للمرة الثانية في نحو شهرين، تعرَّض الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب لمحاولة اغتيال، تصدى لها جهاز الخدمة السرية بسرعة وفاعلية، وذلك بعد أن واجه الجهاز انتقادات لاذعة في المحاولة الأولى، بسبب «إخفاقه في تقديم الحماية اللازمة» للرئيس السابق.
وحسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، فقد عزز جهاز الخدمة السرية بشكل كبير من قدراته على حماية ترمب، بعد تعرض الجهاز لانتقادات شديدة في أعقاب محاولة اغتياله في مدينة بتلر في ولاية بنسلفانيا، في 13 يوليو (تموز)، وهي الانتقادات التي دفعت مديرة الجهاز كيم تشيتل إلى تقديم استقالتها.
وشملت هذه التعزيزات الجديدة تعيين الجهاز عملاء إضافيين، وتحسين الاستخبارات الميدانية الخاصة به، حسبما أكده مسؤولون حاليون وسابقون.
ولكن حقيقة أن مسلحاً كان قادراً على وضع بندقية نصف آلية مزودة بمنظار تلسكوبي بالقرب من الرئيس السابق، على مسافة تراوح بين 300 و500 ياردة (من 275 إلى 455 متراً)، أكدت على عدد من المشكلات التي تم الكشف عنها في بتلر، والتي ظلت حتى الآن دون حل، وعلى مدى صعوبة استجابة جهاز الخدمة السرية للأحداث السياسية غير المتوقعة والعنيفة.
فهل قصّر جهاز الخدمة السرية هذه المرة أيضاً في حماية ترمب؟
كما هي الحال في محاولة الاغتيال السابقة في بتلر، يبدو أن أكبر الإخفاقات الخاصة بحماية الجهاز لترمب تتعلق بتأمين محيط الموقع المستهدف بالشكل اللازم.
واختبأ مطلق النار وسط الشجيرات بمحيط نادي الغولف الخاص بالرئيس السابق في ويست بالم بيتش بولاية فلوريدا. وقال ريك برادشو، قائد شرطة مقاطعة بالم بيتش، في مؤتمر صحافي يوم الأحد، إن أحد عملاء الخدمة السرية كان متقدماً على ترمب بفارق حفرة واحدة في الملعب، ورصد فوهة البندقية، ما دفع العملاء إلى إطلاق النار على الرجل.
وقال برادشو إن الإجراءات الخاصة بحماية ترمب أقل من تلك الممنوحة للرئيس الحالي جو بايدن. وأشار إلى أن هذا الأمر يحد من الحماية التي يمكن أن توفرها الخدمة السرية وشركاؤها المحليون له.
وأوضح قائلاً: «إذا كان رئيساً (حالياً) فكنا سنطوق ملعب الغولف بأكمله... لكن لأنه ليس كذلك، فالتأمين مقتصر على المناطق التي تعدها الخدمة السرية ممكنة».
وقال مايكل ماترانغا، وهو عميل سابق في الخدمة السرية قام بحماية الرئيس الأسبق باراك أوباما، إن جهاز الخدمة السرية يجب أن «يفكر بجدية في منح الرئيس السابق ترمب حزمة الحماية نفسها الخاصة ببايدن، أو ما يعادلها»، ووصف الحادثان اللذان تعرض لهما ترمب بأنهما «غير مسبوقَين».
وشكرت النائبة الجمهورية البارزة إليز ستيفانيك السلطات على تحركها السريع؛ لكنها أثارت تساؤلات حول الحادث، وقدرة مهاجم على شق طريقه دون عوائق إلى شجيرات أمَّنت له غطاءً وخط رؤية واضحاً للرئيس السابق.
وقالت في بيان: «يجب أن نسأل أنفسنا: كيف سُمح لقاتل مرة أخرى بالاقتراب إلى هذه الدرجة من الرئيس ترمب».
وأضافت: «لا يزال هناك حتى الآن نقص في الإجابات على محاولة الاغتيال المروعة في بنسلفانيا، ونحن نتوقع أن يكون هناك تفسير واضح لما حدث اليوم في فلوريدا».
ومن جانبه، قال السيناتور ريتشارد بلومنثال، وهو ديمقراطي من ولاية كونيتيكت، ورئيس اللجنة الفرعية بمجلس الشيوخ التي تحقق في الإخفاقات الأمنية في بتلر: «إن الحقائق حول الحادث الثاني تستحق بالتأكيد اهتماماً وتدقيقاً شديدين».
وأضاف: «من المؤكد أن وقوع حادث خطير ثانٍ، يتضمن على ما يبدو سلاحاً هجومياً، أمر مثير للقلق ومروع للغاية».
أما السيناتور ليندسي غراهام، الجمهوري عن ولاية ساوث كارولاينا والحليف المقرب لترمب، فقد قال إن تحقيقات مجلس الشيوخ في الثغرات الأمنية في بتلر أشارت إلى سوء الإدارة داخل وزارة الأمن الداخلي التي تشرف على جهاز الخدمة السرية، فضلاً عن قضايا الميزانية والمعنويات.
وأضاف: «لقد فقدوا تركيزهم. إنهم بحاجة إلى مزيد من الموارد. هؤلاء العملاء يعملون فقط؛ ليست لديهم حياة».
وعقب نجاته من المحاولة الأخيرة، كتب ترمب على منصات للتواصل الاجتماعي: «أود أن أشكر الجميع على اهتمامهم وكل من تمنوا لي السلامة. كان بكل تأكيد يوماً مثيراً!»، وشكر جهاز الخدمة السرية والشرطة على حمايته.