لمصلحة الحزب الجمهوري، وازدادت كذلك نسبة التصويت له بين السود والعرب مقارنة مع الانتخابات السابقة.

رغم عدم حصوله على أغلبية لدى هذه العرقيات، حصل ترمب على دعم من نحو 13 في المائة من الناخبين السود على الصعيد الوطني و45 في المائة من الناخبين اللاتينيين، وفقاً لاستطلاعات الرأي التي أجرتها شبكة «سي إن إن» الأميركية. بالمقارنة في انتخابات عام 2020 فاز ترمب بنسبة 8 في المائة فقط من الناخبين السود، و32 في المائة من الناخبين اللاتينيين.

وأظهرت مراجعة أجراها موقع «أكسيوس» لاستطلاعات الرأي التي أجريت على الناخبين منذ خمسين عاماً، أنه عندما يحصل المرشحون الديمقراطيون للرئاسة على أقل من نحو 64 في المائة من أصوات الناخبين من أصول لاتينية، فإنهم عادة ما يخسرون.

وفاز ترمب بدعم الرجال اللاتينيين بنسبة 54 في المائة مقابل 44 في المائة لهاريس، وفقاً لاستطلاعات الرأي التي أجرتها شبكة «إن بي سي» الأميركية، بعد أن دعموا الرئيس جو بايدن بنسبة 59 في المائة مقابل 36 في المائة لترمب في عام 2020، وفاز ترمب بنسبة 20 في المائة من الناخبين السود الذكور على الصعيد الوطني ضد هاريس، وهي أرقام مماثلة لتلك التي حصل عليها المرشح الجمهوري في انتخابات عام 2020 ضد الرئيس جو بايدن.

مؤيد يحضر تجمع لنائب دونالد ترمب جيه دي فانس عشية يوم الانتخابات ويلوّح بلافتات مكتوب عليها "الأميركيون السود من أجل ترمب"، 4 نوفمبر 2024 (د.ب.أ)

الصوت اللاتيني يتحوّل نحو اليمين

لم تقتصر محاولات ترمب لكسب أصوات الناخبين من أصول لاتينية على ولايات رئيسية مثل أريزونا ونيفادا، ففي جنوب تكساس، التي كانت في السابق معقلاً للديمقراطيين، نجح ترمب في قلب مقاطعة ستار، التي صوتت سابقاً للديمقراطيين في كل انتخابات رئاسية منذ عام 1896، وفق موقع «يو إس إيه توداي» الأميركي.

وتكمن أهمية الصوت اللاتيني في هذه الانتخابات في أن معظم اللاتينيين يصوتون للحزب الديمقراطي، لكن النتائج تشير إلى أن هذه الشريحة سريعة النمو من الناخبين - تشكل الآن نحو 20 في المائة من سكان الولايات المتحدة - وتستمر في التحول ببطء نحو اليمين، محولة تدريجياً أصواتها للحزب الجمهوري.

وتشير نتائج انتخابات الثلاثاء أيضاً إلى أن كثيراً من اللاتينيين يشتركون في مخاوف ترمب بشأن الهجرة غير الشرعية، حسب موقع «أكسيوس».

الرئيس الأميركي المنتخَب دونالد ترمب خلال لقاء مع المجتمع اللاتيني في دورال، ولاية فلوريدا، في أكتوبر الماضي (رويترز)

وفي ولاية بنسلفانيا، التي حسمها ترمب لصالحه في الانتخابات الحالية وهي أكبر الولايات المتأرجحة من حيث عدد التمثيل في المجمع الانتخابي (19 صوتاً)، أيد 24 في المائة من الرجال السود ترمب، بينما أيد 73 في المائة من الرجال السود هاريس، وفقاً لاستطلاع «سي إن إن»، لكن ترمب حصل على أصوات أكثر من ضعف عدد الرجال السود الذين دعموه في هذه الولاية في انتخابات عام 2020.

وتشير المكاسب المجتمعة للرئيس المنتخَب ترمب، إلى أن قاعدة الناخبين من الطبقة العاملة قد توسعت إلى ما هو أبعد من شريحة من الناخبين البيض، وهي علامة تحذير للديمقراطيين تهدد قاعدتهم في الانتخابات المقبلة، حسب موقع «يو إس إيه توداي».

الرئيس الأميركي المُنتخَب دونالد ترمب يمسك بيد زوجته ميلانيا خلال تجمع انتخابي في مركز مؤتمرات في ويست بالم بيتش بولاية فلوريدا بالولايات المتحدة، 6 نوفمبر 2024 (رويترز)

ناخبو ميشيغان العرب

يبدو أن الناخبين في مدينة ديربورن بولاية ميشيغان، أكبر مدينة ذات أغلبية عربية أميركية في الولايات المتحدة، أيّدوا دونالد ترمب بأغلبية ساحقة في احتجاج واضح على تعامل إدارة بايدن مع الحرب في غزة، وفق موقع «ميدل إيست آي» (ومركزه لندن).

مواطنون عرب أميركيون يحتفلون بفوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية في ديربورن بولاية ميشيغان الأميركية (أ.ب)

وأظهرت التقارير الأولية أن 47 في المائة من الناخبين في ديربورن يؤيدون ترمب، وذهب 27 في المائة من الأصوات إلى هاريس، و21 في المائة إلى مرشحة حزب «الخضر» جيل ستاين.

يعد ما يقرب من 54 في المائة من سكان ديربورن البالغ عددهم 110 آلاف نسمة أنفسهم من أصول شرق أوسطية أو شمال أفريقية، وكثير منهم من أصول لبنانية وفلسطينية.

تاريخياً، صبّت أصوات الأميركيين العرب في ديربورن في الانتخابات السابقة بشكل ثابت لصالح الحزب الديمقراطي، قبل تحوّل أغلبية أصواتهم في الانتخابات الحالية لصالح الحزب الجمهوري.

فوز تاريخي

وانتزع ترمب فوزاً ثميناً في خمس من الولايات السبع المتأرجحة، هي بنسلفانيا وجورجيا ونورث كارولينا وويسكونسن، كانت كافية لمنحه أكثر من 270 من أصوات المجمع الانتخابي، فيما ماتزال عمليات الفرز في ولايتي نيفادا وأريزونا.

بفوزه بالانتخابات الرئاسية، أصبح دونالد ترمب الرئيس الثاني في تاريخ الولايات المتحدة الذي يقضي فترة رئاستين غير متتالية، وهو الإنجاز الذي حققه آخر مرة غروفر كليفلاند قبل 132 عاماً.

شغل كليفلاند منصب الرئيس الثاني والعشرين والرابع والعشرين للولايات المتحدة، حيث شغل المنصب من عام 1885 إلى عام 1889 ثم من عام 1893 إلى عام 1897.


مقالات ذات صلة

ترمب يرشح طبيبة من أصل عربي لمنصب جراح عام الولايات المتحدة

الولايات المتحدة​ د. جانيت نشيوات (أ.ف.ب)

ترمب يرشح طبيبة من أصل عربي لمنصب جراح عام الولايات المتحدة

رشح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الطبيبة الأردنية، جانيت نشيوات، جراحاً عاماً للولايات المتحدة، بحسب قناة «فوكس نيوز» السادسة عشرة الإخبارية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الولايات المتحدة​ وزير الدفاع الإسرائيلي لويد أوستن (إ.ب.أ)

أوستن يؤكد لكاتس أهمية ضمان أمن الجيش اللبناني والـ«يونيفيل»

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن الوزير لويد أوستن تحدث مع نظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم (السبت).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الملياردير إيلون ماسك يظهر أمام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

إيلون ماسك أكثر ثراءً من أي وقت مضى... كم تبلغ ثروته؟

أتت نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024 بفوائد على الملياردير إيلون ماسك بحسب تقديرات جديدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اليوم (السبت) أن بلاده تتوقع أن آلافاً من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»

ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»

التقى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، الجمعة، الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في بالم بيتش في ولاية فلوريدا، فيما يدرس تعيين مبعوث خاص لأوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

TT

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)
تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)

ترمب «رمز للسلام وقاهر الحروب»، هكذا صوّر الرئيس المنتخب نفسه في حملته الانتخابية التي مهّدت لولايته الثانية في البيت الأبيض. فالرئيس الـ47 انتزع الفوز من منافسته الديمقراطية، بانياً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية وهي على مشارف عامها الثالث.

يستعرض برنامج تقرير واشنطن، وهو ثمرة تعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»، خطط ترمب لإنهاء النزاعات، ودلالات اختياره وجوهاً معيّنة في إدارته لديها مواقف متناقضة بعض الأحيان في ملفات السياسة الخارجية.

التصعيد في المنطقة

دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز)

تعهّد الرئيس الأميركي المنتخب بإنهاء الحروب ووقف التصعيد المستمر في المنطقة. ومع استمرار الحرب في غزة ولبنان، تعتبر دانا ستراول، نائبة وزير الدفاع سابقاً لشؤون الشرق الأوسط ومديرة الأبحاث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أنه لا يزال من المبكّر قراءة المشهد في إدارة ترمب المستقبلية، مشيرة إلى أن الرئيس المنتخب «وعد بإحلال سلام في منطقة لم تنعم بالسلام أبداً». وتقول ستراول: «دونالد ترمب يعد بإحلال السلام في المنطقة من جهة، لكنه يعد من جهة أخرى بالدعم القاطع لإسرائيل. وهذا يُعدّ مشكلةً حقيقية؛ لأن من الأمور التي يجب أن تحصل لتحقيق السلام إعطاء الأولوية للمدنيين الفلسطينيين في غزة، والمدنيين اللبنانيين في لبنان، والحرص على وصول المساعدات الإنسانية لهؤلاء وتوفير الأمن لهم وما يحتاجون إليه من قادتهم. لكن ذلك سيتطلّب قرارات صعبة في إسرائيل. والسؤال الأكبر برأيي هو ما إذا كان دونالد ترمب يستطيع دفع هؤلاء القادة على الاتفاق هذه المرة، وهم لم يتفقوا أبداً في السابق».

ويتحدث كيفن بارون، الصحافي المختص بالشؤون العسكرية والمدير التحريري السابق في «Politico Live»، عن تحديات كثيرة يواجهها فريق ترمب الذي اختاره لقيادة السياسة الخارجية، مشيراً إلى أنه مؤلّف من «مزيج من التقليديين الذين يرغبون في علاقات قديمة الطراز مع الشرق الأوسط والقادة هناك، وبين من هم أكثر تقدماً ويبحثون عن مهاجمة إيران، والرد بالمثل وتغيير الديناميكية التي برأيهم كانت لينة جداً خلال السنوات الأربع الماضية تحت جو بايدن».

ويتساءل بارون: «هل ستتمكن هاتان المجموعتان من الالتقاء في الوسط؟» ويعطي بارون مثالاً «معرقلاً للسلام» في فريق ترمب، وهو السفير الأميركي المعيّن في إسرائيل، مايك هاكابي، الداعم بشدة لتل أبيب والرافض للاعتراف بالضفة الغربية وحقوق الفلسطينيين. ويقول بارون: «إن تعيين مايك هاكابي مثال جيد هنا، فهو داعم قوي لدولة إسرائيل مهما كلّف الأمر. لكنه يدعمها من وجهة نظر معينة؛ فهو مسيحي قومي وهو جزء من حركة متنامية ومجموعة من الأميركيين المسيحيين الذين يشعرون بأن وجود علاقة قوية مع دولة إسرائيل اليهودية أفضل من عدم وجودها لأسباب دينية».

ترمب والسفير المعين في إسرائيل مايك هاكابي خلال حدث انتخابي في بنسلفانيا 12 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وهنا يسلّط ريتشارد لوبارون، السفير الأميركي السابق إلى الكويت ونائب مدير البعثة الأميركية إلى تل أبيب سابقاً وكبير الباحثين في معهد «ذي أتلانتيك»، الضوء على سياسة الرؤساء الأميركيين بشكل عام في منطقة الشرق الأوسط، مذكراً بأنهم لا يريدون تورطاً عميقاً في المنطقة. ويتحدث عن ترمب بشكل خاص فيقول: «ترمب لم يُنتخب من قبل أشخاص يهتمون بالشرق الأوسط، بل انتخبه الأشخاص الذين يرغبون بجعل أميركا عظيمة مجدداً، وهذه وجهة نظر انعزالية. لذا أعتقد أنه سيضغط للتوصل إلى حلول تخرج الولايات المتحدة من مستوى تورطها الحالي في الشرق الأوسط، لا أعتقد أنه سيكون متعاطفاً مع التورط في صراعات كبرى، وسيرغب بالحفاظ على أسعار منخفضة للنفط بسبب تأثير ذلك على الداخل. لكنه سيفاجأ على غرار معظم الرؤساء الأميركيين بقدرة الشرق الأوسط على جذبهم إلى داخله رغم جهود البقاء بعيداً».

ترمب يعتمر قبعة تحمل شعار «اجعل أميركا عظيمة مجدداً» (أ.ف.ب)

وتوافق ستراول مع مقاربة الانعزالية في فريق ترمب، مشيرة إلى وجود وجوه كثيرة ضمن فريقه من الداعمين للانعزالية الذين يسعون للتركيز على الوضع الداخلي و«جعل أميركا عظيمة مجدداً»، وأن هؤلاء سيعملون على تقليص الدور العسكري للولايات المتحدة حول العالم، ومنح دولارات دافعي الضرائب الأميركيين لأي بلد.

لكن ستراول تُذكّر في الوقت نفسه بأن العامل المشترك في فريق ترمب الذي اختاره، هو أنه «يريد من الفريق المحيط به أن يفكّر فيه هو وفي ما يريده». وتفسر قائلة: «ما نعلمه من رئاسته الأولى هو أن ما يريده أو ما يفكّر به قد يتغير من يوم إلى آخر، ومن ساعة إلى أخرى. هذا النوع من الغموض عادة ما لا يكون جيداً بالنسبة إلى الولايات المتحدة، وبالنسبة إلى الحلفاء والشركاء في أماكن مثل الشرق الأوسط، وهي أماكن نريد التعاون معها. فهم يطلبون قيادة أميركية يمكن الاتكال عليها ومستقرة. وبرأيي، استناداً إلى الفريق الذي يتم تشكيله حتى الآن، حيث يقوم أناس مختلفون بقول أشياء مختلفة وعقد اجتماعات مختلفة، فإنه من غير الواضح إن كانوا سيتمكنون في الواقع من العمل بعضهم مع بعض».

تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

وضمن الحديث عن حلول واستراتيجيات في المنطقة، يعرب لوبارون عن تشاؤمه من فرص التوصل إلى حلّ الدولتين، مُرجّحاً أن تقوم إسرائيل «بضم الأراضي المحتلة والضفة الغربية بموافقة أميركية، أو حتى من دونها». ويضيف السفير السابق: «هناك أيضاً احتمال استمرار وجود انقسام في إسرائيل حول هذه القضايا، وسنضطر إلى التدخل بسبب علاقتنا. أعتقد أن هناك مسائل وجودية بحتة ينبغي أن تواجهها إسرائيل حول ماذا تريد أن تصبح بعد 5 إلى 10 سنوات، أو حتى بعد 20 أو 50 سنة. هل تريد أن تصبح دولة ديمقراطية؟ أو أن تكون متورطة في صراع إلى الأبد في الشرق الأوسط؟ أو هل تريد التوصل إلى سلام حقيقي يحترم الآمال الفلسطينية؟».

ويُفسر لوبارون أسباب استمرار الحرب في لبنان وغزة فيقول: «من الأسباب المحزنة لاستمرار الحرب في لبنان وفي غزة أن نتنياهو لا يمكنه الاستغناء عن الحرب، وهذه إحدى مشاكل علاقته مع ترمب. فترمب لا يريد الحرب، لكن نتنياهو يحتاج إليها وسيكون من المثير للاهتمام مشاهدة كيف سيقوم الاثنان على الاتفاق خلال الـ6 أشهر أو السنة المقبلة. لكن لحظة الحساب قادمة في إسرائيل، وهي تأجلت بسبب النزاع. سيكون لها نتائج كبيرة، وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى إن كان ترمب سيقرر اللعب في السياسة الإسرائيلية المحلية كما فعل نتنياهو في السياسة المحلية الأميركية».

إيران وسياسة الضغط القصوى

تعهد ترمب باستعادة سياسة الضغط القصوى مع إيران (أ.ف.ب)

تلعب إيران دوراً بارزاً في التصعيد في المنطقة، ومع استعداد ترمب لتسلُّم الرئاسة في العشرين من يناير (كانون الثاني)، تزداد التساؤلات حول ما إذا كان سيعود إلى سياسة الضغط القصوى التي اعتمد عليها في إدارته الأولى. وهنا يتساءل بارون: «ترمب يعد بالانسحاب من الحروب الخارجية بينما يخوض حروباً خارجية فيما يتعلق بإيران». ويضيف: «إذن، ماذا يعني الضغط الأقصى على الإيرانيين؟ أتوقع أموراً مثل دعم نتنياهو وإسرائيل بالكامل حين يقومون بهجمات في لبنان وغيره من دون أي انتقاد، ومن دون أي قيود. قد يعني أيضاً القتال في أماكن مثل سوريا والعراق ومناطق أخرى لم نسمع عنها كثيراً علناً».

وهنا تشدد ستراول على أن سياسة الضغط القصوى هي «نشاط»، وليس هدفاً، وتفسر قائلة: «ما لم نره بعد من فريق ترمب هو تحديد أو عرض الهدف المثالي: هل الهدف احتواء البرنامج النووي الذي تم الاستثمار فيه بشكل كبير؟ هل الهدف التراجع عن هذا البرنامج أو تفكيكه أو القضاء عليه؟ هل الهدف صد دعم إيراني للإرهاب؟ لتحقيق ذلك، سيحتاج إلى أكثر من سياسة ضغط قصوى، وسيحتاج للتعاون مع حلفاء وشركاء أي أنه سينبغي أن يبذل جهوداً دبلوماسية، لأن الأمر لا يتعلّق فقط بما يمكن أن نقوم به عسكرياً، فسيتوجب عليه أن يرغب بإقامة حوار مع النظام في طهران على بعض النقاط».

الحرب الروسية - الأوكرانية

ترمب يصافح بوتين في مؤتمر صحافي في هلسنكي 16 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

من الوعود التي أطلقها ترمب إنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية في 24 ساعة. ويصف لوبارون الوضع الحالي بمثابة «رقصة بين بوتين وترمب للوصول إلى طريقة لإنهاء هذا النزاع». وأوضح: «لقد انضم زيلينسكي إلى تلك الرقصة مؤخراً. يجب أن نتذكر أن هذين الخصمين قد أرهقتهما الحرب، لا يمكنهما العثور على المزيد من العناصر من شعبهم للقتال، كما يريان أن تسلُّم ترمب الرئاسة سيضع حدوداً على الفترة التي يستطيعان فيها الاستمرار بهذه الحرب». ويرجّح السفير السابق أن تنتهي الحرب «بحل دبلوماسي غير مناسب وغير مرض لن يسعد أياً من الأطراف، على غرار كل الحلول الدبلوماسية. وهذا سيشكل نقطة يعلن فيها ترمب عن نجاحه ليقول: لقد أنهيت الحرب في أوكرانيا».

ويشير بارون إلى رفع إدارة بايدن الحظر عن أوكرانيا لاستعمال الأسلحة الأميركية في روسيا، فيقول إن «ما تغيّر هو أن ترمب فاز بالانتخابات، وهناك فترة شهرين سيسعى بايدن خلالهما لتقديم كل ما بوسعه إلى أوكرانيا؛ لأن الأمور ستتغير في 20 يناير عندما يتولى ترمب منصبه». ويضيف: «إذن، الفكرة هي التوفير لأوكرانيا أكبر قدر من الدفاعات الآن لكي ينتقلوا إلى طاولة المفاوضات».

وتوافق ستراول مع هذا التقييم قائلة: «إن هذا التصعيد الذي يجري حالياً هو فرصة لكل من الطرفين لكي يعززا موقفهما قبل تنصيب دونالد ترمب، الذي بدوره صرّح بأنه سيطالب أن ينضم الجميع إلى طاولة المفاوضات. وسيعمل على تقليل سلطة التفاوض الأوكرانية عبر التهديد بإيقاف المساعدات العسكرية».