هل يحسم الكونغرس هوية الرئيس الأميركي ونائبه في حال «التعادل»؟

تقارب أرقام الاستطلاعات يثير تساؤلات باحتمال تعادل المرشحين (أ.ب)
تقارب أرقام الاستطلاعات يثير تساؤلات باحتمال تعادل المرشحين (أ.ب)
TT

هل يحسم الكونغرس هوية الرئيس الأميركي ونائبه في حال «التعادل»؟

تقارب أرقام الاستطلاعات يثير تساؤلات باحتمال تعادل المرشحين (أ.ب)
تقارب أرقام الاستطلاعات يثير تساؤلات باحتمال تعادل المرشحين (أ.ب)

لم يسبق أن شهدت انتخابات رئاسية أميركية تقارباً كالذي تتوقّعه استطلاعات الرأي بين المرشّحين الجمهوري دونالد ترمب، والديمقراطية كامالا هاريس. وبدت الاستطلاعات عاجزة عن رصد توجّه الناخبين، أكان على الصعيد الوطني أو على مستوى الولايات، ما طرح تساؤلات حول احتمال «تعادل المرشّحين»، وطريقة البتّ في النتائج.

وفي ليلة الانتخابات، سيتابع ملايين الأميركيين والعالم عدد أصوات المجمّع الانتخابي الذي سيحصده كلا المرشّحين، ومدى اقترابهما من رقم 270 السحري -من أصل 538 صوتاً انتخابياً-، والذي يضمن لصاحبه الوصول إلى البيت الأبيض. وطرح الخبراء الدستوريون ومسؤولو الاستطلاعات سيناريو «تعادل» كلا المرشّحين، عبر إحراز كلّ منهما 269 صوتاً في المجمّع الانتخابي. ورغم ندرة هذا السيناريو تاريخياً، فهو وارد. وقد حصل بالفعل في العام 1800، في السباق بين توماس جيفرسون وآرون بير، ونجمت عنه حينها «انتخابات طارئة» يحسمها الكونغرس الأميركي.

نطرح فيما يلي احتمال حصول هذا السيناريو، وسبل البتّ في هوية الفائز وفق الدستور الأميركي.

احتمالات التعادل

هاريس في حدث انتخابي في 28 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

في النظام الانتخابي الأميركي المبني على أرقام المجمع الانتخابي الـ538، تعتمد النتيجة على مجموع حسابي للأصوات المعتمدة لكل ولاية، حيث يحظى الفائز بالولاية بجلّ أصوات الناخبين الكبار المتاحة للولاية، ما عدا ولايتين اثنتين: ماين ونيبراسكا. ففي هاتين الولايتين، يحصل الفائز بالولاية على أصوات المجمع الانتخابي ما عدا صوت واحد، يُخصّص للفائز بالمقاطعات الانتخابية في الولاية. صوت عادة ما لا يكون مهماً في موسم انتخابات عادي، لكن الأمر مختلف في هذه الانتخابات المتقاربة إلى حد التعادل.

على سبيل المثال، في حال فازت هاريس بـ4 ولايات متأرجحة كويسكنسن وميشيغان وأريزونا ونيفادا، وبصوت واحد في نيبراسكا، وخسرت بنسلفانيا وجورجيا، حينها ستكون النتيجة متعادلة، أي 269 صوتاً لكل منهما.

من يحسم السباق؟

في حال التعادل يحسم الكونغرس المسألة (أ.ف.ب)

الجهة الوحيدة القادرة على حسم هوية الفائز في الانتخابات، في حال تعادل المرشّحين في أصوات المجمّع الانتخابي، هو الكونغرس. جواب لا يريد أحد سماعه، خاصّة في ظل الانقسامات الحادة التي يشهدها المجلس التشريعي. لكن الدستور يعطيه صلاحية حسم السباق في حال التعادل، تحديداً التعديل الـ12 الذي يعطي مجلس النواب صلاحية اختيار رئيس، ومجلس الشيوخ صلاحية اختيار نائب له.

تصويت الكونغرس

ترمب في حدث انتخابي في جورجيا في 28 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

لدى انعقاد الكونغرس بتركيبته الجديدة بعد الانتخابات الأميركية، في مطلع يناير (كانون الثاني)، يختار المشرعون الرئيس ونائب الرئيس عبر عملية تصويت استثنائية. وبحسب خدمة الأبحاث في الكونغرس، سيكون السادس من يناير (كانون الثاني) هو موعد انعقاد الكونغرس للمصادقة على الرئيس.

في مجلس النواب، يتمّ تخصيص صوت واحد لكل ولاية بغض النظر عن عدد المشرعين فيها، ما يعني أن ولاية كبيرة مثل كاليفورنيا، التي تتمتع بـ54 صوتاً انتخابياً سيكون لديها صوت واحد على غرار ولاية نيفادا مثلاً التي تتمتع بـ3 أصوات فقط في المجمّع الانتخابي. أما واشنطن العاصمة التي تتمتع بـ3 أصوات في المجمع الانتخابي، فستخسر أي تمثيل في عملية التصويت هذه نظراً لوضعها الاستثنائي كمقاطعة، وليست ولاية. وفي هذه التركيبة، سيكون الفائز هو حامل الرقم 26 (من أصل 50 ولاية) في عملية التصويت.

وخلال هذه العملية الاستثنائية لا يلزم المشرعون بالتصويت كما صوّت الناخبون في ولاياتهم خلال انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني)، ما يعني أن الولايات التي تقع تحت سيطرة أغلبية جمهورية في مجلس النواب ستصوت لصالح المرشح الجمهوري، والأمر نفسه بالنسبة للولايات التي تقع تحت سيطرة أغلبية ديمقراطية. المعضلة ستكون في الولايات التي لديها توزيع متعادل للديمقراطيين والجمهوريين فيها، ما قد يؤدي إلى عدم توصلها إلى توافق بشأن مُرشّح معين، وبالتالي عدم إدلائها بصوت في عملية التصويت.

هذا يعني أيضاً أن الأغلبية في مجلس النواب لن تحسم النتيجة، لأن المهم هنا هو الأغلبية في كل ولاية، وليس في المجلس بشكل عام.

أما مجلس الشيوخ، فسيختار أعضاؤه نائب الرئيس. ويتمتع كل سيناتور بصوت واحد، ما يعني أنه من الممكن أن يتمكن المجلس من اختيار نائب قبل توصل مجلس النواب إلى توافق حول رئيس.

ماذا لو فشل النواب في التوافق؟

والز في حدث انتخابي في ميشيغان في 28 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

إن لم يتمكّن مجلس النواب من اختيار رئيس بحلول يوم التنصيب في العشرين من يناير، يصبح نائب الرئيس المختار من مجلس الشيوخ رئيساً مؤقتاً.

أما في حال فشل الشيوخ كذلك في التوافق على نائب للرئيس، حينها سيتم اللجوء إلى التعديل العشرين من الدستور، حيث يتسلم رئيس مجلس النواب، وهو الثالث في التراتبية للحكم، منصب الرئيس بشكل مؤقت. ورئيس مجلس النواب في هذه الحالة سيكون منتخباً من طرف المجلس بتركيبته الجديدة، ما بعد انتخابات نوفمبر.

حقائق

سوابق تاريخية

* في العام 1824، لم يتمكن المرشحان للرئاسة من انتزاع الأغلبية في المجمع الانتخابي، ما أدى إلى تنظيم «انتخابات طارئة». حينها فاز المرشح أندرو جونسون بـ99 صوتاً في المجمع الانتخابي، وكان عدد الأصوات المطلوبة للفوز حينها 131 صوتاً. وعندما انعقد مجلس النواب لاختيار رئيس، صوّت النواب لصالح جون كوينسي آدامز، ليصبح الرئيس الأول والأخير الذي يختاره الكونغرس.

  • في العام 1836، نظّمت الولايات المتحدة انتخابات طارئة على مقعد نائب الرئيس، إذ رفض الناخبون في ولاية فيرجينيا التصويت لصالح روبرت جونسون، المرشّح لمنصب نائب الرئيس، ما أدّى إلى عدم حصوله على الأصوات اللازمة في المجمع الانتخابي، ليلتئم مجلس الشيوخ ويعمد للتصويت عليه رسمياً كي يتسلم منصبه.

استثناء ماين ونيبراسكا

ماين ونيبراسكا هما الولايتان الوحيدتان اللتان لا تعطيان الأصوات الانتخابية كاملة للمرشح الفائز. فولاية ماين، التي تتمتع بـ4 أصوات في المجمع الانتخابي، تعطي 3 أصوات للمرشح الفائز بأغلبية الأصوات في الولاية، وصوتاً واحداً للمرشح الفائز بإحدى مقاطعاتها التشريعية، وذلك منذ العام 1972. وفي انتخابات العام 2016، حصلت هيلاري كلينتون على 3 أصوات في ماين، مقابل صوت واحد لترمب. أما في العام 2020، فحصل بايدن على 3 أصوات مقابل صوت واحد لترمب.

أما نيبراسكا، التي تتمتع بـ5 أصوات في المجمع الانتخابي، فتمنح منذ العام 1996 صوتين للفائز بالأصوات الشعبية في الولاية، وصوتاً واحداً للفائز بالمقاطعات الانتخابية الثلاث. وهذا ما حصل في العام 2008، عندما حصل جون ماكين على 4 أصوات، مقابل صوت واحد لباراك أوباما.


مقالات ذات صلة

البيت الأبيض: سندعم إسرائيل إذا ردت إيران

شؤون إقليمية المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير (أ.ب)

البيت الأبيض: سندعم إسرائيل إذا ردت إيران

قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير، اليوم (الأربعاء)، إن إيران لا ينبغي أن ترد على هجوم إسرائيل، لكنها إذا ردت، فإن واشنطن ستدعم إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ هاريس عدّت ترمب «مهووساً» وقدّمت نفسها خياراً يوحّد الأميركيين (د.ب.أ)

هاريس تعدّ ترمب «مهووساً» وتقدّم نفسها خياراً يوحّد الأميركيين

اتهمت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس خصمها اللدود في الانتخابات الرئيس السابق دونالد ترمب بأنه «مهووس» بالانتقام ومصالحه الشخصية وبأنه يبثّ الانقسام والخوف.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المرشح الرئاسي الجمهوري السابق دونالد ترمب يتحدث مع مؤيديه في باودر سبرينغز - جورجيا (أ.ب) play-circle 09:37

ترمب إذا عاد... لن يرضى بغير «الترمبيين» في إدارته

على بعد أيام للانتخابات الأميركية، تطير الشائعات في واشنطن حول الحكومة المحتملة للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إذا فاز. «ترمبيون» يدينون له بـ«الولاء».

علي بردى (واشنطن)
تحليل إخباري نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تلتقي برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن 25 يوليو (رويترز)

تحليل إخباري كيف تختلف سياسات هاريس الخارجية عن «نهج بايدن»؟

في حال فوز نائبة بايدن، كامالا هاريس، بالسباق إلى البيت الأبيض، يُرجح ألا تختلف سياساتها الخارجية جذرياً عن سياسات الإدارة الحالية.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ يدعو بعض المشرّعين إلى فرض عقوبات على رئيس مجلس النواب نبيه برّي (رويترز)

دعوات في الكونغرس لعقوبات على رئيس البرلمان اللبناني

دعا النائبان الجمهوريان داريل عيسى ودارين لحود، الإدارة الأميركية إلى فرض عقوبات على رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه برّي، بسبب «عرقلته لعملية انتخاب رئيس».

رنا أبتر (واشنطن)

المرشحون الأميركيون يلجأون لـ «تيك توك» رغم مطالبتهم بحظره

شعار تطبيق «تيك توك» يحوز أعلى مجموعة من الجوائز في معرض «فرنكفورت للكتاب» السادس والسبعين (د.ب.أ)
شعار تطبيق «تيك توك» يحوز أعلى مجموعة من الجوائز في معرض «فرنكفورت للكتاب» السادس والسبعين (د.ب.أ)
TT

المرشحون الأميركيون يلجأون لـ «تيك توك» رغم مطالبتهم بحظره

شعار تطبيق «تيك توك» يحوز أعلى مجموعة من الجوائز في معرض «فرنكفورت للكتاب» السادس والسبعين (د.ب.أ)
شعار تطبيق «تيك توك» يحوز أعلى مجموعة من الجوائز في معرض «فرنكفورت للكتاب» السادس والسبعين (د.ب.أ)

ذكر تقرير جديد، صدر الخميس، أن هناك عدداً قياسياً من المرشحين للمناصب الفيدرالية وعلى مستوى الولايات في أميركا يستخدم تطبيق «تيك توك» للوصول إلى الناخبين، رغم أن عدداً منهم سبق أن أيد تشريعات قد تؤدي إلى حظر التطبيق في الولايات المتحدة.

وأشار آخر تقييم أجراه «صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة»، وهو مركز أبحاث أميركي غير حزبي، بخصوص استخدام «تيك توك» في الانتخابات، إلى أن أكثر من 250 مرشحًا يتنافسون على مناصب في الكونغرس أو مناصب عليا في الولايات، لديهم حسابات على التطبيق، ما يمثل 27 في المائة من جميع المتنافسين.

وتناول التقرير انتخابات مجلسي النواب والشيوخ، ووزارة الخارجية. وهذا معدل أعلى من معدل انتخابات التجديد النصفي في عام 2022، حينما أفادت بأن 23 في المائة من المرشحين أسسوا حسابات على «تيك توك»، ما يظهر ارتفاع استخدام التطبيق بين المسؤولين والطامحين في لعب دور بالسياسة في السنوات الأخيرة.

قال الباحثون، وفقاً لموقع «واشنطن بوست»، إن نتائج الدراسة تظهر أنه رغم مخاوف السياسيين حول مخاطر التطبيق على الأمن القومي، فإنهم يلجأون له بشكل متزايد لنشر دعايتهم، وبخاصة بين الشباب.

وتقول ليندسي غورمان، باحثة لدى «صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة»: «إذا كنت تعتقد أن (تيك توك) يشكل تهديداً للأمن القومي، فيجب ألا تستخدم المنصة».

ووفقاً لمراجعة أجراها موقع «تيك بريف» لسجلات التصويت في الكونغرس والبيانات الموجودة في التقرير، فإن هناك 32 عضواً في الكونغرس، على الأقل، صوتوا لصالح قانون يجبر الشركة الصينية المالكة لتطبيق «تيك توك» على بيع التطبيق أو يتعرض للحظر في الولايات المتحدة، لديهم حسابات على المنصة. ويشمل هذا الرقم كلاً من الديمقراطيين والجمهوريين.

ورصد الباحثون أن العديد من المرشحين، نحو الخمس تقريباً، انضموا إلى «تيك توك»، خلال الصيف بعد أن أعلنت نائبة الرئيس كامالا هاريس ترشحها في الانتخابات الرئاسية.

وتضيف غورمان: «هاريس وترمب انضما إلى المنصة في يونيو (حزيران). وقبلهما الرئيس جو بايدن في فبراير (شباط) ما خلق جواً من (القبول) جعل من اليسير على المرشحين الآخرين تبرير الانضمام للتطبيق».

وجد التقرير أن عدد الديمقراطيين الذين لديهم حسابات على «تيك توك» أكثر من ضعف الجمهوريين، مما يعكس اتجاهاً سجلته المجموعة بعد انتخابات التجديد النصفي.

وشملت قائمة مرشحي مجلسي النواب والشيوخ الذين حصلوا على أعلى عدد من المتابعين على «تيك توك»: ألكساندريا أوكاسيو - كورتيز (نيويورك)، إلهان عمر (مينيسوتا)، رو خانا (كاليفورنيا) وآدم شيف (كاليفورنيا)، والسيناتور بوب كيسي (بنسلفانيا) وكيرستن جيليبراند (نيويورك)، وجميعهم ديمقراطيون. وصوت منهم: شيف وكيسي وجيلبراند لصالح قانون «تيك توك»، بينما عارضه الآخرون.