إدارة بايدن حسمت موقفها من دعم «تفكيك» البنية التحتية لـ«حزب الله»

رغم تخوفها من تجارب الحروب السابقة لإسرائيل في لبنان

دبابة إسرائيلية تتحرك على الحدود الشمالية الإسرائيلية مع لبنان ضمن ما تعدّها تل أبيب «عملية برية محدودة»... (أ.ف.ب)
دبابة إسرائيلية تتحرك على الحدود الشمالية الإسرائيلية مع لبنان ضمن ما تعدّها تل أبيب «عملية برية محدودة»... (أ.ف.ب)
TT

إدارة بايدن حسمت موقفها من دعم «تفكيك» البنية التحتية لـ«حزب الله»

دبابة إسرائيلية تتحرك على الحدود الشمالية الإسرائيلية مع لبنان ضمن ما تعدّها تل أبيب «عملية برية محدودة»... (أ.ف.ب)
دبابة إسرائيلية تتحرك على الحدود الشمالية الإسرائيلية مع لبنان ضمن ما تعدّها تل أبيب «عملية برية محدودة»... (أ.ف.ب)

في حين تلوح تجارب حروب الماضي بين إسرائيل ولبنان، على خلفية «التوغل» الإسرائيلي المحدود حتى الآن في بعض المناطق الحدودية، بدا أن الولايات المتحدة ترسل إشارات متناقضة حول العملية البرية الإسرائيلية في لبنان. وفيما أكد الرئيس الأميركي جو بايدن معارضته شن إسرائيل مثل هذه العملية في لبنان، داعياً إلى وقف لإطلاق النار، أكد وزير دفاعه، لويد أوستن، الوقوف إلى جانبها لتفكيك البنية التحتية لـ«حزب الله» في المنطقة الحدودية.

وأضاف بايدن للصحافيين مساء الاثنين، عندما سُئل عما إذا كان على علم بتقارير عن خطط إسرائيلية لتنفيذ عملية محدودة، وما إذا كان سيشعر بارتياح إذا مضوا قدماً فيها، قال: «أنا على علم أكبر مما قد تعرفون، ويريحني وقفها. يجب أن يكون لدينا وقف لإطلاق النار الآن».

تفكيك البنية التحتية لـ«الحزب»

في المقابل، قالت «وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)» إن وزيرها، لويد أوستن، «راجع التطورات الأمنية والعمليات الإسرائيلية» مع نظيره الإسرائيلي، يوآف غالانت، مساء الاثنين، وأكد من جديد «دعم الولايات المتحدة حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد إيران و(حزب الله) و(حماس) والحوثيين... وغيرها من المنظمات الإرهابية المدعومة من إيران».

وفي إشارة واضحة إلى حسم التردد ودعمه العملية الإسرائيلية، قال بيان من «البنتاغون» إن أوستن اتفق مع غالانت «على ضرورة تفكيك البنية التحتية على طول الحدود لضمان عدم قدرة (حزب الله) على شن هجمات على المجتمعات الشمالية في إسرائيل، على غرار هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي». لكن أوستن أكد على أهمية «التحول في نهاية المطاف من العمليات العسكرية إلى المسار الدبلوماسي لتوفير الأمن والاستقرار في أقرب وقت ممكن».

وأوضح أوستن أن الولايات المتحدة في «وضع جيد للدفاع عن مواطنيها وشركائها وحلفائها في مواجهة تهديدات إيران والمنظمات الإرهابية المدعومة منها»، وأنها «عازمة على منع أي جهة فاعلة من استغلال التوترات أو توسيع الصراع». كما ناقش أوستن مع غالانت ما سماها «العواقب الوخيمة» التي ستتحملها إيران في حال اختارت شن هجوم عسكري مباشر ضد إسرائيل.

الضغط العسكري لتمكين الدبلوماسية

من ناحيته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، إن واشنطن تدعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد الإرهاب، وهذا يشمل «تقديم الإرهابيين المتوحشين مثل حسن نصر الله إلى العدالة». وأضاف ميلر: «نريد في نهاية المطاف أن نرى حلاً دبلوماسياً للصراع في الشرق الأوسط، يوفر الأمن على المدى الطويل لشعب إسرائيل، وشعب لبنان، والشعب الفلسطيني، فضلاً عن المنطقة الأوسع. ولكن في الوقت نفسه، هناك أمران آخران صحيحان أيضاً؛ هما أن الضغط العسكري يمكن في بعض الأحيان أن يمكّن الدبلوماسية. وبطبيعة الحال، قد يؤدي أيضاً إلى سوء التقدير. يمكن أن يؤدي إلى عواقب غير مقصودة. ونحن نجري محادثات مع إسرائيل حول كل هذه العوامل الآن».

ومساء الاثنين، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنها سترسل «بضعة آلاف» من القوات إلى الشرق الأوسط لتعزيز الأمن والدفاع عن إسرائيل؛ إذا لزم الأمر. ومن شأن هذه الزيادة أن ترفع العدد الإجمالي للقوات الأميركية في المنطقة إلى 43 ألف جندي.

أصول عسكرية جديدة

وقالت نائبة المتحدث باسم «البنتاغون»، سابرينا سينغ، للصحافيين إن الأسلحة والمعدات والأصول العسكرية التي سترسل تشمل أسراباً متعددة من الطائرات المقاتلة والطائرات الهجومية؛ بينها أسراب من طائرات «إف15إي» و«إف16» و«إف22» وطائرات من طراز «إيه10»، والأفراد اللازمين للدعم؛ وفق قولها. وأضافت: «كان من المفترض أن تتناوب الطائرات وتحل محل الأسراب الموجودة بالفعل هناك. وبدلاً من ذلك، ستبقى الأسراب الحالية والجديدة في مكانها لمضاعفة القوة الجوية المتاحة».

وكان أوستن قد مدد مؤقتاً وجود مجموعة حاملة الطائرات «يو إس إس أبراهام لينكولن»، لنحو شهر. كما غادرت حاملة الطائرات الثانية «يو إس إس هاري إس ترومان» ولاية فرجينيا الأسبوع الماضي، وهي الآن في طريقها إلى المنطقة، ويتوقع وصولها إلى البحر المتوسط الأسبوع المقبل.

ويرى مراقبون أن «إعادة إرسال هذه الأصول تشير إلى رغبة واشنطن في عدم تحول الحرب في لبنان إلى حرب أوسع، ورسالة ردع، خصوصاً لإيران؛ كي لا تدفعها العملية البرية الإسرائيلية إلى تغيير مسارها والتدخل بشكل مباشر لإنقاذ ميليشيا (حزب الله) التي بنتها لعقود من الزمن».

ومع ذلك، يعبر المسؤولون الأميركيون عن خشيتهم من أن تتحول «العملية البرية المحدودة» إلى «عملية أوسع تُذكر بحربَي عامَي 1982 و2006... كما أن إمكانية أن تطلق إيران يد ميليشياتها من اليمن وسوريا والعراق، لدعم (حزب الله)، تهدد بتعقيدات أكبر».

لا احتلال لجنوب لبنان

حتى الآن، لا يبدو أن العملية الإسرائيلية اجتياح بري لجنوب لبنان؛ بقدر ما هي عمليات محدودة لمجموعات كوماندوز، يمكن لها أن تتوسع لاحقاً. وفيما يؤكد المسؤولون الإسرائيليون على عدم وجود نية لاحتلال جنوب لبنان مرة أخرى، خشية الغرق في الوحل اللبناني، يقول مسؤولون أميركيون لموقع «أكسيوس» إن «البيت الأبيض» و«البنتاغون» أدركا أن تأثيرهما على صنع القرار الإسرائيلي فيما يتعلق بالحرب في لبنان محدود. وقال مسؤولون إنه بعد مطالبة الإسرائيليين لأسابيع بتجنب الغزو البري، قرر البيت الأبيض في الأيام الأخيرة التركيز على محاولة التقليل من الغزو قدر الإمكان.

وقال مسؤول أميركي: «لقد فهمنا أن ذلك يحدث، ولسنا في خلاف مع القرار والخطة الإسرائيلية» بعدما أوضح مسؤولون إسرائيليون أنهم لا يخططون لغزو كبير. ورغم ذلك، فإن «البيت الأبيض» أبلغ الإسرائيليين أنه يشعر بالقلق من أن ما تبدأ بوصفها عمليةً محدودةً زمنياً وجغرافياً سوف تتحول في نهاية المطاف إلى شيء أكبر وأطول أجلاً. وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي: «بالطبع؛ نحن نعلم أن توسيع نطاق المهمة يمكن أن يشكل مخاطرة، وسنواصل مناقشة ذلك مع الإسرائيليين». ومع ذلك، لا تستبعد إدارة بايدن أن يؤدي الضغط العسكري المتصاعد الذي تمارسه إسرائيل على «حزب الله» إلى حل دبلوماسي، لا يشمل وقف إطلاق النار فقط؛ بل سيضعف نفوذ «حزب الله» السلبي في لبنان والمنطقة. ونقل موقع «أكسيوس» عن أحد المسؤولين قوله إن «الشعور داخل الإدارة هو مزيج من القلق والفضول. الإسرائيليون يلعبون بالنار، لكن: ماذا لو نجح الأمر؟».


مقالات ذات صلة

مصالحة بايدن - نتنياهو لـ«ضبط الرد» على إيران

شؤون إقليمية الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيفية - رويترز)

مصالحة بايدن - نتنياهو لـ«ضبط الرد» على إيران

في محاولة لامتصاص غضب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يشعر بالإهانة، قرّر الرئيس الأميركي، جو بايدن، المبادرة إلى التصالح.

نظير مجلي (تل أبيب)
تكنولوجيا شعار شركة «غوغل» يظهر في لاس فيغاس (رويترز)

بقضية مكافحة الاحتكار...أميركا تدرس «تفكيك غوغل»

تدرس وزارة العدل الأميركية خيار تفكيك «غوغل» بعد إعلان محرك البحث الذي تمتلكه الشركة «محتكرًا غير قانونيا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ كيف يمكن لهاريس أن تسجل فوزاً تاريخياً للديمقراطيين في نوفمبر... ومع ذلك تخسر الانتخابات؟

كيف يمكن لهاريس أن تسجل فوزاً تاريخياً للديمقراطيين في نوفمبر... ومع ذلك تخسر الانتخابات؟

إذا فازت المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس بالتصويت الشعبي في نوفمبر، فسيحقق الديمقراطيون رقماً قياسياً جديداً بالفوز بالتصويت الشعبي بثمانية انتخابات من تسعة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يصافح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أرشيف - رويترز)

كتاب: ترمب تواصل مع بوتين 7 مرات منذ نهاية ولايته

كشف كتاب جديد للصحافي الأميركي بوب وودوورد، أن ترمب أبقى على علاقة شخصية مع بوتين، وتواصل معه 7 مرات منذ نهاية ولايته الرئاسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ «الأسلحة الشبح» هي تلك التي لا تحمل رقماً متسلسلاً (أ.ب)

المحكمة العليا الأميركية تنظر في «الأسلحة الشبح»... ماذا يعني ذلك؟

ما تعريف السلاح الناري؟ تلك هي المسألة الشائكة التي تناقشها المحكمة العليا الأميركية اليوم الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

واشنطن تعرب عن «قلقها البالغ» بشأن الوضع الإنساني في شمال غزة

جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (إ.ب.أ)
جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

واشنطن تعرب عن «قلقها البالغ» بشأن الوضع الإنساني في شمال غزة

جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (إ.ب.أ)
جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (إ.ب.أ)

تشعر الولايات المتحدة بـ«قلق بالغ» بشأن الوضع الإنساني في شمال غزة، وفق ما قالت وزارة الخارجية الأميركية، اليوم (الأربعاء)، فيما تجدد إسرائيل عملياتها في القطاع الذي دمّرته الحرب.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر خلال مؤتمر صحافي: «نشعر بقلق بالغ بشأن الوضع الإنساني في قطاع غزة برمّته، ونشعر بقلق خاص بشأن الوضع الإنساني في شمال القطاع، ويمكنني أن أقول لكم إنه كان موضوع بعض المناقشات العاجلة بين حكومتينا»، مضيفاً أن إسرائيل «ملزَمة، بموجب القانون الإنساني الدولي، بالسماح بدخول الغذاء والماء والمساعدات الإنسانية الأخرى إلى غزة جميع أجزاء غزة، ونتوقع منهم تماماً الامتثال لهذه الالتزامات».

وأكد ميلر على ضرورة تجنب إسرائيل أي هجوم في لبنان شبيه بالذي تشنه في قطاع غزة بعد تهديد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لبنان بدمار شبيه بذلك اللاحق بغزة.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية «أقول بوضوح كبير يجب ألا يحصل تحرك عسكري في لبنان يشبه ما يحصل في غزة وتكون نتيجته كتلك المسجلة في غزة».

تراجع المساعدات إلى غزة

وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة اليوم إن دخول المساعدات إلى قطاع غزة‭ ‬تراجع إلى أدنى مستوياته منذ أشهر، ما اضطر البرنامج إلى وقف توزيع الغذاء هذا الشهر.
وأضاف البرنامج «إذا لم يُستأنف تدفق المساعدات، فإن مليون شخص معرضون للخطر سيُحرمون من حزمة النجاة هذه»، مضيفاً أن إغلاق المعابر والمشكلات الأمنية وتعطل الطرق عند المعابر تحد جميعا من توصيل المساعدات.
وذكرت وكالة «رويترز» للأنباء الأسبوع الماضي أن إمدادات الغذاء إلى غزة انخفضت بشدة في الأسابيع القليلة الماضية لأن السلطات الإسرائيلية فرضت قواعد جمركية جديدة على بعض المساعدات الإنسانية وتخفض بشكل منفصل المساعدات المرسلة بترتيب من بعض الشركات، بحسب أشخاص مشتركين في إيصال البضائع إلى القطاع الذي مزقته الحرب.
وقال ميلر اليوم عند سؤاله عن تقارير منفصلة، بما في ذلك من شبكتي «سي.إن.إن» و«الجزيرة»، إن بعض الفلسطينيين الفارين من مواقع تجددت فيها العمليات العسكرية الإسرائيلية في شمال غزة تعرضوا لإطلاق النار خلال فرارهم.
وأضاف «رأينا هذه التقارير. لا يمكنني التحدث عن تفاصيلها، لكن ذلك ليس مقبولاً بكل تأكيد. إذا كان المدنيون الفلسطينيون الفارون تعرضوا لإطلاق النار من قوات إسرائيلية، فلن يكون ذلك مقبولاً. نتوقع من حكومة إسرائيل التحقيق في الأمر، وإذا كان ذلك صحيحاً، نتوقع منهم محاسبة المسؤولين عن ذلك محاسبة تامة».